التعدين يهيمن على استثمارات الصين في أفريقيا

العجز التجاري للقارة السمراء يتضخم... وتراجع الإقراض السيادي من بكين

عمال في موقع منجم شبارا جنوب شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية وسط أفريقيا (أ.ف.ب)
عمال في موقع منجم شبارا جنوب شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية وسط أفريقيا (أ.ف.ب)
TT

التعدين يهيمن على استثمارات الصين في أفريقيا

عمال في موقع منجم شبارا جنوب شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية وسط أفريقيا (أ.ف.ب)
عمال في موقع منجم شبارا جنوب شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية وسط أفريقيا (أ.ف.ب)

خلص تحليل لـ«رويترز»، تناول بيانات للإقراض والاستثمار والتجارة، إلى حدوث انتعاش في برنامج الصين للتعاون الاقتصادي بعد تراجعه خلال جائحة كوفيد، مع تركيز على أفريقيا.

ويشير زعماء صينيون إلى التجارة البينية غير المسبوقة ومليارات الدولارات التي خُصصت لمشاريع إنشاءات جديدة بوصفها دلائل على التزامهم بدعم تطوير القارة وتعزيز التعاون «المربح للجانبين».

لكنَّ البيانات تكشف عن تعقيد أكبر في علاقة لا تزال تركز على الأنشطة الاستخراجية إلى حد كبير، ولم ترقَ حالياً إلى مستوى بعض أطروحات بكين حول مبادرة «الحزام والطريق»، وهي استراتيجية الرئيس شي جينبينغ لبناء شبكة بنية تحتية تربط الصين بالعالم.

وبينما زادت الاستثمارات الصينية الجديدة في أفريقيا بنحو 114 في المائة العام الماضي، وفقاً لمعهد «غريفيث آسيا» بجامعة «غريفيث» الأسترالية، ركزت تلك الاستثمارات على المعادن الضرورية لتحول الطاقة عالمياً وخطط الصين لإنعاش اقتصادها المتعثر... وهيمنت تلك المعادن، فضلاً عن النفط، على التجارة البينية.

وتضخم العجز التجاري لقارة أفريقيا مع الصين بالتزامن مع تعثر الجهود الرامية إلى تعزيز الواردات الأخرى من القارة، ومنها المنتجات الزراعية والسلع المصنعة.

وتراجع الإقراض السيادي الصيني، الذي كان المصدر الرئيسي لتمويل البنية الأساسية في أفريقيا لأدنى مستوياته منذ عقدين، كما لم تزدهر الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتي دعت لها الصين بوصفها الأداة الاستثمارية المفضلة الجديدة على مستوى العالم.

والنتيجة هي علاقة تهيمن عليها واردات المواد الخام الأفريقية، على نحو أكثر مما تطمح إليه الصين، على حد قولها. ويقول محللون إنها تشبه العلاقات الاقتصادية بين أوروبا والقارة خلال حقبة الاستعمار.

وترفض الصين تلك التحليلات، وكتبت وزارة الخارجية الصينية رداً على أسئلة لـ«رويترز» أن «أفريقيا لديها الحق والقدرة ورجاحة العقل لتطوير علاقاتها الخارجية واختيار شركائها». وأضافت أن «الدعم العملي الذي تقدمه الصين لمسار التحديث في أفريقيا بما يتفق مع خصائصها الخاصة يحظى بترحيب عدد متنامٍ من الدول الأفريقية».

ونمت استثمارات الصين في أفريقيا عبر مبادرة الحزام والطريق بسرعة في العقدين السابقين لجائحة «كوفيد - 19»، واتجهت شركات صينية لبناء موانئ ومحطات طاقة كهرومائية وسكك حديدية في شتى أنحاء القارة بتمويل من خلال قروض سيادية.

وبلغت التزامات الإقراض السنوية ذروتها عند 28.4 مليار دولار في عام 2016 وفق مبادرة الصين العالمية في جامعة بوسطن. لكنّ عديداً من المشاريع أثبتت أنها غير مربحة. وخفضت الصين مخصصات الإقراض في وقت كان فيه بعض الحكومات تكافح من أجل سداد القروض. ثم دفعت الجائحة الصين إلى الانغلاق مما أدى إلى تراجع مشاريع الإنشاءات الصينية في أفريقيا. ومن غير المتوقع حدوث انتعاش في الإقراض السيادي.

وبسؤالهم حول انخفاض حجم الإقراض المخصص للبنية التحتية الأفريقية، أشار مسؤولون صينيون إلى أن التجارة التي تولدها مبادرة الحزام والطريق تعمل على تعزيز ثروة أفريقيا وتنميتها.

