اليابان تتأهب للتدخل مجدداً في سوق العملة

ضعف الين قد يؤدي لرفع الفائدة قريباً

شاشة في مكتب لتغيير العملة بالعاصمة اليابانية طوكيو تظهر اقتراب الين من المستوى الحرج عند 160 مقابل الدولار (رويترز)
شاشة في مكتب لتغيير العملة بالعاصمة اليابانية طوكيو تظهر اقتراب الين من المستوى الحرج عند 160 مقابل الدولار (رويترز)
TT

اليابان تتأهب للتدخل مجدداً في سوق العملة

شاشة في مكتب لتغيير العملة بالعاصمة اليابانية طوكيو تظهر اقتراب الين من المستوى الحرج عند 160 مقابل الدولار (رويترز)
شاشة في مكتب لتغيير العملة بالعاصمة اليابانية طوكيو تظهر اقتراب الين من المستوى الحرج عند 160 مقابل الدولار (رويترز)

قال مسؤول بارز بوزارة المالية اليابانية - في تحذير جديد - إن طوكيو على استعداد لاتخاذ خطوات ملائمة لمواجهة التغيرات الحادة في قيمة العملة المحلية (الين) «في أي وقت»، وذلك في الوقت الذي تقترب فيه العملة من 160 يناً للدولار، وهي مستويات تدخلت عندها السلطات في السابق للحد من انخفاضها.

وقالت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء إن ماساتو كاندا، نائب وزير المالية للشؤون الدولية، أعرب عن قلقه إزاء التأثير السلبي للتقلبات السريعة للين على الاقتصاد في الوقت الذي تتوخى فيه السوق الحذر، مضيفاً أنه ربما تحدث جولة أخرى من عملية شراء الين وبيع الدولار.

وأضاف كاندا: «تؤثر التقلبات الكثيفة بصورة سلبية على الاقتصاد. نحن على استعداد لاتخاذ الإجراء الملائم في أي وقت».

وقال كاندا للصحافيين: «لن نعلق على التحركات اليومية للعملة؛ لأن مثل هذه التعليقات قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة للسوق، لكننا مستعدون دائماً لاتخاذ الإجراءات المناسبة عندما تكون هناك تحركات مفرطة».

وردد وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي تحذير كاندا من التحركات المفرطة قائلاً إن طوكيو «سترغب في الرد بشكل مناسب حسب الحاجة».

ورفض سوزوكي التعليق على ما إذا كان يعد التحركات الحالية في السوق مفرطة، لكنه أكد على أنه من المرغوب فيه أن تكون تحركات العملة مستقرة وتعكس الأساسيات.

وتعرض الين لضغوط بعد قرار بنك اليابان هذا الشهر بتأجيل خفض التحفيز بشراء السندات حتى اجتماعه في يوليو (تموز). وتداول الدولار عند 159.87 ين في وقت مبكر من يوم الاثنين. وقال كاندا إنه يدرك أن تراجع الين نحو 160 ينا مقابل الدولار زاد من حذر السوق بشأن التدخل، لكنه أشار إلى أن السلطات ليست لديها مستويات محددة في الاعتبار بشأن متى يجب التدخل.

وترى السوق على نطاق واسع أن 160 ينا مقابل الدولار هو الحد الذي لا يمكن تجاوزه. وأنفقت اليابان نحو 9.8 تريليون ين (61.64 مليار دولار) لسحب العملة من أدنى مستوى لها في 34 عاماً عند 160.245 مقابل الدولار والذي سجلته في 29 أبريل (نيسان) الماضي. ومع ذلك، فشلت الخطوات في عكس ضعف الين بسبب الفوارق الواسعة في أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة.

وقال كاندا أيضاً إن إضافة اليابان إلى قائمة مراقبة التلاعب بالعملة الأجنبية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية «لم يكن لها أي تأثير على الإطلاق» على خيارات السياسة في طوكيو. وكان تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأميركية يوم الخميس قد أضاف اليابان إلى قائمة مراقبة النقد الأجنبي إلى جانب ست دول كانت على القائمة السابقة.

وقال كاندا: «تتمتع اليابان بحرية في التعامل مع السياسات لضمان تحرك أسعار الصرف الأجنبي بطريقة مستقرة تعكس الأساسيات». وأضاف: «تنشأ مشكلات مع التدخل في العملة عندما تحاول دولة إضعاف عملتها لتعزيز الصادرات، لكن ما نفعله هو العكس تماماً». وقال: «سنرد بحزم على التحركات السريعة للغاية أو التي يقودها المضاربون. وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لمواجهة مثل هذه التحركات، فإن الناس والشركات والأسر سوف تعاني».

ومن جهة أخرى، أظهر ملخص اجتماع بنك اليابان يوم الاثنين أن البنك ناقش في يونيو (حزيران) الماضي احتمال رفع أسعار الفائدة في الأمد القريب، حيث دعا أحد صناع السياسات إلى زيادة أسعار الفائدة «دون تأخير كبير» لمعالجة مخاطر تجاوز التضخم للتوقعات.

