مصر تُلقي باللوم على الدول المتقدمة في تفاقم أزمة التغير المناخي

انطلاق «إيجبس» في القاهرة والتركيز على التمويل لنجاح التحول الطاقي

وزير البترول المصري طارق الملا يتحدث فيما يتوسط أمين عام «أوبك» هيثم الغيص الحضور خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «إيجبس 2024» في القاهرة (الشرق الأوسط)
وزير البترول المصري طارق الملا يتحدث فيما يتوسط أمين عام «أوبك» هيثم الغيص الحضور خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «إيجبس 2024» في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تُلقي باللوم على الدول المتقدمة في تفاقم أزمة التغير المناخي

وزير البترول المصري طارق الملا يتحدث فيما يتوسط أمين عام «أوبك» هيثم الغيص الحضور خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «إيجبس 2024» في القاهرة (الشرق الأوسط)
وزير البترول المصري طارق الملا يتحدث فيما يتوسط أمين عام «أوبك» هيثم الغيص الحضور خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «إيجبس 2024» في القاهرة (الشرق الأوسط)

ألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، باللوم على بعض الدول المتقدمة في تفاقم أزمة التغير المناخي، دون أن يذكر دولاً بعينها.

وقال السيسي، خلال فعاليات مؤتمر ومعرض مصر الدولي السابع للطاقة «إيجبس» 2024، في القاهرة، الاثنين، إن «بعض الدول المتقدمة تتحمل مسؤولية تفاقم أزمة التغير المناخي الموجود في العالم»، وذلك لعدم التزامها بتنفيذ التعهدات التي قطعتها على نفسها خلال مؤتمر باريس عام 2015 لصالح قطاع الطاقة والمناخ بنحو 100 مليار دولار.

وانطلقت نسخة «إيجبس» هذا العام تحت شعار (التحول الطاقي وتأمين مصادره وخفض الانبعاثات)، وسط مخاوف على أمن الطاقة وفي خِضَم سلسلة من التحديات الإقليمية والعالمية، لا سيما ظاهرة التغيرات المناخية التي تهدد مستقبل التنمية المستدامة، خصوصاً مع ازدياد آثارها السلبية على النشاط الاقتصادي.

وأشار السيسي إلى إمكانات القارة الأفريقية في قطاع الطاقة، قائلاً: «القارة الأفريقية تتمتع بقدرات هائلة في مجال الطاقة المتجددة منها المائية، ولكنها في حاجة إلى أموال ضخمة لتنفيذ الكثير من المشروعات خصوصاً في ظل عدم قدرتها على مواجهة مخاطر الائتمان، إذ تطلب البنوك ومؤسسات التمويل أرقاماً هائلة نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة».

وتطرق الرئيس المصري إلى التحديات التي تواجه مصر، وقال إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو 40 - 50 في المائة بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

من جانبه قال وزير البترول المصري طارق الملا، في كلمته، إن «قطاع البترول المصري نجح خلال مؤتمر (كوب27) بشرم الشيخ في تأسيس منهج جديد لتعزيز دور صناعة البترول والغاز كجزء من الحل لقضية تغير المناخ، مما أسهم في تغير نظرة المنظمات العالمية المعنية بالمناخ لصناعة الطاقة بمختلف مواردها، وقد واصل مؤتمر (كوب28)، الذي عُقد في دولة الإمارات العربية الشقيقة، البناء على تلك المكتسبات».

وأشار الملا إلى «التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة بشركات قطاع البترول مما أسهم في توفير الغاز الطبيعي والسولار المستخدَم في توليد الكهرباء... وفي ضوء إعداد إطار مؤسسي لأنشطة التحول الطاقي، فقد تم إنشاء مركز متخصص لتقديم الاستشارات الفنية وبناء القدرات بمصر وأفريقيا».

وأضاف الوزير: «في إطار رؤية الرئيس لتحول مصر إلى مركز عالمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، يعمل قطاع البترول بمشاركة عالمية على تنفيذ مشروعين لإنتاج الأمونيا الخضراء والميثانول الحيوي».

