استطلاع: الفرنسيون يثقون بـ«التجمع الوطني» بزعامة لوبان في الاقتصاد

صندوق النقد الدولي اعتبر أن خططه «غير مسؤولة مالياً»

ناشط من حزب «التجمع الوطني» يوزع منشورات في تولوز جنوب غربي فرنسا (أ.ف.ب)
ناشط من حزب «التجمع الوطني» يوزع منشورات في تولوز جنوب غربي فرنسا (أ.ف.ب)
TT

استطلاع: الفرنسيون يثقون بـ«التجمع الوطني» بزعامة لوبان في الاقتصاد

ناشط من حزب «التجمع الوطني» يوزع منشورات في تولوز جنوب غربي فرنسا (أ.ف.ب)
ناشط من حزب «التجمع الوطني» يوزع منشورات في تولوز جنوب غربي فرنسا (أ.ف.ب)

يثق الناخبون الفرنسيون في حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف أكثر من أي حزب آخر في إدارة الاقتصاد والمالية العامة، على الرغم من خططه غير الممولة لخفض الضرائب والإنفاق، وافتقاره إلى الخبرة الحكومية.

وتظهر النتائج التي توصل إليها استطلاع أجرته مؤسسة «إبسوس» لصالح صحيفة «فاينانشيال تايمز»، المعركة الشاقة التي يواجهها تحالف إيمانويل ماكرون الوسطي قبل الانتخابات المقررة في 30 يونيو (حزيران).

وتتركز استراتيجية حملة التحالف على إقناع الناخبين بأن تنصيب حكومة يمينية متطرفة أو يسارية من شأنه أن يدمر الاقتصاد... وفي نهاية المطاف زيادات ضريبية متأرجحة.

وأظهر الاستطلاع، الذي أجري بين 19 و20 يونيو (حزيران)، أن 25 في المائة من المشاركين لديهم ثقة أكبر في حزب «التجمع الوطني» بزعامة مارين لوبان لاتخاذ القرارات الصحيحة بشأن القضايا الاقتصادية، مقارنة بـ22 في المائة لـ«الجبهة الشعبية الجديدة» اليسارية و20 في المائة فقط لتحالف ماكرون.

واحتل «التجمع الوطني» المرتبة الأولى في تحسين مستويات المعيشة ومعالجة التضخم وخفض الضرائب. ومن اللافت للنظر أنه جاء أيضاً بالمرتبة الأولى في خفض البطالة، وهو نجاح كبير لرئاسة ماكرون عندما انخفضت البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاماً، قبل أن ترتفع في العام الماضي.

ومن المثير للدهشة أيضاً أن 23 في المائة قالوا إنهم يثقون أكثر من غيرهم في حزب «التجمع الوطني» لخفض العجز العام والدين. وكان مستوى تحالف ماكرون و«الجبهة الشعبية الجديدة»، التي لديها خطط ضخمة للضرائب والإنفاق، عند 17 في المائة.

ويبدو أن البيانات تدعم الرسالة التي يقول موظفو حملة ماكرون إنهم يسمعونها على عتبات الأبواب: بعد أن جربوا كل شيء آخر، أصبح الناخبون على استعداد لتجربة حزب «التجمع الوطني».

وقال ماتيو غالارد، خبير استطلاعات الرأي في شركة «إبسوس»: «هذه الديناميكية مرتبطة بلا شك باستراتيجية (التطبيع) التي ينتهجها حزب التجمع الوطني، ولكنها ترتبط أيضاً بخيبة الأمل التي سبّبها اليسار في عهد الرئيس فرنسوا هولاند ومن ثم الماكرونية، والصعوبات التي يواجهها اليسار في تقديم معارضة ذات صدقية ومتماسكة لماكرون».

وأضاف: «في هذا السياق، يُنظر إلى التجمع الوطني على أنه حزب، إن لم يكن مؤهلاً، فهو على الأقل ليس أقل كفاءة من التشكيلات السياسية الأخرى».

خاض اليمين المتطرف الانتخابات الرئاسية لعام 2022 بسياسات تكلف بشكل مستقل أكثر من 100 مليار يورو سنوياً، وفق الصحيفة البريطانية. وقد قلص جوردان بارديلا، رئيس حزب «التجمع الوطني» ومرشحه لمنصب رئيس الوزراء، تلك الوعود في الأيام الأخيرة، وقال إنه سيجري أولاً مراجعة للمالية العامة.

