المؤثرات الخارجية تلقي بظلالها على المحور الاقتصادي لقمة البحرين

«السوق المشتركة»... حلٌّ مطروح

ميناء جدة الإسلامي (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء جدة الإسلامي (الهيئة العامة للموانئ)
TT

المؤثرات الخارجية تلقي بظلالها على المحور الاقتصادي لقمة البحرين

ميناء جدة الإسلامي (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء جدة الإسلامي (الهيئة العامة للموانئ)

تلقي التحديات الجيوسياسية والتوترات في الشرق الأوسط بظلالها على فعاليات القمة العربية المقرر انعقادها في البحرين الخميس المقبل، غير أن هذه التحديات قد تكون حافزاً للدول العربية للتحرك نحو التوصل إلى إعلان سوق عربية مشتركة، وسط استمرار اضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وبروز أزمة الأمن الغذائي.

فمن شأن تفعيل بدء السوق العربية المشتركة، تقليل مخاطر الاعتماد على سلاسل الإمدادات العالمية، التي تعاني اضطرابات متتالية أثرت بالفعل على معدلات نمو بعض الاقتصادات، ومنها دول عربية، وهو ما يظهر مميزات العمل العربي المشترك، الذي ظهر جلياً في اتفاقيات الربط الكهربائي بين السعودية ومصر من ناحية، والشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة بين مصر والبحرين والأردن والإمارات والمغرب.

التحديات الاقتصادية

تمثل معدلات النمو الاقتصادي تحدياً مهماً للدول العربية؛ إذ شهد بعضها تراجعاً، انعكس على تراجع معدل التوظيف وزيادة الديون، نتيجة تداعيات العوامل الخارجية على اقتصاداتها بشكل مباشر، مثل: حرب إسرائيل في غزة، والحرب الروسية - الأوكرانية، وقبلهما تداعيات تفشي جائحة «كورونا».

هذه العوامل اضطرت معها بعض الدول إلى تخفيض عملتها أمام الدولار، الأمر الذي تراجعت معه القيمة الشرائية للمستهلكين في جزء من المنطقة العربية، مع زيادة معدلات التضخم، التي تضغط بالتبعية على الاقتصادات العربية، التي تجد نفسها بين سندان التداعيات الخارجية ومطرقة العوامل أو المتأثرات الداخلية.

كل هذه العوامل جعلت منظمة العمل الدولية، تتوقع أن تستمر معدلات البطالة في المنطقة العربية مرتفعة عند مستويات 9.8 في المائة خلال العام الجاري.

التكامل الاقتصادي والسوق العربية

خطت الدول العربية خطوات مهمة نحو التكامل الاقتصادي العربي، وذلك منذ انطلاق منطقة التجارة الحرة العربية، والتي تستهدف زيادة مستويات التجارة البينية وإزالة التعريفة الجمركية، وصولاً للاتحاد الجمركي العربي، ومن ثم السوق العربية المشتركة، والتي قد تكون فرصة حقيقية في الوقت الحالي للتغلب على عراقيل التجارة العالمية، التي تشهد اضطرابات وعدم استقرار مع تصاعد أزمة سلاسل الإمداد العالمية.

ويعد التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، خطوة أساسية للوصول إلى الوحدة الاقتصادية العربية، وذلك من خلال مجموعة من المشاريع العربية المشتركة، والتي تسعى من خلالها إلى تحقيق الأمن الغذائي، وهو ما لجأت إليه معظم الدول العربية بعقد اتفاقيات ثنائية أو عبر تكتلات، وهو ما يعزز التحرك نحو السوق العربية المشتركة.

وبينما يتطلب دعم التكامل الإقليمي، تقديم حوافز استثمارية وانتقال رؤوس الأموال العربية البينية، حرصت الدول العربية أخيراً على إدماج التجارة في الخدمات ضمن مفاوضات تحرير التجارة البينية، وذلك للأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع، في ظل مساهمة قطاع الخدمات بنحو 48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 54 في المائة من مستويات التشغيل.

ووفقاً لجدول أعمال الملف الاقتصادي والاجتماعي للقمة العربية في البحرين، فقد تم إدراج بند: «التقدم المحرز في استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة الاتحاد الجمركي العربي»، ورفعه لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.

