السويد تدرس فرص تعظيم التعاون والاستثمار في السعودية

السفيرة ميناندر كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن خطة لإطلاق حاضنة أعمال

الوفد السويدي خلال زيارته مقر الكراج لدعم الشركات الناشئة في حرم «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»... (الشرق الأوسط)
الوفد السويدي خلال زيارته مقر الكراج لدعم الشركات الناشئة في حرم «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»... (الشرق الأوسط)
TT

السويد تدرس فرص تعظيم التعاون والاستثمار في السعودية

الوفد السويدي خلال زيارته مقر الكراج لدعم الشركات الناشئة في حرم «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»... (الشرق الأوسط)
الوفد السويدي خلال زيارته مقر الكراج لدعم الشركات الناشئة في حرم «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»... (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي يبحث فيه وفد أعمال سويدي كبير فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي في السعودية حالياً، لتعزيز الحلول المبتكرة والتكنولوجيا الخضراء، كشفت دبلوماسية سويدية عن خطة جديدة لإطلاق حاضنة أعمال سويدية أو كيان رأسمال استثماري يؤسس نفسه في المملكة.

وقالت بيترا ميناندر؛ السفيرة السويدية لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط»: «نقف في البلدين على قاعدة ثنائية متينة، عبر لجنة اقتصادية مشتركة تجتمع بانتظام. ويجري تنظيم جزء كبير من مشاركة القطاع الخاص من خلال (مجلس الأعمال السعودي - السويدي المشترك)؛ إذ جاء للتو وفد أعمال سويدي يزور الرياض».

وشددت على أن الشركات السويدية الحديثة والأصغر حجماً تتطلع إلى السعودية في مرحلة مبكرة جداً في خططها التوسعية خارج بلادها، متطلعة إلى تعاون أكثر مؤسسية في مجال الابتكار وريادة الأعمال في الأعوام المقبلة.

وأوضحت ميناندر أن «العلاقات الثنائية عميقة وقوية اقتصادياً وسياسياً. وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن الشركات السويدية توجد في المملكة منذ الخمسينات من القرن الماضي، وتلعب دوراً مهماً في إرساء الأساس للبنية التحتية للمملكة ونقل الطاقة والاتصالات».

وأضافت: «القاسم المشترك للكيانات الآتية هو التركيز القوي على الحلول المبتكرة، وبشكل أكثر تحديداً التكنولوجيا المستدامة التي تمكن من التحول الأخضر. ومن بين أمور أخرى؛ أجرينا زيارة ناجحة للغاية إلى مشروع حاضنة أعمال (The Garage)، و(مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا KACST)، وتعمقنا في النظم البيئية الخاصة بوزارة البيئة والمياه والزراعة فيما يتعلق بالابتكار والتكنولوجيا».

الابتكار وريادة الأعمال

وتابعت ميناندر: «شهدنا اهتماماً متزايداً من كلتا المملكتين بتبادل مزيد من الخبرات في مجال الابتكار وريادة الأعمال. وبصفتنا دولة؛ فإننا نحتل باستمرار مرتبة عالية في المؤشرات الدولية، مثل مؤشر الابتكار العالمي (الثاني في العالم في عام 2023)».

وزادت السفيرة السويدية: «مع ذلك، فإننا نؤمن بأن الابتكار يتطلب التعاون والشراكات الدولية. يمكننا أن نرى أن هذا هو المجال الذي تخطو فيه السعودية الآن خطوات سريعة ويمكن القيام بالمزيد بين المملكتين».

ووفق ميناندر، فإن العلاقات التجارية الثنائية تشهد اتجاهاً تصاعدياً ثابتاً، حيث زادت صادرات السلع السويدية إلى السعودية بأكثر من 50 في المائة منذ عام 2018؛ وفقاً لـ«المجلس الوطني السويدي للتجارة»، مبينة أن الإحصاءات تظهر زيادة كبيرة جداً في صادرات السلع السعودية إلى السويد بنسبة 193 في المائة خلال 2023، مقارنة بعام 2022.

وزادت: «سنشهد استمرار نمو التجارة الثنائية في مجالات مثل التعدين والطاقة والرعاية الصحية وعلوم الحياة والتصنيع المتقدم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مع ظهور مجالات أخرى مثل التكنولوجيا الزراعية والمزيد في مجال السيارات والمركبات الكهربائية».

إنشاء مقر رئيسي إقليمي بالرياض

من جهته، قال لوف داغر، الرئيس التنفيذي لشركة «استوكهولم للتكنولوجيا المالية»: «من مقرنا في جنوب السويد، نعمل لمساعدة الشركات الناشئة على النمو وبناء المستقبل؛ في مراحلها المبكرة لتوسيع نطاقها عالمياً من خلال برامجنا»، مشيراً إلى هناك فرصة كبيرة للتعاون مع الشركات السعودية.

وأضاف داغر: «نمثل شبكة تضم أكثر من 200 مستثمر وشريك ومجتمعاً داعماً قوياً يضم أكثر من 900 شخص؛ لقيادة النمو المستدام والابتكار عبر العمل بشكل وثيق مع مبتكري الشركات والجامعات. وفي 4 سنوات فقط دعمنا 140 شركة ناشئة، وتجاوز تمويلها 80 مليون دولار».

وقال: «تعدّ التكنولوجيا المالية صناعة قوية جداً في السويد، ولكن بما أنها دولة منخفضة الكثافة السكانية (نحو 10 ملايين نسمة)، فإن شركاتنا تتطلع إلى الخروج إلى العالمية مبكراً. وأعتقد أن الطموح الكبير والانفتاح الذي يتمتع به الشعب السعودي من العوامل الكبيرة جداً أيضاً... في السابق، كان معظم الشركات يطلب منا تعريفاً بالولايات المتحدة أو بريطانيا أو أوروبا، لكننا نرى اتجاهاً قوياً الآن في التحول إلى الشرق الأوسط، حيث تعدّ السعودية سوقاً ذات قيمة ومكاناً مناسباً لإنشاء مقر رئيسي إقليمي لشركاتنا».

وتقول علياء صابر، رئيسة قسم الاستدامة والشركات الناشئة في حاضنة الأعمال «هتش (HETCH)»: «نعمل بنشاط على إشراك الشباب والطلاب، لبناء ثقافة ريادة الأعمال النابضة بالحياة بالمنطقة، عبر تعزيز الإبداع والابتكار، لتبني عقلية ريادة الأعمال؛ إذ إننا نستثمر في مستقبل مستدام. وبوصفنا مؤسسي (أسبوع استوكهولم للتكنولوجيا المالية)، فإننا نستضيف أكبر مؤتمر في السويد للقاء قطاعات التمويل والتكنولوجيا والتكنولوجيا المالية، كما ننظم التوفيق بين الاستثمارات المخصصة والوفود في الخارج». وأكدت صابر: «لدينا شركات ناشئة وقابلة للتوسع، معززة بابتكارات وحلول ذات إمكانات كبيرة، للاستفادة منها في السعودية».


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.