هل ينفرد «المركزي الأوروبي» بمسار خفض الفائدة؟

لاغارد: المصرف يعتمد على البيانات لا على «الفيدرالي»

قال المركزي الأوروبي إن التخفيض سيكون مناسباً إذا كان تقييمه المحدث للآفاق الاقتصادية، والمقرر في يونيو، سيعزز ثقته في أن التضخم يتراجع (رويترز)
قال المركزي الأوروبي إن التخفيض سيكون مناسباً إذا كان تقييمه المحدث للآفاق الاقتصادية، والمقرر في يونيو، سيعزز ثقته في أن التضخم يتراجع (رويترز)
TT

هل ينفرد «المركزي الأوروبي» بمسار خفض الفائدة؟

قال المركزي الأوروبي إن التخفيض سيكون مناسباً إذا كان تقييمه المحدث للآفاق الاقتصادية، والمقرر في يونيو، سيعزز ثقته في أن التضخم يتراجع (رويترز)
قال المركزي الأوروبي إن التخفيض سيكون مناسباً إذا كان تقييمه المحدث للآفاق الاقتصادية، والمقرر في يونيو، سيعزز ثقته في أن التضخم يتراجع (رويترز)

لم تتأثر رهانات المتداولين على خفض أسعار الفائدة المتعددة من قبل المصرف المركزي الأوروبي هذا العام بشكل يُذكر، بسبب ارتفاع التضخم الأميركي الذي قلَّص توقعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي للتيسير النقدي، هذا الأسبوع، مما يسلط الضوء على تركيز المستثمرين المتزايد على التباين بين المنطقتين.

وعزز المصرف المركزي الأوروبي هذه القناعة، يوم الخميس، مشيراً إلى أنه قد يبدأ قريباً في خفض أسعار الفائدة. وأكدت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن المركزي الأوروبي «يعتمد على البيانات وليس على الاحتياطي الفيدرالي»، وفق «رويترز».

وقال المصرف إن التخفيض سيكون مناسباً إذا كان تقييمه المحدث للآفاق الاقتصادية، المقرر في يونيو (حزيران)، سيعزز ثقته في أن التضخم يتراجع.

وأشارت لاغارد إلى أنه في إبراز وجهة نظر متساهلة، اعتقد بعض صانعي السياسة أنه قد حان الوقت بالفعل لتخفيف السياسة يوم الخميس.

واجتمع المركزي الأوروبي بعد يوم واحد من اضطراب الأسواق العالمية بسبب ثلاثة أشهر قوية من بيانات التضخم الأميركية مؤكدة قوة أكبر اقتصاد في العالم. وفي الوقت نفسه، تراجع معدل التضخم بسرعة في منطقة اليورو وأصبح الاقتصاد بطيئاً.

وتأثرت الأسواق الأوروبية بنصيبها العادل من بيع سوق السندات يوم الأربعاء، لكن لا يزال المتداولون يرون احتمالاً يزيد قليلاً على 75 في المائة لخفض أسعار الفائدة من قبل المركزي الأوروبي في يونيو مقابل نحو 90 في المائة قبل تلك البيانات.

وبحلول نهاية عام 2024، يتوقع المتداولون نحو 75 نقطة أساس من الخفض، مقارنة بـ90 نقطة أساس سابقاً.

ومع ذلك، وعلى النقيض الحاد، دفع المتداولون رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة لأول مرة من قبل الاحتياطي الفيدرالي إلى سبتمبر (أيلول)، من يونيو، وهم يرون الآن 40 نقطة أساس فقط من الخفض بحلول نهاية العام، نزولاً من نحو 70 قبل البيانات الأميركية. كما تم تخفيض الرهانات على خفض أسعار الفائدة في المملكة المتحدة، مما يعني أن المتداولين أكثر ثقة في أن «المركزي الأوروبي» سيتحرك أولاً.

وعادة ما تتحرك دورات أسعار الفائدة للمصارف المركزية الكبرى بشكل متزامن.

وقال رئيس أبحاث الديون السيادية للأسواق المتقدمة في إدارة الاستثمار «إم إف إس»، بيتر جوفز: «الصورة في منطقة اليورو أكثر وضوحاً. من الأسهل قراءة السرد في منطقة اليورو. البيانات لا تعقد تقييم المركزي الأوروبي لما سيأتي بعد بطريقة تعقد بها البيانات في الولايات المتحدة الأمور بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي».

كما أن الحفاظ على أسواق الأسهم في اقتناعها بأن «المركزي الأوروبي» يقود الاحتياطي الفيدرالي ويخفض أسعار الفائدة بشكل أكثر حدة يُعد خبراً جيداً لسندات منطقة اليورو، ولكنه يمثل عقبة أمام اليورو.

ورغم أن السندات الحكومية في منطقة اليورو سجلت خسائر حتى الآن هذا العام، فإنها واصلت التفوق على نظيراتها الأميركية.

وأظهرت مؤشرات «بنك أوف أميركا» أن سندات الكتلة خسرت المستثمرين بنسبة 1.3 في المائة هذا العام، مقارنة بـ2.8 في المائة في سندات الخزانة الأميركية.

