الصين تأمر الحكومات المحلية بوقف مشاريع للبنية التحتية

تدفقات الاستثمار الأجنبي تنكمش 8 % عام 2023

صينيون يتزلجون على سطح بحيرة مجمدة في حديقة بمدينة شينيانغ شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)
صينيون يتزلجون على سطح بحيرة مجمدة في حديقة بمدينة شينيانغ شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)
TT

الصين تأمر الحكومات المحلية بوقف مشاريع للبنية التحتية

صينيون يتزلجون على سطح بحيرة مجمدة في حديقة بمدينة شينيانغ شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)
صينيون يتزلجون على سطح بحيرة مجمدة في حديقة بمدينة شينيانغ شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)

قال ثلاثة أشخاص مطلعين على الوضع إن الصين أصدرت تعليمات للحكومات المحلية المثقلة بالديون بتأجيل أو وقف بعض مشروعات البنية التحتية التي تمولها الدولة، في الوقت الذي تكافح فيه بكين لاحتواء مخاطر الديون، بينما تحاول بالتزامن تحفيز الاقتصاد.

يأتي ذلك متزامناً مع إعلان وزارة التجارة الصينية، يوم الجمعة، أن تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الصين انكمشت 8 في المائة إلى 1.13 تريليون يوان (157.1 مليار دولار) في 2023، فيما قالت لجنة تنظيم الأوراق المالية في البلاد، يوم الجمعة، إن الصين ستعزز الرقابة على تداول العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم لحماية استقرار السوق.

وفي إطار تعزيز جهوده لإدارة ديون البلديات البالغة 13 تريليون دولار، أصدر مجلس الدولة في الأسابيع الأخيرة توجيهاً إلى الحكومات المحلية وبنوك الدولة لتأخير أو وقف البناء في المشاريع التي اكتمل فيها أقل من نصف الاستثمار المخطط له في 12 منطقة في جميع أنحاء البلاد، حسبما ذكرت المصادر.

وشددت بكين القيود على الديون في الأشهر الأخيرة لنزع فتيل المخاطر التي تهدد ثاني أكبر اقتصاد في العالم واستقراره المالي، بينما تحاول أيضاً تحفيز النمو الذي اعتُمد منذ فترة طويلة على استثمارات الحكومات المحلية في البنية التحتية.

وقال أحد المصادر إن البنية التحتية المستهدَفة في التوجيه الأخير، والتي لم يُعلن عنها سابقاً، تشمل الطرق السريعة وإعادة بناء المطارات وتوسيعها ومشاريع السكك الحديدية الحضرية.

وقال مصدران إن بعض المشاريع، مثل تلك التي وافقت عليها الحكومة المركزية أو الإسكان الميسر، ستكون معفاة من هذا التوجيه. وطلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها لأن التوجيه سرّي.

ولم يستجب المكتب الإعلامي لمجلس الدولة، الذي يتعامل مع الاستفسارات الإعلامية للمجلس، مجلس الوزراء الصيني، لطلب التعليق. وذكرت «رويترز» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن المجلس قد قيَّد قدرة الحكومات المحلية في المناطق الـ12 على تحمل الديون وقيد المشروعات الممولة من الدولة التي يمكنها إطلاقها.

ثم أمرت الحكومات المحلية بوقف مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص «التي تنطوي على إشكاليات»، ووضعت قيوداً أخرى على الاستثمار، حسبما ذكرت «رويترز» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقال مصدران إن التوجيه الجديد يقدم قائمة أكثر تفصيلاً بمشروعات البنية التحتية التي يتعين على الحكومات تجنبها. وقال أحدهم إنه يجب على الحكومات تقليص حجم الاستثمارات للمشاريع التي يزيد معدل إنجاز الاستثمار فيها على 50 في المائة.

وقالت وسائل إعلام رسمية في ديسمبر (كانون الأول) نقلاً عن مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، إن كبار القادة الصينيين قالوا إنه من الضروري التنسيق، وحل المخاطر الناجمة عن العقارات والديون المحلية والشركات المالية الصغيرة والمتوسطة الحجم.

وقالت المصادر إن بكين تشعر بالقلق إزاء احتمال التخلف عن السداد بسبب الديون الكبيرة للحكومات المحلية وضعف توقعات النمو، إذ بلغ دين الحكومة المحلية في الصين 76 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة، ارتفاعاً من 62 في المائة في عام 2019، مما يجعل ديون الحكومة المركزية عند 21 في المائة.

ونجمت مشكلات ديون الحكومات المحلية عن انهيار أسعار العقارات والأزمة النقدية التي جعلت المطورين غير قادرين على شراء مزيد من الأراضي، التي كانت تقليدياً مصدراً رئيسياً للإيرادات، وخيارات أقل لجمع الأموال مع تباطؤ النمو.

ونما الاقتصاد الصيني بنسبة 5.2 في المائة في عام 2023، وهو ما يزيد قليلاً على الهدف الرسمي، لكنّ التعافي كان أكثر هشاشة بكثير مما توقعه كثير من المحللين، متأثراً بازدياد ديون الحكومات المحلية وتفاقم أزمة العقارات.

وتشمل المناطق المثقلة بالديون التي يستهدفها مجلس الدولة مقاطعتَي لياونينغ وجيلين على الحدود مع كوريا الشمالية، وقويتشو ويوننان في الجنوب الغربي، ومدينتَي تيانجين وتشونغتشينغ.

وقال أحد المصادر إنه يتعين على تلك المناطق بذل كل جهد ممكن لتقليل «مخاطر ديونها إلى المستوى المنخفض والمتوسط»، لكنّ التوجيه لم يحدد كيفية قياس خفض الديون.

وقال المصدر إنه بمجرد أن تصل الحكومات المحلية إلى أهدافها لخفض الديون، فإن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أكبر مخطط اقتصادي في الصين، ستسعى للحصول على موافقة مجلس الوزراء لتعديل سياسات الديون الخاصة بها من أجل استثمارات جديدة في البنية التحتية. ولم تستجب اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح لطلب التعليق.


مقالات ذات صلة

فرنسا تستهدف تضخماً 1.4 % وخفض الإنفاق العام في موازنة 2025

الاقتصاد يسير الناس على طول الواجهة البحرية في لا ديفانس بالحي المالي والتجاري بالقرب من باريس (رويترز)

فرنسا تستهدف تضخماً 1.4 % وخفض الإنفاق العام في موازنة 2025

قالت وزيرة الموازنة الفرنسية أميلي دي مونتشالين، يوم الأربعاء، إن الحكومة تستهدف معدل تضخم يبلغ 1.4 في المائة، هذا العام، كما تهدف إلى خفض الإنفاق العام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد ميدان في توبنغن بألمانيا (رويترز)

الاقتصاد الألماني ينكمش للعام الثاني على التوالي في 2024

انكمش الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، للعام الثاني على التوالي في عام 2024، وفقاً للأرقام الأولية الرسمية الصادرة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، إن الاقتصاد الكويتي، الذي يعتمد في الغالب على الموارد الطبيعية، يواجه تحديات مستمرة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الزبائن يتسوقون بأحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في شارع بورتوبيللو بلندن (لندن)

تراجع التضخم البريطاني بشكل غير متوقع إلى 2.5 % في ديسمبر

تباطأ التضخم في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع، الشهر الماضي، حيث انخفضت مقاييس النمو الأساسية للأسعار التي يتابعها بنك إنجلترا بشكل أكثر حدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ يعود ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير في تزامن مع بدء منتدى دافوس السنوي الخامس والخمسين للقادة السياسيين ورجال الأعمال (رويترز)

ترمب يشارك بمنتدى دافوس الاقتصادي الأسبوع المقبل

قال منظمو المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس اليوم (الثلاثاء) إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيشارك عبر الإنترنت في اجتماع للمنتدى ينعقد الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وزير الاستثمار السعودي: وكالات ائتمان الصادرات ضرورية لتثبيت سلاسل توريد المعادن

وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال جلسة حوارية بمؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال جلسة حوارية بمؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط)
TT

وزير الاستثمار السعودي: وكالات ائتمان الصادرات ضرورية لتثبيت سلاسل توريد المعادن

وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال جلسة حوارية بمؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال جلسة حوارية بمؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط)

سلّط وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، الضوء على أهمية دور وكالات ائتمان الصادرات في مواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه الاستثمارات في قطاع التعدين، مؤكداً تعقيد هذه الصناعة ودوراتها الزمنية الطويلة وتوزيعها الجغرافي الذي يحمل معه مخاطر متعددة.

وأوضح الفالح أن بنك التصدير السعودي، الذي يديره، يعد من أبرز وكالات ائتمان الصادرات المملوكة للحكومات على مستوى العالم، مشيراً إلى أن هذه الوكالات تؤدي دوراً حاسماً في توفير حلول تضمن ثبات واستمرارية سلاسل التوريد، خصوصاً في قطاع التعدين والمعادن الذي يتميز بتجزئة سلاسل توريده عالمياً.

وأشار الوزير إلى المخاطر التي تواجه هذه الصناعة، والتي تشمل الجودة والكمية والتسعير، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية التي تؤثر على سلاسل الإمداد. وقدَّم مثالًا على دور بنك التصدير السعودي في هذا المجال؛ حيث أوضح أنه خلال العامين الماضيين، ونظراً للنقص الحاد في الأسمدة الفوسفورية الذي واجهته الدول الأفريقية، عمل البنك مع أحد البنوك التجارية لتوفير تسهيل ائتماني بقيمة 150 مليون دولار، ساهم في توفير الأسمدة لـ25 دولة أفريقية.

وذكر الفالح أن هذه الجهود تُسهم بشكل كبير في تثبيت استقرار سلاسل التوريد ومعالجة التحديات العالمية، وأكد أهمية هذا الدور لضمان استمرارية العمليات في صناعة معقدة مثل التعدين.

كما ركّز الوزير على أهمية التعاون الوثيق مع القطاعات الأخرى، مثل الصناعة المالية والطاقة والخدمات اللوجستية، وعَدّ تطوير الموارد البشرية عنصراً أساسياً لنجاح القطاع، قائلاً: «هذا القطاع يعتمد على المواهب البشرية والابتكار والتكنولوجيا، وما لم نستثمر في الأشخاص والتقنيات، لا يمكننا النجاح».

وفي سياق حديثه عن التحديات التي تواجه قطاع التعدين، أوضح الفالح أن «التعدين كان دائماً يدور حول التغلُّب على التحديات الصعبة، ويتطلب منا توفير رأس المال والتكنولوجيا والبشر».