اجتماع وزراء مالية مجموعة الـ20: تركيز على الاقتصاد مع تهميش الجغرافيا السياسية

وسط انقسامات حول غزة قد يعرقل التوافق حول البيان الختامي

دعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا الذي ترأس مجموعة العشرين في 13 ديسمبر إلى إنشاء آليات ضريبية دولية للمساعدة في تمويل التنمية المستدامة (وكالة البرازيل)
دعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا الذي ترأس مجموعة العشرين في 13 ديسمبر إلى إنشاء آليات ضريبية دولية للمساعدة في تمويل التنمية المستدامة (وكالة البرازيل)
TT

اجتماع وزراء مالية مجموعة الـ20: تركيز على الاقتصاد مع تهميش الجغرافيا السياسية

دعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا الذي ترأس مجموعة العشرين في 13 ديسمبر إلى إنشاء آليات ضريبية دولية للمساعدة في تمويل التنمية المستدامة (وكالة البرازيل)
دعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا الذي ترأس مجموعة العشرين في 13 ديسمبر إلى إنشاء آليات ضريبية دولية للمساعدة في تمويل التنمية المستدامة (وكالة البرازيل)

في ظل انقسام عميق بين دولهم حول هجمات إسرائيل على غزة، يستعدّ وزراء مالية مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى لطيّ صفحة الخلافات الجيوسياسية مؤقتاً، والتركيز على القضايا الاقتصادية العالمية الملحة خلال اجتماعهم المرتقب في مدينة ساو باولو البرازيلية هذا الأسبوع.

وحرصت البرازيل، التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين حالياً، على ضمان جلسة منتجة تحقق توافقاً بشأن الأولويات الاقتصادية الرئيسية، وقد اقترحت بياناً ختامياً أقصر بكثير مما شهدناه في السنوات الأخيرة - وهي خطوة تمت مناقشتها بالفعل مع الأعضاء الآخرين، وفقاً لمصدر حكومي برازيلي ومصدر آخر مطلع على مسودة البيان.

ووفقاً للمصادر، فإن المسودة الأخيرة، التي لا تزال قيد الانتهاء، تشير إلى مخاطر التشرذم العالمي والصراعات بشكل عام بعبارات عامة، لكنها تغفل أي إشارة مباشرة إلى غزو روسيا لأوكرانيا أو حرب إسرائيل وغزة.

وسيجتمع مسؤولون ماليون ومحافظو المصارف المركزية من الولايات المتحدة والصين وروسيا وعدد من الدول ذات الاقتصادات الكبرى في العالم في ساو باولو لمراجعة التطورات الاقتصادية العالمية في وقت يتباطأ فيه النمو، والضغوط الناجمة عن أعباء ديون قياسية، والمخاوف من أن التضخم قد لا يتم ترويضه بعد، مما يبقي أسعار الفائدة مرتفعة.

تحديات اقتصادية عالمية

وقال صندوق النقد الدولي الشهر الماضي إن فرصة «الهبوط الناعم» الذي ينخفض فيه التضخم دون التسبب في ركود عالمي مؤلم قد ازدادت، لكنه حذر من أن النمو الإجمالي والتجارة العالمية لا يزالان أقل من المتوسط التاريخي.

وأثار الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي وقع قبل عامين تقريباً، اضطرابات عميقة داخل مجموعة العشرين، وكشف عن خلافات جوهرية تُخفيها المجموعة منذ زمن طويل. ونتيجةً لذلك، تعثرت جهود المسؤولين في التوصل إلى توافقٍ بشأن البيان الختامي بعد اجتماعاتهم.

واختارت كل من الهند وإندونيسيا، اللتان تولتا رئاسة مجموعة العشرين قبل البرازيل، بيانات رئاسة تلخص مجالات الاتفاق وتشير إلى أصوات المعارضة - وخاصة روسيا - لكن حتى ذلك قد يكون صعباً بالنظر إلى الانقسامات المريرة بشأن الحرب التي دامت أربعة أشهر في غزة. واندلعت الحرب عندما اجتمع الوزراء آخر مرة في مراكش في المغرب في أكتوبر (تشرين الأول)، مما أدى إلى تفاقم الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والدول غير الغربية في مجموعة العشرين.

