مستقبل «يو بي إس» على المحكّ مع تشديد قواعد «أكبر من أن تفشل» في سويسرا

ينتظر بفارغ الصبر توصيات الحكومة بشأن مراقبة المصارف الكبرى

حذر بنك «يو بي إس» من أن متطلبات رأس المال المفرطة ستضر بالمستهلك في نهاية المطاف (رويترز)
حذر بنك «يو بي إس» من أن متطلبات رأس المال المفرطة ستضر بالمستهلك في نهاية المطاف (رويترز)
TT

مستقبل «يو بي إس» على المحكّ مع تشديد قواعد «أكبر من أن تفشل» في سويسرا

حذر بنك «يو بي إس» من أن متطلبات رأس المال المفرطة ستضر بالمستهلك في نهاية المطاف (رويترز)
حذر بنك «يو بي إس» من أن متطلبات رأس المال المفرطة ستضر بالمستهلك في نهاية المطاف (رويترز)

بعد عام من إنقاذ بنك «يو بي إس» منافسه «كريدي سويس»، يترقب المصرف بقلق شديد توصيات الحكومة السويسرية بشأن كيفية حماية النظام المالي من خطر انهيار مصرفها الكبير الوحيد المتبقي.

ومن المقرر أن تنشر الحكومة السويسرية هذا الشهر خطتها لمراقبة المصارف التي تُعدّ «أكبر من أن تفشل Too Big To Fail»، الأمر الذي قد يُثقل كاهل «يو بي إس» بقواعد عمل أكثر صرامة، وفق «رويترز».

ماذا يعني «أكبر من أن تفشل»؟

أظهرت الأزمة المالية 2007 - 2009 أن انهيار المصارف المهمة بشكل منهجي يعرّض الاقتصادات بأكملها للخطر. ولم يكن بوسع الدولة أن تتخلى عن هذه المصارف، ومنحتها ضمانات حكومية ضمنية، الأمر الذي يجعلها أكبر من أن يُسمَح لها بالإفلاس. ولتجنب الوقوع رهينة لسوء الإدارة المصرفية في المستقبل، سعت الحكومات والجهات التنظيمية إلى تعزيز القواعد حتى تضطر المصارف إلى تعزيز ميزانياتها العمومية.

كيف عملت القواعد في أزمة 2023؟

أظهر انهيار «كريدي سويس» والكثير من المصارف الإقليمية الأميركية العام الماضي أن قواعد «أكبر من أن تفشل» غير كافية. وبدلاً من إعادة هيكلة المصرف دون دعم حكومي -كما كان مقصوداً- اضطرت الدولة السويسرية إلى هندسة استيعابه من «يو بي إس»، بدعم من سيولة بقيمة 168 مليار فرنك سويسري (187 مليار دولار) من المصرف الوطني السويسري.

وتراجَع قواعد «أكبر من أن تفشل» السويسرية كل عامين، ولكن جرى تأجيل آخر تحديث لمدة عام بعد انهيار «كريدي سويس». كما اقترحت سلطة مراقبة السوق المالية السويسرية (فينما) والبنك الوطني السويسري (إس إن بي) وفريق من الخبراء ومجلس الاستقرار المالي (إف إس بي)، إدخال تحسينات.

نقاط النقاش

وتركز المناقشات على النقاط التالية:

رأس المال: كان وجود احتياطي رأسمالي أكبر سيمنح «كريدي سويس» والحكومة السويسرية مزيداً من الوقت لإيجاد حل، كما أنه سييسّر عملية تقسيم تصفية أجزاء من المصرف.

السيولة: عانى «كريدي سويس» العام الماضي من أول موجة سحب جماعي للودائع في مصرف رقمي وذلك بسبب انهيار الثقة في المُقرض. وفي شهر مارس (آذار) وحده، سحب العملاء عشرات المليارات من الدولارات. ولم يكن تقديم المساعدة الطارئة للسيولة من المصرف الوطني السويسري والمخصصة لمثل هذه الحالات كافياً لوقف عمليات السحب.

دعم السيولة من الدولة: حتى قبل أزمة «كريدي سويس»، كانت الحكومة السويسرية تعمل على توفير حماية سيولة حكومية، وهو ما يسمى الدعم الاحتياطي للسيولة العامة. ويصبح هذا الدعم ساري المفعول عندما يحتاج مصرف بشكل ماسٍّ إلى سيولة نقدية ولكنه لا يستطيع تزويد المصرف الوطني السويسري بضمانات كافية. وفي مثل هذه الحالات، تتدخل الدولة وتضمن للمركزي استعادة القروض.

