انخفاض التضخم الأميركي… إنجازٌ لبايدن وتحدٍّ لـ«الفيدرالي»

يعتقد معظم الاقتصاديين أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيرغب في الانتظار حتى مايو أو يونيو لبدء خفض سعر الفائدة القياسي (رويترز)
يعتقد معظم الاقتصاديين أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيرغب في الانتظار حتى مايو أو يونيو لبدء خفض سعر الفائدة القياسي (رويترز)
TT

انخفاض التضخم الأميركي… إنجازٌ لبايدن وتحدٍّ لـ«الفيدرالي»

يعتقد معظم الاقتصاديين أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيرغب في الانتظار حتى مايو أو يونيو لبدء خفض سعر الفائدة القياسي (رويترز)
يعتقد معظم الاقتصاديين أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيرغب في الانتظار حتى مايو أو يونيو لبدء خفض سعر الفائدة القياسي (رويترز)

من المرجح أن يكون معدل التضخم في الولايات المتحدة قد انخفض إلى ما دون 3 في المائة سنوياً في الشهر الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، وقد يُمثل ذلك إنجازاً مهماً بالنسبة لإدارة بايدن في جهودها لتحسين نظرة الأميركيين على الاقتصاد قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني).

ويتوقع الاقتصاديون أنه عند صدور أحدث مؤشر أسعار المستهلك في وقت لاحق يوم الثلاثاء، سيُظهر أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.2 في المائة فقط من ديسمبر (كانون الأول) إلى يناير (كانون الثاني) للمرة الثالثة على التوالي، وفقاً للتوقعات التي جمعتها شركة البيانات «فاكت شيت». ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار الغاز إلى إبطاء معدل التضخم بشكل عام، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وبالمقارنة مع العام السابق، يُعتقد أن التضخم قد انخفض إلى 2.9 في المائة، وهو انخفاض حاد عن 3.4 في المائة في ديسمبر. وسيكون هذا أقل رقم للتضخم على أساس سنوي منذ مارس (آذار) 2021، عندما بدأ ارتفاع الأسعار نتيجة لاضطرابات سلسلة التوريد المرتبطة بالجائحة وزيادة الإنفاق الاستهلاكي.

وسيتيح انخفاض التضخم إلى ما دون 3 في المائة للرئيس جو بايدن الفرصة للادعاء بأن الزيادات السعرية تتراجع بثبات حتى مع استمرار نمو الاقتصاد ويبقى معدل البطالة بالقرب من أدنى مستوى له في نصف قرن. ومع ذلك، لا يزال العديد من الأميركيين يشعرون بالإحباط لأن ارتفاع التضخم المرتبط بالجائحة - الأسوأ في 40 عاماً - جعل الأسعار المتوسطة أعلى بنحو 19 في المائة مما كانت عليه عندما تولى بايدن منصبه.

وإذا ثبتت صحة البيانات المترقب صدورها وكانت معتدلة كما هو متوقع، فقد تساهم أيضاً في «الثقة الأكبر» التي قال مسؤولون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي إنهم يحتاجون إليها لاستنتاج أن التضخم ينخفض بشكل مستدام إلى مستوى هدفهم البالغ 2 في المائة، مما يسمح لهم ببدء خفض أسعار الفائدة من مستوياتها المرتفعة الحالية.

ومع ذلك، لا يُتوقع أن تكون جميع مقاييس التضخم التي سيتم الإبلاغ عنها إيجابية للغاية. وباستثناء تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة، قد يبدو «التضخم الأساسي» أكثر صعوبة. ويُتابع التضخم الأساسي عن كثب لأنه عادةً يوفر قراءة أفضل لما يتجه إليه التضخم.

ومن المتوقع أن تكون أسعار الأساس قد ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في يناير للمرة الثالثة على التوالي. ورغم أن هذا الرقم سيقلل التضخم الأساسي السنوي من 3.9 في المائة إلى 3.7 في المائة، فإنه سيظل أعلى بكثير من المستوى الذي يرغب في رؤيته مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

ومن العوامل التي يُحتمل أنها أبقت أسعار الأساس مرتفعة الشهر الماضي أن شهر يناير هو الوقت الذي تفرض فيه العديد من الشركات زيادات على الأسعار. في حين تسعى الحكومة إلى تعديل بيانات التضخم الخاصة بها لمثل هذه العوامل الموسمية، فإنها لا تفعل ذلك دائماً بشكل مثالي.

