الأنشطة العقارية السعودية تسجل صفقات بـ 170 مليار دولار منذ بداية 2024

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: ثقة المستثمرين والاهتمام الحكومي زادا من جاذبية القطاع

مشروع القصر وهو أحد مشاريع «دار الأركان للتطوير العقاري» في الرياض (رويترز)
مشروع القصر وهو أحد مشاريع «دار الأركان للتطوير العقاري» في الرياض (رويترز)
TT

الأنشطة العقارية السعودية تسجل صفقات بـ 170 مليار دولار منذ بداية 2024

مشروع القصر وهو أحد مشاريع «دار الأركان للتطوير العقاري» في الرياض (رويترز)
مشروع القصر وهو أحد مشاريع «دار الأركان للتطوير العقاري» في الرياض (رويترز)

واصلت الأنشطة العقارية في السعودية نموها منذ بداية عام 2024، مسجلة أكثر من 280 ألف صفقة عقارية بقيمة تجاوزت 170 مليار دولار (636 مليار ريال)، وممتدةً على مساحة إجمالية وصلت لأكثر من ملياري متر مربع، ليستمر القطاع العقاري في رحلته نحو رفع مساهمته في الناتج المحلي السعودي، والتي وصلت إلى 5.9 في المائة في الربع الرابع من العام 2023.

فقد شهدت البورصة العقارية، خلال الأسبوع الماضي المنتهي في 22 يونيو (حزيران) الجاري، 518 صفقة، بقيمة صفقات تجاوزت 331.7 مليون ريال، وبمساحة تداول نحو 900 ألف متر مربع، وكان أعلى سعر مسجل للمتر المربع بنحو 15 ألف ريال، بينما بلغ متوسط سعر المتر المربع 371 ريالاً.

وتصدر حي الوسام في جدة قائمة الأحياء الأكثر تداولاً على مستوى السعودية عبر البورصة العقارية خلال أسبوع بقيمة تعاملات تجاوزت 89.3 مليون ريال، يليه حي عريض في الرياض بقيمة وصلت إلى 6.35 مليون ريال.

وضمت القائمة حي الرمال في الرياض بقيمة بلغت 5.59 مليون ريال، ثم حي جوهرة العروس في جدة بقيمة 3.98 مليون ريال يليه حي شمال غربي البكيرية في البكيرية بقيمة 700 ألف ريال.

وقال الخبير والمقيم العقاري المهندس أحمد الفقيه خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن القطاع العقاري يُنظر له على أنه الخيار الأكثر أماناً في ظل تغيرات وتذبذبات أسواق الأسهم والذهب وتأثرها بارتفاع أسعار الفائدة وبالأحداث الدولية والجيوسياسية العالمية، مضيفاً أن السوق العقارية أظهرت في كافة قطاعاتها ثباتاً ونمواً مطرداً. وأكدت أن العقار ملاذ آمن للاستثمار وادخار المال وتنميته في مواجهة التضخم الذي توسع بشكل ملحوظ محلياً وعالمياً وبالتوازي مع الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة العالمية.

وأشار الفقيه إلى أن النمو المستمر للسوق العقارية السعودية وتسجيل صفقات سريعة ومتصاعدة يأتيان نتيجة ثقة المستثمرين في هذه السوق مقارنة بالأسواق الأخرى، خاصة مع الاهتمام الحكومي وضخ رؤوس أموال كبيرة بإطلاق مشاريع عقارية ضخمة مثل «القدية» و«نيوم» و«البحر الأحمر» وغيرها، مشيراً إلى أن هذا التوجه أعطى حافزاً أكبر للاستثمار في السوق العقارية، بالإضافة إلى أن السوق شهدت في السنوات الأخيرة حزمة من التشريعات والأنظمة التي أكسبتها الثقة وجعلتها أكثر جاذبية لرؤوس الأموال والاستثمارات العقارية.

