بايدن يضرب شركات حفر النفط... وترمب يغازلها

الإدارة الأميركية ترفع تكلفة التنقيب في الأراضي العامة وتزيد الإتاوات للمرة الأولى منذ عقود

جهاز حفر تابع لشركة «أوازيس بترولويوم» في حوض بيرميان بتكساس (رويترز)
جهاز حفر تابع لشركة «أوازيس بترولويوم» في حوض بيرميان بتكساس (رويترز)
TT

بايدن يضرب شركات حفر النفط... وترمب يغازلها

جهاز حفر تابع لشركة «أوازيس بترولويوم» في حوض بيرميان بتكساس (رويترز)
جهاز حفر تابع لشركة «أوازيس بترولويوم» في حوض بيرميان بتكساس (رويترز)

حدّد الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه دونالد ترمب، رؤى متضاربة بشأن مستقبل إنتاج الوقود الأحفوري في جميع أنحاء البلاد، مما يؤكد كيف تعتمد سياسات الطاقة في البلاد على نتيجة انتخابات عام 2024.

فقد وضعت إدارة بايدن يوم الجمعة، اللمسات الأخيرة على قاعدة تاريخية ستلزم شركات النفط بدفع ما لا يقل عن 10 أضعاف للتنقيب في الأراضي الفيدرالية. وتمثل القاعدة الصادرة عن مكتب إدارة الأراضي التابع لوزارة الداخلية، أول تحديث شامل لبرنامج تأجير النفط والغاز الفيدرالي منذ أكثر من 30 عاماً، وتهدف إلى توليد مزيد من الأموال لدافعي الضرائب. كما وضع المكتب اللمسات الأخيرة على قاعدة لرفع الرسوم التي يجب على الحفارين دفعها للحكومة لأول مرة منذ عام 1920.

وقبل يوم واحد، أقام ترمب يوم الخميس مأدبة عشاء خاصة في نادي ومنتجع مارالاغو الخاص به مع نحو 20 مديراً تنفيذياً للنفط من بعض كبرى الشركات في البلاد، بما في ذلك «شيفرون» و«إكسون موبيل» و«كونتيننتال ريسورسيز» و«تشيسابيك إنرجي» و«أوكسيدنتال بتروليوم»، وفقاً لقائمة الضيوف التي استعرضتها صحيفة «واشنطن بوست». وتم تنظيم هذا الجهد إلى حد كبير من قبل هارولد هام، ملياردير النفط والمتبرع لترمب الذي يدير شركة «كونتيننتال ريسورسيز» وساعد في تجنيد مانحين آخرين لحملة ترمب.

وفي الأشهر الأخيرة، تحدث ترمب أيضاً مع المديرين التنفيذيين في مجال الطاقة حول الحاجة إلى عدد أقل من اللوائح المتعلقة بالحفر، وسأل المديرين التنفيذيين عما يحتاجون إليه لحفر مزيد من النفط، وفقاً للأشخاص الذين سمعوا تعليقاته، والذين تحدثوا إلى «واشنطن بوست»، بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وعلى الرغم من دعوة ترمب إلى «الحفر، يا صغيري، احفر»، تضخ الولايات المتحدة الآن كميات من النفط الخام أكبر من أي دولة في التاريخ، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. وهذا الاتجاه غير مريح بالنسبة لترمب، وهو يسعى إلى تخفيف اللوائح المفروضة على صناعة الطاقة، وبالنسبة لبايدن وهو يروج لأجندته المناخية الطموح خلال حملته الانتخابية، وفق «واشنطن بوست».

وتطلب القاعدة التي صدرت يوم الجمعة، من شركات النفط شراء سندات بقيمة 150 ألف دولار لكل عقد إيجار على الأراضي الفيدرالية، ارتفاعاً من 10 آلاف دولار. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحديث متطلبات شراء السندات منذ عام 1960.

كما أنه للمرة الأولى منذ قرن من الزمان، سيتعين على شركات الوقود الأحفوري أن تدفع مزيداً من الإتاوات على النفط والغاز الذي تستخرجه من الأراضي الفيدرالية، على أساس إجمالي الإيرادات المتسلمة. فبموجب القاعدة الجديدة، سيرتفع الحد الأدنى لنسبة الإتاوة إلى 16.67 في المائة من 12.5 في المائة من الإيرادات.

وقد وصف وزير الداخلية ديب هالاند هذه القاعدة الجديدة بأنها «أهم الإصلاحات لبرنامج تأجير النفط والغاز الفيدرالي منذ عقود، وسوف تقلل من المضاربات المسرفة، وتزيد العائدات للجمهور، وتحمي دافعي الضرائب من تحمل تكاليف عمليات التنظيف البيئي».

