4 عوامل وراء ارتفاع إيجارات المساكن في السعودية

بلغت ذروة عام 2017 بعد زيادات متتالية خلال الأشهر الـ24 الماضية

مبان تابعة لـ«الشركة الوطنية للإسكان» في جدة غرب السعودية (واس) 
مبان تابعة لـ«الشركة الوطنية للإسكان» في جدة غرب السعودية (واس) 
TT

4 عوامل وراء ارتفاع إيجارات المساكن في السعودية

مبان تابعة لـ«الشركة الوطنية للإسكان» في جدة غرب السعودية (واس) 
مبان تابعة لـ«الشركة الوطنية للإسكان» في جدة غرب السعودية (واس) 

في الأشهر الـ24 الماضية، ارتفعت إيجارات المساكن في السعودية بشكل كبير، وهو ما أظهره الرقم القياسي لإيجارات المساكن الذي سجل نمواً سنوياً في أبريل (نيسان) الماضي بنسبة 10.4 في المائة، في أعلى مستوى خلال السنوات السبع الماضية، منذ يونيو (حزيران) 2017، وهو ما رده مختصون عقاريون إلى تأثير سلسلة الارتفاع المستمر لأسعار الفائدة ووصولها لأعلى مستوى منذ عقدين، مما أسهم في تراجع الطلب على تملك العقارات في المدن الكبرى، بالإضافة إلى النهضة التنموية التي تشهدها هذه المدن من ناحية توفر وتعدد الفرص الوظيفية، وارتفاع جودة الحياة فيها.

وقال الخبير والمقيم العقاري المهندس أحمد الفقيه، لـ«الشرق الأوسط» إن الزيادة في إيجارات المساكن ظهرت في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، بينما بقيت مستقرة في المدن الصغيرة، مضيفاً أن الإيجارات ارتفعت في السنتين الأخيرتين بفعل 4 عوامل، يأتي في مقدمتها سلسلة الارتفاع المستمرة لأسعار الفائدة، وتوجه المطورين العقاريين إلى مشاريع شقق التمليك، وما شهدته من رواج كبير على حساب الفلل السكنية، بسبب تغير آلية الدعم السكني إلى تنظيم مصفوفة الدعم السكني المحدثة، بالإضافة إلى التزايد السكاني المتسارع في المدن الكبيرة والهجرة الداخلية لتلك المدن بسبب وجود الوظائف فيها، وارتفاع جودة الحياة فيها.

ويرى الخبير العقاري أنه من الممكن إيجاد ضوابط لتحديد سقف لنسبة زيادة الإيجارات سنوياً، مضيفاً أن الجهات التشريعية في السعودية تبذل جهوداً للحد من تأثير ذلك على المستهلكين، ومن تلك الجهود على سبيل المثال، مناقشات مجلس الشورى خلال جلسات الأسبوع الماضي ومطالبته وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، بوضع حلول لمؤشرات التضخم في أسعار المساكن، ودراسة اللوائح للحد من الزيادات المفاجئة في الإيجارات، لافتاً إلى أنه لا يجب التسرع في إصدار أي قوانين إلا بعد دراسة وافية لكل جوانبها وتأثيرها على المجتمع والسوق معاً، حيث إن لكل سوق خصوصية تختلف عن الأخرى، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار مع الحرص على المصلحة العامة وتقديمها على المصلحة الفردية.

وتوقع الفقيه أن تستمر موجة الزيادة في أسعار الإيجارات في المدن الرئيسية خلال الأشهر المقبلة، بسبب استمرار التوسع ونمو الزيادة السكانية في المدن، واستمرار الهجرة الداخلية للمدن الكبرى، وما يقابل ذلك في عدم رغبة المطورين العقاريين في ضخ وحدات للتأجير في ظل استمرار ازدهار سوق التمليك، والضعف الواضح في قوانين إدارة الأملاك والمرافق المؤجرة. ورغم وجود عقود إيجار، فإن ذلك لا يكفي للقضاء على سلبيات سوق القطاع العقاري الإيجاري.

من جهته، وصف الناشط والمهتم بالسوق العقارية سلطان حمد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أسباب ارتفاع الإيجارات السكنية، بأنه يختلف من مدينة لأخرى، وحسب معطيات ومقومات كل مدينة، مضيفاً أنه في العاصمة الرياض يعود السبب إلى الفجوة بين العرض والطلب على المنتجات العقارية، وزيادة الطلب في بعض الأحياء، بالإضافة إلى السلوك الاستثماري في أحياء بشمال وشرق المدينة، والمتمثل في تأجير الوحدات السكنية بالباطن، وخاصة الشقق السكنية، مما أسهم في خلق تنافس بين المستثمرين في توفير بعض الخدمات والتأثيث وإعادة تأجيرها.

وأضاف الناشط العقاري، أن التوسع في الأعمال، وازدياد أعداد الشركات ونقل المقرات الإقليمية للشركات العالمية إلى مدينة الرياض، وزيادة الفرص الوظيفية فيها، أسهم كل ذلك في ارتفاع الطلب على الإيجار، بالإضافة إلى تراجع نسب تملك العقارات نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة على التمويل، وزيادة أسعار العقارات، داعياً إلى إيجاد ضوابط لتحديد سقف لنسبة زيادة الإيجارات سنوياً، والمساهمة في خلق توازن في سوق التأجير، لمنع أي سلوك استثماري يسهم في ارتفاع أسعار تأجير الوحدات السكنية، مثل التأجير بالباطن، وتنظيم مثل هذه الممارسات عبر إيجاد تنظيم واضح وتراخيص محددة، وفرض تقييم عقاري وتصنيف الوحدات السكنية المعدة للتأجير بتصنيفات مختلف وفق خدمات الوحدة والخدمات العامة المتوفرة حولها في الحي، وتحديد المناطق التي يسمح فيها بالاستثمار.

وأثنى حمد على جهود الهيئة العامة للعقار في استحداث عدد من الأنظمة والتشريعات مؤخراً، ومساهمتها في تنظيم القطاع العقاري، وتنفيذ كثير من الإصلاحات، داعياً الهيئة إلى إيجاد تراخيص تحدد وتصنف فئات الوحدات السكنية المخصصة للتأجير بحسب الخدمات والمساحات للمستثمرين، خصوصاً من يملك عدداً كبيراً من الوحدات السكنية، وربط تلك التصنيفات بعد تقييمها بنظام إيجار.


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.