الصين تخطط لإصلاحات «كبرى» قبيل اجتماع سياسي مهم

شي يدعو إلى «بناء جسور» وسط الخلافات

الرئيس الصيني شي جينبينغ وسط ضيوفه الدوليين خلال مؤتمر عقد في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ وسط ضيوفه الدوليين خلال مؤتمر عقد في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
TT

الصين تخطط لإصلاحات «كبرى» قبيل اجتماع سياسي مهم

الرئيس الصيني شي جينبينغ وسط ضيوفه الدوليين خلال مؤتمر عقد في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ وسط ضيوفه الدوليين خلال مؤتمر عقد في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ، يوم الجمعة، إلى بناء «جسور» في الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تكافح فيه بكين للتغلب على النزاعات الاقتصادية والتجارية والإقليمية مع جيرانها وشركائها التجاريين. كما أعلن أن الحزب الشيوعي الحاكم يخطط لتطبيق إصلاحات «كبرى» قبيل اجتماع سياسي مغلق يُتابع عن كثب ويتوقع أن يتصدّر التعافي الاقتصادي جدول أعماله.

وحاول صانعو السياسات في الصين جاهدين إعادة إطلاق النمو منذ رفع التدابير الصحية المشددة التي فرضت أثناء انتشار «كوفيد»، أواخر عام 2022. وتعاني ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم من أزمة ديون في قطاع العقارات وتراجع الاستهلاك وارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب.

وفي خطاب الجمعة، أفاد شي بأن صانعي السياسات «يخططون لإجراءات كبيرة ويطبّقونها من أجل تعميق الإصلاح بشكل شامل». وأضاف: «سنشكّل.. بيئة أعمال قانونية ودولية أكثر تركيزاً على الأسواق»، وتابع: «سيُفتح باب الصين بشكل أوسع ولن يُغلق إطلاقاً».

وتعهّد شي إدخال إصلاحات كبيرة عدّة مرات هذا العام، وطُبّقت إجراءات في قطاعات رئيسية مثل العقارات في محاولة للتعامل مع قضايا رئيسية. وأُعلن الخميس أن «الجلسة الكاملة الثالثة» التي تأجّلت سابقاً ستعقد في بكين في منتصف يوليو (تموز) المقبل. ويُتابع هذا الاجتماع تقليدياً عن كثب لمعرفة اتجاه السياسة الاقتصادية.

وكان من المفترض أن يعقد الاجتماع الذي يضم كبار المسؤولين في الخريف وهو منتظر على أمل وضع حد للضبابية التي تخيّم على الوضع الاقتصادي في الصين.

ويأتي خطاب شي في قاعة الشعب الكبرى، الذي أُلقي أمام جمهور دولي عالي المستوى في الذكرى السبعين لبعض المبادئ الدبلوماسية الأساسية في الصين. وأشاد شي في خطابه بدور بلاده في تحقيق السلام في العالم، مؤكداً أن بكين ستواصل لعب «أدوار بنّاءة» في نزاعات دولية على غرار غزة وأوكرانيا.

واجهت الصين انتقادات من حلفاء أوكرانيا لفشلها في إدانة الغزو الروسي عام 2022، واتُّهمت بمحاباة موسكو رغم إصرار بكين على أنها طرف محايد.

وفي الشرق الأوسط، دافعت الصين على مدى عقود عن حل الدولتين لوضع حد للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ودعا شي في خطابه إلى تعزيز التعاون بين الصين والبلدان النامية. وقال إن «الانخراط في ممارسات... فك ارتباط خطوة تتعارض مع مجرى التاريخ». وأضاف: «لن تؤدي سوى إلى الإضرار بالمصالح المشتركة للمجتمع الدولي».

كما تعرضت العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي لضغوط، حيث تخطط الكتلة المكونة من 27 دولة لفرض تعريفات جمركية إضافية على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين، مما قد يفتح جبهة جديدة في حرب التعريفات الجمركية الغربية مع بكين، التي بدأت برسوم الاستيراد الأولية التي فرضتها واشنطن في عام 2018.

