الأسواق تزن مخاطر التصعيد الإيراني الإسرائيلي وسط توقعات بتقلبات جديدة

متداولون في قاعة بورصة خيارات مجلس شيكاغو بالمقر الرئيسي بشيكاغو (رويترز)
متداولون في قاعة بورصة خيارات مجلس شيكاغو بالمقر الرئيسي بشيكاغو (رويترز)
TT

الأسواق تزن مخاطر التصعيد الإيراني الإسرائيلي وسط توقعات بتقلبات جديدة

متداولون في قاعة بورصة خيارات مجلس شيكاغو بالمقر الرئيسي بشيكاغو (رويترز)
متداولون في قاعة بورصة خيارات مجلس شيكاغو بالمقر الرئيسي بشيكاغو (رويترز)

من المتوقع أن يثير الهجوم الإيراني على إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع وما أعقبه من ردود فعل، تقلبات جديدة في الأسواق العالمية عند افتتاحها الاثنين، حيث يراقب المستثمرون عن كثب الوضع الجيوسياسي بدلاً من تحركات الاحتياطي الفيدرالي، واحتمالات بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول أو أرقام التضخم المقلقة.

ومن المرجح أن تؤدي حالة عدم اليقين المحيطة بالمشهد الجيوسياسي إلى زيادة ابتعاد المستثمرين عن المخاطرة.

وقال محللون إن هناك خوفاً واضحاً من أن أي تصعيد في التوترات قد يؤدي إلى الذعر من البيع عبر فئات الأصول المختلفة، حيث يسعى المستثمرون إلى التخفيف من تعرضهم للمخاطر الجيوسياسية، وإلى توجههم نحو ملاذات آمنة مثل سندات الخزانة والذهب.

وكانت الأسهم تعرضت أصلاً لضغوط بسبب تلاشي التوقعات بشأن تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي هذا العام بعد قراءة التضخم في الولايات المتحدة في مارس (آذار).

وقد تزداد السلبية بين المستثمرين بسبب التقارير التي تشير إلى أن الصراع الإيراني - الإسرائيلي قد يدفع أسعار النفط الخام إلى ما فوق 100 دولار للبرميل.

وقد يخفف من حدة التوتر تصريح إيران بأن «الأمر يمكن عدّه منتهياً»، وتقرير آخر يفيد بأن الرئيس الأميركي جو بايدن أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة لن تدعم هجوماً إسرائيلياً مضاداً ضد إيران.

ونقلت «بلومبرغ» عن باتريك أرمسترونغ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بلوريمي ويلث»، قوله إن «رد الفعل الطبيعي للمستثمرين هو البحث عن أصول الملاذ الآمن في لحظات مثل هذه». وأضاف أن «ردود الفعل ستعتمد إلى حد ما على رد فعل إسرائيل. إذا لم تقم إسرائيل بالتصعيد من هنا، فقد توفر فرصة لشراء أصول المخاطرة بأسعار أقل».

وأعطت البتكوين نظرة مبكرة على معنويات السوق. وانخفضت العملة بنسبة 9 في المائة تقريباً في أعقاب هجمات يوم السبت، لكنها انتعشت يوم الأحد، وتم تداولها بالقرب من علامة 64 ألف دولار.

وسجلت أسواق الأسهم في إسرائيل والسعودية وقطر خسائر متواضعة في ظل أحجام تداول هزيلة.

وقال إيمري أكجاكماك، كبير المستشارين في «إيست كابيتال» في دبي: «افتتحت أسواق الشرق الأوسط بهدوء نسبي في أعقاب الهجوم الإيراني، الذي كان يُنظر إليه على أنه انتقام مدروس، وليس محاولة للتصعيد. ومع ذلك، فإن تأثير السوق قد يمتد إلى ما هو أبعد من منطقة الشرق الأوسط بسبب التأثيرات الثانوية على أسعار النفط والطاقة، مما قد يؤثر على توقعات التضخم العالمي».

النفط

سوف يقوم المستثمرون الآن بتقييم مخاطر الضربة ودورة الضربات المضادة، حيث يتطلع الكثيرون إلى النفط بوصفه دليلا لكيفية الاستجابة. وارتفع خام «برنت» بنسبة 20 في المائة تقريباً هذا العام، ويتم تداوله عند 90 دولاراً للبرميل.

وتوقع محللون أن ترتفع أسعار النفط يوم الاثنين، لكنهم رأوا أن المزيد من المكاسب قد يعتمد على كيفية اختيار إسرائيل والغرب للرد، وفق «رويترز».

