بريطانيا تزيل معدات صينية من شبكة الكهرباء بسبب مخاوف أمنية

تشير خطوة شركة «ناشيونال غريد» إلى أن المملكة المتحدة تأخذ أمنها القومي على محمل الجد وأنها مستعدة لاتخاذ إجراءات لحماية بنيتها التحتية الحيوية (رويترز)
تشير خطوة شركة «ناشيونال غريد» إلى أن المملكة المتحدة تأخذ أمنها القومي على محمل الجد وأنها مستعدة لاتخاذ إجراءات لحماية بنيتها التحتية الحيوية (رويترز)
TT
20

بريطانيا تزيل معدات صينية من شبكة الكهرباء بسبب مخاوف أمنية

تشير خطوة شركة «ناشيونال غريد» إلى أن المملكة المتحدة تأخذ أمنها القومي على محمل الجد وأنها مستعدة لاتخاذ إجراءات لحماية بنيتها التحتية الحيوية (رويترز)
تشير خطوة شركة «ناشيونال غريد» إلى أن المملكة المتحدة تأخذ أمنها القومي على محمل الجد وأنها مستعدة لاتخاذ إجراءات لحماية بنيتها التحتية الحيوية (رويترز)

أعلنت الشبكة الوطنية البريطانية «ناشيونال غريد» عن إزالة المكونات التي توفرها شركة صينية مدعومة من الدولة من شبكة نقل الكهرباء البريطانية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن السيبراني، وفقاً لمصادر مطلعة على الأمر.

وتأتي الخطوة التي اتخذتها شركة «إف تي إس إي 100»، التي تدير الجزء الأكبر من شبكة الكهرباء في بريطانيا، بعد أن طلبت المشورة من المركز الوطني للأمن السيبراني، وهو فرع من وكالة استخبارات الإشارات (جي سي آتش كيو)، وفق ما ذكرت صحيفة الـ«فاينانشيال تايمز».

وجاء قرار شركة «ناشيونال غريد» بإنهاء عقودها مع شركة تابعة لشركة «ناري تكنولوجي» الصينية في المملكة المتحدة في نيسان (أبريل)، والبدء في إزالة المكونات في أعقاب إعادة تفكير أوسع في الغرب في السنوات الأخيرة حول مشاركة الصين في البنية التحتية الوطنية الحيوية.

هذا ورفضت الشركة التعليق على علاقتها السابقة مع شركة «إن آر إلكتريك يو كاي» التابعة لشركة «ناري» بحجة السرية التجارية، لكنها قالت إنها «تأخذ أمن بنيتها التحتية على محمل الجد».

وأضافت الشركة: «لدينا ضوابط فعالة لحماية موظفينا وأصولنا الحيوية لضمان قدرتنا على مواصلة نقل الكهرباء بشكل موثوق به وآمن».

تجدر الإشارة إلى أن الشركة التي تبلغ قيمتها 18 مليار جنيه إسترليني مدرجة في بورصة شنغهاي، وتمتلك مجموعة «ناري» 51.48 في المائة من أسهمها، وفقاً لـ«بلومبرغ». ومجموعة «ناري» هي جزء من شركة الشبكة المملوكة للدولة في الصين، وهي أكبر مجموعة للبنية التحتية للكهرباء في العالم.

وقال شخص مطلع على قرار «ناشيونال غريد» إن مخاوف الأمن السيبراني ركزت على مكونات «إن آر إلكتريك يو كاي» التي تساعد على التحكم في شبكة الكهرباء البريطانية، وتحقيق التوازن بينها، وتقليل مخاطر انقطاع التيار الكهربائي. وأشار إلى أن المكونات تُستخدم لأتمتة كيفية تواصل مشروعات الطاقة والشبكة مع بعضها البعض.

وفي حساباتها لعام 2022، قالت شركة «إن آر إلكتريك يو كاي» إنها أبلغت في أبريل (نيسان) 2023 من قبل عميلها الرئيسي «ناشيونال غريد» بقرارها وقف عقود العمل الحالية معها.

وقال أحد الموظفين في شركة «إن آر إلكتريك يو كاي» إن شركة «ناشيونال غريد» لم تكشف عن سبب إنهاء العقود، مشيراً إلى أن الشركة لم تعد قادرة على الوصول إلى المواقع التي جرى تركيب المكونات فيها.

ووفق الموظف، ناقشت الشركة قضايا الأمن السيبراني مع «ناشيونال غريد» في الماضي، ولم يكن هناك أي مشكلة. وأضاف أن المهندسين أجروا اختبارات، و«لم نر أي خطر محتمل».

