«المركزي المصري»: تراجع ملحوظ للعجز في صافي الأصول الأجنبية

«بي إم آي» لا تستبعد انخفاض الجنيه إلى 55 للدولار حال تصاعد التوتر بالشرق الأوسط

موظف بشركة صرافة مصرية يعرض فئات متنوعة من الدولار الأميركي (أ.ف.ب)
موظف بشركة صرافة مصرية يعرض فئات متنوعة من الدولار الأميركي (أ.ف.ب)
TT

«المركزي المصري»: تراجع ملحوظ للعجز في صافي الأصول الأجنبية

موظف بشركة صرافة مصرية يعرض فئات متنوعة من الدولار الأميركي (أ.ف.ب)
موظف بشركة صرافة مصرية يعرض فئات متنوعة من الدولار الأميركي (أ.ف.ب)

انخفض العجز في صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي في مارس (آذار) الماضي، إلى أدنى مستوياته فيما يزيد على عامين، وذلك بفضل بيع حقوق تطوير مشروع عقاري ضخم وتطبيق نظام سعر صرف مرن.

وأظهرت بيانات منشورة على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي المصري، انخفاض العجز في صافي الأصول الأجنبية إلى 65.38 مليار جنيه (1.36 مليار دولار) في نهاية مارس من 270.65 مليار جنيه (5.61 مليار دولار) في الشهر السابق، و352.49 مليار جنيه (7.31 مليار دولار) في نهاية يناير (كانون الثاني).

وحصلت مصر على 5 مليارات دولار في أواخر فبراير (شباط) و5 مليارات دولار أخرى في أوائل مارس من بيع حقوق تطوير مشروع «رأس الحكمة» على ساحل البحر المتوسط ​​إلى أبوظبي ضمن صفقة ستصل قيمتها في النهاية إلى 35 مليار دولار.

وسمحت مصر في السادس من مارس لعملتها بالانخفاض في إطار حزمة دعم بقيمة ثمانية مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. ويجري تداول الجنيه الآن عند نحو 48.5 للدولار بعد أن ظل ثابتاً عند 30.85 جنيه لنحو عام.

ودفع انخفاض قيمة العملة المستثمرين الأجانب إلى ضخ مليارات الدولارات في أذون وسندات الخزانة المحلية، كما شجع المصريين المغتربين على إرسال المزيد من تحويلاتهم النقدية للبلاد.

وانزلق صافي الأصول الأجنبية للبنك المركزي إلى عجز قدره 93.39 مليار جنيه في مارس 2022 من فائض بلغ 134.35 مليار في الشهر السابق، بعد أن دفعت الأزمة الأوكرانية المستثمرين الأجانب إلى سحب أموالهم من مصر.

ولم تصدر مصر بعد بيانات صافي الأصول الأجنبية لشهر مارس للقطاع المصرفي ككل. ووفقاً لبيانات البنك المركزي، انكمش العجز بمقدار 217.1 مليار جنيه في فبراير (شباط) إلى 679 ملياراً.

على صعيد موازٍ، توقعت «بي إم آي» للأبحاث التابعة لـ«فيتش سوليوشنز»، أن تعوض العملة المحلية في مصر بعض خسائرها خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، لكنها أشارت إلى أن المخاطر الجيوسياسية المرتفعة بالمنطقة ستؤدي إلى تذبذبها على المدى القريب.

وقالت الشركة، وفق «وكالة أنباء العالم العربي»، إنها تتوقع تداول الجنيه المصري، الذي تراجع نحو 36 في المائة منذ خفض قيمته للمرة الرابعة في مارس الماضي، في نطاق 47.5 جنيه للدولار حتى نهاية 2024؛ إذ ستتأثر المعنويات بالبيئة الجيوسياسية المتقلبة.

وتوقع التقرير، إذا استمر احتواء المخاطر الجيوسياسية، أن يؤدي تدفق العملة الأجنبية على مصر إلى عودة الجنيه للارتفاع إلى قرب 47.5 للدولار، لكنه أضاف أن الفترات الوجيزة التي تشهد تصاعداً في التوتر ستؤدي لتقلب في سعر الصرف على المدى القريب.

وأضاف أن مصر ستتمكن من الدفاع عن عملتها لمنع أي تقلبات أكبر، خصوصاً مع تسلمها مدفوعات إماراتية بقيمة 14 مليار دولار. لكنه عاد وحذر من أن أي تفاقم كبير للمخاطر الجيوسياسية، وهو ما قد يحدث إذا صعدت إيران الموقف مع إسرائيل، من شأنه أن يعرقل التعافي في العملة المصرية، خصوصاً فيما يتعلق بمستثمري المحافظ الشديدة التأثر بالمخاطر، مما لا تستبعد معه الشركة أن يتراجع الجنيه إلى نطاق بين 50-55 جنيهاً للدولار.


