المصريون يتخوفون من موجة غلاء تكلل «يوليو القاسي»

عقب تأخر صرف شريحة ضمن قرض «صندوق النقد»

المصريون يتخوفون من موجة غلاء تكلل «يوليو القاسي»
TT

المصريون يتخوفون من موجة غلاء تكلل «يوليو القاسي»

المصريون يتخوفون من موجة غلاء تكلل «يوليو القاسي»

يضع المصريون عدداً من المشاهد جوار بعضها لتشكل معاً سياقاً يخرج بنتيجة لا لبس فيها، وهي أنهم مقبلون على مواجهة موجة غلاء جديدة قبل نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي، الذي يبدو شهراً شديد القسوة على البلاد بعد أن اجتمعت فيه الحرارة اللافحة وانقطاع الكهرباء وامتحانات الثانوية العامة للضغط على كاهل المواطنين.

بداية المشاهد كانت في إرجاء مؤقت لتفعيل زيادات في أسعار استهلاك الكهرباء، التي كانت مقررةً بالأساس مع بداية الموازنة الجديدة في شهر يوليو الحالي.

بعض المحللين أشاروا إلى أن إرجاء الزيادات جاء لامتصاص غضب شعبي واسع النطاق بسبب أزمة انقطاع الكهرباء المتكررة وغير المسبوقة، التي تشهدها البلاد منذ نحو عام بدعوى «تخفيف الأحمال»، في محاولة للتغلب على أزمة أخرى تتعلق بنقص الغاز والسولار اللازمين لتشغيل محطات توليد الكهرباء، التي ظهرت تزامناً مع أزمة ثالثة خلال العام الماضي مع شح الدولار في الأسواق ولدى الحكومة؛ قبل أن تحل الأخيرة جزئياً بسبب تدفقات دولارية كبرى من مشاريع عملاقة.

وفيما تبدو أزمة الكهرباء في طريقها المحتمل للتحسن، لكن مشهداً آخر مرشحاً لمفاقمة مخاوف المصريين. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، إنه «لا سبيل لدى الدولة سوى تعديل أسعار بعض الخدمات المقدمة للمواطنين»، مشيراً إلى أنه سيتم تحريك أسعار الكهرباء والمحروقات «بفروق بسيطة إلى كبيرة حتى تستطيع الدولة الاستمرار في الاستدامة الاقتصادية»، وأكد كذلك أن تحريك أسعار الأدوية سيكون بحسابات دقيقة.

وفيما يخص السولار تحديداً، الذي يعد عصب الحياة في مصر كونه الوقود الرسمي للمواصلات والنقل وينعكس سعره على كافة مناحي الحياة، فقد أكد مدبولي أن تكلفة لتر السولار على الدولة المصرية تبلغ 20 جنيهاً (نحو 41 سنتاً)، لكنه يباع في الأسواق بنصف هذا السعر.

ومما أكد الصورة لدى المواطنين بأن رفع السعر قادم سريعاً، قوله «مطلوب أن يكون هناك توازن بين السعر الحقيقي والسعر الذي يشتري به المواطن، ولن تتحمل الدولة مئات المليارات من الدعم؛ لأن الظروف لم تعد تسمح بذلك... الدعم يجب أن يكون بصورة معينة وبأرقام محددة، وليس بتلك الفاتورة الضخمة».

وفي المشهد الثالث الذي يستكمل الصورة الكلية، قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، في مؤتمر صحافي اعتيادي، إن المجلس التنفيذي للصندوق أرجأ النظر في صرف 820 مليون دولار لمصر حتى 29 يوليو (تموز) الحالي، وذلك بهدف وضع اللمسات الأخيرة على «بعض التفاصيل الفنية» المتعلقة بالسياسات، مضيفة أن مثل هذه التأجيلات ليست استثنائيةً وتأتي وسط ظروف صعبة.

وأشارت كوزاك إلى أن صندوق النقد الدولي يرى بعض النتائج لبرنامج الإصلاحات المصري، منها انخفاض التضخم وإزالة الطلب المتراكم على النقد الأجنبي. لكنها أوضحت أن البيئة الاقتصادية في مصر لا تزال تواجه بعض المصاعب، خصوصاً في ظل تراجع إيرادات قناة السويس إلى النصف عن مستواها قبل عام، بسبب استهداف الملاحة في البحر الأحمر.

وفسّر المصريون إرجاء الصندوق للصرف بأنه انتظار لتفعيل الحكومة خطوات رفع أسعار الكهرباء والمحروقات في موعد لا يتخطى أسبوعين، وهو ما يتوافق كلياً مع تصريحات وتمهيد رئيس الوزراء حول رفع الأسعار.

وفيما يعاني المصريون هذه الأيام من موجة حارة عنيفة تتخطى فيها درجات الحرارة 40 درجة مئوية، فإنهم يتوقعون على نطاق واسع أن موجة أخرى ستلفح نيرانها جيوبهم وميزانياتهم قبل نهاية الشهر الحالي.


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)
صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)
صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو (حزيران) الماضي، وهو ما يؤكد تحسن بيئة التضخم ما قد يضع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في موقف يسمح له ببدء خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وقال مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الأميركية يوم الجمعة إن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي، بعد أن ظل دون تغيير في مايو (أيار). وفي الاثني عشر شهرا حتى يونيو، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 2.5 في المائة، بعد أن ارتفع 2.6 في المائة في الفترة المعادلة حتى مايو.

وباستثناء مكونات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 0.2 في المائة الشهر الماضي. وجاء ذلك بعد زيادة غير معدلة بلغت 0.1 في المائة في مايو. وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا ارتفاع كل من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الشهري والتضخم الأساسي 0.1 في المائة في يونيو.

وبعد بيانات الناتج المحلي الإجمالي الصادرة يوم الخميس، والتي أظهرت ارتفاع التضخم الأساسي بشكل أسرع قليلا من المتوقع في الربع الثاني، رفع البعض تقديراتهم لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي إلى 0.2 في المائة. ولم تتغير توقعات التضخم الرئيسي لأسعار الاستهلاك الشخصي كثيراً.

وبشكل عام، تتراجع ضغوط الأسعار وقد تساعد اجتماع مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل في بناء المزيد من الثقة في أن التضخم يتحرك نحو هدف البنك المركزي الأميركي البالغ 2 في المائة. ويتتبع بنك الاحتياطي الفيدرالي مقاييس أسعار الاستهلاك الشخصي لتحديد توجهات السياسة النقدية.

وتباطأ الطلب في الاقتصاد استجابة لتشديد السياسة النقدية العنيف للبنك المركزي في عامي 2022 و2023. وبلغ متوسط ​​النمو الاقتصادي 2.1 في المائة في النصف الأول من هذا العام، مقارنة بـ4.2 في المائة في النصف الثاني من عام 2023.

وحافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة في النطاق الحالي 5.25 إلى 5.50 في المائة منذ يوليو الماضي. كما رفع سعر الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس منذ عام 2022.

وأدى تراجع التضخم وتخفيف ظروف سوق العمل إلى دفع الأسواق المالية إلى توقع ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام، بدءاً من سبتمبر المقبل.

وأظهر التقرير أيضا أن إنفاق المستهلكين، الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، ارتفع بنسبة 0.3 في المائة الشهر الماضي، بعد ارتفاعه بنسبة 0.4 في المائة في مايو. وتم تضمين البيانات في تقرير الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، والذي أظهر نمو الاقتصاد بمعدل سنوي بلغ 2.8 في المائة، وهو ضعف وتيرة الربع الأول البالغة 1.4 في المائة.