ومن غير الواضح ما إذا كانت المكونات لا تزال موجودة في شبكة نقل الكهرباء.

هذا وتعد خطوة شركة «ناشيونال غريد» أحدث علامة على الحساسية بشأن دور الشركات الصينية في البنية التحتية البريطانية الأساسية.

وفي عام 2022، تدخلت الحكومة مرتين لتقييد مشاركة الشركات الصينية في شبكة الكهرباء البريطانية، باستخدام الصلاحيات المنصوص عليها في قانون الأمن القومي والاستثمار. كما حظرت المملكة المتحدة في عام 2020 معدات «هواوي» من شبكة الجيل الخامس بعد ضغوط من الولايات المتحدة.

وفي العام الماضي، اشترت الحكومة شركة «تشاينا جنرال» النووية المملوكة للدولة في الصين من محطة «سايزويل سي» للطاقة النووية والتي تطورها شركة «إي دي إف»، حيث دفعت نحو 100 مليون جنيه إسترليني.

وقال مسؤول حكومي: «إن المملكة المتحدة تأخذ أمنها القومي على محمل الجد، بما في ذلك أمن بنيتها التحتية الحيوية وجميع قطاعات الاقتصاد». وأضاف: «نحن نعمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص لحماية أمننا القومي».

ومن جانبها، قالت السفارة الصينية في لندن إنها لم تكن على علم بقرار شركة «ناشيونال غريد»، لكنها قالت إنها، كمبدأ وموقف ثابت منذ فترة طويلة، عارضت دائماً التحركات الرامية إلى الضغط من أجل فصل وقطع سلاسل التوريد بحجة الأمن.

وأضافت السفارة: «إن التعاون العملي بين الصين والمملكة المتحدة هو تعاون مربح، ويجلب فوائد للجانبين، ويجب على البلدين بذل جهود مشتركة لخلق بيئة مواتية لذلك».



«الفيدرالي» يواجه ضغوطاً من سياسات ترمب في اجتماعه الأسبوع المقبل

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT
20

«الفيدرالي» يواجه ضغوطاً من سياسات ترمب في اجتماعه الأسبوع المقبل

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

من المتوقع أن يحافظ صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل، لكن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تعامل البنك المركزي مع التحركات المبكرة التي قام بها الرئيس دونالد ترمب، والتي من المرجح أن تترك تأثيرات كبيرة على الاقتصاد في العام الحالي، بما في ذلك مطالبه المستمرة بخفض تكاليف الاقتراض.

وقد بدأ ترمب في تعقيد مهمة «الفيدرالي» من خلال سياساته للحد من الهجرة، وزيادة الضرائب على الواردات، وفي يوم الخميس، أبلغ قادة الأعمال العالميين في منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس أنه سيطلب من «الفيدرالي» خفض أسعار الفائدة، قائلاً: «سأطالب بخفض أسعار الفائدة فوراً، كما يجب أن تنخفض في جميع أنحاء العالم». هذا النوع من الضغط الذي مارسه ترمب خلال فترته الرئاسية الأولى لم يكن له تأثير كبير، ولكن يبدو أنه يواصل تطبيقه بشكل ملحوظ، وفق «رويترز».

وفي الأيام الأولى من ولايته الجديدة، شدد ترمب قواعد الهجرة، ما أدى إلى زيادة متوقعة في عمليات الترحيل، كما هدد بزيادة الضرائب على الواردات بداية من 1 فبراير (شباط)، في خطوة تعد بداية لسلسلة من الإجراءات التي قد تؤثر في مسار الاقتصاد بطرق غير واضحة تماماً حتى الآن.

ويتمثل التحدي الكبير الذي يواجهه رئيس «الفيدرالي» جيروم باول وزملاؤه في تحديد مدى تأثير هذه السياسات على قرارات السياسة النقدية في المستقبل، والقدرة على توجيه التوقعات بشكل سليم وسط هذه المتغيرات السياسية.

وقال فينسنت رينهارت، الموظف السابق الرفيع في «الفيدرالي» ورئيس قسم الاقتصاد في «بي إن واي» للاستثمار: «إذا تمت المبالغة في التوجيه فإن الأمر ربما يبدو سياسياً، ولكن إذا تم التراجع عنه، فقد يؤدي ذلك إلى تضليل الجمهور بشأن التوقعات المستقبلية، خصوصاً إذا أصبحت السلع المستوردة أكثر تكلفة، أو إذا كانت سوق العمل تعاني من نقص في العمالة».