وتقدّر الحكومة الأميركية أن تزيد القواعد الجديدة التكاليف التي تتحملها شركات الوقود الأحفوري بنحو 1.5 مليار دولار من الآن وحتى عام 2032. وسيذهب نحو نصف هذه الأموال إلى الولايات، وسيتم استخدام ثلثها تقريباً لتمويل مشروعات المياه في الغرب، وسيتم تقسيم الباقي بين وزارة الخزانة ووزارة الداخلية.

وتأتي هذه القاعدة في وقت تستعد فيه إدارة بايدن لخطة شاملة للحد من التنقيب عن النفط في المستقبل، عبر ما يقرب من 13 مليون هكتار من احتياطي البترول الوطني في ألاسكا، وهي أكبر مساحة من الأراضي العامة في البلاد. وذكرت «بلومبرغ» لأول مرة أنه من المتوقع أن تضع وزارة الداخلية اللمسات الأخيرة على الخطة - وهي بند رئيسي آخر في أجندة الرئيس للحفاظ على البيئة - في الأيام المقبلة.

اعتراضات

وفي حين أن اللوائح التي تم الكشف عنها لا تنطبق إلا على الأراضي العامة، التي تشكل أقل من 10 في المائة من الإنتاج الأميركي، فقد أثار الإعلان على الفور انتقادات من مجموعات الوقود الأحفوري وحلفائهم الجمهوريين في الكونغرس.

وانتقد جون باراسو، أكبر عضو جمهوري في لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس الشيوخ، بايدن، لأنه «بذل كل ما في وسعه لجعل إنتاج الطاقة على الأراضي الفيدرالية مستحيلاً اقتصادياً».

وأضاف أن «انخفاض النفط والغاز الطبيعي من الأراضي الفيدرالية يعني وظائف أقل للأميركيين، ويكاد يكون من المؤكد، المزيد من الأموال إلى الشرق الأوسط وفنزويلا وروسيا وإيران».

من جانبها، أعربت المجموعات التجارية لصناعة الوقود الأحفوري عن مخاوف قوية بشأن القاعدة المقترحة. وفي التعليقات العامة، كتب ائتلاف من 14 جمعية تجارية أن هذا الاقتراح يمكن أن يعيق إنتاج الوقود الأحفوري المحلي، مما يجعل أميركا أكثر اعتماداً على بلدان أخرى لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

وكتبت المجموعات، بما في ذلك معهد البترول الأميركي وجمعية البترول المستقلة الأميركية: «نحن قلقون من أن نهج مكتب إدارة الأراضي مع هذه القاعدة يتجاوز سلطته القانونية، ويمكن أن يكون له تأثير ضار على أمن الطاقة والاقتصاد في الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

ضعف الطلب الصيني يضغط أسواق النفط

الاقتصاد خطوط أنابيب نفطية في جمهورية التشيك (رويترز)

ضعف الطلب الصيني يضغط أسواق النفط

تراجعت أسعار النفط، يوم الجمعة، وكانت في طريقها إلى تسجيل خسائر لثالث أسبوع على التوالي بسبب ضعف الطلب في الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بلغت شهادات المنشأ للصادرات الكويتية لدول الخليج في يونيو الماضي 1495 شهادة بقيمة صادرات تقدر بنحو 38 مليون دولار (كونا)

انخفاض طفيف في الصادرات غير النفطية في الكويت للشهر الماضي

قالت وزارة التجارة والصناعة الكويتية، الخميس، إن إجمالي الصادرات المحلية (كويتية المنشأ) غير النفطية إلى دول العالم في شهر يونيو (حزيران) الماضي بلغ 21.7 مليون…

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد شعار «توتال إنرجيز» في ناطحة سحاب المقر الرئيسي للشركة في الحي المالي والتجاري في لا ديفانس بالقرب من باريس (رويترز)

انخفاض أرباح «توتال إنرجيز» أكثر من المتوقع في الربع الثاني بسبب التكرير

أعلنت شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية للنفط يوم الخميس انخفاض أرباح الربع الثاني بنسبة 6 في المائة، وهو ما كان أسوأ مما توقعه المحللون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك (أ.ف.ب)

نوفاك: لا خلاف بين روسيا و«أوبك بلس» بشأن تجاوز حصص الإنتاج

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إن روسيا ستعوض عن تجاوز حصص إنتاج النفط الخام التي حددها شركاء «أوبك بلس» ولا يوجد خلاف بشأن هذه القضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد أبقت الحكومة على أسعار الوقود المستخدم في إنتاج الكهرباء والصناعات الغذائية في المخابز عند مستوياتها (الشرق الأوسط)

زيادة أسعار الوقود في مصر بنسب تصل إلى 15 %

أعلنت الحكومة المصرية زيادة أسعار مجموعة واسعة من أنواع الوقود بنسب تصل إلى 15 في المائة، في أحدث خطوة لتقليص الدعم الحكومي للمحروقات.


«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.