أمين عام «أوبك» يحذر من «تعريض الحاضر للخطر باسم المستقبل»

المنظمة تُبقي على توقعاتها للطلب على النفط في 2024 دون تغيير

نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
TT

أمين عام «أوبك» يحذر من «تعريض الحاضر للخطر باسم المستقبل»

نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)

دعا الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» هيثم الغيص، إلى الحذر من تعريض الحاضر للخطر، باسم إنقاذ المستقبل، وذلك في مقال أسهب فيه في عرض المخاطر التي سيشهدها العالم والاقتصاد الدولي دون نفط. في وقت أبقت المنظمة على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، خلال العام الحالي، دون تغيير عند 2.25 مليون برميل يومياً.

وقال الغيص في مقال نشره على موقع المنظمة الإلكتروني إنه «إذا اختفى النفط غداً، فلن يكون هناك وقود طائرات أو بنزين أو ديزل، وسوف تتقطع السبل بالسيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي والحافلات والشاحنات، وستتوقف الطائرات، وستتوقف السكك الحديدية للشحن والركاب التي تعمل بالديزل، ولن يتمكن الناس من الذهاب إلى العمل، ولن يتمكن الأطفال من الذهاب إلى المدرسة، وستتعرض صناعة الشحن، التي تنقل البضائع والركاب للدمار، ولن تكون هناك أي فائدة من استدعاء خدمات الطوارئ، وستكون غالبية سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء والشرطة ومروحيات الإنقاذ ومركبات الطوارئ الأخرى معطلة، كما ستختفي معظم الجوالات وأجهزة الكومبيوتر لأن مكوناتها البلاستيكية مشتقة من النفط».

أضاف الغيص في المقال الذي حمل عنوان «ماذا لو اختفى النفط غداً؟ لذلك سيكون من الصعب العثور على طريقة للتواصل مع خدمات الطوارئ، كما سيتوقف قطاع البناء، حيث ستتعطل المركبات التي تعمل بالديزل، وستظل الحفارات والجرافات والشاحنات القلابة والرافعات وخلاطات الإسمنت والبكرات الاهتزازية والرافعات المدمجة معطلة، ولن يكون من الممكن بناء منازل أو مبان جديدة أو إجراء أعمال صيانة حيوية لها».

وأضاف الغيص، أنه الأمر سيكون أيضاً كارثياً على «الخدمات الصحية في كل مكان. وسيفتقر الموظفون إلى القدرة على الحركة، وستتقطع السبل بالإمدادات الأساسية. وبعيداً عن وسائل النقل، يعد البترول مادة خام أساسية للأدوية والبلاستيك والإمدادات الطبية»، مضيفاً «من الصعب تصور مستشفى حديث من دون هذه المجموعة من المنتجات البترولية الأساسية».

وإذا اختفى النفط غداً، «ستختفي المنتجات النفطية. وهذا من شأنه أن يؤثر على إنتاج السيارات الكهربائية. وبصرف النظر عن تعطيل سلاسل التوريد، فإن هيكل بطاريات الليثيوم أيون سيتأثر... وستتأثر صناعة الطاقة المتجددة. ستختفي الألياف الزجاجية أو الراتنغ أو البلاستيك اللازم لبناء معظم توربينات الرياح. سيختفي الإيثيلين المستخدم في إنتاج الألواح الشمسية».

وأشار المقال إلى أنه «إذا اختفى النفط غداً، فسيدمر إنتاج الغذاء. والمركبات الضرورية في الزراعة - الجرارات، وآلات جز العشب، والحصادات، والمكبسات، والرشاشات، والبذارات - ستتوقف عن العمل. ولن تتوفر عبوات المواد الغذائية اللازمة للتخزين والحفظ»، مشيراً إلى أن فحم الكوك البترولي، وهو منتج ثانوي في تكرير النفط، يستخدم مادة وسيطة في تصنيع الأسمدة الاصطناعية، والتي تعد مهمة في زيادة إنتاجية المحاصيل. ومن المرجح أن يترتب على ذلك نقص الغذاء.

وقال إن هذه ليست حتى القائمة الكاملة لكل ما يمكن أن يتأثر، في مثل هذا «السيناريو الذي لا يمكن تصوره». ولكن على الرغم من هذه الحقائق، هناك دعوات تقول: «أوقفوا النفط فحسب»، أو «أبقوه في الأرض»، أو «لا تستثمروا في مشاريع النفط والغاز الجديدة».