وأضاف الخبير العقاري أنه منذ الربع الثالث من العام الماضي 2023، شهدت السوق السعودية تغيراً جذرياً في عدد وقيمة الصفقات العقارية مقارنة بالربع السابق، مما يشير إلى تغير في المزاج العام للمستثمرين في السوق، وتحولهم من حالة الترقب إلى حالة اقتناص الفرص العقارية، لافتاً إلى أن الأمور تتسارع في العاصمة الرياض، وأصبحت العقارات هي حديث المجتمع وأكثره ربحية، وأثبتت صحة المقولة الشعبية بأن العقار دوماً وأبداً هو الابن البار في الاستثمار.

من جهته، وصف الخبير العقاري صقر الزهراني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أداء السوق العقارية السعودية بأنه يعكس حالة النمو الملحوظ واستدامة الطلب على العقارات، مضيفاً أن أرقام وأحجام الصفقات المسجلة من خلال البورصة العقارية تعكس ثقة المستثمرين والمستهلكين، ويعود الفضل فيها إلى الجهود الحكومية والإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها ضمن مستهدفات «رؤية 2030». بالإضافة إلى التوسع الكبير في المشاريع الحكومية الكبيرة مثل «نيوم» و«ذا لاين» وغيرهما، بما ساهم في زيادة جاذبية السوق وتوفير فرص استثمارية متعددة.

وأكد الزهراني أن القطاع العقاري يمثل إحدى الركائز الأساسية في الاقتصاد السعودي، ويساهم بشكل كبير في دعم الناتج المحلي الإجمالي من خلال الاستثمارات الضخمة والمشاريع التنموية الكبيرة، مشيراً إلى أن المبادرات الحكومية لتنظيم وتعزيز الاستثمار في القطاع العقاري أسهمت في تنشيط هذا الاقتصاد وخلق فرص عمل واسعة للمواطنين، واستحداث مجموعة متنوعة من المهارات والوظائف الجديدة في القطاع العقاري، مما يساعد في تقليل وخفض نسب البطالة ومواصلة تحقيق التنمية المستدامة.

وأشار إلى أن تطوير منصات التمويل الجماعي وتنظيم المساهمات العقارية قد زادا من مستوى الشفافية وجذب المستثمرين المحليين والدوليين، مما ساهم في تعزيز استدامة القطاع العقاري في السعودية. كما استفاد المستثمرون من الاسترداد الضريبي الذي دعمهم وشجعهم على المشاركة في مشاريع جديدة، مما يُعزز من نمو القطاع ومساهمته في الحركة الاقتصادية بشكل عام.

وحدد الخبير العقاري عدة أسباب رئيسية ساهمت في استمرار نمو واستدامة القطاع العقاري السعودي، من بينها الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذ سياسات داعمة للاستثمار وتحسين بيئة الأعمال من خلال تسهيل الإجراءات، فضلاً عن المشاريع الضخمة التي تشهدها المملكة ودورها في جذب الاستثمارات وتعزيز جاذبية السوق، والنمو السكاني، ومساهمته في الطلب المتزايد على الإسكان والخدمات المصاحبة نتيجة للتوسع الحضري. كما شهد القطاع تحولات رقمية واستخدام التكنولوجيا في التسويق العقارية وتطوير منصات رقمية للخدمات العقارية مثل تطبيقات البحث عن العقارات وإدارة العقود إلكترونياً، مما ساهم في الكفاءة والشفافية.

بالإضافة إلى ذلك، لعب الاستقرار السياسي والاقتصادي دوراً حيوياً في تعزيز ثقة المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار طويل الأجل في العقارات. وقد ساعد التطوير التشريعي والتنظيمي في تحسين البيئة التشريعية والتنظيمية، وأدى إلى سن قوانين تحمي حقوق المستثمرين وتسهل إجراءات التسجيل والتوثيق، بالإضافة إلى تنظيم المساهمات العقارية لتسهيل إجراءاتها وضمان حماية حقوق المستثمرين وزيادة الشفافية. كما أدى تنظيم منصات التمويل الجماعي إلى توفير قنوات تمويل جديدة ودعم المشاريع العقارية الناشئة. وأشار إلى أن تلك العوامل المجتمعة ساهمت في تعزيز نمو واستدامة القطاع العقاري في المملكة، مما جعله بيئة جاذبة للاستثمار وداعمة للنمو الاقتصادي الشامل.


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.