صندوق النقد: الصدمات الجيوسياسية تهدد النمو العالمي المأمول في 2024

رفع توقعاته لـ3.1 % ونبّه إلى مخاطر هجمات البحر الأحمر واستمرار الحرب

قال صندوق النقد الدولي إن الهجمات في البحر الأحمروحرب أوكرانيا تزيدان من مخاطر التضخم واضطرابات سلاسل التوريد (رويترز)
قال صندوق النقد الدولي إن الهجمات في البحر الأحمروحرب أوكرانيا تزيدان من مخاطر التضخم واضطرابات سلاسل التوريد (رويترز)
TT

صندوق النقد: الصدمات الجيوسياسية تهدد النمو العالمي المأمول في 2024

قال صندوق النقد الدولي إن الهجمات في البحر الأحمروحرب أوكرانيا تزيدان من مخاطر التضخم واضطرابات سلاسل التوريد (رويترز)
قال صندوق النقد الدولي إن الهجمات في البحر الأحمروحرب أوكرانيا تزيدان من مخاطر التضخم واضطرابات سلاسل التوريد (رويترز)

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي من 2.9 في المائة في توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 3.1 في المائة في 2024، و3.2 في المائة في 2025، وربط ذلك بالصلابة التي أثبتها التعافي الاقتصادي العالمي. لكنه نبّه إلى عدم تحقيق النمو المأمول إذا طال أمد تشديد الأوضاع النقدية في حال ارتفاع أسعار السلع الأولية ارتفاعاً حاداً مجدداً نتيجة الصدمات الجغرافية السياسية –بما فيها استمرار الهجمات في البحر الأحمر– واضطرابات العرض أو استمرار التضخم الأساسي لفترة أطول، أو تعمق المحن في قطاع العقارات في الصين.

وأبقى صندوق النقد الدولي في تقرير «مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي»، على توقعات انخفاض التضخم الكلّي العالمي إلى 5.8 في المائة في 2024، وتوقع تراجعه إلى 4.4 في المائة في 2025، لافتاً إلى أن تراجع حدة التضخم واطّراد النمو يفتحان الطريق أمام هبوط هادئ.

مخاطر سلبية

وقال الصندوق إن استمرار الهجمات في البحر الأحمر –الذي تمر من خلاله 11 في المائة من حركة التجارة العالمية– والصراع الجاري في أوكرانيا، يشكّلان مخاطر من إصابة التعافي العالمي بصدمات معاكسة جديدة في سلاسل التوريد، مع الارتفاعات الحادة في تكاليف الغذاء والوقود والنقل.

وأوضح أن الصراع في غزة وإسرائيل يمكن أن يتصاعد ويطول المنطقة الأوسع، التي تُنتج نحو 35 في المائة من صادرات النفط في العالم و14 في المائة من صادراته من الغاز. وأضاف: «ارتفعت بالفعل تكاليف شحن الحاويات بصورة حادة، كما لا يزال الوضع في الشرق الأوسط متقلباً. وزيادة التشتت الجغرافي-الاقتصادي يمكنها كذلك أن تفرض قيوداً على تدفقات السلع الأولية عبر الحدود، فتُسبب مزيداً من تقلب الأسعار».

ومن المخاطر السلبية استمرار التضخم الأساسي، مما يقتضي تشديد موقف السياسة النقدية، وتشديد الأوضاع المالية العالمية، وهو ما يدفع إلى هروب تدفقات رؤوس الأموال إلى وجهات آمنة، واكتساب الدولار مزيداً من القوة، مع ما لذلك من عواقب سلبية على التجارة والنمو.

يضاف الى هذه المخاطر، تزعزع النمو في الصين مع هبوط الاستثمار العقاري إلى مستويات دون المتوقعة.

ولفت الصندوق إلى أن تنبؤات الفترة 2024-2025 تبقى دون مستوى المتوسط التاريخي البالغ 3.8 في المائة (للفترة 2000 - 2019)، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة الأساسية التي حددتها المصارف المركزية لمكافحة التضخم، وسحب الدعم المالي في سياق ارتفاع الديون الذي يؤثر سلباً في النشاط الاقتصادي، وانخفاض نمو الإنتاجية الأساسية.

