التجارة العالمية تناقش خياراتها وسط اضطرابات البحر الأحمر

الشركات تدرس «النقل متعدد الوسائط»... والأثر الكامل يظهر بعد بداية العام الجديد

سفينة شحن نرويجية تعرضت لهجوم في البحر الأحمر يوم 12 ديسمبر الجاري (أ.ف.ب)
سفينة شحن نرويجية تعرضت لهجوم في البحر الأحمر يوم 12 ديسمبر الجاري (أ.ف.ب)
TT

التجارة العالمية تناقش خياراتها وسط اضطرابات البحر الأحمر

سفينة شحن نرويجية تعرضت لهجوم في البحر الأحمر يوم 12 ديسمبر الجاري (أ.ف.ب)
سفينة شحن نرويجية تعرضت لهجوم في البحر الأحمر يوم 12 ديسمبر الجاري (أ.ف.ب)

يسعى المصدرون بجدٍّ لإيجاد سبل بديلة سواء عن طريق الجو أو البر أو البحر لتوصيل السلع الاستهلاكية الرئيسية لتجار التجزئة، إذ تسببت سلسلة من الهجمات في البحر الأحمر في تفاقم مشكلات سلاسل توريد الشحن البحري حول العالم.

وكثفت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران هجماتهما على السفن في البحر الأحمر منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) لإظهار الدعم لحركة «حماس» مع استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة.

وعطلت الهجمات طريقاً تجارية رئيسية تربط أوروبا وأميركا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس، وارتفعت تكاليف شحن الحاويات إلى أكثر من ثلاثة أمثال في بعض الأحيان بينما تسعى الشركات إلى نقل بضائعها عبر طرق بحرية بديلة أطول في كثير من الأحيان.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال» في تقرير لها إنه إذا كانت هناك اضطرابات ممتدة، فإن قطاع السلع الاستهلاكية، الذي يزوّد كبرى شركات البيع بالتجزئة في العالم مثل «وول مارت» و«إيكيا»، سيواجه التأثير الأكبر.

وأشار آلان باير، الرئيس التنفيذي لشركة «أو إل يو إس إيه» إلى أن لديه فرقاً تقدّم المشورة لعملاء الشحن والخدمات اللوجيستية للاستعداد لاضطرابات في البحر الأحمر قد تمتد لتسعين يوماً على الأقل. وقال إن «حلول عطلة عيد الميلاد لا يُحدث فرقاً. ستكون لدينا فترة هدوء من الآن حتى الثاني من يناير (كانون الثاني)، وبعد ذلك سيصيب التوتر الجميع».

وقال جان كلاين لاستويس، الرئيس التنفيذي للعمليات للشحن الجوي لدى شركة الشحن الألمانية الرائدة «هيلمان وورلد وايد لوجيستيكس»، إن الشركات تحاول الآن التحول إلى ما يسمى «النقل متعدد الوسائط» للحفاظ على سلاسل التوريد العالمية، والتي تتضمن طريقاً بحرية وجوية مشتركة.

وأضاف أن «هيلمان» شهدت زيادة في الطلب على الطريقين الجوية والبحرية المشتركة للسلع الاستهلاكية، مثل الملابس وكذلك الإلكترونيات والمواد التقنية. وقد يعني ذلك، على سبيل المثال، نقل البضائع أولاً بحراً إلى ميناء في دبي، ومن هناك يتم نقلها عن طريق الشحن الجوي. موضحاً لـ«رويترز»: «هذه الطريق البديلة تسمح للعملاء بتجنب منطقة الخطر في البحر الأحمر والرحلة الطويلة حول الطرف الجنوبي لأفريقيا».

وذكر بول براشير، وهو نائب رئيس قطاع بمجموعة سلسلة التوريد «آي تي إس لوجيستيكس»، أن بعض الشركات قد تختار استخدام الشحن الجوي للسلع العاجلة أو الحرجة بشكل خاص، لكنّ التكلفة تعني أنها ليست حلاً شاملاً.