وارتفع عائد سندات ألمانيا لأجل 10 سنوات، وهو المعيار في منطقة اليورو، نحو 40 نقطة أساس هذا العام، مقارنة بـ70 نقطة أساس في نظيراتها الأميركية. وتتحرك عوائد السندات بعكس الأسعار.

وفي أوضح علامة على التباين، ارتفعت الفجوة التي تتم مراقبتها عن كثب بين عوائد سندات حكومات الولايات المتحدة وألمانيا لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2019 عند أكثر من 210 نقاط أساس يوم الأربعاء.

وقال «آي إن جي» إن المستويات فوق 200 نقطة أساس تصمد على المدى الطويل فقط عندما تتباعد مسارات السياسة لـ«المركزي الأوروبي» والاحتياطي الفيدرالي.

ضغوط مزدوجة على اليورو

يبدو المشهد أكثر تعقيداً بالنسبة إلى اليورو؛ فقد هبط اليورو إلى أدنى مستوى له في شهرين يوم الخميس عند نحو 1.0706 دولار. كما انخفضت العملة بنسبة 1 في المائة يوم الأربعاء، في أكبر انخفاض يومي لها منذ أكثر من عام مع ارتفاع الدولار بسبب بيانات التضخم.

وتشير قفزة عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد التضخم الآن إلى انخفاض اليورو إلى مستويات تقل عن 1.05 دولار، وفقاً لمجموعة «ميتسوبيشي يو إف جي» المالية.

ولكن في الوقت الحالي، يعتقد المحللون أن ضعف اليورو لن يمنع «المركزي الأوروبي» من اتخاذ إجراءات.

وقالت كبيرة استراتيجيي سوق الصرف الأجنبي في «رابوبنك»، جين فولي، في مذكرة: «لم أعتقد أن البيانات الأميركية ستغير مسار (المركزي الأوروبي)، بل لن يكون لها أهمية إلا إذا انهار اليورو».

وانخفض اليورو عن سعر التعادل مقابل الدولار لفترة قصيرة خلال أزمة الطاقة عام 2022.

ولكن بما أن ضعف اليورو يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التضخم في منطقة اليورو، فإنه أمر يجب مراقبته في وقت ارتفعت فيه أسعار النفط بنسبة تبلغ نحو 7 في المائة منذ نهاية فبراير (شباط).

وقالت فولي إن ذلك كان ليشكل مشكلة أكبر عندما كان التضخم أعلى، لذلك يمكن أن يصبح ضعف اليورو مصدر قلق إذا ارتفعت أسعار النفط أكثر، مما يؤكد على تأثيرها.

وفي إحدى العلامات التي تدل على الحاجة إلى مزيد من الحذر، بافتراض أن «المركزي الأوروبي» سيخفض أسعار الفائدة في يونيو، يتوقع المتداولون الآن احتمالاً بنسبة 20 في المائة لخفض لاحق في يوليو (تموز)، انخفاضاً من نحو 50 في المائة قبل بيانات التضخم الأميركية يوم الأربعاء.

وفي الواقع، يعتقد بعض صانعي السياسة أن مسألة التوقف في يوليو تزداد قوة بعد البيانات الأميركية، وفقاً لمصادر تحدثت إلى «رويترز» يوم الخميس.

وقال كبير استراتيجيي الدخل الثابت في شركة «ستيت ستريت غلوبال أدفايزرز»، جيسون سيمبسون: «على المدى الطويل، إذا لم يقم الاحتياطي الفيدرالي بذلك، فقد يؤدي ذلك إلى بعض الحذر فيما يتعلق بمدى استعداد (المركزي الأوروبي) لخفض أسعار الفائدة».


مقالات ذات صلة

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

الاقتصاد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

توقع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي ثابتاً عند 3.3 في المائة خلال العامَيْن الحالي والمقبل، وهو ما يتماشى بشكل عام مع الاتجاهات العالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: يجب تجنب التسرع في خفض الفائدة

أكد صانع السياسة في البنك المركزي الأوروبي، يواكيم ناغل، في مقابلة نُشرت يوم الجمعة، أنه لا ينبغي للبنك المركزي الأوروبي أن يُسرع في خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد عامل بناء يسير في موقع بناء سكني في ورسستر ببريطانيا (رويترز)

نقص العمالة يهدد الاقتصاد العالمي رغم مخاوف التضخم والديون

رغم المخاوف المتعلقة بالتجارة العالمية والديون والتضخم، قد يصبح نقص العمال العامل الأبرز الذي يحدد الاتجاهات الاقتصادية هذا العام على جانبي الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في خزنة أحد البنوك بزيوريخ (رويترز)

استقرار أسعار الذهب قرب أعلى مستوى في 5 أسابيع

استقرت أسعار الذهب قرب أعلى مستوى في خمسة أسابيع يوم الجمعة، متجهة صوب تحقيق مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي، مدفوعة ببيانات التضخم الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو في الشرق الأوسط إلى 3.4 % خلال 2025

