اليابان تنفق 22 مليار دولار في تدخل جديد لحماية الين

شكوك حول مدى نجاحها في هدفها على المدى الطويل

مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرون أمام شاشة تعرض سعر الين مقابل العملات الأجنبية (إ.ب.أ)
مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرون أمام شاشة تعرض سعر الين مقابل العملات الأجنبية (إ.ب.أ)
TT

اليابان تنفق 22 مليار دولار في تدخل جديد لحماية الين

مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرون أمام شاشة تعرض سعر الين مقابل العملات الأجنبية (إ.ب.أ)
مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرون أمام شاشة تعرض سعر الين مقابل العملات الأجنبية (إ.ب.أ)

أشارت بيانات بنك اليابان المركزي يوم الجمعة إلى أن اليابان ربما أنفقت ما يصل إلى 3.57 تريليون ين (22.43 مليار دولار) يوم الخميس في أحدث تدخل لها في سوق الصرف الأجنبي لانتزاع الين من أدنى مستوياته في 38 عاما.

وأظهرت البيانات أن وزارة المالية أنفقت ما بين 3.37 و3.57 تريليون ين للتدخل في السوق يوم الخميس لدعم العملة اليابانية. وكان الين يحوم يوم الخميس حول 161.61 ين للدولار، قبل أن يرتفع بشكل حاد في وقت قريب من صدور أرقام أسعار المستهلك في الولايات المتحدة، حيث ارتفع بنحو 3 في المائة إلى 157.40 ين.

وقد أدى ضعف قراءة التضخم في الولايات المتحدة إلى انخفاض قيمة الدولار، وتكهن بعض المتعاملين بأن المسؤولين اليابانيين ربما استغلوا الضعف لتعزيز قوة الين. ولم تدل وزارة المالية حتى الآن بأي تصريح بشأن ما إذا كانت وراء الارتفاع المفاجئ والشديد للين أم لا، ولم تكرر سوى استعداد السلطات لاتخاذ الإجراءات اللازمة في سوق الصرف الأجنبي.

ويقول نوريهيرو ياماغوتشي، كبير خبراء الاقتصاد الياباني في «أوكسفورد إيكونوميكس»، إنه «من المرجح للغاية» أن السلطات اليابانية تدخلت يوم الخميس نظراً للفارق الكبير بين ميزان الحساب الجاري المتوقع من جانب بنك اليابان وتقديرات تجار سوق المال. وتشير توقعات البنك المركزي لظروف سوق المال في 16 يوليو (تموز) إلى تلقي صافي 3.17 تريليون ين من الأموال، مقارنة بصافي ائتمان يتراوح بين 200 و400 مليار ين وفقاً لتقديرات وسطاء سوق المال. وتستغرق عمليات تداول العملات يومي عمل حتى تتم تسويتها، كما ستغلق الأسواق اليابانية بمناسبة عطلة عامة في 15 يوليو.

وقال شوكي أوموري، كبير استراتيجيي مكتب اليابان في «ميزوهو» للأوراق المالية: «من الواضح أن وزارة المالية تدخلت، لكن هذا لن يكون له تأثير طويل الأمد ما لم تتدخل مرة أخرى وتقوم بتدخل أكبر خلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة في اليابان... وإلا فإن الناس سوف ينظرون إلى هذا باعتباره فرصة لشراء الدولار مقابل الين عند انخفاضه».

وأنفقت طوكيو نحو 9.8 تريليون ين (61 مليار دولار) للدفاع عن الين في نهاية أبريل (نيسان) وأوائل مايو (أيار)، وفقا لبيانات رسمية، بعد أن بلغ سعر العملة أدنى مستوى في 34 عاما عند 160.245 ين للدولار في 29 أبريل... ولكن على الرغم من هذه الجهود، استمر الين في الانخفاض، حيث بلغ أدنى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) 1986 عند 161.96 ين للدولار في 3 يوليو.

وحتى بعد الارتفاع الأخير للين، ظل منخفضا بأكثر من 11 في المائة مقابل الدولار حتى الآن هذا العام، وكان آخر تداول له عند حوالي 159.18 ين للدولار. ونظرا للفجوة الهائلة بين أسعار الفائدة اليابانية والأميركية، يقول المحللون إنه من الصعب وقف انخفاض الين إلى أن تضيق الفوارق في الأسعار.

وقد حفزت سلسلة من بيانات التضخم المتراجعة مؤخرا وأرقام النمو الأضعف من الولايات المتحدة الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول). بينما تتوقع الأسواق أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة من قرب الصفر هذا العام، وإن كان بوتيرة تدريجية مع استمرار هشاشة الاقتصاد. ويعقد البنك اجتماعه المقبل في نهاية يوليو الجاري.

ورفض ماساتو كاندا، نائب وزير المالية للشؤون الدولية، التعليق على ما إذا كانت السلطات قد تدخلت في سوق الصرف لدعم الين، لكنه قال للصحافيين إن تحركات الين الأخيرة كانت خارج نطاق الأساسيات.

