في حين تستعد السعودية لاستقبال 450 مقراً إقليمياً جديداً لعدد من الشركات العالمية، بالإضافة إلى إصدار 180 ترخيصاً في الفترة الماضية، وجهت «الشرق الأوسط» تساؤلها للخبراء والمختصين عن الأسباب وراء اختيار تلك الشركات لتكون المملكة موقعاً لمقراتها الإقليمية.
وتشهد السعودية حالياً دخول شركات دولية، واحدة تلو الأخرى، لإنشاء مقرات إقليمية، أحدثها إعلان وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، مؤخراً، الاتفاق مع 450 مستثمراً أجنبياً لمنحهم تراخيص لإقامة مقراتهم الرئيسية الإقليمية في المملكة، معظمها في العاصمة (الرياض).
المشاريع العملاقة
وأكد الخبراء أن المملكة تمتلك حالياً فرصاً ومشاريع استثمارية عملاقة تُعدّ جاذبة للشركات العالمية، التي تسعى بدورها للدخول فيها وتوسيع أعمالها وفق مستهدفاتها، مستفيدة أيضاً من موقع السعودية الاستراتيجي الذي يربط 3 قارات، وإمكانية الوصول عبرها إلى 40 سوقاً سريعة النمو في غضون 4 ساعات بالطائرة.
وبيَّن المختصون أن الشركات العالمية دائماً ما تبحث عن مصالحها وتوسيع أعمالها في المقام الأول، وتعي تماماً إشكالية عدم افتتاح مقر إقليمي في السعودية؛ ما يؤدي لحرمانها من فرصة الدخول في المشاريع الحكومية العملاقة، وفق توجيهات الدولة التي تنص على إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي بالمنطقة في غير المملكة.
ويرى المختصون أن المملكة تُعدّ المكان المثالي للشركات متعددة الجنسيات لإنشاء مقارها الإقليمية، وتشهد البلاد تحولات اقتصادية، وتمتلك بيئة استثمارية جاذبة، حيث عملت الحكومة على إصلاحات تنظيمية وتشريعية تسهل من عملية دخول الشركات الأجنبية في السوق السعودية.
الموقع الجغرافي
وأوضح رئيس المركز السعودي للحوكمة، ناصر السهلي، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحتل المركز الثامن عشر في ترتيب أكبر اقتصادات العالم، إلى جانب موقعها الجغرافي المميز الذي يجعلها محط أنظار لكبرى الشركات العالمية التي قررت اختيار المملكة مقراً لمكاتبها الإقليمية.
وأفاد السهلي بأن السعودية تعمل حالياً على عدة مشاريع عملاقة، بالإضافة إلى امتلاكها جميع الممكنات والمحفزات الجاذبة للقطاع الخاص، وفي المقابل تبحث العديد من الشركات الأجنبية فرص توسيع أعمالها والدخول في تلك المشاريع، مؤكداً أن عدم افتتاح مكتب إقليمي في المملكة سيحرمها من هذه الفرص الواعدة.
وبين السهلي أن الحكومة قامت بإصلاحات تشريعية وتنظيمية، وقدمت العديد من المحفزات لتسهل عملية دخول الشركات الأجنبية في السوق السعودية، مؤكداً أن الرياض مركز الأعمال في الوقت الراهن، نظراً لما تشهده من فعاليات ثقافية ورياضية وفنية، إلى جانب المعارض والمؤتمرات الاقتصادية العملاقة التي تُقام بشكل دوري في العاصمة.
المؤشرات الدولية
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي أحمد الشهري لـ«الشرق الأوسط»، إن اختيار الشركات العالمية للسعودية مقراً لمكاتبها الإقليمية، جاء بناءً على الازدهار الاقتصادي والتقدُّم الملموس للبلاد في جميع المؤشرات الدولية؛ ما يجعلها موقعاً جاذباً للقطاع الخاص في جميع المجالات، إلى جانب الفرص الاستثمارية المتاحة في المشاريع العملاقة، التي تُعد هدفاً مهماً للشركات الأجنبية.
وأضاف الشهري أن الحكومة قامت بتعديلات تشريعية وتنظيمية، بالإضافة إلى تقديم المحفزات لتسهيل إجراءات دخول الشركات الأجنبية، وبالتالي أصبحت الفرصة مناسبة لاستغلال الفرص المتاحة والاستفادة من الإمكانات والأدوات المتوفرة في بيئة استثمارية جاذبة.
وأبان أحمد الشهري أن السعودية تمثل حالياً وجهة استثمارية جاذبة نظراً لموجعها الجغرافي الذي يربط 3 قارات؛ ما يجعلها مكاناً مثالياً للشركات متعددة الجنسيات لإنشاء مقارها الإقليمية، مؤكداً في الوقت ذاته أن الفرص المتاحة حالياً في المشاريع العملاقة يجعل البلاد وجهة رئيسية لتلك الشركات الباحثة عن توسيع أعمالها لتحقيق مستهدفاتها المرسومة.
وكانت السعودية قد أعلنت، في فبراير (شباط) 2021، إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي بالمنطقة في غير المملكة، ابتداء من مطلع العام الحالي (2024)، وذلك في إطار سعي السعودية نحو توفير الوظائف والحد من التسرب الاقتصادي، وضمان أن المنتجات والخدمات التي يتم شراؤها من قِبَل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها على أرض البلاد، وبمحتوى محلي مناسب، تماشياً مع مستهدفات استراتيجية «رؤية 2030».