وقال بريان بورك، كبير المسؤولين التجاريين العالميين في شركة «سيكو» للوجيستيات، إن نقل البضائع عن طريق الجو تزيد تكلفته ما بين 5 و15 مثلاً مقارنةً مع النقل البحري الذي لا تزال أسعار شحن الحاويات فيه منخفضة وفقاً للمعايير التاريخية.

وأضاف بورك، الذي تلقى بالفعل استفسارات من العملاء، أنه إذا تضاعف الوقت الذي يستغرقه توصيل البضائع إلى المستهلكين فإن المزيد من شركات الشحن ستتحول إلى النقل الجوي خصوصاً بالنسبة إلى السلع ذات القيمة العالية مثل الملابس الفاخرة والإلكترونيات باهظة الثمن.

طريق تجارة رئيسية

وقال كوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة «درياد غلوبال» البريطانية لاستشارات المخاطر البحرية والأمن، إن نحو 35 ألف سفينة تُبحر عبر منطقة البحر الأحمر سنوياً وتنقل البضائع بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، وهو ما يمثل نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وتعتمد شركات البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة على هذه الطريق للحصول على سلع مثل الملاءات القطنية وفرش الأسنان الكهربائية من الهند والأحذية من الصين وسريلانكا.

وتابع: «في ظل تهديد ممتد، ستشهد أسعار الوقود والبضائع المتجهة إلى أوروبا ارتفاعاً كبيراً بسبب زيادة تكاليف التحويل حول أفريقيا؛ وهو ما يمكن أن يضيف نحو 30 يوماً إلى العبور اعتماداً على ميناء الوصول».

فيما قالت شركة «تيل ويند شيبينغ لاينز»، وهي شركة تابعة لسلسلة متاجر «ليدل» الألمانية، والتي تنقل السلع غير الغذائية لصالح «ليدل» وكذلك البضائع لعملاء آخرين، إنها تسلك طريق رأس الرجاء الصالح في الوقت الحالي. وأضافت: «هدفنا هو أن نبقى قريبين من جدولنا الزمني قدر الإمكان».

الغموض يسيطر

ولا تزال شركات الشحن تجهل كثيراً من الأمور المتعلقة بالتحالف البحري الدولي الجديد الذي تعمل الولايات المتحدة على تشكيله لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وقال مصدر في صناعة الأزياء الإسبانية لـ«رويترز» إن خطوط الشحن تخبر العملاء أن الكثير من الأشياء تتوقف على قوة العمل التي تقودها الولايات المتحدة، وما إذا كان بإمكانها منع المزيد من الهجمات وجعل الطريق آمنة مرة أخرى.

وأوضح المصدر الصناعي أنه من المهم أن تتمكن الشركات الأوروبية من استخدام قناة السويس مرة أخرى لضمان إمدادات الملابس من آسيا.

وقال جيب كلولو، الشريك في مجموعة صناعة النقل التابعة لشركة المحاماة «ريد سميث»: «هذا لا يتطلب وقتاً ونفقات إضافية فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى تفاقم التأثير البيئي من خلال زيادة استهلاك الوقود».

وتعاني قناة بنما جفافاً شديداً، مما أدى إلى خفض عدد ممرات السفن التي تسمح بها. بالإضافة إلى ذلك، هناك سباق لنقل البضائع قبل إغلاق المصانع بمناسبة العام الصيني الجديد في الفترة من 10 إلى 17 فبراير (شباط) المقبل، وهو ما يمكن أن يعطل الإمدادات شهراً أو أكثر.

في الوقت نفسه، بدأ مُلّاك سفن الحاويات الكبيرة في إضافة رسوم، تشمل رسوماً إضافية لحالات الطوارئ، على الشحنات المتضررة من الاضطرابات في البحر الأحمر.