مقالات ذات صلة

«المركزي المصري»: عجز حساب المعاملات الجارية يتسع إلى 20.8 مليار دولار

الاقتصاد أبراج وفنادق وشركات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المركزي المصري»: عجز حساب المعاملات الجارية يتسع إلى 20.8 مليار دولار

قال البنك المركزي المصري إن العجز في حساب المعاملات الجارية لمصر اتسع إلى 20.8 مليار دولار في العام المالي 2023 – 2024 من 4.7 مليار دولار في العام المالي السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تحمل رضيعها تمر بجانب تاجر فواكه في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

التضخم وارتفاع أسعار الطاقة... أكبر المعوقات أمام الشركات في مصر

أظهرت نتائج استبيان اقتصادي، انخفاض مؤشر أداء الأعمال في مصر خلال الربع الثاني من العام الجاري، من أبريل إلى يونيو الماضي، بمقدار 5 نقاط عن المستوى المحايد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بطرس غالي (رويترز)

بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري

أثارت عودة يوسف بطرس غالي، وزير المالية في حقبة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وتعيينه ضمن هيئة استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية، جدلاً واسعاً في مصر.

عصام فضل (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وفنادق وشركات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: 6 مليارات دولار حصيلة بيع 17 شركة حكومية في عامين ونصف

بلغت حصيلة مصر من طرح 17 شركة على المستثمرين منذ مارس (آذار) 2022 نحو 5.7 مليار دولار وفقاً لبيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير الزراعة المصري علاء فاروق خلال لقائه مع رئيس مجموعة «الحكير» السعودية الشيخ عبد المحسن الحكير (صفحة رئاسة مجلس الوزراء المصري على فيسبوك)

«الحكير» السعودية لزيادة حجم المشروعات الزراعية في مصر

أبدى رئيس مجلس إدارة مجموعة «الحكير» السعودية الشيخ عبد المحسن الحكير رغبة المجموعة في زيادة حجم المشروعات بمصر، قائلاً: «تعد مصر سوقاً واعدة للمستثمرين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

التضخم في عالم ما بعد الجائحة... هل تستعد المصارف المركزية لمزيد من القوة؟

أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المصرف المركزي في فرانكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المصرف المركزي في فرانكفورت (رويترز)
TT

التضخم في عالم ما بعد الجائحة... هل تستعد المصارف المركزية لمزيد من القوة؟

أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المصرف المركزي في فرانكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المصرف المركزي في فرانكفورت (رويترز)

قد يكون التذبذب السريع في معدلات التضخم دون تأثيرات مماثلة على الناتج الاقتصادي سمة بارزة لعالم ما بعد جائحة كوفيد-19، حيث تسعى سلاسل الإمداد الهشة لتلبية احتياجات الأسواق، ما قد يستدعي اعتماد سياسات مصرفية مركزية أكثر قوة ونشاطاً، وربما في كلا الاتجاهين.

لقد جاءت سرعة الارتفاع العالمي في معدلات التضخم بعد صدمتي جائحة كوفيد-19 وغزو أوكرانيا متساوية تقريباً مع الانخفاض الذي تلا ذلك. نتيجة لذلك، تسعى المصارف المركزية حالياً بسرعة إلى عكس سياسة رفع أسعار الفائدة الحادة التي اتبعتها لاحتواء الأسعار خلال عامي 2022 و2023، وفق «رويترز».

النتيجة المثيرة للاهتمام رغم هذه التقلبات هي إمكانية تحقيق «هبوط ناعم» للاقتصادات دون حدوث انكماش كبير في الناتج الإجمالي. والسؤال الجوهري لصانعي السياسات والشركات والأسواق المالية هو ما إذا كان هناك عودة إلى نقطة البداية مع تفادي أزمة نادرة.

وفي محاولة لفهم دروس هذه المرحلة، أعاد بنك التسويات الدولية (الذي يُطلق عليه غالباً بنك المصارف المركزية) رسم صورة لعالم قد تتكرر فيه صدمات العرض، ويكون التضخم فيه أكثر توتراً. ولكن في خطاب ألقته هذا الأسبوع في لندن، قدمت أندريا ميتشل، نائبة المدير العام لبنك التسويات الدولية، رؤية أكثر عمقاً تشير إلى أن المصارف المركزية لم يعد بإمكانها «تجاهل» الصدمات العرضية كعوامل تضخم مؤقتة كما كانت تفعل قبل الجائحة.

