«أرامكو» تعزز توزيعات الـ2023 بـ30 % إلى نحو 100 مليار دولار رغم انخفاض أسعار النفط

الناصر: نبحث عن مزيد من الفرص الاستثمارية في الصين

توزيعات الأرباح الأساسية زادت 4 % إلى 20.29 مليار على أساس سنوي تدفع في الربع الأول من 2024 (رويترز)
توزيعات الأرباح الأساسية زادت 4 % إلى 20.29 مليار على أساس سنوي تدفع في الربع الأول من 2024 (رويترز)
TT

«أرامكو» تعزز توزيعات الـ2023 بـ30 % إلى نحو 100 مليار دولار رغم انخفاض أسعار النفط

توزيعات الأرباح الأساسية زادت 4 % إلى 20.29 مليار على أساس سنوي تدفع في الربع الأول من 2024 (رويترز)
توزيعات الأرباح الأساسية زادت 4 % إلى 20.29 مليار على أساس سنوي تدفع في الربع الأول من 2024 (رويترز)

عززت شركة «أرامكو السعودية» توزيعات أرباحها إلى نحو 100 مليار دولار العام الماضي، حيث أعلنت عن ثاني ربح سنوي في تاريخها، حتى في ظل انخفاض أسعار النفط وتخفيضات الإنتاج.

وقالت الشركة، في بيان عن نتائجها المالية لعام 2023، يوم الأحد، إن صافي الدخل بلغ 121.3 مليار دولار العام الماضي، بانخفاض نسبته 24.7 في المائة من 161.07 مليار دولار في نهاية عام 2022. لكن توزيعاتها الإجمالية للأرباح ارتفعت في العام الماضي إلى 97.8 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادةً نسبتها 30 في المائة عن عام 2022.

في حين ارتفعت دفعات الربع الرابع، البالغة 31.07 مليار دولار، عن مستوى الربع الثالث، ويشمل هذا المبلغ: 20.29 مليار دولار توزيعات الأرباح الأساسية بزيادة 4 في المائة على أساس سنوي ستدفع في الربع الأول من عام 2024، و10.78 مليار دولار توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء بزيادة نسبتها 9 في المائة مقارنة بـالدفعتين ربع السنويتين بقيمة 9.9 مليار دولار لكلٍّ منهما في النصف الثاني من عام 2023.

وتتوقع «أرامكو» توزيع أرباح مرتبطة بالأداء بقيمة 43.1 مليار دولار هذا العام، بما في ذلك 10.8 مليار دولار سيتم دفعها في الربع الأول.

كانت «أرامكو» شهدت تطوراً بارزاً يوم الخميس الماضي، تمثل بإعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إتمام نقل 8 في المائة من إجمالي أسهم الشركة إلى محافظ شركات مملوكة بالكامل لـ«صندوق الاستثمارات العامة».

وأفصحت «أرامكو» على موقع «تداول» في حينه، أنه بعد عملية النقل تظل الدولة المساهم الأكبر في الشركة، حيث تملك 82.186 في المائة من أسهمها.

وقالت «أرامكو» في بيان يوم الأحد إن الربح لا يزال ثاني أعلى ربح للشركة على الإطلاق، بعد رقم قياسي بلغ 161.1 مليار دولار في عام 2022. وأوضحت أن الاستثمارات الرأسمالية بلغت 49.7 مليار دولار في عام 2023 ارتفاعاً بنسبة 28 في المائة من 38.8 مليار دولار في عام 2022. وتوقعت استثمارات رأسمالية تتراوح بين 48 مليار دولار و58 مليار دولار هذا العام، مع نمو حتى منتصف العقد الحالي تقريباً.

وتوقعت «أرامكو» أن يؤدي توجيه وزارة الطاقة بالمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يومياً، وبشكل أساس من تأجيل المشاريع التي لم يتم تشغيلها بعد وتخفيضات في أعمال الحفر المصاحب، إلى تقليل الاستثمار الرأسمالي بحوالي 40 مليار دولار بين عامي 2024 و2028.