انحسار التضخم أسرع من المتوقع

وأوضح الصندوق أن التضخم آخذٌ في الهبوط بوتيرة أسرع من المتوقعة في معظم المناطق، مع تراجع حدة المشكلات على جانب العرض وتشديد السياسة النقدية. فقد انخفض إلى 5.8 في المائة في العالم في الربع الرابع من عام 2023 من مستوى ذروة بلغ 7.8 في المائة في الربع الثالث من عام 2022. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها تراجع صدمات الأسعار النسبية لا سيما أسعار الطاقة، وانخفاض تكلفة السلع والخدمات الأساسية مثل الغذاء والسكن، وزيادة مشاركة القوى العاملة وتسوية مشكلات سلاسل العرض. ومن المتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض في عام 2024. ولكنّ أسعار الفائدة المرتفعة التي تهدف إلى مكافحة التضخم من شأنها أن تؤثر سلباً في النمو. كما يُتوقع أن تشهد الاقتصادات المتقدمة تراجعاً أسرع في معدل التضخم، مع انخفاض في التضخم قدره 2.0 نقطة مئوية في 2024 ليصل إلى 2.6 في المائة. أما في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، فيُتوقع ألا يتجاوز تراجع التضخم فيها 0.3 نقطة مئوية ليصل إلى 8.1 في المائة.

وقال التقرير إن التحدي أمام صانعي السياسات على المدى القريب يتمثل في نجاح إدارة الهبوط النهائي للتضخم إلى المستوى المستهدف، ومعايرة السياسة النقدية في مواجهة ديناميكية التضخم الأساسي، والتعديل لاتخاذ موقف أقل تشدداً عندما تبدأ ضغوط الأجور والأسعار في الزوال بوضوح.

آفاق التجارة العالمية

وتوقع التقرير أن ينمو حجم التجارة العالمية بنسبة 3.3 في المائة في عام 2024، و3.6 في المائة في عام 2025، أي أقل من متوسط معدل النمو التاريخي البالغ 4.9 في المائة.

إلى ذلك، توقع الصندوق أن يرتفع النمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، من 2 في المائة في 2023 إلى 2.9 في المائة في 2024، و4.2 في المائة في 2025، «في ظل خفضٍ للتوقعات بواقع 0.5 نقطة مئوية لعام 2024 ورفع للتوقعات بواقع 0.3 نقطة مئوية لعام 2025 مقارنةً بتوقعات أكتوبر 2023». وخفض توقعاته للنمو في السعودية من 4 في المائة في توقعاته السابقة إلى 2.7 في المائة بسبب خفض إنتاج النفط، على أن يرتفع مجدداً الى 5.5 في المائة في 2025.

فيما يتوقع تراجع نمو الاقتصاد الأميركي من 2.5 في المائة إلى 2.2 في المائة في عام 2024 ليرتفع مجدداً إلى 2.4 في المائة في عام 2025، ونمو الاقتصاد في منطقة اليورو من 0.5 في المائة في 2023 إلى 0.9 المائة في 2024، و1.7 في المائة في عام 2025.

وفيما يتعلق بالصين، رفع التقرير توقعاته لنمو اقتصادها من 4.2 في المائة في 2024 إلى 4.6 في المائة، و4.1 في المائة في 2025، «بسبب الآثار المرحّلة من النمو الأقوى من المتوقع في 2023 وزيادة الإنفاق الحكومي بهدف بناء القدرات في مواجهة الكوارث الطبيعية».

كما توقع نمو الاقتصاد في المملكة المتحدة من 0.5 في المائة في 2023 إلى 0.6 في المائة في 2024، و1.6 في المائة في 2025.


مقالات ذات صلة

هيئة بريطانية: انفجار صاروخين بالقرب من سفينة قبالة سواحل عدن

العالم العربي الدخان يتصاعد من الناقلة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون (إ.ب.أ)

هيئة بريطانية: انفجار صاروخين بالقرب من سفينة قبالة سواحل عدن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، يوم الجمعة، إن صاروخين انفجرا على مقربة من سفينة تبعد 130 ميلاً بحرياً شرق عدن في اليمن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

اليونان: رصد تسرب نفطي محتمل حول الناقلة «سونيون» في البحر الأحمر

قالت اليونان في رسالة وزّعتها وكالة تابعة للأمم المتحدة إن تسرباً نفطياً محتملاً بطول 2.2 ميل بحري رُصد في منطقة مطابقة لموقع الناقلة «سونيون».