كما ناقش المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدداً من الاستراتيجيات تمهيداً لرفعها للقادة العرب، من بينها استراتيجيات متعلقة بالشباب والسلام والأمن، والتدريب والتعليم التقني والمهني، والأمن المائي، وسياسات التنمية الاجتماعية، والتي عدّها أبو الغيط «إضافات مهمة تسهم في تعزيز العمل العربي المشترك».

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، خلال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي في إطار التحضير للدورة الـ33 لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، إن «المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية حجر الزاوية للعمل العربي، والسبيل لتحقيق إنجازات ملموسة يشعر بها المواطن العربي»، مشيراً إلى أن ما تحقق على هذا الصعيد «لا يُلبي المأمول».

وبينما توقع أمين عام اتحاد الغرف العربية الدكتور خالد حنفي، في تصريحات صحافية أخيراً، نمو التجارة العربية البينية بنسبة 4 في المائة إلى 18 في المائة خلال عام 2025، أوضح أن حجم التجارة بين الدول العربية يقدر بنحو 700 مليار دولار، بما يعادل 10 إلى 11 في المائة من حجم التجارة العالمية.

يأتي هذا في الوقت الذي نما فيه الناتج المحلي الإجمالي العربي بمعدل 1.8 في المائة خلال العام الماضي، ليبلغ نحو 3.5 تريليون دولار، في حين نما الاقتصاد العالمي بمعدل 3 في المائة في العام نفسه.

وتتوقع المؤسسة العربية لضمان الاستثمار (ضمان)، نمو اقتصاد الدول العربية بنسبة 3.6 في المائة خلال العام الجاري.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يتحدث خلال زيارة لمصنع في تشيستر (رويترز)

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه واثق بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة إلى بريطانيا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الرئيس الصيني شي جينبينغ (وسط الصورة) وقادة أفارقة خلال التقاط صورة جماعية خلال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC) في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين، 5 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير جيوسياسي ﻟ«الشرق الأوسط»: سياسة الصين في أفريقيا تتعثّر

في مقابلة خاصة مع صحيفة «الشرق الأوسط» يتحدث البروفيسور الفرنسي كزافييه أوريغان، الخبير بشؤون العلاقات الصينية - الأفريقية، عن واقع العلاقات بين الصين وأفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير فرنسي: الصين لم تعد تملك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا

يرى الخبير الفرنسي كزافييه أوريغان المتخصص بالعلاقات الصينية - الأفريقية، أن الصين لم تعد تمتلك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ استضاف قادة أفارقة في عشاء فاخر ببكين (أ.ف.ب)

شي جينبينغ يستضيف قادة أفارقة في أكبر قمة تعقدها الصين منذ سنوات

استضاف الرئيس الصيني شي جينبينغ قادة أفارقة في عشاء فاخر في بكين، الأربعاء، مع انطلاق أكبر قمة في المدينة منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)

روما تعتزم استضافة اجتماع لوزراء دفاع مجموعة السبع لأول مرة

أعلن وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، اليوم (السبت)، أنّ روما ستنظّم للمرة الأولى اجتماعاً لوزراء دفاع مجموعة السبع، من دون تحديد موعد لذلك.

«الشرق الأوسط» (روما)

تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

تنتظر الأسواق بيانات اقتصادية أميركية مهمة خلال الأسبوع المقبل، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك عن شهر سبتمبر (أيلول) ومؤشر أسعار المنتجين. في وقت سيتلقى المستثمرون تعليقات من العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك ميشال بومان، المحافِظة، والمعارِضة الوحيدة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. كما سيصدر الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء محضر اجتماعه في سبتمبر (أيلول).

وقد توفر التعليقات والمحضر المرتقب نظرة ثاقبة للخطوة التالية التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي في دورة خفض أسعار الفائدة الحالية.

