الإفراط في الاقتراض بالولايات المتحدة يهدد بتوترات السوق

مكتب الموازنة توقّع ارتفاع العجز لـ1.9 تريليون دولار نتيجة المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
TT

الإفراط في الاقتراض بالولايات المتحدة يهدد بتوترات السوق

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

ستضطر إلى تمويل الزيادة الهائلة في عجز موازنتها من خلال الديون قصيرة الأجل، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على أسواق المال والمعركة ضد التضخم، وفق ما نقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» عن محللين.

وذكر مكتب الموازنة في الكونغرس، وهو هيئة الرقابة المالية المستقلة، هذا الأسبوع، أن حزم المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ستعمل على رفع العجز الأميركي في هذه السنة المالية إلى 1.9 تريليون دولار، مقارنة بتوقعاته في فبراير (شباط) البالغة 1.5 تريليون دولار.

وقال أجاي راجادياكشا، الرئيس العالمي للأبحاث في «بنك باركليز»: «إننا ننفق الأموال كدولة مثل بحّار مخمور على الشاطئ في عطلة نهاية الأسبوع».

ولطالما أثارت الزيادة في العجز قلق الصقور الماليين، الذين حذروا من أن افتقار الولايات المتحدة إلى الانضباط سيؤدي حتماً إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وأن الرئيس جو بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب ليست لديهما خطط موضوعية لدعم المالية العامة للبلاد.

وقد يؤدي التحول الأحدث نحو التمويل القصير الأجل أيضاً إلى تعطيل أسواق المال وتعقيد حملة مكافحة التضخم التي يتبناها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

بعض الزيادة المتوقعة في العجز ترجع إلى الإعفاء من قروض الطلاب، الذي ليس من المتوقع أن يكون له تأثير فوري على التدفقات النقدية.

لكن جاي باري، الرئيس المشارك لاستراتيجية أسعار الفائدة في بنك «جيه بي مورغان»، قال إن العجز الموسع سيتطلب من الولايات المتحدة إصدار ديون إضافية بقيمة 150 مليار دولار في الأشهر الثلاثة قبل انتهاء السنة المالية في سبتمبر (أيلول).

وأضاف أنه يتوقع أن يتم جمع معظم الأموال من خلال أذون الخزانة، وهي أدوات دين قصيرة الأجل تتراوح فترات استحقاقها من يوم واحد إلى عام.

ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تزيد إجمالي المخزون المستحق من سندات الخزانة، الديون الأميركية قصيرة الأجل غير المستردة، من 5.7 تريليون دولار في نهاية عام 2023 إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 6.2 تريليون دولار بحلول نهاية هذا العام.

وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة «أبولو»: «من المرجح أن حصة سندات الخزانة كحصة من إجمالي الديون تزيد، الأمر الذي يفتح سؤالاً حول من سيشتريها. وهذا بالتأكيد يمكن أن يجهد أسواق التمويل».

وقد تضاعف حجم سوق سندات الخزانة خمسة أضعاف منذ الأزمة المالية، في إشارة إلى مدى تحول الولايات المتحدة إلى تمويل الديون على مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية.

ومع ارتفاع العجز، وجدت وزارة الخزانة الأميركية صعوبة متزايدة في التمويل عن طريق الديون الطويلة الأجل من دون التسبب في ارتفاع غير مريح في تكاليف الاقتراض. لقد عززت حصة الديون قصيرة الأجل التي تصدرها، لكن المحللين حذروا من أنها تخاطر بتجاوز حدود الطلب.

وبلغت مزادات سندات الخزانة الأطول أجلاً أحجاماً قياسية في بعض آجال الاستحقاق، وأثارت الأسئلة حول من سيشتري كل الديون المعروضة حيرة الاقتصاديين والمحللين لعدة أشهر.