ولفت الملا إلى أهمية توفير الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية للإسراع في تنفيذ مشروعات خفض الانبعاثات والتحول الطاقي.

وخلال الجلسة الافتتاحية بعنوان «طاقات المستقبل»، أكد الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) هيثم الغيص، أهمية تعدد وتنويع مسارات وخطط الانتقال الطاقي وفقاً لظروف واحتياجات كل دولة، و«عدم وضع مسار واحد إجباري يسري على الجميع... ويجمعها هدف مشترك هو خفض الانبعاثات».

وأوضح الغيص أن النفط سيظل يشكل جزءاً أساسياً من مزيج الطاقة العالمي لسنوات وعقود قادمة، مضيفاً: «لا تزال هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي على النفط».

وأشار إلى أن الدراسة الأخيرة التي أجراها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي، في واشنطن، أكدت أهمية دور «أوبك» في دعم الاستقرار والحد من تقلبات سوق النفط العالمية. مشيراً إلى أن «الانتقال الطاقي العادل يحتاج إلى دور (أوبك)، ويتطلب اهتماماً عالمياً لتوفير الطاقة للجميع وهو ما لم يتحقق إلا بالاستثمار في جميع أنواع الطاقة بالتوازي، خصوصاً أن هناك شعوباً لا تملك حتى الطاقة التقليدية».

ويرى نائب رئيس البنك الدولي للبنية التحتية غوانغزي تشن، أن الانتقال الطاقي وخفض الانبعاثات لا بد أن يواكبه «توفير الطاقة للجميع ومحاربة الفقر»، وقال خلال الجلسة، إن «البنك أجرى دراسة حول الانتقال الطاقي في مصر، ضمن تقرير البنك عن سبل الانتقال الطاقي الملائم لكل دولة، ورأى أن التخلي عن الوقود الأحفوري في الوقت الحالي مع عدم حصول شعوب على مصادر الطاقة يمثل مشكلة وتحدياً».

استثمارات جديدة

وأبدى وزير البترول المصري تطلعات بلاده إلى تنفيذ المشروعات البترولية في ليبيا، في ضوء توجهها لتكثيف الأنشطة والمشروعات خلال الفترة المقبلة.

وأكد الملا، خلال لقائه رئيس مؤسسة النفط الوطنية الليبية فرحات بن قدارة، جاهزية قطاع البترول من خلال شركاته المتخصصة لبدء العمل والتعاون مع الجانب الليبي في تنفيذ المشروعات داخل ليبيا.

من جانبه أكد بن قدارة، وجود فرص ومجالات كثيرة للتعاون مع مصر في تنفيذ المشروعات النفطية داخل ليبيا، كما أعرب عن رغبة الجانب الليبي في بحث فرص الاستعانة بخدمات الشركات المصرية في مجال حفر آبار النفط والغاز، إذ يتم تكثيف أعمال الإنتاج وطرح مناطق جديدة للبحث والاستكشاف.

وعلى صعيد الاستثمارات، قال الرئيس التنفيذي لشركة «بريتش بتروليوم (بي بي)»، موراي أوشينكلوس، إن شركته تخطط لضخ استثمارات جديدة تصل إلى 1.5 مليار دولار في أنشطة التنمية والاستكشاف في مصر على مدى السنوات القادمة، مع إمكانية ضخ استثمارات إضافية تصل إلى 5 مليارات دولار.

جاء ذلك خلال لقاء أوشينكلوس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش المؤتمر، حسبما أفاد بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أحمد فهمي.

كما صرح مسؤول تنفيذي كبير بشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) المملوكة للدولة، بأن استراتيجية الشركة ترتكز على إنتاج الغاز وإنها حددت مصر سوقاً بها كثير من الإمكانات.

وأدلى مصبح الكعبي، الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون والنمو الدولي في «أدنوك»، بهذه التصريحات خلال المؤتمر.