وقال مصدر من مجموعة الدول السبع إن البرازيل والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا انتقدت صراحة الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة منذ الهجوم المفاجئ الذي وقع في 7 أكتوبر والذي قتل فيه نحو 1200 شخص من الفلسطينيين واحتجزت فيه «حماس» 253 رهينة. وأضاف المصدر أن الهجمات الانتقامية أسفرت عن مقتل أكثر من 29 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وفي غضون ذلك، استخدمت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن حرب إسرائيل و«حماس»، مما يعرقل المطالبة بوقف إطلاق نار إنساني فوري ويدفع بدلاً من ذلك إلى وقف إطلاق نار مؤقت مرتبط بإطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى الحركة.

وقال المسؤول البرازيلي إن الاختلافات العميقة بشأن غزة استدعت نهجاً مختلفاً هذا العام، وأضاف: «إذا تم إدراج الموضوع، فلن يكون هناك توافق».

اقتراح البرازيل لمنع الخلاف

ولمنع الخلافات حول غزة من إعاقة التقدم بشأن القضايا الاقتصادية، اقترحت البرازيل بياناً أقصر دون ذكر محدد لأي من الحربين. وقال مصدر من مجموعة الدول السبع إن واشنطن حكمت ضد لغة تُحمّل إسرائيل المسؤولية، وهو ما رأت جنوب أفريقيا وآخرون أنه ضروري إذا تم ذكر وإدانة حرب روسيا ضد أوكرانيا في البيان.

وترغب البرازيل في تركيز مناقشات هذا الأسبوع على إنهاء عدم المساواة وإصلاح الضرائب الدولية ومعالجة ضائقة الديون السيادية والعمل من أجل التنمية المستدامة. وأوضح مصدر برازيلي أن إصلاح المصارف متعددة الأطراف وتمويل المناخ ستحتل مكانة بارزة في الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي ستعقد في واشنطن في أبريل (نيسان).

إبعاد الجغرافيا السياسية عن البيان

وقال رئيس المنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية في الولايات المتحدة، مارك سوبيل، إن فصل الجغرافيا السياسية عن البيان يُعد منطقياً لمجموعة ركزت تاريخياً على القضايا الاقتصادية والمالية.

وأضاف: «نعم، يعكس ذلك التشقق، ولكنه يعكس أيضاً هذه الروح الأوسع لوزراء المالية والمصرفيين المركزيين للتركيز على المسائل الاقتصادية والمالية بطريقة فنية».

وقال مسؤول في مجموعة الدول السبع إن البيان سيكون على الأرجح موجزاً وغامضاً، ويذكر فقط القضايا التي لا تثير جدلاً.

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين تعتزم التأكيد على أهمية مجموعة العشرين، مع تسليط الضوء على الجهود التعاونية لمواجهة التحديات العالمية مثل ديون الدول ذات السيادة وجائحة «كوفيد -19».

خلاف حول تضمين الآثار الاقتصادية

وبحسب المسؤول البرازيلي، فإن القضية العالقة هي إلى أي مدى ستنتصر الولايات المتحدة واليابان وكندا في المطالبة بإدراج التأثيرات الاقتصادية للنزاعات الجيوسياسية في البيان.

وأشار إلى أن فشل وزراء خارجية مجموعة العشرين في تضمين القضية أرسل إشارة قوية. وقال: «تعزز نتائج اجتماع الشيربا فهمنا بأنه لا ينبغي تضمين موضوع (الشؤون الجيوسياسية) في البيان».

وقال مسؤول أميركي سابق كبير يعمل الآن مع مؤسسة «روكفلر»، إريك بيلوفسكي إن هناك قيمة في الاجتماع في تشكيلات مثل مجموعة العشرين، على الرغم من الاختلافات الواضحة.

وأضاف: «في بعض الأحيان، لا يزال الحديث دون جدوى هو حديث. ربما يعني هذا أنه في نهاية اليوم، يتناول أحدهم قهوة لم يكن من المفترض أن يتناولها ويجدوا أرضية مشتركة لم يتوقعوا وجودها».



«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.