وقال بنك «يو بي إس» إن تقرير مؤشر أسعار المستهلك سيكون الحدث الكبير المقبل للأسواق. وقال كبير خبراء الاقتصاد في بنك «يو بي إس»، بريان روز، في مذكرة: «سيكون مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر بمثابة إصدار بيانات رئيسي. وإذا ارتفعت الأسعار بشكل أسرع من المتوقع بالإضافة إلى بيانات العمل الأقوى، فإن فرص تخطي بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة في اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) ستزداد».

ومن المرجح أن يكون معدل التضخم في الولايات المتحدة والمتوقع صدوره يوم الخميس قد تراجع في نهاية الربع الثالث، وهو ما يطمئن الاحتياطي الفيدرالي الذي يحول المزيد من تركيز سياسته نحو حماية سوق العمل، وفق «بلومبرغ».

فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر، وهو أصغر مكسب له في ثلاثة أشهر. وبالمقارنة بالعام السابق، ربما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 2.3 في المائة، وهو التباطؤ السادس على التوالي والأهدأ منذ أوائل عام 2021.

ومن المتوقع أن يرتفع المؤشر الذي يستبعد فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، والذي يوفر رؤية أفضل للتضخم الأساسي، بنسبة 0.2 في المائة عن الشهر السابق و3.2 في المائة عن سبتمبر 2023.

في أعقاب النمو القوي المفاجئ للوظائف في سبتمبر والذي صدر يوم الجمعة، يشير التباطؤ التدريجي في التضخم إلى أن صناع السياسات سيختارون خفض أسعار الفائدة بشكل أصغر عندما يجتمعون في 6 و7 نوفمبر.

امرأة تتسوق في أحد المحال في كولورادو (أ.ب)

وقد شهدت الولايات المتحدة إضافة 254 ألف وظيفة جديدة الشهر الماضي، وهو رقم مذهل، متجاوزاً التقديرات التي كانت تشير إلى إضافة 147 ألف وظيفة. وانخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة. في حين أظهر متوسط الدخل في الساعة انتعاشاً مع ارتفاع بنسبة 0.4 في المائة على أساس شهري، مما دفع النمو السنوي للأجور إلى 4.0 في المائة.

وكتب محللو «بنك أوف أميركا» أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما أصيب بالذعر الشهر الماضي، وأن خفضاً كبيراً آخر ربما لا يكون مبرراً. وعدل توقعاته لاجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر ليدعو إلى تحرك بمقدار 25 نقطة أساس بعد أن توقع سابقاً 50 نقطة أساس.

وقالت المستشارة الاقتصادية للبيت الأبيض لايل برينارد في الإحاطة الأسبوعية، إن «هناك ثقة أكبر بكثير في أن أسعار الفائدة ستنخفض... وأن التضخم سينخفض». أضافت «إنه يوم جيد للعمال والأسر الأميركية. لقد شهدنا خلق أكثر من 250 ألف وظيفة جديدة في شهر سبتمبر. وشهدنا انخفاض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة في وقت عادت فيه معدلات التضخم إلى مستويات ما قبل الجائحة».

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التوقعات التي أصدرها المسؤولون إلى جانب قرارهم بشأن أسعار الفائدة في سبتمبر يشيران إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في الاجتماعين الأخيرين من العام.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

ويتم استخدام مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين لإبلاغ مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، والذي من المقرر إصداره في وقت لاحق من هذا الشهر.

وتتوقع «بلومبرغ» قراءة خافتة لمؤشر أسعار المستهلك في سبتمبر، رغم قراءة أساسية أكثر قوة، مضيفة أنه «إذا ما وضعنا في الحسبان تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي، فمن المرجح أن يكون التضخم الأساسي قد نما بوتيرة تتفق مع الهدف البالغ 2 في المائة». وقالت «في المجمل، لا نعتقد أن التقرير سيفعل الكثير للتأثير على ثقة لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في أن التضخم يسير في اتجاه هبوطي دائم».

ومن المتوقع أيضاً أن يُظهِر تقرير أسعار المنتجين يوم الجمعة -وهو مقياس للضغوط التضخمية التي تواجهها الشركات- تضخماً أكثر هدوءاً. وفي اليوم نفسه، تصدر جامعة ميشيغان مؤشرها الأولي لثقة المستهلك لشهر أكتوبر (تشرين الأول).