وفي إشعار للعملاء يوم الأربعاء، قالت مجموعة الشحن الفرنسية «سي إم إيه سي جي إم» إنها ستفرض رسوماً إضافية تبلغ 1575 دولاراً لكل حاوية مقاس 20 قدماً، و2700 دولار لكل حاوية مقاس 40 قدماً، و3000 دولار للحاويات المزودة بمبردات ومعدات خاصة، وذلك بالنسبة إلى البضائع المنقولة من وإلى موانئ البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

انطلاق الجولة الأولى لمفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا

الاقتصاد توقيع البيان المشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا في مارس الماضي (الشرق الأوسط)

انطلاق الجولة الأولى لمفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا

من المقرر أن تعقد الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون وتركيا بمشاركة 9 جهات حكومية سعودية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

سجلت الصادرات السعودية غير النفطية أعلى مستوى لها في عامين في مايو (أيار) الماضي، حيث بلغت 28.89 مليار ريال سعودي (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد ميناء جدة الإسلامي (واس)

أعلى مستوى منذ عامين للصادرات السعودية غير النفطية في مايو

سجل الميزان التجاري السعودي فائضاً على أساس سنوي خلال مايو الماضي بلغ 34.5 مليار ريال بفضل تحقيق أعلى مستوى للصادرات غير النفطية منذ يونيو 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام (واس)

ميناء سعودي يستقبل 15 رافعة جسرية لدعم الحركة التجارية

استقبل ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام في السعودية، مُمثلاً في الشريك الاستراتيجي مشغل محطتي الحاويات بالميناء «الشركة السعودية العالمية للموانئ» 15 رافعة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي يتحدث للحضور خلال «المنتدى الاستثماري السعودي - التايلندي» (الشرق الأوسط)

الفالح: العلاقات الاقتصادية السعودية - التايلندية شهدت تطورات متسارعة  

أكد وزير الاستثمار، المهندس خالد الفالح، التقدم الملحوظ الذي تشهده العلاقات التجارية بين السعودية وتايلند؛ استجابةً للطلب المتزايد على مدار عقود عدة.

بندر مسلم (الرياض)

ارتفاع الأسعار يضاعف أرباح «ينساب» السعودية للبتروكيميائيات 720 % بالربع الثاني

أحد مصانع «ينساب» (موقع الشركة الإلكتروني)
أحد مصانع «ينساب» (موقع الشركة الإلكتروني)
TT

ارتفاع الأسعار يضاعف أرباح «ينساب» السعودية للبتروكيميائيات 720 % بالربع الثاني

أحد مصانع «ينساب» (موقع الشركة الإلكتروني)
أحد مصانع «ينساب» (موقع الشركة الإلكتروني)

قفز صافي أرباح شركة "ينبع الوطنية للكيميائيات" (ينساب) السعودية، بمقدار 720 في المائة، إلى 224.8 مليون ريال (60 مليون دولار)، خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة مع 27.4 مليون ريال (7 ملايين دولار) خلال الفترة ذاتها من العام السابق.

وأرجعت الشركة أسباب النمو في بيان على موقع سوق الأسهم السعودية الرئيسية (تداول)، إلى ارتفاع متوسط أسعار بعض المنتجات بشكل رئيسي، بالإضافة إلى زيادة الكميات المنتجة والمباعة، مقارنة بالربع المماثل من عام 2023.

كما ارتفع صافي ربح «ينساب»، المملوكة بنسبة 51 في المائة لشركة «سابك»، خلال الربع الثاني، مقارنة مع الربع الأول من العام الحالي، بنحو 126 في المائة تقريباً، حيث كان قد بلغ حينها 99.5 مليون ريال (26.5 مليون دولار).

وخلال النصف الأول من عام 2024، حققت الشركة ربحاً صافياً بـ324 مليون ريال، مقارنة مع خسائر بمقدار 342 مليون ريال خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، علماً أنه كانت قد توقفت جميع مصانع الشركة لإجراء أعمال الصيانة الوقائية من 10 يناير (كانون الثاني) إلى 2 مارس (آذار) 2023.

وأوضحت «ينساب»، التي تنتج مواد مثل الـ«إثيلين»، والـ«بولي بروبلين»، أن إجمالي حقوق الملكية، بعد استبعاد الحصص غير المسيطرة، تراجع خلال النصف الأول بنسبة 5.8 في المائة إلى 11.7 مليار ريال، مقارنة مع 12.4 مليار ريال على أساس سنوي.