وقال كاندا: «لقد وجدت تحركات العملة الكبيرة الأخيرة غريبة، من منظور ما إذا كانت متماشية مع الأساسيات، وسيكون من المثير للقلق للغاية إذا دفعت التقلبات المفرطة، المدفوعة بالمضاربة، أسعار الواردات إلى الارتفاع وأثرت سلباً على حياة الناس». وأضاف: «من المؤكد أن التدخلات في العملة نادرة في سوق أسعار الصرف العائمة، لكننا سنحتاج إلى الاستجابة بشكل مناسب للتقلبات المفرطة أو التحركات غير المنظمة».

بدوره قال كبير أمناء مجلس الوزراء يوشيماسا هاياشي للصحافيين يوم الجمعة إن السلطات مستعدة لاتخاذ كل الإجراءات الممكنة بشأن أسعار الصرف. كما قال وزير المالية شونيتشي سوزوكي في مؤتمر صحافي دوري يوم الجمعة إن التحركات السريعة من جانب واحد في سوق الصرف الأجنبي غير مرغوب فيها.

وفي الوقت نفسه، ذكرت صحيفة «نيكي» أن بنك اليابان أجرى عمليات فحص لأسعار الفائدة مع البنوك على اليورو مقابل الين يوم الجمعة، نقلاً عن عدة مصادر. ورفض وزير المالية سوزوكي التعليق على ما إذا كانت السلطات قد أجرت عمليات فحص لأسعار الفائدة، والتي ينظر إليها التجار على أنها مقدمة للتدخل الفعلي لشراء الين.

وفي سوق الأسهم، انخفض المؤشر نيكي الياباني بأكثر من اثنين في المائة يوم الجمعة، متراجعا عن المستوى المرتفع غير المسبوق الذي سجله في الجلسة السابقة، إذ اقتفت أسهم التكنولوجيا أثر انخفاض نظيراتها الأميركية، وحفزت المخاوف من تدخل حكومي لدعم العملة موجة بيع لجني الأرباح قبل عطلة أسبوعية طويلة.

ونزل «نيكي» 2.45 في المائة إلى 41190.68 نقطة عند الإغلاق. وكان الانخفاض الذي بلغ 1033.34 نقطة هو أكبر انخفاض للمؤشر هذا العام.

وسجل سهم شركة «طوكيو إلكترون» العملاقة لمعدات صناعة الرقائق أكبر تراجع من حيث نقاط المؤشر، إذ هوى 6.18 في المائة. بينما كان سهم «ديسكو» أكبر الخاسرين بعد الهبوط 8.77 في المائة. وجاء ذلك بعد انخفاض 3.47 في المائة لمؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات الليلة الماضية. وانخفض المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 1.18 في المائة خلال التداولات.

ورغم موجة البيع، أنهى المؤشر نيكي الأسبوع مرتفعا 0.7 في المائة، بعد أن صعد إلى مستوى غير مسبوق عند 42426.77 نقطة يوم الخميس. وتغلق الأسواق المالية اليابانية يوم الاثنين احتفالا بعطلة رسمية.

وكانت شركات التأمين الأسوأ أداء بين 33 قطاعا في بورصة طوكيو، بانخفاض 4.11 في المائة، تليها شركات الآلات الكهربائية بانخفاض 2.69 في المائة. وتراجع قطاع البنوك 1.79 في المائة.


مقالات ذات صلة

محادثات «اللحظات الأخيرة» بين الصين والاتحاد الأوروبي

الاقتصاد جانب من العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

محادثات «اللحظات الأخيرة» بين الصين والاتحاد الأوروبي

التقى يوم الخميس كبار مسؤولي التجارة في الاتحاد الأوروبي والصين بالعاصمة البلجيكية بروكسل في ظل الخلاف بين الجانبين بشأن دعم الصين للسيارات الكهربائية.

الاقتصاد لافتة لمعرض الوظائف بالجادة الخامسة في مانهاتن (رويترز)

انخفاض مفاجئ في طلبات الإعانة الأميركية خلال سبتمبر

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، مما يشير إلى تعافي نمو الوظائف في سبتمبر (أيلول).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد زحام في وقت الذروة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

بنك اليابان في اتجاه تجميد الفائدة حتى الشتاء

تترقب الأسواق على نطاق واسع يوم الجمعة اختتام بنك اليابان اجتماع سياسته النقدية ليومين، حيث من المتوقع أن يبقي على سياساته الحالية في هذا الاجتماع على الأقل

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)

تثبيت الفائدة وخفض السندات... قرارات حاسمة من بنك إنجلترا

في ظل مخاوف متزايدة من استمرار التضخم، كان من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي بنك إنجلترا على سعر الفائدة دون تغيير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مشاة يسيرون أمام مقر بنك الشعب الصيني المركزي في العاصمة بكين (رويترز)

«الفيدرالي» يمنح الثقة لأسواق الصين وعملتها

من المتوقَّع على نطاق واسع أن تقلص الصين سياستها الرئيسية وأسعار الإقراض المعيارية يوم الجمعة

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)

مصر تخصص مناطق ساحلية لصفقات استثمارية ضخمة

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
TT

مصر تخصص مناطق ساحلية لصفقات استثمارية ضخمة

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)

تعتزم مصر تنفيذ استثمارات جديدة ضخمة على ساحل البحر الأحمر، على غرار صفقة «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي، مع تحديد الحكومة ما بين 4 و5 مناطق للاستثمار، منها منطقة «رأس بناس»، بحسب تصريحات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي (الخميس)، في أعقاب اجتماع الحكومة الأسبوعي.