لكن المخاوف بشأن الطلب الإجمالي أصبحت أعظم، لأن الاحتياطي الفيدرالي، المالك الأكبر لديون خزانة الولايات المتحدة، بدأ ينسحب من السوق، وهو ما من شأنه أن يغير التوازن بين المشترين والبائعين للسندات الأميركية بشكل جوهري.

ويحذر المحللون من أنه إذا غمرت الولايات المتحدة السوق بأذون الخزانة، فإن ذلك قد يعرض للخطر التشديد الكمي، وهو توجه بنك الاحتياطي الفيدرالي لتقليص ميزانيته العمومية، التي تعد واحدةً من الدعامات الرئيسية لحملة البنك المركزي ضد التضخم.

وقال باري من بنك «جيه بي مورغان»: «الخطر هو أن فترة التشدد النقدي ستنتهي في وقت أقرب مما كان متوقعاً».

كان الاحتياطي الفيدرالي اضطر إلى الدخول إلى الأسواق خلال ما يسمى بأزمة إعادة الشراء في سبتمبر (أيلول) 2019، عندما أدت قلة المشترين لفترة وجيزة إلى ارتفاع أسعار الإقراض لليلة واحدة فوق 10 في المائة.

وحذر راجادياكشا، من بنك «باركليز»، من أن الولايات المتحدة قد تواجه مرة أخرى «لحظة سبتمبر 2019».


مقالات ذات صلة

«صندوق النقد» يوصي بزيادة الضرائب الأميركية لمعالجة عبء الدين المتزايد

الاقتصاد الجزء الخارجي من مبنى الكابيتول عند غروب الشمس في واشنطن (رويترز)

«صندوق النقد» يوصي بزيادة الضرائب الأميركية لمعالجة عبء الدين المتزايد

حثّ صندوق النقد الدولي الولايات المتحدة على رفع الضرائب للحد من ارتفاع مستويات الديون، مع الإشادة بالنمو «القوي والديناميكي» لأكبر اقتصاد في العالم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام للمنطقة التجارية في كولومبو (رويترز)

«صندوق النقد»: اتفاقية ديون سريلانكا تُقربها من استعادة القدرة على تحمل الديون

قال صندوق النقد إن اتفاقيات سريلانكا مع الصين والدول الدائنة الأخرى لإعادة هيكلة الديون الثنائية جعلتها تقترب خطوة نحو استعادة القدرة على تحمل الديون.

«الشرق الأوسط» (كولومبو )
الاقتصاد أوراق نقدية وعملات معدنية من اليورو معروضة بأحد المتاجر في بروكسل (رويترز)

مصارف الاتحاد الأوروبي متهمة بتضخيم قيمة ديونها عالية المخاطر

قالت هيئة الرقابة المصرفية في الاتحاد الأوروبي، يوم الخميس، إن المصارف في الاتحاد ربما تضخم قيمة ديونها عالية المخاطر المستخدمة لسد فجوات رأس المال في الأزمات.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد وزارة المالية الإماراتية (حسابها على فيسبوك)

سندات سيادية إماراتية تستقطب طلبات شراء بـ6.5 مليار دولار

أعلنت وزارة المالية في الإمارات، أن طرحها السندات السيادية المقومة بالدولار، استقطب طلبات بقيمة 6.5 مليار دولار، أي بأكثر من أربعة أضعاف حجم الإصدار المطلوب.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد منظر عام يظهر المباني الشاهقة في كولومبو (أ ف ب)

سريلانكا توقع اتفاق ديون مع الدول الدائنة في باريس

وقّعت سريلانكا اتفاقاً يوم الأربعاء مع الدول الدائنة لإعادة هيكلة نحو 5.9 مليار دولار من الديون الثنائية، خلال اجتماع عقد في باريس.

