البنك الدولي: تخلفات الديون في الأسواق الناشئة «منخفضة» وآفاقها واسعة

نشرت مجموعة البنك الدولي إحصاءات تكشف عن صورة المخاطر الائتمانية لاستثمارات القطاعين الخاص والعام في الأسواق الناشئة، التي أظهرت معدلات تخلف منخفضة في حالة القطاع الخاص، ونادرة في حالة الديون السيادية، وهي البيانات التي من شأنها أن تشجع على الاستثمار في الأسواق الناشئة بشكل أوسع.

وبحسب بيانات البنك الدولي، التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، فقد سجلت محفظة مؤسسة التمويل الدولية في القطاع الخاص بالأسواق الناشئة معدل تخلف منخفضاً بلغ 4.1 في المائة في الفترة من 1986 إلى 2023، مما يشير إلى الإمكانات غير المستغلة ومرونة استثمارات القطاع الخاص في الأسواق الناشئة. وبالنسبة للاستثمارات التي صنفها نظام التصنيف الداخلي لمؤسسة التمويل الدولية على أنها «ضعيفة»، بلغ معدل التخلف عن السداد 2.6 في المائة فقط خلال الفترة بين عامي 2017 و2023، ما يشير إلى أنه حتى الاستثمارات التي تعد ذات مخاطر أعلى يمكن أن تحقق أداء أفضل مما كان متوقعاً.

أما بالنسبة للمقترضين السياديين في الأسواق الناشئة، أكد البند الدولي أن حالات التخلف عن السداد بينهم نادرة، حيث لا يتجاوز متوسطها 0.7 في المائة سنوياً، ويسترد البنك الدولي عادة أكثر من 90 في المائة من المبلغ المستحق، بما في ذلك أصل الدين والفائدة. ويؤكد هذا الوضع «الدائن المفضل» للبنك الدولي وقدرته على إدارة مخاطر الائتمان السيادي بشكل فعال.

وبحسب بيانات البنك الدولي، تتراوح خسائر التخلف عن السداد السيادي ما بين 0.01 في المائة و58.5 في المائة، ما يعكس تأثير أسعار الفائدة وطول فترة التخلف عن السداد.

ويمكن للبيانات الشاملة التي توفرها مجموعة البنك الدولي أن تكون بمثابة قواعد تسترشد بها تقييمات المخاطر الأكثر دقة، ما يؤدي إلى اتخاذ قرارات استثمارية أفضل وتحسين فرص حصول الأسواق الناشئة على رأس المال.

ومن شأن التقرير البنك الدولي الجديد أن يدعم الاستثمار الخاص في الاقتصادات النامية، من خلال زيادة الشفافية بشأن الأداء التاريخي ومساعدة المستثمرين على قياس علاوات المخاطرة والمكافآت، وتعزيز الثقة في حالة الأسواق الناشئة.

وشارك البنك الدولي للإنشاء والتعمير في إمداد التقرير بإحصاءات التخلف عن السداد السيادي ومعدلات الاسترداد التي يعود تاريخها إلى عام 1985، وستساعد هذه المعلومات وكالات التصنيف الائتماني ومستثمري القطاع الخاص على اكتساب فهم أعمق للمخاطر الائتمانية التي يواجهها البنك الدولي للإنشاء والتعمير.

كما قدّمت مؤسسة التمويل الدولية إحصاءات عن عجز القطاع الخاص عن السداد مقسمة حسب التصنيف الائتماني الداخلي. ويقدم التقرير رؤى يمكن أن تساعد مستثمري القطاع الخاص على الشعور بثقة أكبر بشأن الاستثمار في الأسواق الناشئة.

وقال رئيس مجموعة البنك الدولي أجاي بانغا: «نعتقد أن المعلومات التي نمتلكها يجب أن تكون منفعة عامة عالمية، وأن تبادلها سيوفر الشفافية ويعزز ثقة المستثمرين. ويهدف نشر هذه البيانات إلى تحقيق هدف واحد: جذب المزيد من رأس مال القطاع الخاص إلى الاقتصادات النامية لتحقيق التأثير وخلق فرص العمل».

جدير بالذكر أن تقرير البنك الدولي الجديد يأتي بعد نحو شهر واحد من تحذيره من أن ارتفاع تكاليف الاقتراض «غيّر بشكل كبير» حاجة الدول النامية إلى تعزيز النمو الاقتصادي المتباطئ.

وجاء التحذير السابق بعدما سجل بيع السندات الدولية من حكومات الأسواق الناشئة رقماً قياسياً بلغ 47 مليار دولار في يناير (كانون الثاني)، بقيادة أسواق ناشئة أقل خطورة، وفق «رويترز». ومع ذلك، بدأ بعض المصدرين الأكثر خطورة في استغلال الأسواق بمعدلات أعلى. على سبيل المثال، دفعت كينيا في وقت سابق أكثر من 10 في المائة على سند دولي جديد، وهي العتبة التي يعد الخبراء فوقها الاقتراض غير مستدام مالياً.

وقال نائب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، أيخان كوس، لـ«رويترز» في مقابلة أجريت معه في شهر فبراير (شباط) الماضي: «عندما يتعلّق الأمر بالاقتراض، تتغير القصة بشكل كبير. أنت بحاجة إلى النمو بشكل أسرع بكثير». وأضاف: «إذا كان لدي قرض عقاري بفائدة 10 في المائة، فسأكون قلقاً». وأشار إلى أن النمو الأسرع، خصوصاً معدل نمو حقيقي أعلى من التكلفة الحقيقية للاقتراض، قد يكون بعيد المنال.

وحذّر البنك الدولي في تقرير توقعات الاقتصاد العالمي، الذي نُشر في يناير الماضي، من أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو أضعف أداء خلال 5 سنوات في 30 عاماً خلال الفترة 2020 – 2024، حتى لو تم تجنب الركود. ومن المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي للعام الثالث على التوالي إلى 2.4 في المائة، قبل أن يرتفع إلى 2.7 في المائة في عام 2025. وأظهر التقرير أن هذه المعدلات لا تزال أقل بكثير من متوسط 3.1 في المائة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويعد تباطؤ النمو حاداً بشكل خاص بالنسبة للأسواق الناشئة، إذ لم يشهد نحو ثلثها أي انتعاش منذ جائحة «كوفيد - 19»، ودخلها الفردي أقل من مستويات عام 2019. وقال كوس إن هذا الأمر يضع كثيراً من أهداف الإنفاق على التعليم والصحة والمناخ موضع تساؤل. وأضاف: «أعتقد أنه سيكون من الصعب تحقيق هذه الأهداف، إن لم يكن مستحيلاً، بالنظر إلى نوع النمو الذي شهدناه».