وأكد الغيص، أنه «بطبيعة الحال، يرغب الجميع في رؤية انخفاض في انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي. وتعتقد (أوبك) أن الحلول التكنولوجية وتحسينات الكفاءة يمكن أن تلعب دوراً حيوياً. صناعة النفط نشطة بالفعل في هذا الصدد».

وختم الغيص المقال: «علينا أن نكون حذرين من تعريض الحاضر للخطر، باسم إنقاذ المستقبل».

في الأثناء، أبقت منظمة البلدان المصدِّرة للنفط (أوبك) على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، خلال العام الحالي، دون تغيير عند 2.25 مليون برميل يومياً. ورفعت «أوبك» في تقريرها الشهري، الثلاثاء، توقعاتها للنمو الاقتصادي لهذا العام، وأرجعت السبب إلى أنه لا يزال هناك مجال أكبر للتحسن.

وقالت المنظمة إن الطلب العالمي على النفط سيزيد 2.25 مليون برميل يومياً في عام 2024، و1.85 مليون برميل يومياً في 2025، ولم تتغير هذه التوقعات عن الشهر الماضي.

وقالت «أوبك» في التقرير إنه من المتوقع أن تمتد «الديناميكية القوية» للنمو الاقتصادي التي بدأت قرب نهاية 2023 إلى النصف الأول من عام 2024. ورفعت توقعاتها للنمو الاقتصادي للعام الحالي 0.1 في المائة بعد زيادة سابقة الشهر الماضي.

وتابعت: «رغم استمرار بعض المخاطر التي تدفع في اتجاه معاكس، فإن استمرار الزخم المتوقع منذ بداية العام قد يؤدي إلى اتجاهات صعودية إضافية للنمو الاقتصادي العالمي في عام 2024».

وذكرت «أوبك» أن إنتاجها من الخام ارتفع 203 آلاف برميل يومياً إلى 26.57 مليون برميل يومياً في فبراير (شباط)، بقيادة ليبيا ونيجيريا، على الرغم من الجولة الجديدة لتخفيضات الإنتاج الطوعية التي بدأها تحالف «أوبك بلس» في يناير (كانون الثاني).

ومؤخراً، اتفق أعضاء «أوبك بلس» على تمديد خفض إنتاج النفط طوعياً 2.2 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من عام 2024، الأمر الذي يوفّر دعماً إضافياً للسوق وسط مخاوف بشأن النمو العالمي.


مقالات ذات صلة

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري دعم الوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد منصة غاز في عرض البحر (رويترز)

«قطر للطاقة» تعزز حصصها البحرية بحوض «أورانج» في ناميبيا

أعلنت شركة «قطر للطاقة»، الأحد، أنها أبرمت اتفاقية مع شركة «توتال إنرجيز» لشراء حصص استكشاف بحرية إضافية في حوض «أورانج» قبالة سواحل ناميبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مصانع تابع لشركة «أوكيو»... (أونا)

«أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تتلقّى تعهداً من 4 مستثمرين بشراء 30 % من الأسهم

تلقّت «أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تعهداً باكتتاب بـ30 في المائة من الأسهم المطروحة للاكتتاب العام من 4 مستثمرين رئيسيين بإجمالي نحو 146.6 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

TT

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)
المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من قفزات في المؤشرات العالمية، أثبتت المملكة اهتمامها الكبير بالبنية التحتية لتقنية المعلومات، وهو ما انعكس إيجاباً على أعمال «سيسكو» العالمية للأمن والشبكات، حيث حقَّقت الشركة أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة في البلاد، وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

هذا ما ذكره المدير التنفيذي لشركة «سيسكو» في السعودية سلمان فقيه، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أكد فيه أن المملكة أثبتت قوة بنيتها التحتية وكفاءتها خلال جائحة «كورونا»، الأمر الذي أثّر إيجاباً على الشركة خلال السنوات الماضية.

و«سيسكو» هي شركة تكنولوجية مدرجة في السوق الأميركية، ومقرها الرئيس في وادي السيليكون بكاليفورنيا، وتعمل في مجال تطوير وتصنيع وبيع أجهزة الشبكات والبرامج ومعدات الاتصالات.