وتسلط المناقشة الضوء على الوعي المتزايد لدى المجلس بشأن ارتفاع الضغوط التضخمية في رابع أكبر اقتصاد في العالم، وهو ما قد يدفع بنك اليابان إلى مناقشة رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر من اجتماعه المقبل للسياسة في 30 و31 يوليو.

ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن أحد الأعضاء قوله في اجتماع السياسة الذي عقد يومي 13 و14 يونيو: «الانخفاضات الأخيرة التي شهدها الين زادت من احتمالات مراجعة توقعات التضخم التي وضعها بنك اليابان بالزيادة، وهو ما يعني أن المستوى المناسب لسعر الفائدة قد يرتفع».

وقال رأي آخر: «يتعين على بنك اليابان أن يواصل مراقبة البيانات عن كثب قبل اجتماع السياسة المقبل» في يوليو، حيث أصبحت المخاطر الصاعدة التي تهدد الأسعار «أكثر وضوحا. وإذا رأينا ذلك مناسبا، فيتعين على بنك اليابان أن يرفع سعر الفائدة دون تأخير كبير».

وقال رأي ثالث إن البنك المركزي لا بد أن يدرس ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة، لأن التضخم قد يتجاوز توقعاته إذا جددت الشركات جهودها لتمرير التكاليف المرتفعة مؤخراً.

ومع ذلك، أظهر الملخص أن بعض أعضاء المجلس المكون من تسعة أعضاء كانوا أكثر حذراً بشأن رفع أسعار الفائدة الوشيك، مشيرين إلى الحاجة إلى التدقيق فيما إذا كانت الأجور المرتفعة من شأنها أن ترفع الاستهلاك من حالة الركود.

وقال ريوتارو كونو، كبير خبراء الاقتصاد الياباني في «بي إن بي باريبا» في مذكرة بحثية: «مخاطر رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة في يوليو قد تكون أعلى مما كان متصوراً في البداية»، مضيفاً أن البنك قد يتحرك الشهر المقبل إذا تسارع هبوط الين بشكل حاد.

وصعد العائد القياسي لسندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات إلى 0.995 في المائة يوم الاثنين، وهو أعلى مستوى منذ 12 يونيو، في ظل النبرة المتشددة لملخص بنك اليابان.

ويقول المحللون إن مسح معنويات الأعمال ربع السنوي لبنك اليابان، المقرر صدوره في الأول من يوليو، واجتماع مديري فروعه الإقليمية في الثامن من يوليو، سيكونان من بين العوامل الرئيسية التي قد تؤثر على توقيت رفع أسعار الفائدة.

وفي اجتماع يونيو، أبقى بنك اليابان أسعار الفائدة قصيرة الأجل دون تغيير عند نطاق 0 - 0.1 في المائة، لكنه قرر الإعلان عن خطة مفصلة الشهر المقبل بشأن خفض ميزانيته العمومية البالغة 5 تريليونات دولار، في إشارة إلى أنه يتحرك بثبات نحو تطبيع السياسة النقدية.

ومع تجاوز التضخم لهدفه البالغ 2 في المائة لمدة عامين، لمح بنك اليابان أيضاً إلى أنه سيرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى مستويات لا تؤدي إلى تهدئة الاقتصاد أو سخونته، وهو ما يراه المحللون في مكان ما بين 1 و2 في المائة. ويتوقع كثير من المشاركين في السوق أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة مرة أخرى في وقت ما من هذا العام، وإن كانوا منقسمين بشأن ما إذا كان التوقيت قد يأتي في وقت مبكر من يوليو أو في وقت لاحق من العام.


مقالات ذات صلة

شركات التأمين اليابانية تتجه لخفض حيازاتها من السندات

الاقتصاد رجل على دراجة نارية في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

شركات التأمين اليابانية تتجه لخفض حيازاتها من السندات

أعلن كثير من شركات التأمين على الحياة الكبرى باليابان عزم خفض الحيازات من سندات الحكومة اليابانية في إطار تحولها نحو استبدال الديون

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد بورصة إسطنبول (أ.ب)

توقيف 12 شخصاً بتهمة التلاعب في بورصة إسطنبول

قررت النيابة العامة في إسطنبول توقيف 12 شخصاً من أصل 15 متهماً بالتورط في التلاعب في بورصة إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد وزير الاقتصاد الياباني ريوسي أكازاوا يتحدث مع الصحافيين قبل مغادرة العاصمة طوكيو متجهاً إلى واشنطن (أ.ف.ب)

التصنيع الياباني ضحية لرسوم ترمب

انخفض إنتاج المصانع اليابانية أكثر من المتوقع في مارس متأثراً بتراجع قطاع السيارات وهو القطاع الرئيس بالبلاد

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

مصرف لبنان المركزي: سنقترح مسوّدة أولى لخطة إعادة هيكلة المصارف

أعلن مصرف لبنان أنه سيقوم باقتراح المسوّدة الأولى لخطة إعادة هيكلة المصارف، والتي ستكون لاحقاً موضوع نقاشات ومراجعات من صندوق النقد الدولي ورئاسة الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد عمال ينقلون صناديق في منطقة تجارية بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

رسوم ترمب الجمركية تضرب نشاط المصانع الصينية

انكمش نشاط المصانع في الصين بأسرع وتيرة في 16 شهراً في أبريل، ما يُبقي على الدعوات لمزيد من التحفيز قائمة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

وزير السياحة المصري: الاستقرار وثقة السائح مفتاحا نمو القطاع

TT

وزير السياحة المصري: الاستقرار وثقة السائح مفتاحا نمو القطاع

شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)
شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)

أكد وزير السياحة والآثار في مصر، شريف فتحي، أن الاستقرار السياسي في البلاد، وثقة السائح المتراكمة عبر عقود طويلة، ركيزتان أساسيتان في استمرار نمو القطاع السياحي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.

وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في «سوق السفر العربي» في دبي إن مصر لطالما استعادت عافيتها السياحية سريعاً بعد الأزمات، ما يعكس متانة الوجهة، وثقة الأسواق العالمية في المقصد المصري.

وأوضح أن هذا النمو لم يكن مصادفة، بل نتيجة عمل مؤسسي طويل الأمد تقوده الدولة، مدعوماً ببرامج تسويقية متطورة، واستثمارات متزايدة في البنية التحتية، والخدمات الفندقية.

وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي (الشرق الأوسط)

المنافسة الخليجية... تكامل لا تعارض

وحول المنافسة المتزايدة بين الوجهات السياحية في المنطقة، شدد فتحي على أن التنافس في السياحة العربية «صحي وضروري»، لكنه لا يلغي فرص التكامل.

وكشف عن لقاء جمعه مؤخراً بوزيرة السياحة البحرينية، تم خلاله الاتفاق على بحث إطلاق برامج سياحية مشتركة بين البلدين، بما يتيح للمسافرين العرب والأجانب زيارة وجهات متعددة ضمن حزمة واحدة.

وقال فتحي: «لدينا أيضاً تعاون مع السعودية، وقطر، والأردن، ونؤمن بأن السائح يمكن أن يستفيد من تنسيق عربي مشترك، بحيث تتكامل التجارب السياحية، وتُبنى على نقاط القوة لكل بلد».

وأضاف أن هذه المبادرات، وإن لم تحقق أرقاماً ضخمة مباشرة، فإنها تعزز من قيمة التجربة السياحية، وتفتح آفاقاً جديدة للسوق.

شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)

تنوع في المنتج السياحي

وتطرق وزير السياحة والآثار المصري عن رؤية الوزارة التي تركز على استثمار الميزة التنافسية الكبرى لمصر، والمتمثلة في تنوع أنماط السياحة، وقال: «لدينا منتج سياحي متفرد، يجمع بين التاريخ الفرعوني، والآثار القبطية والإسلامية، والسياحة الشاطئية والصحراوية، والواحات، والمنتجعات العالمية في شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي».

وأشار إلى أن الوزارة أطلقت حملات تسويقية حديثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، استهدفت أسواقاً أوروبية، وحققت أكثر من 100 مليون مشاهدة خلال أيام، مما ساهم في رفع معدلات الاهتمام بمصر على أنها وجهة متنوعة، وآمنة.

جانب من الجناح المصري في سوق السفر العربي (الشرق الأوسط)

تمكين القطاع الخاص

وأكد فتحي أن الوزارة تعمل على تمكين القطاع الخاص، بوصفه المحرك الأساسي لصناعة السياحة، وأضاف: «نحن لا ندير رحلات السائحين، بل نهيئ البيئة التنافسية، ونرفع من جودة الخدمات»، لافتاً إلى أن مصر تشهد تطوراً مستمراً في مستوى الخدمات، من المطارات إلى الفنادق، والمزارات، نافياً أن تكون معدلات الازدحام مشكلة مقارنةً بدول سياحية أخرى.

كما أشار إلى أن عام 2025 يتوقع أن يشهد نمواً في أعداد السياح بنسبة تصل إلى 8 في المائة، بعدما سجل الربع الأول نمواً بنسبة 25 في المائة، واعتبر أن استمرار هذا الزخم ممكن في حال الحفاظ على الاستقرار، وتحسين القدرة الشرائية العالمية.

مشاركة سوق السفر العربي

وفي ختام حديثه، تطرق فتحي إلى مشاركة مصر بجناح ضخم في «سوق السفر العربي»، معتبراً أن الحضور المصري في هذه التظاهرة السياحية الكبرى يعكس الاهتمام الرسمي بالأسواق الخليجية، والعربية.

وقال: «الجناح يمتد على مساحة 800 متر مربع، ويضم 77 عارضاً، إلى جانب شركات كبرى لها أجنحة منفصلة. التصميم هذا العام يعكس التجديد، ويضم تقنيات الواقع الافتراضي، وأقساماً لعرض المقتنيات الأثرية».

وأضاف أن المشاركة ليست فقط للترويج، بل أيضاً لتعزيز الشراكات مع الأسواق الخليجية التي تُعد امتداداً طبيعياً للسياحة المصرية، وقال: «نحن لا نتعامل مع السائح الخليجي كزائر، بل كأحد أهل الدار».