هجمات الحوثيين تدفع تجار التجزئة إلى البحث عن بدائل للشحن البحري

مخاوف من موجة تضخم جديدة

يقوم تجار التجزئة بتخزين البضائع قبل عطلة السنة القمرية الجديدة في الصين ويبحثون عن بدائل للنقل الجوي أو بالسكك الحديدية للنقل عبر البحر الأحمر (رويترز)
يقوم تجار التجزئة بتخزين البضائع قبل عطلة السنة القمرية الجديدة في الصين ويبحثون عن بدائل للنقل الجوي أو بالسكك الحديدية للنقل عبر البحر الأحمر (رويترز)
TT

هجمات الحوثيين تدفع تجار التجزئة إلى البحث عن بدائل للشحن البحري

يقوم تجار التجزئة بتخزين البضائع قبل عطلة السنة القمرية الجديدة في الصين ويبحثون عن بدائل للنقل الجوي أو بالسكك الحديدية للنقل عبر البحر الأحمر (رويترز)
يقوم تجار التجزئة بتخزين البضائع قبل عطلة السنة القمرية الجديدة في الصين ويبحثون عن بدائل للنقل الجوي أو بالسكك الحديدية للنقل عبر البحر الأحمر (رويترز)

يواجه تجار التجزئة في جميع أنحاء العالم اضطرابات في سلسلة التوريد بسبب إعادة توجيه السفن بعيداً عن قناة السويس بعد هجمات الحوثيين المسلحة على السفن في البحر الأحمر.

وقد بدأ التجار بتخزين البضائع قبل عطلة السنة القمرية الجديدة في الصين ويبحثون عن بدائل للنقل الجوي أو بالسكك الحديدية للنقل عبر البحر الأحمر في محاولة لتجنب الرفوف الفارغة هذا الربيع، وفق ما قال مسؤولون تنفيذيون وخبراء لـ«رويترز».

وقال أحد المتاجر الأوروبية إنه يؤجِّل البيانات التسويقية لبعض المواد المهمة حتى يجري تأمينها. ويعيد قائدو سفن متوقفة مثل «ميرسك» و«هاباغ» توجيه السفن بعيداً عن قناة السويس -في طريقها من آسيا إلى أوروبا- بعد هجمات مسلحة على السفن في البحر الأحمر.

وأثارت عمليات التحويل مخاوف من حدوث اضطراب طويل الأمد آخر في التجارة العالمية، تماماً كما تتفكك سلاسل التوريد بعد جائحة «كوفيد - 19»، وبدلاً من ذلك، فإن التجول في جنوب أفريقيا يضيف مليون دولار من تكاليف الوقود ونحو 10 أيام إلى الرحلة.

وأظهرت المقابلات مع خمسة من تجار التجزئة الخطوات غير العادية التي تتخذها الشركات للتكيف مع اضطرابات سلسلة التوريد.

على سبيل المثال، تحمّل شركة الأثاث الأميركية «بي دي آي فيرنيتشر» الطلبات مقدماً وتعتمد بشكل أكبر على المصانع في تركيا وفيتنام. كما تطلب من وسطاء الشحن تجاوز قناتَي بنما والسويس وشحن البضائع عبر المحيط الهادئ إلى كاليفورنيا، حيث يمكن نقلها بالسكك الحديدية إلى مستودعاتها على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وقال نائب رئيس العمليات في الشركة، حنا حجار، إن الشركة لديها مخزون منخفض من بعض خزائن الوسائط وأثاث غرف النوم والأثاث المكتبي الموجود بالفعل على متن السفن.

وأضاف أن الاضطرابات أدت إلى إطالة وقت العبور من فيتنام بمقدار 10 إلى 15 يوماً، مشيراً إلى أن الشركة لم تتوقع كل هذه التأخيرات الأخيرة.

وتدرس الشركات التي تنقل البضائع من الصين إلى أوروبا والولايات المتحدة بدائل مثل السكك الحديدية والجو، لكنّ الأسعار المرتفعة تعني أنها يجب أن تكون استراتيجية بشأن المنتجات التي يجب تحديد أولوياتها.

يقول حجار إن الشركة تستخدم طريق كاليفورنيا حلاً على أساس كل حالة على حدة، لأن الأسعار أصبحت الآن ضعف تكلفة الشحن العادية عبر السويس أو بنما.

وتهدف الشركة إلى تقليل اعتمادها على الصين إلى 40 في المائة من إجمالي الطلبات على مدى السنوات الثلاث المقبلة من 60 في المائة حالياً، من خلال الاستيراد بشكل أكبر من فيتنام وتركيا.

وعلى الرغم من أن التجارة بين آسيا وأوروبا هي الأكثر عُرضة لاضطرابات قناة السويس، فإن ما يصل إلى 30 في المائة من الشحنات إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، تتحرك عبر القناة.

سباق مع الزمن

يواجه تجار التجزئة سباقاً مع الزمن، فعطلة رأس السنة القمرية الجديدة في الصين ستتسبب بإغلاق المصانع من 10 فبراير (شباط) لمدة تتراوح بين أسبوعين وشهر. وعادةً تحاول الشركات تصدير أكبر قدر ممكن قبل العطلة.