التحول الرقمي

وأشار فقيه إلى أن «سيسكو»، تسعى دائماً للعب دور بارز في دعم التحول الرقمي في السعودية من خلال استثمارات استراتيجية، ففي عام 2023، افتتحت الشركة مكتباً إقليمياً في الرياض، وذلك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعزيز حضورها في المملكة، لافتاً إلى أن الإدارة العليا عقدت اجتماعات رفيعة المستوى مع بعض متخذي القرار في القطاعَين الحكومي والخاص، خلال الشهر الماضي؛ لاستكمال الشراكة مع السوق المحلية.

وأضاف: «كانت هناك استمرارية لاستثمارات الشركة في برامج تسريع التحول الرقمي الهادف إلى دعم جهود المملكة في القطاعات الحيوية، وتطوير منظومة الابتكار».

وتابع فقيه قائلاً إنه منذ إطلاق برنامج التحول الرقمي عام 2016 في المملكة ضمن «رؤية 2030»، الهادف إلى تعزيز المهارات الرقمية وتنمية الابتكار، تم تنفيذ أكثر من 20 مشروعاً من قبل «سيسكو» ضمن هذا البرنامج في مجالات حيوية؛ مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والمدن الذكية.

ونوّه الرئيس التنفيذي بالإنجازات التي حققتها المملكة في مجال التحول الرقمي، حيث تمكّنت من تحقيق تقدم ملحوظ في المؤشرات العالمية، وجاءت ثانيةً بين دول مجموعة العشرين في «مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» لعام 2024، بالإضافة إلى تصدرها في جاهزية أمن المعلومات.

الأمن السيبراني

وأوضح فقيه أن المملكة وضعت في مقدمة أولوياتها تعزيز الأمن السيبراني، لا سيما في ظل ازدياد الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم. وقال: «الأمن السيبراني يمثل أحد التحديات الكبرى، ونعمل في المملكة لتوفير الحلول اللازمة لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية».

ولفت إلى الزيادة الكبيرة لاستثمارات الأمن السيبراني في المملكة. وأظهرت دراسة أجرتها «سيسكو» خلال العام الحالي أن 99 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أكدوا زيادة ميزانياتهم الخاصة بالأمن السيبراني، في الوقت الذي تعرَّض فيه 67 في المائة منهم لحوادث أمنية في العام الماضي.

كما ذكر فقيه أن من التحديات الأخرى ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة لـ«سيسكو» أن 93 في المائة من الشركات السعودية لديها استراتيجيات خاصة بالذكاء الاصطناعي، لكن 7 في المائة منها فقط تمتلك الجاهزية الكاملة للبنية التحتية اللازمة لتطبيق هذه التقنيات.

القدرات التقنية

وفيما يتعلق بتطوير القدرات التقنية في المملكة، أوضح فقيه أن برنامج «أكاديميات سيسكو» للشبكات حقق تأثيراً كبيراً في السعودية، حيث استفاد منه أكثر من 336 ألف متدرب ومتدربة، بمَن في ذلك نسبة كبيرة من المتدربات تجاوزت 35 في المائة، وهي واحدة من أعلى النِّسَب على مستوى العالم.

أما في سياق التعاون بين «سيسكو» والمؤسسات الأكاديمية في المملكة، فأبرز فقيه الشراكة المستمرة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وقال: «هذا التعاون يهدف إلى استخدام التقنيات الحديثة في تحسين البيئة التعليمية، وتمكين الكوادر الأكاديمية والطلاب من الاستفادة من أحدث الحلول التقنية».

وتطرَّق فقيه إلى التزام الشركة بالاستدامة البيئية، حيث تستهدف «سيسكو» الوصول إلى صافي انبعاثات غازات دفيئة صفرية بحلول 2040. وقال: «نعمل على تقديم حلول تقنية تراعي كفاءة استخدام الطاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة نحو الحياد الصفري الكربوني».

وفي ختام حديثه، أشار فقيه إلى مشاركة «سيسكو» في مؤتمر «بلاك هات» للأمن السيبراني، الذي تستعد الرياض لاستضافته من 26 إلى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بصفتها راعياً استراتيجياً. وأضاف أن الشركة تسعى من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز التعاون مع العملاء والشركاء في المملكة؛ لتوفير حلول أمنية مبتكرة تضمن حماية البيانات، وتسهيل تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن.