«فيتش»: اضطراب تدفقات النقد الأجنبي بسبب إعادة توجيه السفن من قناة السويس

تكاليف الشحن ستبقى مرتفعة على المدى القصير مدفوعة بارتفاع أسعار الوقود

تؤثر إعادة توجيه السفن من قناة السويس على نحو 12% من التجارة العالمية، بما في ذلك نحو 50 % من وزن البضائع (رويترز)
تؤثر إعادة توجيه السفن من قناة السويس على نحو 12% من التجارة العالمية، بما في ذلك نحو 50 % من وزن البضائع (رويترز)
TT

«فيتش»: اضطراب تدفقات النقد الأجنبي بسبب إعادة توجيه السفن من قناة السويس

تؤثر إعادة توجيه السفن من قناة السويس على نحو 12% من التجارة العالمية، بما في ذلك نحو 50 % من وزن البضائع (رويترز)
تؤثر إعادة توجيه السفن من قناة السويس على نحو 12% من التجارة العالمية، بما في ذلك نحو 50 % من وزن البضائع (رويترز)

قالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني إن انتعاش التدفق النقدي الحر لصانعي المنتجات الأوروبية قد يواجه اضطراباً بسبب إعادة توجيه السفن من قناة السويس. ويمكن أن يؤدي إعادة التوجيه، إذا استمر، إلى زيادة احتياجات رأس المال العامل للمصنعين بسبب تباطؤ نقل الأجزاء والمنتجات النهائية وارتفاع تكاليف الشحن، على الرغم من أن تصنيفات الجهات المصدرة تتمتع بمساحة كافية لاستيعاب هذه الاضطرابات.

وتأتي هذه الاضطرابات في التدفقات التجارية مع انحسار مشكلات سلسلة التوريد المرتبطة بالوباء. وكانت المشكلات السابقة ناجمة عن مزيج من النقص في أشباه الموصلات والنقص في القدرة اللوجيستية بسبب نقص الموظفين والحاويات النازحة والتخفيضات في مكالمات الموانئ من قبل خطوط شحن الحاويات الرئيسية.

التأثير على مخزون الشركات الصناعية

ارتفع مخزون الشركات الصناعية بشكل كبير في عامي 2021 و2022 بسبب التضخم في الأعمال الجارية، حيث انتظرت الشركات المصنعة أجزاء رئيسية لإكمالها وشحن المنتجات. كما قامت العديد من الشركات ببناء مستويات المخزون كإجراء وقائي ضد المزيد من عدم الاستقرار.

وقامت معظم الشركات المصنعة في أوروبا بإلغاء مخزونها في عام 2023 مع تخفيف مشكلات سلسلة التوريد. ونتيجة لذلك، انعكست تدفقات رأس المال العامل إلى الخارج لعامي 2021 و2022 في عام 2023. وتفترض توقعات «فيتش» الأساسية للشركات وجود هامش متوسط للتدفق النقدي الحر يبلغ نحو 1.5 في المائة في عامي 2023 و2024، على أن يرتفع ببطء بعد ذلك مع تسليم الطلبات وتمرير الزيادات التضخمية في التكلفة.

ويأتي الاضطراب الحالي في تدفقات الأجزاء والمكونات في وقت من العام تكون فيه الشركات في مرحلة الإنتاج الكامل. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة التدفقات النقدية الخارجة تقليدياً في الربع الأول، وتأخير تعافي التدفق النقدي الحر بعد الوباء، خاصة إذا انخفضت أحجام التصنيع نتيجة لذلك. وقد تتخلف هوامش التدفق النقدي الحر للشركات المصنعة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بشكل أكبر عن نظيراتها في المناطق الأخرى.

زيادة تكاليف النقل

وتؤدي إعادة توجيه السفن إلى تقليل عدد الموانئ التي تتوقف فيها، مما يتطلب خدمات نقل إضافية لتوصيل الحاويات إلى وجهاتها النهائية. ويضيف هذا تعقيداً وتكاليف إضافية لإدارة سلاسل التوريد.

وتتوقع الوكالة أن تظل تكاليف الشحن مرتفعة على المدى القصير، مدفوعة بنقص قدرة الشحن العالمية وارتفاع أسعار الوقود، بالإضافة إلى الحاجة إلى إعادة توجيه البضائع عبر موانئ مختلفة.