الإدارة: كان أحد الدروس المستفادة من انهيار أزمة «كريدي سويس» أن المديرين التنفيذيين قاموا بمخاطر مفرطة ولم يحاسَبوا عليها بشكل صحيح. وفي ضوء ذلك، تدعو «فيمنا» إلى إدخال ما يسمى نظام كبار المديرين استناداً إلى النموذج البريطاني. ويهدف هذا النظام إلى ضمان تحديد مسؤولية الإدارة عن القرارات بشكل واضح.

مستقبل «يو بي إس» على المحكّ

وفي تقرير يُتوقع أن يكون من عدة مئات من الصفحات، سيخضع قسم متطلبات رأس المال لتدقيق خاص، حيث يتعين على «يو بي إس» إيجاد عشرات مليارات الدولارات الإضافية للحماية من انهيار على غرار انهيار «كريدي سويس».

ووفقاً للخبير الاقتصادي في جامعة «سانت غالن»، استيفان ليجي: «لا يمكن لسويسرا ببساطة تحمل انهيار (يو بي إس)، لأن عواقبه ستكون وخيمة على الاقتصاد السويسري بأكمله».

ويبلغ حجم الميزانية العمومية للمصرف نحو 1.7 تريليون دولار، وهو ضِعف الناتج الاقتصادي السويسري السنوي، مما يمنحه ثقلاً استثنائياً بالنسبة إلى اقتصاد كبير.

وإذا انهار «يو بي إس» فلا يوجد منافسون محليون متبقون لاستيعابه. ويقول الخبراء إن تكلفة التأميم قد تُشكل عبئاً هائلاً على المالية العامة لسويسرا.

وفي مايو (أيار) 2023، أيَّد مجلس النواب السويسري اقتراحاً يدعو إلى أن يكون للمصارف ذات الأهمية النظامية نسبة سيولة تبلغ 15 في المائة من الأصول، وهو أعلى بكثير مما هو عليه في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا.

وبناءً على رأسمال أساسي من الدرجة الأولى بقيمة 79 مليار دولار، حقق بنك «يو بي إس» عائداً على حقوق الملكية بنسبة 4.7 في المائة في نهاية عام 2023.

وقال إندرياس إيتا، من شركة الاستشارات «أوروبيت 36»، إن النسبة الأعلى ستحتاج على الأرجح إلى أن يضطر بنك «يو بي إس» إلى إيجاد ما يزيد على 100 مليار دولار من حقوق الملكية الإضافية.

وأضاف: «لا يمكن القيام بذلك في فترة زمنية معقولة عن طريق حجب الأرباح، ومن الصعب جداً جمع مثل هذه المبالغ عبر أسواق رأس المال».

ومع ذلك، يمكن للمصرف أن يقلص ميزانيته العمومية ويقلل من عرض الائتمان، على حد قوله.

ممارسة الضغط

يتوقع عدد قليل من المحللين أن تُفرض مثل هذه الشروط المرهقة، لكنها تساعد على تفسير سبب حرص بنك «يو بي إس» على إسماع صوته.

وقال مصدر في الصناعة مطلع على الوضع: «(يو بي إس) يرتجف»، وأشار إلى أن المصرف أطلق العنان لحملة ضغط كبيرة ستستمر حتى اللحظة الأخيرة بين الكثير من «الأبواب المفتوحة» التي وجدها بين السياسيين والمسؤولين.

وقالت وزيرة المالية كارين كيلر – سوتر، العام الماضي، إن متطلبات رأس المال الأكثر صرامة قادمة. ومع ذلك، قالت أيضاً إن الإفراط في التنظيم يمكن أن يعيق قدرة سويسرا على المنافسة مع المراكز المالية الأخرى مثل نيويورك ولندن وسنغافورة ودبي.

وأضافت: «إذا كنت تريد البقاء في الدوري الممتاز، فلن تكون قادراً على تجنب المخاطرة في المستقبل».

وحذّر بنك «يو بي إس» من جهته من أن متطلبات رأس المال المفرطة ستضر بالمستهلك في نهاية المطاف.

وقال رئيس مجلس إدارة بنك «يو بي إس»، كولم كيلهير، لصحيفة «إن زد زد إم سونتاغ» مؤخراً: «إذا كان لديك رأسمال كبير جداً، فإنك تعاقب المساهمين، ولكن أيضاً العملاء، لأن الخدمات المصرفية تصبح أكثر تكلفة».

ولا يتوقع إجراء تغييرات كبيرة هذا العام. ويتعين على البرلمان أولاً النظر في أي توصيات قبل أن تقدم الحكومة مشروع قانون، ثم تبدأ المشاورات مع المصارف وأصحاب المصلحة الآخرين.

وقال ليجي: «من غير المرجح أن يضع السياسيون عقبات كثيرة أمام بنك (يو بي إس)». وأضاف: «لا توجد خطة بديلة هذه المرة. ستكون السياسة الرئيسية هي الأمل، الأمل في ألا يواجه بنك (يو بي إس) مشكلات. لكن الأمل ليس استراتيجية».



«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.