توقّع البنك الدولي نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.4 في المائة خلال 2025، تراجعاً من توقعاته السابقة في أكتوبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الإمارات وقطر تبحثان تعزيز التعاون الاقتصادي وتطوير شراكات مستدامة

عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي مع الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة القطري خلال الاجتماع (وام)
عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي مع الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة القطري خلال الاجتماع (وام)
TT

الإمارات وقطر تبحثان تعزيز التعاون الاقتصادي وتطوير شراكات مستدامة

عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي مع الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة القطري خلال الاجتماع (وام)
عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي مع الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة القطري خلال الاجتماع (وام)

بحثت الإمارات وقطر تنمية الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتعزيز فرص التعاون في القطاعات ذات الاهتمام المتبادل، خصوصاً الاقتصاد الجديد وريادة الأعمال والصناعات التحويلية والاقتصاد الدائري والزراعة والطاقة والسياحة والطيران.

وجاءت تلك المباحثات خلال اجتماع عقده الطرفان، برئاسة كل من عبد الله المري، وزير الاقتصاد الإماراتي، مع الشيخ فيصل بن ثاني آل ثاني، وزير التجارة والصناعة في قطر؛ حيث أكد بن طوق، خلال اجتماع عقده الجانبان بمقر وزارة الاقتصاد في دبي، أن روابط تاريخية وعلاقات أخوية متينة تجمع دولتي الإمارات وقطر، رسّخت تعاوناً انعكس على تعزيز التنمية والازدهار في قطاعات عدة بالبلدين، لا سيما المجالات الاقتصادية والاستثمارية.

وأشار بن طوق إلى أن التعاون المُتنامي بين الاقتصادين الكبيرين يُعزز تحقيق المكاسب الاقتصادية للبلدين، ويحقق التقدم والرخاء لشعبيهما، ويدعم التنمية الاقتصادية الشاملة على مستوى المنطقة.

وقال إن البلدين يمتلكان رؤى وقواسم مشتركة حول تنويع اقتصاديهما، وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية، وزيادة الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الجديد، وتسريع التحوّل نحو النماذج الاقتصادية المستدامة والتنافسية القائمة على المعرفة والابتكار، وهو من شأنه خلق مزيد من فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري على مستوى القطاعين الحكومي والخاص في البلدين، ودعم بناء مستقبل أكثر تقدماً لاقتصاديهما، وذلك في ضوء الاستراتيجيات الوطنية للدولتين، لا سيما رؤية «نحن الإمارات 2031» ورؤية «قطر الوطنية 2030».

وأضاف أن اجتماع اليوم مع الوزير القطري يُشكّل فرصة حيوية لمناقشة سُبل بناء شراكات جديدة في القطاعات الاقتصادية المتنوعة والمستدامة، بما يدعم مستويات العلاقات الاقتصادية المشتركة، ودفعها نحو مزيد من الازدهار والتنافسية، وبما يُسهم في فتح آفاق جديدة من التعاون بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والقطري.

ووفق وكالة أنباء الإمارات «وام»، ناقش الجانبان الإماراتي والقطري، أهمية مواصلة الجهود المشتركة لتوفير سُبل الدعم لأصحاب الأعمال والمصدرين في أسواق البلدين، بغرض تسهيل وزيادة تبادل السلع والخدمات والعمل على تنويعها، وكذلك فتح قنوات جديدة للتواصل بين المستثمرين ورجال الأعمال والشركات في الجانبين، لاستكشاف الفرص الاقتصادية والاستثمارية التي يُمكن اقتناصها في القطاعات الحيوية في أسواق البلدين، وفقاً للمعلومات الصادرة.

وسلّط بن طوق الضوء في هذا الاتجاه على أبرز التطورات التشريعية الاقتصادية للإمارات، ومنها إصدار وتحديث أكثر من 30 تشريعاً وقراراً على مدار السنوات الأربع الماضية، مثل صدور قوانين للتجارة الإلكترونية، والتحكيم والمعاملات التجارية، والشركات العائلية والتعاونيات، وكذلك السماح بالتملك الأجنبي للشركات بنسبة 100 في المائة.

كما تطرّق إلى المقومات التي يتمتع بها الاقتصاد الإماراتي، بوصفه بيئة أعمال تنافسية لتأسيس الأنشطة الاقتصادية والتجارية، وزخم الفرص في قطاعات الاقتصاد الجديد بالأسواق الإماراتية، مثل التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال والتصنيع المتقدم والغذاء والطاقة النظيفة.

ووجّه بن طوق الدعوة للجانب القطري للحضور، والمشاركة في النسخة الرابعة من «إنفستوبيا»، المقرر انعقادها خلال فبراير (شباط) 2025، التي ستُشكل فرصة كبيرة ومهمة لمناقشة سُبل الاستفادة من الممكنات الواعدة التي تتيحها الإمارات أمام المستثمرين من كل أنحاء العالم، وتطوير أوجه التعاون في القطاعات الاقتصادية المختلفة.