وتوقع اقتصاديون في مصرف «غولدمان ساكس» أن تؤدي هذه التعديلات إلى رفع الأسعار، خاصة بالنسبة للتأمين على السيارات والأدوية الموصوفة وخدمات الرعاية الصحية. وتوقع محللون آخرون أن تكاليف الإقامة في الفنادق وتذاكر الطيران قفزت من ديسمبر إلى يناير.

ولأن مثل هذه الأرقام ستُظهر على الأرجح أن التضخم لا يزال مرتفعاً، يعتقد معظم الاقتصاديين أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيرغب في الانتظار حتى مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) لبدء خفض سعر الفائدة القياسي من أعلى مستوى له في 22 عاماً والذي يبلغ نحو 5.4 في المائة. ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي 11 مرة، من مارس 2022 إلى يوليو (تموز) من العام الماضي، في حملة منسقة لمحاربة التضخم المرتفع. وكانت النتيجة ارتفاعاً كبيراً في أسعار الفائدة على الشركات والمستهلكين، بما في ذلك قروض الرهن العقاري وقروض السيارات.

وستسلط البيانات المرتقب صدورها الضوء أيضاً على أحد مخاوف مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي سلط عليه رئيسه جيروم باول الضوء خلال مؤتمر صحافي حديث عندما قال: «حتى الآن، يعود معظم انخفاض التضخم إلى انخفاض أسعار السلع، بما في ذلك السيارات المستعملة والأثاث والأجهزة الكهربائية، والتي انخفضت في ستة من الأشهر السبعة الماضية».

ومع ذلك، لا تزال تكاليف الخدمات - إصلاح السيارات والرعاية الصحية وغرف الفنادق والحفلات الموسيقية والترفيهية الأخرى - تشهد ارتفاعاً كبيراً. وقفزت أسعار الخدمات الأساسية، التي لا تشمل الطاقة، بنسبة 5.3 في المائة العام الماضي. وبالمقارنة، ارتفعت السلع باستثناء الغذاء والطاقة بنسبة 0.2 في المائة فقط. وسيتطلع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رؤية بعض التراجع في أسعار الخدمات ليصبح أكثر ثقة بأن التضخم آخذ في الانخفاض.

وعادةً ما يؤدي خفض أسعار الفائدة من قبل المركزي إلى خفض تكاليف قروض الرهن العقاري وقروض السيارات وبطاقات الائتمان وغيرها من الاقتراضات الاستهلاكية والتجارية، ويمكن أن يدعم الاقتصاد. ولكن الاقتصاد الأقوى يمكن أن يمثل أيضاً تحدياً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لأن النمو الأسرع يمكن أن يؤدي إلى تسريع الأجور وإنفاق المستهلكين. وإذا لم تتمكن الشركات من مواكبة الطلب المتزايد من العملاء، فيمكنها الرد برفع الأسعار، مما يؤدي إلى تفاقم التضخم.

وفي الربع الأخير من العام الماضي، نما الاقتصاد بمعدل سنوي سريع بلغ 3.3 في المائة بشكل غير متوقع. وهناك مؤشرات على أن النمو لا يزال جيداً حتى الآن في عام 2024. وشهدت الشركات موجة توظيف الشهر الماضي، بينما أظهرت استطلاعات شركات التصنيع ارتفاع الطلبيات الجديدة في يناير. كما أفادت شركات الخدمات بارتفاع في المبيعات.


مقالات ذات صلة

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

آسيا قوات الأمن تعتقل ناشطين من «حزب الجماعة الإسلامية» في أثناء احتجاجهم على التضخم بإسلام آباد في 26 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

أغلقت السلطات الباكستانية، الجمعة، الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ونشرت آلافاً من قوات الأمن لمنع الاحتجاجات ضد زيادة التضخم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار المصرف المركزي التركي في أنقرة (رويترز)

«المركزي» التركي يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الرابع

ثبّت مصرف تركيا المركزي سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة عند 50 % دون تغيير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

محللون يتوقعون نمو الاقتصاد المصري 4 % في السنة المالية الجديدة

توقع اقتصاديون أن يكون نمو الاقتصاد المصري أبطأ قليلاً في السنة المالية الجديدة، عند 4 % عما كان متوقعاً في أبريل (نيسان) الماضي، عند 4.3 %.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سبائك من الذهب (رويترز)

الذهب يصعد مع ترقب المستثمرين بيانات اقتصادية أميركية

ارتفعت أسعار الذهب (الثلاثاء)، مع استمرار انخفاض الدولار، بينما يترقب المستثمرون بيانات اقتصادية أميركية هذا الأسبوع قد توضح الجدول الزمني لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.