وتتمتع معظم الشركات الصناعية الحاصلة على تصنيف «فيتش» بقدرة كافية على تحمل التكاليف الإضافية الناجمة عن الاضطرابات. وتتسم دفاتر طلباتها بالمرونة، كما أن آليات تمرير التكلفة أقوى مما كانت عليه قبل الارتفاع الحاد في التضخم في الفترة 2022-2023.

الاضطرابات قد تستمر عدة أشهر

أشار مشغل خطوط الحاويات «إيه بي مولر ميرسك» إلى أن الأمر قد يستغرق أشهراً لإعادة فتح البحر الأحمر بالكامل أمام حركة الحاويات. وتحمل قناة السويس عادة نحو 12 في المائة من التجارة العالمية، وفقاً لبنك التنمية الآسيوي. ويجري حالياً تحويل نحو 45 في المائة من حركة مرور قناة السويس حول أفريقيا، أي ما يعادل نحو 50 في المائة من وزن البضائع، ويرجع ذلك في الغالب إلى تحويل سفن الحاويات العملاقة التي تصل إلى 20 ألف وحدة مكافئة بطول 20 قدماً.

ويضيف تحويل السفن أسبوعين إلى رحلة العودة بين آسيا وأوروبا، مما يقلل بشكل كبير من قدرة الشحن للمكونات المنقولة بالحاويات والثقيلة والمنخفضة القيمة. كما ارتفعت تكلفة إرسال حاوية من آسيا إلى أوروبا بأكثر من الضعف في الأسابيع الأخيرة.


مقالات ذات صلة

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
TT

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي، حيث من المقرر أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) 2026. وعليه، تتوجه الأنظار نحو تقييم إرثه والآفاق المستقبلية للبنك المركزي، بعد أن شكّلت فترة رئاسته مرحلة حرجة في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، إذ واجه خلالها تحديات اقتصادية عالمية وتحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وفيما يلي قائمة بأولوياته وطموحاته لإنهاء فترة قيادته بشكل إيجابي، وتقديم إرث يدوم في تاريخ «الاحتياطي الفيدرالي»، وفقاً لما أوردته «رويترز».

إشارة «توقف» واضحة

تتمثل المهمة الرئيسية لباول في «إتمام الهبوط الناعم» مع وصول التضخم إلى 2 في المائة والعمالة كاملة، في بيئة اقتصادية قد تكون أكثر تعقيداً بسبب السياسات الضريبية والجمركية والهجرة التي قد تجعل من الصعب فهم المشهد الاقتصادي، وفقاً لما صرح به دونالد كون، نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، الذي يعمل الآن زميلاً كبيراً في مؤسسة «بروكينغز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت إلى باول بسبب تأخر رفع أسعار الفائدة في بداية تسارع التضخم في عام 2021، فإن الزيادات السريعة التي تم تنفيذها في أسعار الفائدة، والعودة التدريجية للاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي بعد جائحة كوفيد-19، قد جعلت التضخم قريباً من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة. لكن المهمة لم تكتمل بعد. على مدار العام المقبل، سيضطر باول إلى توجيه النقاش بين صانعي السياسة بشأن متى يجب التوقف عن خفض أسعار الفائدة دون المبالغة في ذلك، مما قد يؤدي إلى انتعاش التضخم، أو التباطؤ بشكل مفرط مما يتسبب في تدهور سوق العمل، مع الأخذ في الاعتبار السياسات الاقتصادية التي قد تنفذها إدارة ترمب الجديدة.

بيئة مالية مستقرة

وَعَدَ الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بإجراء تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة والتنظيمية التي قد تجعل مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في الحفاظ على الأسعار المستقرة وتحقيق التوظيف الكامل أكثر صعوبة. ومع احتمالية تشغيل الاقتصاد عند أو فوق إمكاناته، قد تؤدي الضرائب المنخفضة أو التنظيمات الأكثر تساهلاً إلى زيادة التضخم عن طريق تعزيز الطلب والنمو بشكل أكبر؛ بينما قد تؤدي عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين إلى تقليص العرض العمالي مما يضع ضغوطاً على الأجور والأسعار؛ كما يمكن أن ترفع التعريفات الجمركية من تكلفة السلع المستوردة.

لكن الآثار لن تكون أحادية الاتجاه، فأسعار الاستيراد المرتفعة قد تضعف الطلب أو تحول المستهلكين إلى البدائل المحلية، على سبيل المثال، مما يفرض على «الاحتياطي الفيدرالي» بذل جهد لفهم التأثير الكامل للسياسات التي قد يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، وقد يكون تحديد كيفية تأثير ذلك على القضايا التي تهم «الاحتياطي الفيدرالي»، مثل التضخم ومعدل البطالة، أحد التحديات الرئيسية لباول في المرحلة الأخيرة من قيادته للبنك المركزي.