«الشرق الأوسط» (كولومبو )

معدل بطالة السعوديين يواصل مسار الهبوط ويقترب من مستهدف 2030

أظهرت مؤشرات القوى العاملة عن ارتفاع معدَّل المشاركة في القوى العاملة لإجمالي السعوديين للربع الأول من عام 2024 (الشرق الأوسط)
أظهرت مؤشرات القوى العاملة عن ارتفاع معدَّل المشاركة في القوى العاملة لإجمالي السعوديين للربع الأول من عام 2024 (الشرق الأوسط)
TT

معدل بطالة السعوديين يواصل مسار الهبوط ويقترب من مستهدف 2030

أظهرت مؤشرات القوى العاملة عن ارتفاع معدَّل المشاركة في القوى العاملة لإجمالي السعوديين للربع الأول من عام 2024 (الشرق الأوسط)
أظهرت مؤشرات القوى العاملة عن ارتفاع معدَّل المشاركة في القوى العاملة لإجمالي السعوديين للربع الأول من عام 2024 (الشرق الأوسط)

واصل معدل البطالة لإجمالي السعوديين في الانخفاض بعد ما سجل نسبة هبوط إلى 7.6 في المائة في الربع الأول من عام 2024 مقارنةً بـ7.8 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2023، حيث بات قريباً من أكثر من مستهدف «رؤية 2030»، والمحدد عند 7 في المائة، وذلك وفقاً لما أصدرته الهيئة العامة للإحصاء اليوم في نشرة سوق العمل للربع الأول من عام 2024، التي توضح التغيرات في سوق العمل للربع الأول من عام 2024، وبعد إعادة تقدير نتائج الربع الرابع 2023 باستخدام بيانات تعداد البلاد لعام 2022.

وحسب النشرة، ارتفع معدل البطالة بشكل طفيف للسعوديات في الربع الأول من عام 2024، حيث بلغ 14.2 في المائة مقارنةً بـ13.9 في المائة في الربع السابق، وانخفض معدل البطالة للسعوديين الذكور في الربع الأول من عام 2024 إلى 4.2 في المائة مقارنة بـ4.6 في المائة في الربع السابق، في الوقت الذي أكدت فيه الهيئة أن معدل البطالة الإجمالي «للسعوديين وغير السعوديين» استقر نسبياً عند 3.5 في المائة مقارنةً بـ3.4 في المائة في الربع الرابع من عام 2023.

وأظهرت مؤشرات القوى العاملة في الربع الأول من عام 2024 عن ارتفاع معدَّل المشاركة في القوى العاملة لإجمالي السعوديين للربع الأول من عام 2024، حيث بلغ 51.4 في المائة مقارنةً بـ50.4 في المائة في الربع السابق، فيما انخفض معدل المشاركة في القوى العاملة الإجمالي «للسعوديين وغير السعوديين»، حيث بلغ 66.0 في المائة مقارنة بـالربع الرابع من عام 2023 بنسبة 67.0 في المائة. وأفادت نتائج نشرة سوق العمل للربع الأول من عام 2024 بارتفاع معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديات، حيث بلغ 35.8 في المائة مقارنةً بـ35.0 في المائة في الربع السابق، وارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديين الذكور في الربع الأول من عام 2024، حيث بلغ 66.4 في المائة مقارنةً بـ65.4 في المائة في الربع السابق.

وأشارت الهيئة العامة للإحصاء إلى أن نشرة سوق العمل تعتمد في نتائجها على مسح أُسري تُجْريه الهيئة يندرج تحت تصنيف «الإحصاءات الاجتماعية»، ويتم فيه جمع المعلومات من خلال عينة ممثِّلة لسكان مختلف المناطق الإدارية في المملكة من الأسر، واستيفاء استمارة إلكترونية تحتوي على عددٍ من الأسئلة، ومن خلاله يتم توفير تقديرات ومؤشرات تتعلق بقوة العمل للسكان في سن العمل للفئة العمرية «15سنة فأكثر» المستقرين في البلاد، وتقدير السكان «داخل قوة العمل وخارجها»، وكذلك حساب أهم مؤشرات سوق العمل كمعدل البطالة ومعدل المشاركة في القوى العاملة وغيرها.