لكن مع تحويل مسارات السفن، لن يعود عدد كافٍ منها إلى الصين في الوقت المناسب لتحميل البضائع قبل العطلة. وهذا يعني تأخيرات محتملة للمنتجات المفترض وصولها إلى رفوف المتاجر الغربية في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار). وقد أفاد خبراء الخدمات اللوجيستية بالفعل بنقص حاويات الشحن في ميناء نينغبو الصيني.

يقول المدير العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «فلوينت كوميرس»، روب شو: «أسوأ شيء يمكن أن يحدث لتاجر التجزئة هو تأخير كبير في منتج لن يتمكن من تسويقه بسبب موسميته».

من جهتها، قالت شركة «ألدي نورد» الألمانية إنها قد تتسلم سلعاً منزلية وألعاباً وزينة متأخرة عن موعدها، وأجّلت الإعلان عن منتجات محددة نتيجة لذلك.

وصرحت متاجر «نكست» البريطانية بأن التأخيرات تمكن إدارتها مقارنةً بتلك التي حدثت في أثناء الوباء. لكنَّ الشركة، التي تستورد معظم منتجاتها من آسيا، تمكنت من تخفيف الأمر بالطلب المبكر واستخدام الشحن الجوي بشكل أكبر.

وقال الرئيس التنفيذي سيمون ولفسون، لـ«رويترز»: «من الدروس المستفادة من كوفيد، تأخير المخزون -تطلبون سَلفاً قليلاً وتستخدمون الشحن الجوي أقل».

البدائل

يعد خط السكك الحديدية من غرب الصين إلى شرق أوروبا خياراً بديلاً، لكنّ المدير الإداري لـ«كاردينال غلوبال لوجيستيكس»، كريغ بول، صرَّح بأن تكلفة استخدامه قفزت إلى نحو 9000 - 10500 دولار لكل حاوية طولها 40 قدماً من نحو 7000 دولار في نوفمبر (تشرين الثاني)، ولا تزال تزداد يومياً.

وتستكشف شركة «آي سي تريد»، التي تُصدر المكونات الميكانيكية من الصين إلى إيطاليا، خيار السكك الحديدية، لكن من الصعب العثور على مساحة كافية، ولتعويض سفينة واحدة، تحتاج إلى 100 قطار، كما يقول المؤسس ماركو كاستللي.

أما شركة بيع الأزياء البولندية بالتجزئة «إل بي بي»، فتدرس بدائل السكك الحديدية أو الهواء البحري لمجموعاتها الأكثر إلحاحاً.

مخاوف من موجة تضخم جديدة

وقال محللو «آر بي سي» إن استمرار الاضطرابات يمكن أن يضرّ بهامش الربح الإجمالي لتجار التجزئة الأوروبيين، بينما أثار احتمال ارتفاع الأسعار نتيجة ضغوط سلسلة التوريد الجديدة مخاوف من موجة أخرى من التضخم العالمي.

وبالنسبة إلى بعض الشركات، يسلّط أحدث الاضطرابات الضوء على الحاجة إلى تحويل سلاسل التوريد بشكل دائم بحيث تكون المصانع أقرب إلى المستهلك النهائي، وهي عملية يطلَق عليها غالباً «التقريب الشاطئي».


مقالات ذات صلة

«الحوثيون» يعلنون مهاجمة سفينة في البحر الأحمر

العالم العربي مسلحون حوثيون يشاركون في تظاهرة باليمن (د.ب.أ)

«الحوثيون» يعلنون مهاجمة سفينة في البحر الأحمر

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن، الثلاثاء، استهداف سفينة شحن في البحر الأحمر، غداة تقرير من «مركز المعلومات البحرية المشترك» عن انفجارين منفصلين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

هيئة بحرية: تقرير عن واقعة غرب المخا باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها تلقت تقريراً عن واقعة في البحر الأحمر على بعد 25 ميلاً بحرياً إلى الغرب من المخا في اليمن، حسب «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية هدف السباق إلى إحياء روح الإبحار السعودي (الشرق الأوسط)

ساحل أملج يتزين بسباق «البحر الأحمر كلاسيك» للإبحار الشراعي

أُقيم سباق «البحر الأحمر كلاسيك» للإبحار الشراعي، الذي نظَّمته شركة «54» العالمية للرياضة والترفيه، بالتعاون مع شركة «البحر الأحمر العالمية»، والمجتمع المحلي.

«الشرق الأوسط» (أملج)
العالم العربي الحوثيون يستهدفون حاملة طائرات أميركية ومدمرتين أميركيتين أخريين بعدد من الصواريخ والطائرات المسيَّرة (أرشيفية - د.ب.أ)

الحوثيون: استهدفنا حاملة طائرات أميركية ومدمرتين... و«البنتاغون» يؤكد

قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين في اليمن يحيى سريع إن قوات الجماعة استهدفت حاملة طائرات أميركية ومدمرتين أميركيتين أخريين بعدد من الصواريخ والطائرات المسيّرة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها.

أحمد إمبابي (القاهرة)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».