وقالت «أدنوك» الأسبوع الماضي إنها ستؤسس مشروعاً مشتركاً مع شركة «بي بي» العالمية الكبرى في مصر مع التركيز في البداية على الغاز الطبيعي.


مقالات ذات صلة

مصر تضع برامج تمويلية للدول الأفريقية فقيرة الطاقة بعد توليها رئاسة اتحاد الغاز

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي للإعلان عن استراتيجية مصر لرئاسة الاتحاد الدولي للغاز في القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر تضع برامج تمويلية للدول الأفريقية فقيرة الطاقة بعد توليها رئاسة اتحاد الغاز

تخطط مصر لتوفير إمدادات الطاقة للدول الأفريقية التي تعاني فقر الطاقة، من خلال برامج تمويلية ميسرة، وذلك بعد توليها رئاسة الاتحاد الدولي للغاز.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الحكومة ووزير المالية (رئاسة الجمهورية)

مصر: مؤشرات أولية بانخفاض الدين الخارجي بملياري دولار سنوياً

أعلنت الرئاسة المصرية أن المؤشرات المالية الأولية تشير إلى نجاح الحكومة في جهود خفض رصيد الدين الخارجي للموازنة بمبلغ يتراوح من 1 إلى 2 مليار دولار سنوياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال زيارته أحد الحقول في الصحراء (وزارة البترول المصرية)

مصر تعلن عن كشف بترولي جديد في الصحراء الغربية

أعلنت وزارة البترول المصرية، عن كشف بترولي في الصحراء الغربية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد طائرة دون طيار تظهر الدمار الذي لحق بالمنازل السكنية في أعقاب هجوم صاروخي من إيران على إسرائيل 14 يونيو 2025 (رويترز)

«اقتصاد دول الجوار» يترقب تطورات الحرب بين إسرائيل وإيران بحذر وتحوط

سجلت أسعار النفط والغاز والذهب مستويات قياسية بعد بدء المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران، وسط ترقب وحذر لمزيد من التطورات.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد جزء من ساحل البحر الأحمر غير المؤهل للسياحة (رويترز)

مصر تُخصص 174 مليون متر مربع على ساحل البحر الأحمر لخفض الدين العام

خصصت مصر قطعة أرض مساحتها نحو 174 كيلومتراً مربعاً (174 مليون متر مربع) على ساحل البحر الأحمر، لوزارة المالية، بهدف استخدامها في إصدار سندات إسلامية لخفض الدين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

العراق يواجه تأخيرات في مشاريع النفط بسبب الصراع الإيراني - الإسرائيلي

فني في حقل نفطي بالعراق (الموقع الإلكتروني لوزارة النفط العراقية)
فني في حقل نفطي بالعراق (الموقع الإلكتروني لوزارة النفط العراقية)
TT

العراق يواجه تأخيرات في مشاريع النفط بسبب الصراع الإيراني - الإسرائيلي

فني في حقل نفطي بالعراق (الموقع الإلكتروني لوزارة النفط العراقية)
فني في حقل نفطي بالعراق (الموقع الإلكتروني لوزارة النفط العراقية)

يواجه العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في تحالف «أوبك بلس»، تأخيرات في تطوير بعض مشاريعه النفطية. لكنَّ مصدراً في وزارة النفط قال إن صادرات وإنتاج النفط ظلا حتى الآن ضمن الجدول الزمني المحدد.

وأفاد المصدر لـ «ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتيز إنسايتس» بأن بعض المشاريع تأخرت بسبب توقف شركات الخدمات الإيرانية عن العمل.

وأكد وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، لقناة محلية تأخيرات تطوير حقول النفط، مشيراً إلى أن الإغلاق المستمر للمجال الجوي العراقي بسبب الصراع منع العمال من دخول البلاد. كما أضاف أن العراق يعمل على إيجاد بديل في حال إغلاق مضيق هرمز.