وقال مدبولي إن «الدولة تستهدف التنمية في منطقة البحر الأحمر عبر الدخول في شراكات، واجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة من أجل تحقيق رؤية تنموية في مختلف هذه المناطق»، مشيراً إلى أن «المخططات تتضمن التنمية العمرانية المتكاملة، بما فيها ميناء مارينا للسياحة الدولية».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة»، بشراكة إماراتية في فبراير (شباط) الماضي، وباستثمارات قُدّرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع، (الدولار الأميركي يساوي 48.46 جنيه في البنوك المصرية).

وتطرق مدبولي إلى تشجيع الاستثمار السعودي في مصر خلال الفترة المقبلة، متحدثاً عن نتائج زيارته إلى السعودية، التي تضمنت الاتفاق على مسودة اتفاق لحماية وتشجيع الاستثمارات المصرية - السعودية المشتركة، وهي اتفاقية متبادلة ومشتركة بين الجانبين.

وأكد مدبولي وجود رغبة مشتركة بين السعودية ومصر لإتمام اتفاقية ثنائية أيضاً؛ بهدف تشجيع الاستثمارات بين البلدين، موضحاً أن هذه الاتفاقيات تشير إلى كيفية تبسيط وتسهيل إجراءات دخول المستثمر، وتشجيعه ببعض الحوافز الإجرائية والإدارية، وكيفية حل، وتسوية أي منازعات في حال وقوعها، من خلال آليات سريعة وفعالة.

وأبرز مدبولي خلال حديثه، توجيهات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لصندوق الاستثمارات السعودي بضخ 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة في مشروعات، سيتم الاتفاق عليها بين الجانبين في قطاعات اقتصادية مهمة، بخلاف الاستثمارات المقرر أن يدخلها القطاع الخاص السعودي.

وتعد منطقة «رأس بناس» من أكبر المناطق التي تضم شعاباً مرجانية في البحر الأحمر، ويمتد لسان شبه الجزيرة بطول 50 كم داخل مياه البحر الأحمر، وتضم ميناء برنيس، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي بين عدة مدن مصرية، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الإسكان المصرية.

ووفق أستاذ التخطيط العمراني، الدكتور سيف الدين فرج، فإن الإعلان الحكومي يعد استمراراً في تنفيذ استراتيجية تنمية مناطق مختلفة في أنحاء الجمهورية، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط» أن الاهتمام بتنمية هذه المناطق غير المستغلة ستكون له نتائج إيجابية على مستويات عدة.

وأضاف فرج موضحاً أن التنمية بالشراكة مع القطاع الخاص تدعم تحقيق استدامة لموارد الدولة من العملة الصعبة، وفي الوقت نفسه بناء مجتمعات عمرانية جديدة، تناسب السائح القادم إلى مصر، الذي يرغب في الاستمتاع بمعالمها الطبيعية، مشيراً إلى أن ترويج الحكومة للفرص الاستثمارية العمرانية «سيساعد على زيادة نسبة العمران بشكل كبير، وبما يتماشى مع تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية».

هذا الرأي يدعمه الخبير الاقتصادي، الدكتور كريم العمدة، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن العائد المجزي من هذه الاستثمارات السياحية الضخمة ليس السبب الوحيد في تحديد مواقع للاستثمار بالشراكة بين الحكومة والمستثمرين الأجانب، لكن أيضاً تحقيق زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر من أجل توفير غرف فندقية، ومناطق جذب إضافية بمستويات عالية.

وأضاف العمدة أن صناديق الاستثمار العربية والشركات الكبرى ستكون حريصة على ضخ استثمارات في هذه المشروعات لأسباب عدة، في مقدمتها العائد المجزي والمستدام، والاستفادة من الاستقرار الأمني وحوافز الاستثمارات، مشيراً إلى أن الدول الخليجية سيكون لديها اهتمام بهذه الفرص، سواء على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص.

وتستهدف الحكومة المصرية خلال الفترة الحالية جذب استثمارات أجنبية مباشرة في إطار سياسة تتضمن العمل على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز نمو القطاع الخاص، مع تحديث الأطر التنظيمية لعمل المستثمرين الأجانب، وحل مشكلاتهم في أقصر وقت.