«زيادة المرونة»

وقال الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو» أمين الناصر، في البيان، إن توجيهات الحكومة «توفر مزيداً من المرونة، إلى جانب فرصة التركيز على زيادة إنتاج الغاز وتنمية أعمالنا في مجال تحويل السوائل إلى كيميائيات»، وأضاف: «وفي الوقت نفسه، نواصل إحراز تقدم في العديد من المشاريع الاستراتيجية لزيادة النفط الخام، التي ستُسهم في تعزيز موثوقيتنا ومرونتنا التشغيلية وقدرتنا على اغتنام الفرص المتاحة في السوق».

وقال: «أعلنّا عن أرباح قوية، وتدفقات نقدية جيدة ومستويات عالية من الربحية في عام 2023، حيث حققنا ثاني أعلى صافي دخل على الإطلاق رغم الصعوبات التي واجهت الاقتصاد العالمي. وقد حققنا أيضاً لمساهمينا زيادة بنسبة 30 في المائة على أساس سنوي في إجمالي توزيعات الأرباح المدفوعة لعام 2023».

وأضاف: «ارتفعت النفقات الرأسمالية وفق ما يتماشى مع التوجيهات الاسترشادية، التي نسعى من خلالها إلى تحقيق قيمة إضافية من أعمالنا، مما يعزز قدرة الشركة للمحافظة على موقعها الريادي ونحن نتجه لمستقبل يكون فيه النفط والغاز، على مدى عقود عديدة مقبلة، جزءاً رئيساً من مزيج الطاقة العالمي، جنباً إلى جنب مع حلول الطاقة الجديدة».

فرص في الصين

وقال الناصر في اتصال إعلامي عقب الإعلان عن النتائج المالية، إن «أرامكو» تبحث عن المزيد من الفرص للاستثمار في الصين، حيث قوة ونمو الطلب على النفط.

وأضاف أن «(أرامكو) من المحتمل أن تدخل في شراكة مع شركة (ميد أوشن إنرجي)، التي اتفقت العام الماضي على الاستحواذ على حصة أقلية استراتيجية فيها، للاستثمار في مشروعات الغاز الطبيعي المسال في مناطق جغرافية إلى جانب أستراليا».

ويرى الناصر أن سوق النفط العالمية ستظل في صحة جيدة طوال عام 2024. وقال: «نتوقع أن تكون قويةً إلى حد ما، ونتطلع إلى نمو بنحو 1.5 مليون برميل».

الناصر يتوقع أن تظل سوق النفط العالمية في صحة جيدة طوال عام 2024 (رويترز)

وقدّر الناصر الطلب لعام 2024 عند 104 ملايين برميل مقابل متوسط 102.4 مليون برميل في 2023.

سوق الغاز الطبيعي

وقال الناصر أيضاً إن «أرامكو» مهتمة بالاستثمار في فرص الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، لكنه قال إنه لا يستطيع الكشف عن مزيد من التفاصيل.

وأوضح أن استثمارات المنبع، بما في ذلك الغاز، ستشكل حوالي 60 في المائة من النفقات الرأسمالية في 2024-2026، بما في ذلك الاستثمارات الخارجية، وستكون بالنسبة للمصب نحو 30 في المائة و«الطاقات الجديدة» نحو 10 في المائة.

وأضاف: «بينما نتجاوز ذلك، خلال السنوات العشر المقبلة، ستكون نسبة المنبع نحو 50 في المائة، والمصب نحو 35 في المائة، والطاقات الجديدة نحو 15 في المائة».

وأضاف أن الاستثمار في الغاز سيساعد في تحرير المزيد من النفط للتصدير، فضلاً عن إنتاج المزيد من السوائل المرتبطة باستخراج الغاز.

كان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان كشف في فبراير (شباط)، إضافة 15 تريليون قدم مكعب قياسي للاحتياطيات المؤكدة من الغاز وملياري برميل من المكثفات في حقل الجافورة غير التقليدي.

اكتشافات قياسية في حقل الجافورة غير التقليدي (موقع أرامكو)

الاستثمار الرأسمالي

من جهته، قال المدير المالي للشركة زياد المرشد، في اتصال مع وسائل الإعلام، إنه من المتوقع أن يؤدي توجيه الحكومة بالمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية «إلى تقليل الاستثمار الرأسمالي بحوالي 40 مليار دولار بين عامي 2024 و2028».