وركزت ميتشل على منحدرات العرض الأكثر انحداراً و«منحنى فيليبس» الأكثر حدة، الذي يرسم العلاقة بين البطالة والأجور، أو بشكل أوسع بين الناتج والأسعار. جوهر حجتها هو أن هذه المنحنيات الحادة تعني تحركات أكبر في الأسعار نتيجة أي تغيير بسيط في الناتج، وهو ما تجلى بوضوح عندما أدى نقص العمالة بعد الجائحة إلى زيادات كبيرة في الأجور بالشركات التي أرادت تسريع أنشطتها.

كما أن اضطرابات الإمدادات الخارجية، مثل صدمة أسعار الطاقة بعد غزو أوكرانيا، أدت إلى تأثيرات أكبر وأسرع على الأسعار العامة مقارنة بالصدمات القطاعية والسلعية السابقة. والسبب في ذلك هو أن التضخم كان بالفعل أعلى من مستويات الاستهداف للمصارف المركزية عندما وقعت تلك الصدمات.

توخي الحذر

اختتمت ميتشل بالقول إنه «يجب على المصارف المركزية توخي الحذر عند تقييم مدى قدرتها على تجاهل الصدمات العرضية». ويجب أن يؤثر هذا على استراتيجياتها نظراً لأن تلك الصدمات أصبحت أكثر تكراراً في عالم يتسم بتقليص العولمة، وتوترات جيوسياسية، وانخفاض القوى العاملة، وديون عامة مرتفعة، وتغيرات مناخية، وانتقال إلى الطاقة الخضراء.

ومن المحتمل أن يتطلب الأمر اتخاذ سياسات أكثر «قوة» ونشاطاً، بغض النظر عن تأثيرها على الطلب الأساسي، لضمان ألا تؤدي تقلبات التضخم على المدى القصير إلى زعزعة توقعات التضخم على المدى الطويل، والحفاظ على الثقة في استهداف نسبة 2 في المائة.

ومع ذلك، فإن ما قد يكون الأكثر إثارة هو القول بأن منحنيات العرض الحادة قد تعني أيضاً أن الأجور والأسعار قد تعود إلى المستويات المستهدفة بسرعة أكبر، مع تأثيرات طفيفة فقط على الناتج من أسعار الفائدة المرتفعة.

وأشارت ميتشل إلى أن «رفع أسعار الفائدة استجابةً للصدمات العرضية قد يكون له تأثير محدود على النشاط إذا كانت (منحنيات فيليبس) حادة». وأضافت: «حينها، قد يكون إبطاء الاقتصاد للحد من التضخم أقل تكلفة من حيث الناتج».

وأضافت: «قد يكون التوقع الحالي بالهبوط السلس جزئياً مفسراً بحقيقة أن الاقتصاد - وخاصة أسواق العمل - في حالة تجعل (منحنيات فيليبس) أكثر حدة مما كانت عليه في العقود التي سبقت الجائحة».

التضخم المنخفض

أما كيف يمكن أن ينطبق كل ذلك على الوضع الحالي، فهو ليس واضحاً تماماً، رغم أن موضوع الإمدادات المستمرة لا يزال حاضراً في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية.

لكن ربما يشير ذلك أيضاً إلى أن التطورات المرتبطة بالإمدادات التي قد تؤدي إلى انخفاض مفاجئ في التضخم تهدد الاستقرار السعري من الجانب الآخر، وينبغي أن تُعالج بالقوة نفسها من قبل المصارف المركزية.

ففي هذا الأسبوع فقط، أوضح صانع السياسات في المركزي الأوروبي ماريو سينتينو هذه النقطة بوضوح، مشيراً إلى أن المصرف الأوروبي في طريقه لتسريع تخفيف السياسة النقدية. وقال: «نواجه الآن خطراً جديداً: انخفاض التضخم عن المستوى المستهدف، مما قد يعيق النمو الاقتصادي».

وفي مواجهة انخفاض الأسعار الشهرية في الشهر الماضي وعودة التضخم السنوي إلى أقل من 1 في المائة، قال مارتن شليغل، رئيس البنك الوطني السويسري الجديد، إن البنك لا يستبعد إعادة أسعار الفائدة إلى المنطقة السلبية.

حتى أولئك الذين كانوا مترددين في بنك إنجلترا أشاروا أيضاً إلى إمكانية تسريع خفض الفائدة، حيث تحدث رئيس البنك أندرو بيلي عن «كوننا أكثر عدوانية قليلاً» في هذا الصدد.

وبالنسبة للمستثمرين، تشير جميع هذه السيناريوهات إلى بيئة معدلات فائدة أكثر تقلباً في كلا الاتجاهين، مما يجعل الأمور أكثر تعقيداً مما كانت عليه في عقد ما قبل الجائحة. ومع ذلك، يمكن أن تبقى هذه الأفق إيجابية للشركات والأرباح إذا تمكنت الاقتصادات الأوسع من التعامل مع الأسعار المتقلبة ومعدلات الاقتراض بشكل أفضل مما فعلته لعقود.