وزير النفط العراقي حيان عبد الغني خلال حديثه في مناسبة محلية (منصة إكس)

وأفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، في بيان بتاريخ 21 يونيو (حزيران)، بأن صادرات شركة نفط البصرة الحكومية «مستمرة من موانينا النفطية وفقاً للمعدلات الطبيعية لحصتنا في (أوبك بلس)».

تحديات إمدادات الغاز الإيراني

في سياق متصل، قال المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، في وقت سابق، إن صادرات الغاز الطبيعي الإيراني إلى العراق تسهم في توليد نحو 30 في المائة من إمدادات الطاقة الكهربائية في العراق.

في مايو (أيار)، خفَّضت إيران إمدادات الغاز إلى العراق، مما أدى إلى فقدان 3.5 غيغاوات من إمدادات الطاقة الكهربائية. وفي أواخر مايو، قبل أسابيع من الضربات الإسرائيلية على منشآت معالجة الغاز الإيرانية التي أوقفت مؤقتاً إنتاج 12 مليون متر مكعب يومياً من الغاز، ذكرت وزارة الكهرباء العراقية أنها تتوقع تفاقم الوضع في يونيو.

ووفقاً لإيمان الناصري، المديرة الإدارية لمنطقة الشرق الأوسط في «إف جي إي نكسنت»، استورد العراق في مايو نحو 700 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز من إيران، وهو ما ظل مستقراً تقريباً حتى الآن في يونيو.

وتشير تحليلات «إف جي إي» إلى أن استهلاك قطاع الطاقة العراقي للوقود قُدر بـ2.9 مليار قدم مكعبة يومياً من الغاز، و285 ألف برميل يومياً من السوائل في مايو، بما في ذلك 162 ألف برميل يومياً من زيت الوقود.

وقالت الناصري: «إذا توقفت واردات الغاز من إيران بالكامل، فسيحتاج العراق إلى نحو 230 ألف برميل يومياً إضافية من السوائل لتعويض النقص». لكنها أضافت أنه «تاريخياً، لم يتمكن العراق أبداً من تعويض النقص في الغاز بالكامل بسبب تحديات لوجيستية».

وتقدِّر الناصري أن وقف تدفق الغاز من إيران من المرجح أن يؤدي إلى زيادة استهلاك العراق من السوائل لتوليد الطاقة بما لا يزيد على 100 ألف برميل يومياً، بما في ذلك نحو 60 ألف برميل يومياً من زيت الوقود.

حقل شرق بغداد الجنوبي للنفط (الموقع الإلكتروني لوزارة النفط العراقية)

الشركات النفطية الدولية

وكشف متحدث باسم شركة «إيني» الإيطالية، يوم الاثنين، عن تقليص عدد الموظفين في حقل «الزبير» النفطي بالعراق كـ«إجراء احترازي». وكانت الشركة قد أعلنت قبل أسبوع أنها تراقب الوضع الأمني في العراق.

في 11 يونيو، أمرت وزارة الخارجية الأميركية بمغادرة موظفي الحكومة الأميركية غير الأساسيين من العراق ودعت المواطنين الأميركيين إلى عدم السفر إلى العراق.

وصرح مايلز ب. كاغينز الثالث، المتحدث باسم جمعية صناعة النفط في كردستان، لـ«ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتيز إنسايتس» بأن «الشركات النفطية الدولية تراقب الوضع الأمني عن كثب وتولي أهمية لسلامة موظفيها مع استمرار العمليات». وتمثل هذه المجموعة الصناعية العديد من شركات النفط الدولية في إقليم كردستان شمال العراق.

وقد تم تعليق تدفقات خطوط الأنابيب عبر ميناء «جيهان» في تركيا منذ مارس (آذار) 2023، ولذا سعت شركات النفط في كردستان لبيع مزيد من النفط للسوق المحلية. وقال مصدر يعمل في شركة خدمات نفطية كردستانية إن العمليات تسير بشكل طبيعي.