«الشرق الأوسط» (أثينا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
العالم العربي ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
شؤون إقليمية ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

الحوثيون يوافقون على قطر الناقلة «سونيون»

قالت جماعة الحوثي إنها وافقت على قطر ناقلة النفط «سونيون» بعد تواصل عدة أطراف دولية مع الجماعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«إتش سي» تتوقع أن يثبت «المركزي» المصري الفائدة في اجتماع الخميس

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
TT

«إتش سي» تتوقع أن يثبت «المركزي» المصري الفائدة في اجتماع الخميس

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

توقعت إدارة البحوث المالية بشركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، أن تُبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع الخميس المقبل، 5 سبتمبر (أيلول)، وذلك «انتظاراً لمزيد من التراجع في معدل التضخم، خصوصاً مع الزيادات الأخيرة في فواتير الكهرباء المقرر تنفيذها مع بداية سبتمبر».

وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة «إتش سي»: «نتوقع أن يتباطأ معدل تضخم الحضر إلى 24.9 في المائة على أساس سنوي لشهر أغسطس (آب)، بفضل تأثير سنة الأساس، ومع ذلك فإننا نتوقع أن يرتفع التضخم بنسبة 1.0 في المائة على أساس شهري، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة ووسائل النقل التي حدثت في بداية أغسطس».

إلى ذلك ذكرت هبة منير، عوامل عدة تمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة في مصر، تمثل أبرزها في: تجاوز مؤشر «مديري المشتريات» في مصر مستوى 49.0 في آخر 3 قراءات متتالية، بالتزامن مع تباطؤ التضخم. وهو ما أشارت إليه هبة منير، بالتزامن مع تطورات الموقف المالي الخارجي لمصر، الذي أظهر استقراراً.

وتلقت مصر 820 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، وهو ما يُمثل الشريحة الثالثة من برنامج تسهيل الصندوق الممتد البالغ 8 مليارات دولار؛ كما تحوّل صافي خصوم القطاع المصرفي بالعملة الأجنبية البالغة 27.0 مليار دولار العام الماضي إلى صافي أصول أجنبية؛ إذ بلغت 13.0 مليار دولار في يونيو (حزيران)، أقل من مستواها عند 14.3 مليار دولار في مايو (أيار)، وذلك بسبب عودة تدفقات النقد الأجنبي لمستوياتها العادية؛ إضافة إلى ارتفاع صافي الاحتياطات الأجنبية لمصر بنسبة 33 في المائة على أساس سنوي، وبنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 46.5 مليار دولار في شهر يوليو (تموز). كما ارتفعت الودائع غير المدرجة ضمن الاحتياطات الرسمية بـ2.11 مرة على أساس سنوي، وبنسبة 3.0 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 9.86 مليار دولار في الشهر نفسه.

وانخفض مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي لمصر إلى 91.9 في يوليو من 126 في يناير (كانون الثاني)، كما تراجع مؤشر سعر الصرف الفعلي بالقيمة الاسمية إلى 16.6 من 25.5 في يناير، وفق بيانات «بروغل».

وتحسن مبادلة مخاطر الائتمان لمصر لمدة عام، مسجلاً 403 نقاط أساس حالياً، مقابل 857 نقطة في الأول من يناير.

وعلى الصعيد العالمي، تراجعت أسعار السندات الحكومية الأميركية لأجل 12 شهراً إلى 4.40 في المائة، من أعلى مستوى لها عند 5.23 في المائة في 30 أبريل (نيسان).

وطبقاً لنموذج توقع معدل الفائدة التي تتبعه «إتش سي»، فإنها تقدر «نسبة الفائدة المطلوبة من قِبَل المستثمرين لأذون الخزانة لأجل 12 شهراً عند 33.1 في المائة، ما يعكس سعر فائدة حقيقياً إيجابياً بنسبة 7.1 في المائة (بعد خصم معدل ضريبة بنسبة 15 في المائة للمستثمرين الأوروبيين والأميركيين، واستناداً إلى توقعاتنا لمتوسط معدل التضخم لمدة 12 شهراً عند 21.1 في المائة)، وهو أعلى من معدل الفائدة الحقيقي الإيجابي المقدر بنسبة 1.2 في المائة لآخر إصدار لأذون الخزانة المصرية لأجل 12 شهراً، والبالغة 26.2 في المائة».