وأضاف رينهارت: «التوجيه من (الفيدرالي) يتعامل مع التوقعات، وأي توقعات في الوقت الحالي تتعلق بالاقتصاد السياسي. من الصعب تقديم هذه التوقعات لوكالة مستقلة، خصوصاً في ظل التغيرات المتوقعة بسبب الرسوم الجمركية أو التشريعات الضريبية المتوقعة بنهاية هذا العام».

ومن المرجح أن يؤثر مدى سرعة تطبيق سياسات ترمب في الأشهر المقبلة على ما يأمل «الفيدرالي» في أن يكون المرحلة الأخيرة من جهوده لاحتواء التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عاماً في 2022، ولكن بدأ يتجه نحو هدفه البالغ 2 في المائة.

وبعد أن خفض «الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة العام الماضي، سيعقد «الفيدرالي» اجتماعه يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، ومن المتوقع أن يبقي سعر الفائدة في النطاق الحالي بين 4.25 و4.50 في المائة. وتبقى التوقعات الأساسية للفيدرالي كما هي، بأن التضخم سيستمر في التوجه تدريجياً نحو الهدف 2 في المائة مع انخفاض معدلات البطالة، واستمرار التوظيف والنمو الاقتصادي.

خيارات المستقبل والتوجهات المتوقعة

يقترب مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يستخدمه «الفيدرالي» لتحديد هدف التضخم، من 2 في المائة على أساس 3 و6 أشهر. ويتوقع صناع السياسة أن يواصل التضخم التراجع مع تحسُّن البيانات الاقتصادية.

وقال مارك كابانا، المحلل في «بنك أوف أميركا»: «نرى أن اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في يناير (كانون الثاني) يمثل نمطاً انتظارياً»، وأضاف أن «كل هذا يشير إلى أننا نتوقع أن يحتفظ بنك الاحتياطي الفيدرالي بأقصى الخيارات، سواء بعودة إلى خفض أسعار الفائدة في مارس (آذار)، أو مواصلة التوقف».

وقد أشار مسؤولو «الفيدرالي» بالفعل إلى تأثيرات محتملة من سياسات ترمب التجارية والهجرة، حيث قام موظفوه في اجتماع ديسمبر (كانون الأول) بإدخال افتراضات بشأن تباطؤ النمو، وزيادة البطالة، وعدم التقدم الكبير في التضخم للعام المقبل.

وأظهر محضر الاجتماع أن عدداً من صناع السياسات أعربوا عن قلقهم من تقدم أبطأ في التضخم، ما قد يبطئ وتيرة خفض أسعار الفائدة حتى عام 2025، مع احتمال خفض نصف نقطة مئوية بدلاً من النقطة الكاملة المتوقعة سابقاً.

الرسوم الجمركية والتأثير غير المؤكد

تظل آثار الرسوم الجمركية غير مؤكدة، على الرغم من أن ترمب يصر على أنها سترفع الإيرادات الفيدرالية، وستوجه الإنتاج إلى الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تسهم خطوات إزالة القيود التنظيمية في ضبط التضخم.

من جانب آخر، شهد «الفيدرالي» بعض التغييرات الهامة بعد فوز ترمب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث استقال محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي مايكل بار من منصبه نائباً للرئيس لشؤون الرقابة بداية من 28 فبراير، وانسحب «الفيدرالي» من مجموعة محافظي البنوك المركزية الدولية التي تركز على تغير المناخ.

ومع ذلك، لا تزال خطط ترمب الاقتصادية في بداياتها، ومن المتوقع أن تستغرق تحركاته الأولية وقتاً لتظهر نتائجها على الاقتصاد. وقد ارتفعت مؤشرات عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية والنقدية بعد الانتخابات، في ظل استمرار ترمب في تنفيذ وعوده الانتخابية بشكل موسع، بما في ذلك فرض ضرائب على الواردات من الصين، وإرسال الجنود الأميركيين إلى الحدود المكسيكية.

وقال برادلي ساونديرز، كبير الاقتصاديين في أميركا الشمالية لشركة «كابيتال إيكونوميكس»: «نتوقع مزيجاً من السياسات الركودية التضخمية من الإدارة الجديدة لترمب»، مع تحذير من أن «الركيزة مائلة إلى تخفيضات أقل حسب توقيت تنفيذ سياسات ترمب».