موازنة فرنسا على المحك: الوعود الانتخابية تزيد الضغوط المالية

الأحزاب تتنافس حول معركة الإنفاق

ناخب يدلي بصوته في مركز اقتراع للجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في باريس (رويترز)
ناخب يدلي بصوته في مركز اقتراع للجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في باريس (رويترز)
TT

موازنة فرنسا على المحك: الوعود الانتخابية تزيد الضغوط المالية

ناخب يدلي بصوته في مركز اقتراع للجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في باريس (رويترز)
ناخب يدلي بصوته في مركز اقتراع للجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في باريس (رويترز)

من المتوقع أن تتزايد الضغوط على المالية العامة الفرنسية بغض النظر عن نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي بدأت بجولة أولى من التصويت على الدستور، الأحد، والتي تخضع للتقييم من وكالات التصنيف والأسواق المالية وبروكسل.

وتعهدت الأحزاب الرئيسية بزيادة الإنفاق، لكن خططها لتمويله غير دقيقة ولا تتطابق دائماً مع الحسابات، وفق «رويترز».

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف سيحتلّ المرتبة الأولى، يليه تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري وحزب الرئيس إيمانويل ماكرون «معاً» في المركز الثالث.

وكانت الحكومة المنتهية ولايتها قد وعدت بخفض عجز الموازنة من 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي إلى سقف يبلغ 3 في المائة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2027 - وهو الهدف الذي قد يكون بعيد المنال بعد التصويت، الذي سيختتم بجولة ثانية في السابع من يوليو (تموز).

التحالف اليميني المتطرف «التجمع الوطني»

وفي حال تشكيل حكومة، يريد حزب التجمع الوطني أن يخفض ضريبة القيمة المضافة على مبيعات الطاقة في يوليو المقبل، والتي يقول إنها ستكلف 7 مليارات يورو (7.5 مليار دولار) لبقية العام الحالي و12 مليار يورو (12.86 مليار دولار) في عام كامل.

ويقول الحزب إنه سيتم تمويله من خلال الحصول على خصم قدره مليارا يورو (2.14 مليار دولار) على مساهمة فرنسا في موازنة الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن موازنة الكتلة للفترة 2021 - 2027 قد تم التصويت عليها منذ فترة طويلة.

ويعول حزب التجمع الوطني على مكاسب كبيرة من زيادة الضريبة على الأرباح الاستثنائية لمنتجي الطاقة واستبدال ضريبة الحمولة المفروضة على أصحاب السفن بضريبة شركات عادية، على الرغم من أن الأرباح الوفيرة التي حققها القطاع في السنوات الأخيرة من المرجح أن تنحسر.

ويريد الحزب أيضاً إلغاء التخفيض في مدة إعانات البطالة المستحقة ابتداءً من يوليو، وهي خطوة تقول الحكومة المنتهية ولايتها إنها ستكلف 4 مليارات يورو (4.29 مليار دولار).

علاوة على ذلك، يهدف حزب التجمع الوطني إلى ربط المعاشات التقاعدية بالتضخم، وخفض سن التقاعد إلى 60 عاماً للأشخاص الذين بدأوا العمل في سن 20 عاماً أو قبل ذلك، وإعفاء بعض العمال الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً من ضريبة الدخل وزيادة أجور المعلمين والممرضات.

كما أنه يريد المضي قدماً في تخفيضات الضرائب التجارية المحلية التي اضطرت الحكومة الحالية إلى تعليقها لأنها لا تستطيع تحملها.

كما سيلغي الحزب أيضاً زيادة عام 2023 في سن التقاعد إلى 64 من 62، ليحل محلها نظام أكثر تقدماً والذي لم يحدد بعد. ويقول الحزب إنه سيلتزم بالخطط الحالية لخفض عجز الموازنة بما يتماشى مع التزامات فرنسا تجاه شركائها في الاتحاد الأوروبي.

ومن خلال استهداف الإنفاق على الرعاية الاجتماعية للمواطنين الأجانب وتقليص الروتين، تعهد حزب التجمع الوطني بالمضي قدماً في توفير 20 مليار دولار من مدخرات الموازنة هذا العام والعام المقبل، التي كانت الحكومة الحالية تعاني صعوبة في تفاصيلها والوصول إليها.

كما يريد إعادة التفاوض بشأن تفويض «المركزي الأوروبي» لمنحه تركيزاً جديداً على الوظائف والإنتاجية وتمويل المشروعات طويلة الأجل.

التحالف اليساري «الجبهة الشعبية الجديدة»

ويقول تحالف الجبهة الشعبية الجديدة إن خطواته الأولى ستشمل زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية بنسبة 10 في المائة، وتوفير وجبات غداء مدرسية مجانية وإمدادات ووسائل نقل مع زيادة دعم الإسكان بنسبة 10 في المائة.

وأشار إلى أنه يستطيع تغطية التكلفة من خلال جمع 15 مليار يورو (16.07 مليار دولار) عبر فرض ضريبة على الأرباح الفائقة، وهو ما لم يتم تفصيله بعد، وإعادة فرض ضريبة الثروة على الأصول المالية، أيضاً بمبلغ 15 مليار يورو.

بالإضافة إلى ذلك، تريد الجبهة تجميد أسعار المواد الغذائية الأساسية والطاقة مع رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 14 في المائة مع تقديم الدعم للشركات الصغيرة التي لا يمكنها التعامل بطريقة أخرى.

وسيقوم التحالف بعد ذلك في عام 2025 بتعيين المزيد من المعلمين والعاملين في مجال الرعاية الصحية، وتعزيز العزل المنزلي بالإعانات، وتعزيز الإنفاق العام بمقدار 100 مليار يورو (107.16 مليار دولار) إضافية.

ويقول إنه ستتم تغطية التكلفة عن طريق سد الثغرات الضريبية، وجعل ضريبة الدخل أكثر تصاعدية، واستعادة ضريبة الثروة على الأصول المالية وتحديد حد أقصى للميراث للعائلات يبلغ 12 مليون يورو (12.86 مليار دولار).

وابتداءً من عام 2026، سيصل الإنفاق العام إلى 150 مليار يورو (160.73 مليار دولار) سنوياً، لا سيما من خلال زيادة موازنة وزارتي الثقافة والرياضة إلى 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

كما يرغب التحالف في إلغاء زيادة سن التقاعد المقررة في عام 2023 ويرغب في تقليصها في نهاية المطاف إلى 60 عاماً. ويقول التحالف إن الإنفاق الإضافي سيتم تمويله عن طريق زيادة الضرائب وتعزيز النمو، ولكنه لا يخطط لتقليل عجز الموازنة ويرفض قواعد الاتحاد الأوروبي المالية.

ائتلاف الوسط «معاً»

وفي حين يلتزم حزب ماكرون بخفض عجز الموازنة إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، فإن المؤسسات، من المراجع الوطني إلى صندوق النقد الدولي، كانت لديها شكوك جدية حتى قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

ومنذ ذلك الحين، تعهد الحزب بخفض فواتير الكهرباء بنسبة 15 في المائة ابتداءً من عام 2025، ومطابقة زيادة معاشات التقاعد مع زيادات التضخم. وتقول إنها سترفع أجور القطاع العام، لكن برنامجها لا يحدد حجم ذلك المبلغ.

ويظل الحزب ملتزماً بعدم فرض زيادات ضريبية عامة وسيزيد من المبلغ الذي يمكن للآباء منحه لأطفالهم دون ضريبة.


مقالات ذات صلة

فرنسا تخطط لتقليص موازنتها بـ66 مليار دولار العام المقبل

الاقتصاد رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه (وسط الصورة) يستمع إلى الخطابات في الجمعية الوطنية (رويترز)

فرنسا تخطط لتقليص موازنتها بـ66 مليار دولار العام المقبل

تخطط الحكومة الفرنسية لإخضاع الموازنة لعملية تقشف بقيمة 60 مليار يورو (66 مليار دولار) في العام المقبل لتحقيق أهداف مالية جديدة، حسبما أفاد مسؤولون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد رئيس وزراء فرنسا ميشيل بارنييه يلقي خطاباً في الجمعية الوطنية (أ.ب)

رئيس وزراء فرنسا يؤجل هدف تقليص العجز إلى 2029

قال رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه، الثلاثاء، إنه أرجأ هدف خفض عجز موازنة البلاد إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2029.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد يعمل الموظفون على سيارة «أستون مارتن فالكيري» بمصنع الشركة في غايدون (رويترز)

القلق من الموازنة البريطانية يؤثر على نشاط المصانع

أصبح المصنعون البريطانيون أكثر تشاؤماً في سبتمبر (أيلول) بسبب القلق من الموازنة الأولى للحكومة الجديدة، بالإضافة إلى المخاوف من النزاع في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد حقل نفط نهر كيرن الواقع في ولاية كاليفورنيا (رويترز)

النفط مستقر مع تغلب مخاوف الطلب على تداعيات التوتر بالشرق الأوسط

لم يطرأ تغير يذكر على أسعار النفط، حيث تفوقت آفاق الإمدادات الأقوى ونمو الطلب العالمي الضعيف على المخاوف من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الحكومة أكدت الاستمرار بتبني سياسات الإنفاق التوسعي الاستراتيجي الذي يدعم التنويع الاقتصادي والنمو المستدام (الشرق الأوسط)