لكن الحزب ملتزم بالخفض الفوري لضريبة القيمة المضافة على الطاقة والوقود وعكس اتجاه زيادة ماكرون في سن التقاعد من 64 إلى 62 عاماً. وقد تكلف هاتان السياستان وحدهما ما بين 20 و30 مليار يورو سنوياً، وفقاً للمحللين.

ويحذر الاقتصاديون من أن خطط «التجمع الوطني» تفتقر إلى أي مقترحات جدية لزيادة الإيرادات.

وقال أوليفييه بلانشارد، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، إن خطط «التجمع الوطني»، «غير مسؤولة مالياً. الهدايا تكلف المال. المال ليس موجوداً، على الأقل ليس في البرنامج».

ويحاول حلفاء ماكرون تقديم أنفسهم على أنهم الحزب الوحيد الذي يتمتع بالصدقية بالحكومة، في حين يحاول خصومهم تقديم أنفسهم على أنهم متهورون.

وتمتد خبرة «التجمع الوطني» في السلطة إلى إدارة مدينتين صغيرتين بجنوب البلاد.

وقال برونو لومير، وزير المالية الفرنسي، أمام حشد من قادة الأعمال الفرنسيين الأسبوع الماضي: «7 سنوات من العمل يمكن أن تُفسد بـ7 أيام من القرارات... لا تستسلموا لصافرات الإنذار التي يطلقها حزب التجمع الوطني».

واستهدفت الحكومة أيضاً المؤهلات الاقتصادية لـ«الجبهة الشعبية الجديدة»، وهي مجموعة تضم حزب اليسار المتطرف المعروف باسم «La France Insoumise»، والاشتراكيين من يسار الوسط، والخضر، والشيوعيين.

ويوم الجمعة، حددت «الجبهة الشعبية الجديدة» خطط إنفاق جديدة بتكلفة 150 مليار يورو على مدى السنوات الثلاث حتى عام 2027، ويتم تمويلها إلى حد كبير من خلال الزيادات الضريبية الضخمة على الأثرياء والشركات. وقالت الكتلة اليسارية إن خططها لن تزيد من حجم العجز.

وقال رئيس الوزراء غابرييل أتال، الذي يقود حملة المجموعة التي تضم 3 أحزاب، إن خطط اليسار ترقى إلى مستوى «الضرب الضريبي». وقال بلانشارد إن الضرائب قد تكون «ذات طبيعة مصادرة تقريباً».

شعار التذييل

لكن حكومة ماكرون، التي تعرض الاستمرارية، تركت نفسها عرضة للهجمات على إدارتها للاقتصاد، بعد أن أشرفت على تضخم العجز في فرنسا إلى 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ثاني أعلى مستوى في منطقة اليورو. ويبلغ الدين 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

كما أضر التضخم بسمعة الحكومة فيما يتعلق بتحسين مستويات المعيشة، والتي تظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة «إبسوس» أنها أولوية الناخبين.

وقال 32 في المائة إن هذا هو العامل الأكثر أهمية في تحديد تصويتهم، مقارنة بـ20 في المائة للاقتصاد والمالية العامة. ويثق 30 في المائة من الناخبين بحزب «التجمع الوطني» في هذه القضية، مقارنة بـ29 في المائة للحزب الوطني الجديد و16 في المائة فقط لتحالف ماكرون.

وقال غالارد إن النتائج كانت «كارثية حقاً بالنسبة للحزب الرئاسي، الذي يبدو أنه ليست لديه القوة الحقيقية لطرحه».

وفيما يتعلق بنوايا التصويت في الجولة الأولى، وضعت مؤسسة «إبسوس» حزب «التجمع الوطني» على 34 في المائة، و«الجبهة الشعبية الجديدة» على 27 في المائة، والوسطيين على 21 في المائة، وذلك تماشياً مع استطلاعات الرأي الأخيرة الأخرى. وتشير التوقعات الأخيرة لعدد المقاعد إلى أن فرنسا تتجه نحو برلمان معلق، حيث يعدّ حزب «التجمع الوطني» أكبر حزب.

وشمل الاستطلاع 2000 شخص من الناخبين المسجلين الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً فما فوق.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».