وبلغت التجارة البينية رقماً قياسياً عند 282 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية. ولكن في الوقت نفسه، انخفضت قيمة صادرات أفريقيا إلى الصين بنحو 7 في المائة، وهو ما يرجع في الأساس إلى انخفاض أسعار النفط كما اتسع عجزها التجاري بنحو 46 في المائة.

ويسعى مسؤولون صينيون إلى تهدئة مخاوف بعض الزعماء الأفارقة. وفي قمة عُقدت في جوهانسبرغ في أغسطس (آب) الماضي، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إن بكين ستطلق مبادرات لدعم التصنيع والتحديث الزراعي في القارة، وهي قطاعات يعدّها صناع السياسات الأفارقة أساسية لسد الفجوات التجارية وتنويع اقتصاداتهم وخلق فرص العمل. وتتعهد الصين بزيادة الواردات الزراعية من أفريقيا.


مقالات ذات صلة

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

الاقتصاد دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

شكَّل النزاع بين إسرائيل و«حزب الله» محطةً فاصلة؛ حملت في طياتها تداعيات اقتصادية وإنسانية عميقة على كلٍّ من لبنان وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)

سندات لبنان السيادية ترتفع لأعلى مستوى في عامين وسط آمال بوقف إطلاق النار

ارتفعت سندات لبنان السيادية المقوَّمة بالدولار إلى أعلى مستوياتها منذ عامين؛ حيث راهن المستثمرون على أن الهدنة المحتملة مع إسرائيل قد تدفع لتحسين اقتصاد البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.

الاقتصاد رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

أرسل رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، رسالةً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلب منه الموافقة على استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«غولدمان ساكس»: تخفيضات إنتاج النفط قد تستمر حتى أبريل 2025

برميل نفط يحمل شعار منظمة الدول المصدرة للنفط (رويترز)
برميل نفط يحمل شعار منظمة الدول المصدرة للنفط (رويترز)
TT

«غولدمان ساكس»: تخفيضات إنتاج النفط قد تستمر حتى أبريل 2025

برميل نفط يحمل شعار منظمة الدول المصدرة للنفط (رويترز)
برميل نفط يحمل شعار منظمة الدول المصدرة للنفط (رويترز)

قال بنك «غولدمان ساكس» إن إنتاج الخام من العراق وكازاخستان وروسيا انخفض، امتثالاً لتخفيضات إنتاج «أوبك بلس»، مما يدعم ارتفاعاً متواضعاً في الأمد القريب لأسعار برنت.

وقال البنك الاستثماري في مذكرة مؤرخة يوم الثلاثاء: «نعتقد الآن أن تخفيضات إنتاج النفط ستستمر حتى أبريل (نيسان) 2025، بدلاً من يناير (كانون الثاني)».

وأبقى بنك «غولدمان ساكس» على متوسط ​​توقعاته لسعر برنت لعام 2025 عند 76 دولاراً للبرميل.

وقال مصدران من المجموعة إن «أوبك بلس» التي تضم أعضاء «أوبك» وحلفاء مثل روسيا، تناقش تأخيراً إضافياً لزيادة إنتاج النفط المخطط لها، والتي كان من المقرر أن تبدأ في يناير.

وفي أحدث اجتماع لها في 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، وافقت «أوبك بلس» على تأجيل زيادة الإنتاج المخطط لها في ديسمبر (كانون الأول) لمدة شهر.

وقال البنك: «أي زيادة في إنتاج (أوبك بلس) ستكون تدريجية ومدفوعة بالبيانات». وأضاف أن الالتزام المتزايد بتخفيضات إنتاج «أوبك بلس» يشير إلى أن الدول الأعضاء في المجموعة تعمل معاً لتحقيق استقرار أسعار النفط.

ولفت إلى أن الإنتاج من العراق وكازاخستان وروسيا انخفض بمقدار 0.5 مليون برميل يومياً في نوفمبر.

وقال مسؤولون تنفيذيون في شركات تجارة السلع العالمية العملاقة: «فيتول» و«ترافيغورا» و«غونفور» في منتدى «إنرجي إنتليجنس» في لندن، إنه من غير المرجح أن تتراجع الدول الأعضاء في «أوبك» عن تخفيضات الإنتاج الطوعية في الأمد القريب.

وفي الأسبوع الماضي، عدَّل «غولدمان ساكس» أسعار برنت إلى متوسط ​​نحو 80 دولاراً للبرميل هذا العام، على الرغم من العجز في عام 2024 وعدم اليقين الجيوسياسي؛ مشيراً إلى فائض متوقع في عام 2025.