وعززت المخاوف من رد فعل إيران على الهجوم على مجمع سفارتها في دمشق أسعار النفط الأسبوع الماضي، وساعدت في ارتفاع سعر خام «برنت» القياسي العالمي يوم الجمعة إلى 92.18 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر (تشرين الأول).

وتحدد سعر التسوية في ذلك اليوم مرتفعاً 71 سنتا عند 90.45 دولار، في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 64 سنتاً إلى 85.66 دولار. علماً بأنه يتم إغلاق التداول يوم الأحد.

وقال تاماس فارغا من شركة «بي في إم» للوساطة النفطية: «من المعقول توقع أسعار أقوى عند استئناف التداول». وأضاف: «ومع ذلك، لم يكن هناك أي تأثير على الإنتاج حتى الآن، وقالت إيران إن الأمر يمكن عدّه منتهياً... مهما كان رد الفعل الأولي للسوق شرساً ومؤلماً، إلا أن الارتفاع قد يكون قصير الأجل ما لم تتعطل الإمدادات من المنطقة بشكل ملموس»، وفق «رويترز».

وقال جيوفاني ستونوفو المحلل في بنك «يو بي إس»: «قد ترتفع أسعار النفط عند الافتتاح لأن هذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران إسرائيل من أراضيها». وأضاف ستونوفو: «إلى متى سيستمر أي ارتداد... سيعتمد على الرد الإسرائيلي».

ومن العوامل الأخرى التي يجب مراقبتها، هو أي تأثير على الشحن عبر مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي خمس حجم إجمالي استهلاك النفط العالمي يومياً.

وقال قائد البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني يوم الثلاثاء إن طهران قد تغلق المضيق إذا رأت ذلك ضرورياً، وفي وقت سابق من يوم السبت، ذكرت وكالة «أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية» أن طائرة هليكوبتر تابعة لـ«الحرس» صعدت على متن سفينة «إم إس سي» التي ترفع العلم البرتغالي، ودخلت المياه الإيرانية.

وقال أولي هانسن من «ساكسو بنك»: «لقد تضمنت أسعار النفط الخام بالفعل علاوة مخاطرة، ويعتمد مدى اتساعها بشكل شبه حصري على التطورات بالقرب من إيران حول مضيق هرمز».

البحر الأحمر

وفي حين أن الصراع في الشرق الأوسط لم يكن له أي تأثير حتى الآن على الإنتاج، فإن هجمات البحر الأحمر التي شنها الحوثيون المدعومون من إيران في البحر الأحمر أدت إلى تعطيل الشحن. ويخشى التجار في الغالب أن يؤدي اتساع نطاق الصراع إلى تعطيل شحنات الناقلات من الخليج العربي عبر مضيق هرمز.

سوق السندات

وفي سوق السندات، سوف يدرس المتداولون المخاطر التي قد تؤدي إليها فواتير الطاقة الأكثر تكلفة، والتي قد تضيف إلى مخاوف التضخم المتصاعدة. وبينما تميل سندات الخزانة إلى الاستفادة في أوقات عدم اليقين، فإن التهديد ببقاء أسعار الفائدة مرتفعة قد يحد من التحركات.

وفي الوقت نفسه، شهد الذهب ارتفاعاً بنسبة 13 في المائة هذا العام ليصل إلى مستوى قياسي فوق 2400 دولار للأوقية. كما سعى المستثمرون إلى استقرار الدولار. وارتفع مؤشر العملة 1.3 في المائة الأسبوع الماضي، وهو أفضل أداء منذ أواخر 2022.


مقالات ذات صلة

الأسواق العالمية تتباين وسط تصاعد التوترات في الحرب الروسية الأوكرانية

الاقتصاد مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة «فرانكفورت» (رويترز)

الأسواق العالمية تتباين وسط تصاعد التوترات في الحرب الروسية الأوكرانية

شهدت الأسواق العالمية أداءً متبايناً، الأربعاء، على الرغم من المكاسب التي حققتها «وول ستريت»، وسط تزايد المخاوف بشأن تصعيد الحرب الروسية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
الاقتصاد سيدات يمشين أمام مقر البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)

«غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» يخفضان توقعاتهما للأسهم الصينية

قلّص كل من «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» تصنيف الأسهم في الصين رغم مساعٍ داخلية للدعم واحتمالية التأثر بالتوترات الخارجية

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أكثر من 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون ستُعرض في المملكة عبر مزاد علني يبدأ اليوم (واس)

السعودية تطلق منصة تبادل طوعية لسوق الكربون لجذب التمويل المناخي

دشنت السعودية سوقاً طوعية لتداول أرصدة الكربون، حيث من المقرر عرض أكثر من 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون في مزاد علني على بورصة «سوق الكربون الطوعية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة مركبة جامعة للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الأسواق المالية؟

رفع المستثمرون رهاناتهم على أن الانتخابات الرئاسية الأميركية سوف تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار أسواق السندات والعملات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

بورصة هونغ كونغ تعلن عن خطط لافتتاح مكتب في الرياض العام المقبل

أعلنت مجموعة بورصة هونغ كونغ للمقاصة وتداول الأوراق المالية (HKEX)، الأربعاء، عن خططها لافتتاح مكتب جديد في الرياض بحلول عام 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، عقب اجتماع روسيا و«أوبك»، إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

وأضاف نوفاك بعد اجتماعه مع الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في موسكو، إن دول «أوبك بلس»، التي تضخ نحو نصف إنتاج النفط العالمي، تتخذ كل القرارات اللازمة للحفاظ على استقرار السوق.

وقال نوفاك: «بينما نناقش الوضع والتوقعات اليوم، يخلص تقييمنا إلى أن السوق في الوقت الحالي متوازنة. يرجع الفضل في ذلك في الأساس إلى تحركات دول (أوبك بلس)، والإجراءات المشتركة للامتثال للحصص والتعهدات الطوعية من دول في (أوبك بلس)».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، لعقد اجتماع في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وفي الأسواق، تراجعت أسعار النفط قليلا يوم الجمعة، لكنها اتجهت إلى تسجيل زيادة أسبوعية بنحو أربعة في المائة مع احتدام الحرب الأوكرانية، بعد تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها قد تتحول إلى صراع عالمي.

وبحلول الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 34 سنتا أو 0.46 في المائة إلى 73.89 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتا أو 0.51 في المائة إلى 69.74 دولار للبرميل. وزاد الخامان اثنين في المائة يوم الخميس، وكان من المتوقع أن يسجلا مكاسب أسبوعية بنحو أربعة في المائة، وذلك في أفضل أداء من نوعه منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بوتين يوم الخميس إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى صراع عالمي بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين. وأضاف أن روسيا ردت بإطلاق نوع جديد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على منشأة عسكرية أوكرانية، محذرا الغرب من أن موسكو قد تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وتعد روسيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، حتى مع انخفاض الإنتاج بعد حظر الاستيراد المرتبط بغزوها لأوكرانيا وقيود الإمدادات التي تفرضها مجموعة «أوبك بلس». وقالت روسيا هذا الشهر إنها أنتجت حوالي تسعة ملايين برميل من الخام يوميا.

لكن بيانات مخزونات الخام الأميركية حدت من المكاسب. فقد تأثرت الأسعار بارتفاع مخزونات الخام الأميركية 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية.

ومن جانبه، قال بنك غولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، رغم العجز في المعروض في 2024 والغموض الجيوسياسي، مشيرا إلى فائض متوقع قدره 0.4 مليون برميل يوميا العام المقبل.

وأضاف في المذكرة مساء الخميس: «توقعنا الرئيسي هو أن يظل برنت في نطاق 70 إلى 85 دولارا، مع قدرة إنتاج فائضة عالية تحد من ارتفاع الأسعار، فيما تحد مرونة أسعار (أوبك) وإمدادات النفط الصخري من انخفاض الأسعار».

ويتوقع البنك مخاطر قد تدفع أسعار برنت للصعود على المدى القريب، مع احتمال ارتفاع الأسعار إلى نطاق 85 دولارا في النصف الأول من عام 2025 إذا انخفض المعروض من إيران بمقدار مليون برميل يوميا بسبب فرض عقوبات أكثر صرامة.

وأوضح البنك أن مخاطر الأسعار على المدى المتوسط تميل إلى الجانب السلبي نظرا للطاقة الإنتاجية الاحتياطية المرتفعة. وقال: «في حين أن هناك طاقة احتياطية وفيرة في إنتاج النفط، فإننا نتوقع أن يظل التكرير قليلا للغاية، وأن تتعافى هوامش البنزين والديزل بشكل أكبر».

وأبقى البنك على توقعاته بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 76 دولارا للبرميل في عام 2025، لكنه خفض توقعاته لعام 2026 إلى 71 دولارا للبرميل في ظل فائض قدره 0.9 مليون برميل يوميا.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر الطلب على النفط في النمو لعقد آخر، مدفوعا بارتفاع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي واستمرار وجود تحديات في إزالة الكربون من قطاعي الطيران والمنتجات البتروكيماوية.