نهاية هادئة للتشديد الكمي

شهدت حيازة «الاحتياطي الفيدرالي» للسندات الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري انفجاراً خلال جائحة كوفيد-19 في إطار جهوده للحفاظ على استقرار الأسواق ودعم التعافي الاقتصادي. الآن، يقوم البنك المركزي بتقليص ميزانيته العمومية مع انتهاء صلاحية الأوراق المالية المستحقة، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.

وهناك حد لما يمكن أن تصل إليه الميزانية العمومية قبل أن تترك النظام المالي دون احتياطيات كافية. وبشكل عام، يرغب باول وزملاؤه في أن تستمر فترة الارتفاع لأطول فترة ممكنة، ولكنهم يريدون أيضاً تجنب تعطيل أسواق التمويل بين عشية وضحاها كما حدث في عام 2019.

كما أن العثور على نقطة التوقف الصحيحة وتحديد كيفية إدارة الميزانية العمومية في المستقبل هو جزء من العمل غير المكتمل من عملية الإنقاذ المالي المرتبطة بالوباء، التي يحتاج باول إلى إتمامها لإعادة السياسة النقدية إلى «طبيعتها».

إطار عمل أقوى

جزء من إرث باول سيكون مرتبطاً بالتغييرات في استراتيجية السياسة النقدية التي ناقشها «الاحتياطي الفيدرالي» في عام 2019، ووافق عليها في عام 2020، عندما كان تركيز البنك المركزي مُنصبّاً على معالجة البطالة الضخمة التي نشأت بسبب الجائحة. ومع عقد من التضخم المنخفض كخلفية، اعتمدوا إطار عمل جديداً يضع وزناً أكبر على تعافي سوق العمل، ووعد باستخدام فترات التضخم المرتفع لتعويض الأخطاء السابقة في استهداف التضخم.

لكن هذا النهج أصبح سريعاً غير متوافق مع اقتصاد تعافى فيه سوق العمل بسرعة، وفي عام 2021 بدأت تظهر علامات على تصاعد التضخم.

واعترف باول بأن التغييرات التي أشرف عليها في 2020 كانت مركزة على مجموعة من الظروف التي من المحتمل أن تكون فريدة، وسوف يتم مراجعتها هذا العام لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الإطار مرة أخرى.

وتكمن أحد التحديات في كيف يمكن التأكد من أن الإرشادات التشغيلية تتجنب الالتزام المفرط بأي من ولايتين لـ«الاحتياطي الفيدرالي». وقال إد الحسيني، الاستراتيجي الكبير في الأسواق العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل»: «إذا خرج (الاحتياطي الفيدرالي) من هذه الحلقة مع تركيز أقل على التوظيف مقارنة بالتضخم، فإننا نعرض أنفسنا للعودة إلى بيئة حيث يتجاوز التضخم الهدف، وتستغرق تعافي الوظائف من الركود وقتاً أطول من اللازم».

تجنب حرب تنظيمية

بالإضافة إلى السياسة المالية، قد تحاول إدارة ترمب إجراء إصلاحات في كيفية تنظيم البنوك، وهي منطقة يتولى فيها «الاحتياطي الفيدرالي» مسؤولية مباشرة بوصفه جهة إشرافية، بالإضافة إلى اهتمامات أوسع تتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية مثل «المقرض الأخير» للمؤسسات المالية التي تتمتع بالجدارة الائتمانية ولكنها تواجه ضغوطاً في الأسواق.

وركز باول الكثير من وقته بصفته رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس، وهذه الروابط قد تكون مهمة مع مناقشة المشرعين للتغييرات المحتملة في لوائح البنوك والهيكل الإشرافي الذي يُنفذ هذه التغييرات.

وقال ديفيد بيكويرث، زميل أبحاث أول في مركز مرشاتوس بجامعة «جورج ميسون»: «أعتقد أنه ستكون هناك بعض المحاولات الكبيرة من إدارة ترمب لتغيير كيفية تنفيذ الحكومة الفيدرالية للسياسة المالية»، وأضاف: «قد تكون هناك أيضاً دعوات لإصلاح (الاحتياطي الفيدرالي) بشكل عام. آمل أن يضع باول (الاحتياطي الفيدرالي) في أفضل وضع ممكن للتعامل مع التغيير الكبير المحتمل».