وقال المرشد إن معظم المدخرات متوقعة في السنوات الأخيرة، لذا سيتم تحديد كيفية إنفاقها مع ظهور الفرص. وأضاف أن أولويات استخدام النقد الإضافي تشمل الحفاظ على النفقات الرأسمالية، وتوزيعات الأرباح الأساسية، والنمو الرأسمالي، والتوزيعات الإضافية، ومواصلة تقليص المديونيات.

أعلى ربع في أرباح «أرامكو»

في تعليقه، وصف رئيس إدارة الأبحاث في شركة «الراجحي» المالية مازن السديري، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، التدفقات المالية الحرة للشركة خلال الربع الرابع، بأنها «جيدة وتمثل أعلى ربع في أرباحها»، مضيفاً أن أرباح الشركة خلال العام الماضي تعدُّ ثاني أفضل أرباح في تاريخ الشركة، ومشيراً إلى أن إعلان الشركة أظهر نمو توزيعاتها بنسبة 4 في المائة وزيادة ربحيتها بنسبة 9 في المائة.

وأضاف السديري أن الشركة تتجه نحو النمو والتوسع في مشاريع الغاز مع المحافظة على احتياطاتها، ومشاركة المستثمرين في توزيعات الأرباح، وكذلك في رفع الاستثمارات الرأسمالية خلال العام الحالي إلى ما يتراوح بين 48 و 58 مليار دولار، وهو ما يزيد على استثماراتها الرأسمالية في العامين الماضيين 2022 و2023، متوقعاً أن تتجه هذه الاستثمارات نحو التوسع في مشاريع الغاز الطبيعي والمشاريع الأخرى.

وأشار السديري إلى أن النتائج المالية للشركة أقل نسبياً من التوقعات، لكنها ما زالت في المتوسط الصحي الذي يستطيع المحافظة على تحقيق أهدافها، مضيفاً أن «التوصيات حول سهم الشركة والتغيير في القيمة العادلة للسهم، ستتم مراجعتها قريباً ولن تكون بعيدة عما تم إصداره مؤخراً»، ولافتاً إلى أن إنتاج الشركة من النفط سيظل مؤقتاً على 9 ملايين برميل يومياً حتى تتم مراجعته من منظمة «أوبك» والجهات المسؤولة، كما أن أسعار النفط ستبقى في النطاق الحالي بين 75 و85 دولاراً للبرميل، ولن تتأثر بما يحدث بين أميركا والصين.

زيادة التدفقات النقدية بشكل لافت

من جهته، رأى الخبير الاقتصادي رئيس «المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية» الدكتور خالد رمضان، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن توزيعات الشركة ارتفعت بسبب زيادة التدفقات النقدية بشكل لافت، وذلك بقيمة 20.3 مليار دولار للربع الرابع، بالإضافة إلى 10.8 مليار دولار، وهى قيمة التوزيع الثالث للأرباح المرتبطة بالأداء. وأشار إلى أن «أرامكو» أعلنت في أغسطس (آب) 2023 نيتها احتساب أول توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء بناءً على نتائج العامين الكاملين المجمعين 2022 و2023، على أن يتم توزيعها على ستة أرباع تبدأ من الربع الثالث من عام 2023، متوقعاً أن يبلغ إجمالي الأرباح المرتبطة التي سيتم دفعها في عام 2024 حوالي 43.1 مليار دولار، بما في ذلك 10.8 مليار دولار التي تصرف خلال الربع الأول من العام الحالي.

ويقارن رمضان بين توزيعات «أرامكو» خلال العامين الماضي والحالي، حيث ارتفعت توزيعات 2024 بنسبة 24 في المائة. فتوزيعات الأداء تلامس 161.7 مليار ﷼، والتوزيعات الأساسية 292.6 مليار ﷼، ليصبح المجموع 453.6 مليار ﷼. أما توزيعات الأداء في عام 2023 فكانت 74.04 مليار ﷼، والتوزيعات الأساسية 292.6 مليار ﷼، ليصبح المجموع 366.7 مليار ﷼.

ويرى رمضان أن أرباح «أرامكو» رغم تراجعها 24.7 في المائة، إلا أنها تبقى أفضل من نظرائها العالميين، حيث تفوقت على نتائج أكبر 5 شركات نفط عالمية مجتمعة في 2023، بعد تحقيقها صافي أرباح 121.3 مليار دولار. فيما سجلت أرباح «إكسون موبيل» 36 مليار دولار، و«شيفرون» 21.3 مليار دولار، و«توتال» 21.4 مليار دولار، و«شل» 28 مليار دولار، و«بريتش بتروليوم» 13.8 مليار دولار.