ويتهم الاتحاد الأوروبي، الصين، بإغراق سوقها بمركبات كهربائية رخيصة تنتجها شركات صناعة السيارات الصينية التي استفادت من إعانات حكومية كبيرة. وقال شي: «في عصر العولمة الاقتصادية، ما نحتاج إليه ليس خلق هوة الانقسام، بل بناء جسور الاتصال، وليس رفع الستار الحديدي للمواجهة ولكن تمهيد الطريق للتعاون».

من جانبها، أعربت الحكومة الألمانية يوم الجمعة عن تفاؤلها بأن المحادثات بين الاتحاد الأوروبي والصين بشأن التعريفات الجمركية ستسفر عن نتيجة إيجابية قبل الرابع من يوليو، عندما تبدأ الرسوم الجمركية المؤقتة على السيارات الكهربائية المستوردة المصنعة في الصين.

ورداً على سؤال في مؤتمر صحافي دوري حول ما إذا كان من المتوقع التوصل إلى نتيجة إيجابية قبل ذلك التاريخ، قال متحدث باسم الحكومة إن برلين «متفائلة دائماً».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يتحدث خلال زيارة لمصنع في تشيستر (رويترز)

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه واثق بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة إلى بريطانيا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عمال يرصُّون أجولة من السكر لشحنها في ميناء بولاية غوجارات الهندية (رويترز)

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار الغذاء العالمية قفز في سبتمبر (أيلول) مسجلاً أكبر زيادة له في 18 شهراً بدعم من ارتفاع أسعار السكر.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الياباني يطلب رسمياً إعداد حزمة تحفيز

أصدر رئيس الوزراء الياباني الجديد تعليمات رسمية لوزرائه يوم الجمعة بإعداد حزمة اقتصادية جديدة لتخفيف الضربة التي تتعرض لها الأسر نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)

كبير اقتصاديي بنك إنجلترا يدعو إلى الحذر عند خفض الفائدة

أكد كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، ضرورة أن يتخذ المصرف المركزي البريطاني خطوات تدريجية عند خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المصرف المركزي في فرانكفورت (رويترز)

التضخم في عالم ما بعد الجائحة... هل تستعد المصارف المركزية لمزيد من القوة؟

قد يكون التذبذب السريع في معدلات التضخم دون تأثيرات مماثلة على الناتج الاقتصادي سمة بارزة لعالم ما بعد جائحة كوفيد-19.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نمو الوظائف الأميركية يتسارع... والبطالة تنخفض إلى 4.1 %

امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)
امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)
TT

نمو الوظائف الأميركية يتسارع... والبطالة تنخفض إلى 4.1 %

امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)
امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال سبتمبر (أيلول)؛ إذ انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يقلّص الحاجة لدى «مجلس الاحتياطي» للحفاظ على تخفيضات كبيرة لأسعار الفائدة في اجتماعاته المتبقية هذا العام.

ووفقاً للتقرير الذي أصدره مكتب إحصاءات العمل، التابع لوزارة العمل يوم الجمعة، زادت الوظائف غير الزراعية بمقدار 254 ألف وظيفة الشهر الماضي، بعد ارتفاعها بمقدار 159 ألف وظيفة في أغسطس (آب).

وكان خبراء اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا زيادة بمقدار 140 ألف وظيفة، بعد ارتفاعها بمقدار 142 ألف وظيفة في أغسطس، وهو ما تم الإبلاغ عنه في تقرير سابق. وكان عدد الوظائف الأولية لشهر أغسطس عادة ما يجري تعديله إلى أعلى على مدى العقد الماضي. وتراوحت تقديرات مكاسب الوظائف في سبتمبر بين 70 ألفاً و220 ألفاً.

ويعود تباطؤ سوق العمل إلى ضعف التوظيف الذي يرجع في الغالب إلى العرض الزائد من العمالة بسبب ارتفاع معدلات الهجرة. ومع ذلك، ظلّت عمليات تسريح العمال منخفضة، مما دعّم الاقتصاد من خلال الإنفاق الاستهلاكي المستقر.

وارتفع متوسط الأجر بالساعة بنسبة 0.4 في المائة، بعد زيادة بنسبة 0.5 في المائة خلال أغسطس، وزادت الأجور بنسبة 4 في المائة على أساس سنوي، بعد ارتفاعها بنسبة 3.9 في المائة خلال الشهر السابق. كما انخفض معدل البطالة من 4.2 في المائة في أغسطس، بعدما قفز من 3.4 في المائة في أبريل (نيسان) 2023، ويرجع ذلك جزئياً إلى الفئة العمرية 16 - 24، وارتفاع عمليات التسريح المؤقتة خلال إغلاق مصانع السيارات السنوية في يوليو (تموز).

وبدأت لجنة وضع السياسات التابعة للمصرف المركزي الأميركي دورة تخفيف السياسة من خلال خفض غير عادي لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية الشهر الماضي؛ إذ أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى المخاوف المتزايدة بشأن صحة سوق العمل.

وفي الوقت الذي تراجعت فيه سوق العمل، أظهرت المراجعات المعيارية السنوية لبيانات الحسابات القومية خلال الأسبوع الماضي أن الاقتصاد في حالة أفضل بكثير مما كان متوقعاً سابقاً، مع ترقيات في النمو والدخل والادخار وأرباح الشركات. وقد اعترف باول بهذه الخلفية الاقتصادية المحسّنة هذا الأسبوع عندما رفض توقعات المستثمرين بشأن خفض آخر لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في نوفمبر (تشرين الثاني)، قائلاً: «هذه ليست لجنة تشعر أنها في عجلة من أمرها لخفض الأسعار بسرعة».

ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس في عامي 2022 و2023، ونفّذ أول خفض لسعر الفائدة منذ عام 2020 خلال الشهر الماضي. ويبلغ سعر الفائدة الرئيسي حالياً 4.7 - 5 في المائة.

وأظهرت أداة «فيدووتش»، في وقت مبكر من يوم الجمعة، أن الأسواق المالية تتوقع احتمالاً بنحو 71.5 في المائة لخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في نوفمبر، في حين كانت احتمالات خفض 50 نقطة أساس نحو 28.5 في المائة.

ومع ذلك، من المرجح أن تشهد سوق العمل بعض الاضطرابات القصيرة الأجل، بعد أن دمّر إعصار «هيلين» مساحات شاسعة من جنوب شرقي الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي. كما شهد عشرات الآلاف من عمال الماكينات في شركة «بوينغ» إضراباً في سبتمبر؛ مما قد يؤثر سلباً على موردي الشركة.

وانتهى توقف العمل لنحو 45 ألف عامل في الموانئ على الساحل الشرقي وساحل الخليج يوم الخميس، بعد أن توصلت نقابتهم ومشغلو الموانئ إلى اتفاق مبدئي. وإذا استمر إضراب «بوينغ» بعد الأسبوع المقبل، فقد يؤثر سلباً على بيانات الرواتب غير الزراعية لشهر أكتوبر (تشرين الأول) التي سيجري إصدارها قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر.

وبعد هذه البيانات، قفز الدولار إلى أعلى مستوى له في سبعة أسابيع؛ مما دفع المتداولين إلى تقليص الرهانات على أن «الاحتياطي الفيدرالي» سيخفّض أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه في نوفمبر.

ووصل مؤشر الدولار إلى 102.54، وهو أعلى مستوى منذ 16 أغسطس، في حين انخفض اليورو إلى 1.0965 دولار، وهو أدنى مستوى منذ 15 أغسطس.

كما ارتفع الدولار إلى 148.495 ين، وهو أعلى مستوى له منذ 16 أغسطس.

وواصلت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية مكاسبها يوم الجمعة، مدفوعة بزيادة أكبر من المتوقع في الوظائف وانخفاض أقل من المتوقع في معدل البطالة، وهو ما ساعد في تخفيف المخاوف بشأن تباطؤ سريع في سوق العمل.

وشهدت مؤشرات «داو جونز» الصناعية زيادة قدرها 102 نقطة، أو 0.24 في المائة، في حين ارتفعت مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 24.5 نقطة، أو 0.43 في المائة. كما زادت مؤشرات «ناسداك 100» بمقدار 107 نقاط، أو 0.54 في المائة.