الطاقة الشمسية رافعة اقتصادية تخلق فرصاً استثمارية بالسعودية

توقّعات بمساهمة القطاع في الناتج المحلي بـنسبة 1.2 %

جانب من محطة «سكاكا للطاقة الشمسية» (موقع رؤية 2030)
جانب من محطة «سكاكا للطاقة الشمسية» (موقع رؤية 2030)
TT

الطاقة الشمسية رافعة اقتصادية تخلق فرصاً استثمارية بالسعودية

جانب من محطة «سكاكا للطاقة الشمسية» (موقع رؤية 2030)
جانب من محطة «سكاكا للطاقة الشمسية» (موقع رؤية 2030)

تتخذ السعودية خطوات واسعة للاستفادة من إمكانات البلاد الطبيعية، حيث يبرز موقعها الجغرافي بالقرب من خط الاستواء؛ ما يجعلها تتمتع بكمية هائلة من أشعة الشمس على مدار السنة؛ إذ يعدّ هذا القطاع رافعة اقتصادية جديدة تساهم في فرص استثمارية، وسط توقعات بأن تساهم المنظومة في الناتج المحلي بأكثر من 1.2 في المائة.

وأعلنت السعودية، في يونيو (حزيران) الماضي، عن مشروع المسح الجغرافي الأول من نوعه عالمياً، من حيث التغطية الجغرافية؛ كونه سيشمل جميع مناطق المملكة من خلال مسح أكثر من 850 ألف كيلومتر مربع، وأُسندت عقود تنفيذ المشروع إلى شركات وطنية لتركيب 1200 محطة لرصد الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في جميع مدن البلاد.

وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن الطاقة الشمسية تساعد في زيادة الإنتاجية وخفض التكاليف، كما تساهم في تحسين كفاءة الأعمال من خلال توفير مصدر طاقة موثوق ومستدام قليل الانقطاع.

الحلول المستدامة

وشدّد عضو جمعية اقتصاديات الطاقة وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، المستشار الدكتور عبد الله الجسار، لـ«الشرق الأوسط» على أن الطاقة الشمسية تعدّ أحد أهم الحلول المستدامة التي تستهدفها «رؤية 2030»؛ إذ تقدم فوائد اقتصادية وبيئية هائلة، وذلك تحت برنامج «شمسي».

و«شمسي» هي بوابة إلكترونية – تابعة للهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء - تتيح للمستهلك معرفة الجدوى الاقتصادية من تركيب منظومة الطاقة الشمسية في منشأته وربطها بالشبكة العامة.

وبيّن الجسار أن الطاقة الشمسية أصبحت رافعة اقتصادية جديدة تساهم في فرص استثمارية هائلة في المملكة، حيث سيكون حجم الاستثمارات المستهدفة في قطاع الطاقة المتجددة بحلول 2030 نحو 300 مليار ريال (80 مليار دولار)، موضحاً أن ذلك يخلق فرص عمل جديدة تصل إلى 100 ألف فرصة، وحالياً، يعمل 90 في المائة من الموظفين في هذا المجال من أبناء الوطن.

وتابع أن الطاقة الشمسية تعمل على تحسين القوة الشرائية وخفض التكاليف، من خلال مساهمتها في خفض فواتير الكهرباء للأفراد والشركات؛ مما يعطي فرصة لإنفاق المال على احتياجات أخرى، كما تساهم في تطوير كفاءة الأعمال بتوفير مصدر طاقة موثوق ونظيف ومستدام قليل الانقطاع ومنخفض التكلفة.

الاستقرار الاقتصادي

وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودي إن أبرز الممكنات التي تساعد السعودية على أن تصبح متقدمة عالمياً في مجال الطاقة الشمسية، هو موقعها الجغرافي المتميز؛ وذلك لقربها إلى خط الاستواء؛ مما يجعلها تتمتع بكمية هائلة من أشعة الشمس على مدار السنة، وكذلك الالتزام الحكومي بتطوير القطاع من خلال الاستثمار في مشروعات الطاقة الشمسية ودعم البحث في هذا المجال.

وتطرق إلى بعض الأمثلة المتعلقة بمشروعات تساهم في تعزيز الاقتصاد السعودي، وهي: «محطة سكاكا للطاقة الشمسية» التي تعدّ أكبر موقع للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط، بتكلفة 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار)، وتنتج 300 ميغاواط من الكهرباء، إضافة إلى «مصنع إنتاج الألواح والخلايا الشمسية ومختبر الموثوقية»، الذي أنشأته مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (كاكست) في عام 2010، ويعدّ الأول من نوعه في المملكة، بتكلفة 500 مليون ريال (133.3 مليون دولار).

وأكمل الجسار أن «محطة الخفجي لتحلية المياه بالطاقة الشمسية»، الذي أطلقها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، في عام 2018، تعدّ الأولى من نوعها في العالم، بتكلفة 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار)، وتصل القدرة الإنتاجية للمحطة إلى 90 ألف متر مكعب يومياً.

وتوقّع الجسار أن تبلغ مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي السعودي بأكثر من 1.2 في المائة، إضافة إلى مساهمتها في تحول الطاقة العالمي من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة بنسب مؤثرة، وصولاً إلى تحقيق هدف بلوغ صفر انبعاثات.

وأبان أن الطاقة الشمسية تعمل على تحسين أمن الطاقة العالمي بتقليل الاعتماد على الواردات من النفط والغاز الطبيعي؛ مما يقلل من المخاطر الجيوسياسية ويحسّن استقرار الاقتصاد.

غازات الاحتباس الحراري

بدوره، أوضح كبير مستشاري وزير الطاقة سابقاً، الدكتور محمد الصبان، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك العديد من الإجراءات التي اتخذتها السعودية للتحول إلى الطاقة المتجددة والوصول إلى صفر انبعاثات، منها برامج لزيادة الرقع الخضراء في البلاد والشرق الأوسط، وهي أساسية في امتصاص غازات الاحتباس الحراري، كما أن تدوير الكربون يساعد ويساهم في تقديم الوقود الأحفوري الخالي من غاز ثاني أكسيد الكربون، مؤكداً أن هذه المجالات جميعها تعمل على جذب الاستثمارات وتوليد فرص العمل في البلاد والمنطقة.

وبيّن أن لدى السعودية ممكنات تعمل عليها، من خلال برامج ومشروعات الطاقة المتجددة إضافة إلى النفط والغاز، ومنها الهيدروجينية التي تعمل على إنتاجها وتصديرها إلى دول العالم، وكذلك الرياح والحرارية، مفيداً أن جميعها ستدفع المملكة لتصبح مصدراً لمختلف أنواع الطاقة؛ وهذا سيؤدي إلى زيادة إيرادات البلاد بشكل عام، ويؤدي إلى التأثير الإيجابي على البيئة وتغير المناخ.

وأكمل أن التحول إلى الطاقة المتجددة والوصول إلى صفر انبعاثات لا يغني عن الوقود التقليدي وذلك لعقود قادمة في مجالات عدة؛ إذ لا يزال العالم في حاجة إلى جميع المصادر سواء التقليدية والمتجددة.


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي يوم الثلاثاء بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا والصين، مما أثار مخاوف من سياسات قد تؤدي إلى حرب تجارية.

وفي رد فعل سريع على تصريحات ترمب، قفز الدولار أكثر من 2 في المائة مقابل البيزو المكسيكي، وسجل أعلى مستوى له في أربع سنوات ونصف مقابل نظيره الكندي. كما ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له منذ 30 يوليو (تموز) مقابل اليوان الصيني. في حين هبطت عملات أخرى مقابل الدولار، لكنها قلصت خسائرها بحلول منتصف الجلسة في آسيا، وفق «رويترز».

وكان الدولار قد شهد تراجعاً طفيفاً في الأيام الأخيرة، بعد أن رحبت سوق سندات الخزانة الأميركية بترشيح ترمب لمدير صندوق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة. ورغم أن المتداولين يعتبرون بيسنت من قدامى «وول ستريت» ومن مؤيدي السياسة المالية المحافظة، فإنه كان داعماً للدولار القوي وفرض التعريفات الجمركية. وقال المحللون إن رد فعل السوق تجاه هذا الاختيار من المحتمل أن يكون مؤقتاً.

وفي تعليق على تصريحات ترمب، قال كبير الاستراتيجيين في السوق، جيسون وونغ من بنك «بي إن زي»: «سوف تكون السوق متقلبة» بشأن تصريحات ترمب، وأضاف: «يمكنك التوصل إلى استنتاجات سريعة، ولكنني لا أستعجل ذلك الآن، لذا فإن السوق تحتاج فقط إلى الاستقرار».

وأكد ترمب أنه في اليوم الأول من توليه منصبه، سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا. وبخصوص الصين، قال الرئيس المنتخب إن بكين لا تتخذ إجراءات كافية لوقف تصدير المواد المستخدمة في تصنيع المخدرات غير المشروعة.

وأضاف: «حتى يتوقفوا عن ذلك، سنفرض على الصين تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة، بالإضافة إلى أي تعريفات أخرى على جميع منتجاتهم القادمة إلى الولايات المتحدة».

من جهتها، نفت الصين هذه الاتهامات، وقالت السفارة الصينية في واشنطن بعد تصريحات ترمب إن «كلاً من الولايات المتحدة والصين لن تستفيدا من حرب تجارية».

في هذه الأثناء، هبط الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر عند 0.64335 دولار في الساعات الأولى من التداول في آسيا، وكان آخر تداول له بانخفاض 0.21 في المائة عند 0.6478 دولار. ويُباع الدولار الأسترالي في كثير من الأحيان بوصفه بديلاً سائلاً لليوان الصيني؛ نظراً لأن الصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا.

أما الدولار النيوزيلندي فقد وصل إلى أدنى مستوى له في عام عند 0.5797 دولار، لكنه محا معظم خسائره ليعود للتداول بالقرب من 0.58415 دولار.

وأوضح استراتيجي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «ليغال آند جنرال لإدارة الاستثمارات»، بن بينيت، أن المستثمرين قد ركزوا حتى الآن على السياسات الاقتصادية الإيجابية التي أعلنها ترمب مثل خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، لكن من المحتمل أن تكون سياساته الأكثر تحدياً مثل فرض التعريفات الجمركية أسهل في التنفيذ. وأضاف: «هذا الإعلان بمثابة تنبيه للمستثمرين».

وأشار إلى أن «التعريفات الجمركية ستكون مفيدة للدولار الأميركي وستضر بالعملات التي ستتعرض لهذه التعريفات مع تغير ميزان التجارة، ولكنني لست متأكداً من أن حكومة ترمب ستسمح بتسارع هذا الاتجاه».

وتوقع بعض المحللين أن تهديدات التعريفات الجمركية قد تكون مجرد تكتيك تفاوضي. وقالت كبيرة الاقتصاديين في منطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»، لين سونغ: «الجانب المشرق من هذا هو أنه بدلاً من سيناريو التعريفات الجمركية المدفوع آيديولوجياً حيث لا يمكن فعل أي شيء لتجنب حرب تجارية شاملة، طالما كان هناك مجال للتفاوض، فهناك إمكانية لنتيجة أقل ضرراً».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار الأميركي مقابل ست عملات رئيسية، عند 107.04. كما تراجع اليورو بنسبة 0.18 في المائة ليصل إلى 1.04785 دولار، في حين بلغ الجنيه الإسترليني 1.25525 دولار، منخفضاً بنسبة 0.14 في المائة على مدار اليوم.

وتلقى اليورو ضربة يوم الجمعة الماضي بعد أن أظهرت مسوحات التصنيع الأوروبية ضعفاً واسعاً، في حين فاجأت المسوحات الأميركية التوقعات بارتفاعها.

في المقابل، سجل الين الياباني زيادة بنسبة 0.4 في المائة ليصل إلى 153.55 ين مقابل الدولار.

أما بالنسبة للعملات الرقمية، تم تداول «البتكوين» عند 94.375 دولار، وهو أدنى بكثير من أعلى مستوى قياسي بلغ 99.830 دولار الذي سجله الأسبوع الماضي.

وشهدت «البتكوين» جني أرباح قبل الوصول إلى الحاجز الرمزي 100.000 دولار، بعد أن ارتفعت بأكثر من 40 في المائة منذ الانتخابات الأميركية وسط توقعات بأن يسمح ترمب بتخفيف البيئة التنظيمية للعملات المشفرة.