البيان التمهيدي للميزانية السعودية: نحو 1.184 تريليون ريال إيرادات متوقعة في 2025

من المتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات ما يقارب 1.285 تريليون ريال، وإجمالي الإيرادات نحو 1.184 تريليون ريال، مسجلاً عجزاً بـ2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وزير السياحة المصري: اتفقنا على مبادرات مع السعودية سنطورها لاحقاً

جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)
جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

وزير السياحة المصري: اتفقنا على مبادرات مع السعودية سنطورها لاحقاً

جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)
جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)

كشف وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، لـ«الشرق الأوسط» أنه اتفق مع وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، على التعاون في كثير من المجالات المتعلقة بالمنظومة، بما فيها التسويق المشترك، وبرامج سياحية مشتركة، ومبادرات لحماية البيئة، وتنشيط أنواع معينة من السياحة في البحر الأحمر، وخلافه.

وكانت لوزير السياحة المصري زيارة إلى الرياض منذ أيام، التقى خلالها الوزير الخطيب. وعقد الوزيران عدداً من اللقاءات الرسمية والمهنية، ومع رجال الأعمال السعوديين، تمّت خلالها مناقشة آليات الترويج السياحي المشترك، وزيادة حركة السياحة البينية بين البلدين.

وقال فتحي لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط بالرياض، إن وجود هذا المكتب في السعودية هو إضافة كبيرة لعمل المنظمة في المنطقة، وتسهل عملية التواصل مع البلدان، وصناعة السياحة ومجابهة التحديات.

وأوضح أن المبادرات المتفق عليها سيتم تطويرها في المرحلة المقبلة، والبدء في تحقيق أجزاء منها.

صورة تجمع وزير السياحة والآثار المصري مع مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)

وبيَّن فتحي أن الشرق الأوسط من المناطق الرائدة في مجال السياحة العالمية، وتستحق أن يكون لديها مكتب داخل المنطقة ليعود بالفائدة على جميع البلدان.

السياحة والناتج القومي

من جهته، ذكر مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط، سامر الخراشي، أن المكتب أُسس لخدمة دول المنطقة الثلاث عشرة، ومصر عضو مؤثر وبارز في المنطقة. وقال إن زيارة وزير السياحة والآثار الذي يمثل نائب رئيس اللجنة الإقليمية، تفتح الكثير في مجال التعاون، وكيفية جعل السياحة عنصراً مساهماً في الناتج القومي، إلى جانب توليد الوظائف، وأن تكون السياحة مستدامة، وتحافظ على البيئة، وتحقق مستهدفات النماء للدول.

وأكمل الخراشي خلال تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، أن المنظمة لديها فرص كبيرة يمكن أن تتعاون من خلالها مع مصر التي تمتلك خبرة وباعاً طويلاً في المجال السياحي، وهي من أقدم الدول التي تمتلك الآثار والمناطق السياحية. وفي الجهة المقابلة، يتمتع مكتب الأمم المتحدة الإقليمي بخبرة في دعم الدول من عدة مجالات مختلفة.

وأفاد بأن الاجتماع تطرق إلى كثير من آفاق التعاون والإسهام في المشاريع المشتركة، متطلعاً إلى تنفيذ تلك الرؤى على أرض الواقع، لخدمة مصر ودول الإقليم بشكل عام.

تبادل الخبرات

وتأتي زيارة فتحي للمكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية؛ حيث تُعد القاهرة عضواً مهماً وفاعلاً في المنظمة، وتسعى دائماً إلى تطوير قطاع السياحة لديها من خلال التعاون الدولي.

وناقش اللقاء بين فتحي ومدير المكتب الإقليمي كثيراً من القضايا التي تهم قطاع السياحة في مصر والمنطقة، بما في ذلك التحديات والفرص المتاحة لتعزيز هذا القطاع الحيوي، واستعراض فرص التعاون والتطوير المستقبلية، بما في ذلك تبادل الخبرات في مجال التدريب والتعليم السياحي، وتحسين الخدمات السياحية وزيادة الاستثمارات في هذا القطاع.

وتحتل مصر المرتبة الأولى في أفريقيا، والخامسة في منطقة الشرق الأوسط، والمرتبة الـ63 عالمياً في مؤشر تنمية السفر والسياحة.

يذكر أن المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الرياض يُعد أول مكتب إقليمي للمنظمة خارج مقرها الرئيسي، ويهدف إلى دعم ومساعدة الدول الأعضاء في منطقة الشرق الأوسط. ويعمل المكتب على تعزيز التعليم والتدريب السياحي، وتطوير البنية التحتية السياحية، ودعم الابتكار وريادة الأعمال في القطاع السياحي، كما يساهم المكتب في تعزيز السياحة المستدامة، وحماية التراث الثقافي والاجتماعي والبيئي في المنطقة.