وحسب رمضان، فإن تمسك «أرامكو» بالحفاظ على القدرة المستدامة القصوى عند 12 مليون برميل يومياً، «قد يؤدي إلى تأجيل بعض المشاريع التي لم يتم تشغيلها بعد وخفض عمليات الحفر، وتقليص الاستثمار الرأسمالي في قطاع المنبع، إلا أن استمرارها في التوسع بإنتاج الغاز لأكثر من 60 في المائة بحلول 2030 يعني أن (أرامكو) في مرحلة انتقالية مهمة ستؤدي بها إلى أن تصبح شركة متكاملة في الغاز والنفط والبتروكيميائيات والطاقة المتجددة، وهذا الأمر سيمكنها من تصدير كافة مصادر الطاقة بكفاءة وموثوقية عالية». وأشار إلى أن الشركة ملتزمة باتفاقية المناخ العالمية، ولهذا فإن قرار التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة يعزز التزام الشركة البيئي نحو تحقيق الحياد الصفري للانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، منوهاً بأن هذه التوجهات الاستثمارية المتعاظمة دفعت إلى إلغاء خطط زيادة الطاقة الإنتاجية بمليون برميل يومياً في السنوات المقبلة.

توسعات رأسمالية كبيرة

من جهته، قال المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن تراجع أرباح «أرامكو» يأتي تحت تأثير خفض الإنتاج المعلن على أداء الشركة، مضيفاً أن «الشركة على المدى القصير لديها توسعات رأسمالية كبيرة مستمرة وتتوسع فيها، كما أن لديها توسعات في مشاريع أخرى، سوف تدعم مركزها المالي، رغم ظهور نتائجها المالية بأقل بقليل من توقعات بيوت الخبرة، فإنها ما زالت في المعدل الذي يجعلها تسير على المسار الصحيح نحو الأداء الجيد.

وأضاف الميموني أن التحدي القادم للشركة يكمن في تنفيذ استراتيجية النمو للشركة، والتوسع الاستراتيجي لأعمالها في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق، وفي استمرار استثماراتها وشراكاتها المهمة في الصين وكوريا الجنوبية، وفي استفادتها من التقنيات المتطورة وزيادة قدرتها على تحويل السوائل إلى كيماويات، وتلبية الطلب المتوقع على المنتجات البتروكيميائية.


مقالات ذات صلة

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

الاقتصاد شعار «أرامكو» في معرض في باريس (رويترز)

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

تخطط شركة أرامكو السعودية لزيادة مستوى ديونها مع التركيز على تحقيق «القيمة والنمو» في توزيعات الأرباح، وفقاً لما ذكره المدير المالي للشركة زياد المرشد.

«الشرق الأوسط» (بوسطن)
الاقتصاد خلال حفل تكريم المشاريع الفائزة (أرامكو)

«أرامكو» تحصد 5 شهادات ماسية في معايير الجودة والاستدامة

حصلت شركة «أرامكو السعودية» على 5 شهادات ماسية خلال حفل تكريم المشاريع الحاصلة على شهادة مستدام «أجود» لمعايير الجودة والاستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد حفل وضع حجر الأساس (أرامكو)

«سينوبك» و«أرامكو» تبدآن إنشاء مجمع للبتروكيميائيات بقيمة 10 مليارات دولار في فوجيان الصينية

بدأت شركتا «سينوبك» الصينية و«أرامكو السعودية» إنشاء مصفاة ومجمع بتروكيميائيات في مقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)

«سوق الكربون الطوعي» السعودية تعمل لسد فجوة تمويل المناخ عالمياً

تسعى شركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية إلى لعب دور في سد فجوة تمويل المناخ، من خلال خطط وبرامج تقلل من حجم الانبعاثات وتعوض عن أضرارها.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد عامل في حقل نفط بأفريقيا (غيتي)

كينيا تمدد عقد شراء الوقود من شركات أرامكو وإينوك وأدنوك

مددت كينيا عقود استيراد الوقود من شركات أرامكو السعودية وبترول الإمارات الوطنية «إينوك» وبترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» الإماراتيتين حتى تصل إلى الكميات المقررة.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.