هل أميركا تريد حقاً الحد من تدفقات النفط الروسي في الأسواق؟

موسكو تنجح في التحايل على العقوبات الغربية

ناقلتا النفط سيمبا (على اليسار) وتوربا في خليج لاكونيان اليونان - 19 سبتمبر 2023 (بلومبرغ)
ناقلتا النفط سيمبا (على اليسار) وتوربا في خليج لاكونيان اليونان - 19 سبتمبر 2023 (بلومبرغ)
TT

هل أميركا تريد حقاً الحد من تدفقات النفط الروسي في الأسواق؟

ناقلتا النفط سيمبا (على اليسار) وتوربا في خليج لاكونيان اليونان - 19 سبتمبر 2023 (بلومبرغ)
ناقلتا النفط سيمبا (على اليسار) وتوربا في خليج لاكونيان اليونان - 19 سبتمبر 2023 (بلومبرغ)

لا تزال مبيعات النفط والغاز، التي تمثل أكثر من 28 في المائة من إجمالي عائدات الموازنة في روسيا حتى الآن هذا العام، مرتفعة بنسبة 11 في المائة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وذلك رغم العقوبات الغربية على النفط والغاز الروسي.

ربطت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نتائج إيرادات ومبيعات الطاقة الروسية، والتي تعني فشل العقوبات في الحد من قدرة روسيا للوصول إلى الأسواق العالمية، بازدواجية في النهج الأميركي. وأوضحت الوكالة في تحقيق استقصائي، بعنوان: «كيف أحدثت روسيا ثغرة بقيمة 11 مليار دولار في العقوبات النفطية الغربية؟»، أن موسكو نجحت في التحايل على العقوبات، بينما يبرز سؤال يطرح نفسه بقوة وهو: «ما إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يريدون حقا الحد من تدفقات النفط الروسي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود العالمية - في عام انتخابي لبايدن. إذا لم يفعلوا ذلك، وهذا هو الاعتقاد السائد بين العديد من تجار النفط والمحللين، فإن موسكو لديها حلول بديلة يمكنها استخدامها: من أسطول الظل الخاص بها إلى تشجيع مقدمي الخدمات الغربيين على غض الطرف عن الشهادات الكاذبة المحتملة من التجار حول السعر الذي سيتم بيعه...».

وأشارت «بلومبرغ» إلى أنه يمكن رؤية فشل العقوبات الغربية على صادرات النفط الروسية على بعد مسافة قصيرة بالقارب من مدينة جيثيو الساحلية اليونانية، حيث توجد ناقلتان نفط بهيكل صدئ يبلغ عمرهما مجتمعة 57 عاما. مؤكدة أن هوية مالكي السفن وشركات التأمين صعب الحصول عليها، كما أن الوجهة النهائية للأرباح من تجارة الوقود الروسي «غامضة». وتوصلت «بلومبرغ»، إلى أن أنظمة التتبع الرقمية أظهرت أن السفينة «توربا» البالغة من العمر 26 عاماً تطفو على بعد أكثر من أربعة أميال، بينما أفرغت سفينة أخرى تدعى «سيمبا» يبلغ طولها 900 قدم، حمولتها من الوقود في السفينة الأصغر، على مرأى ومسمع من «بلومبرغ نيوز». وفي نفس اليوم الذي حدث فيه هذا النقل من سفينة إلى أخرى في سبتمبر (أيلول)، كانت هناك أكثر من اثنتي عشرة سفينة مماثلة - وهي جزء من أسطول ظل ضخم - تطفو في مكان قريب، تفعل الشيء نفسه أو تستعد للقيام به. شمل تتبع السفينتين «توربا» و«سيمبا» –المتورطتين في نقل البضائع السرية قبالة الساحل اليوناني في سبتمبر– عملية بحث عالمية امتدت من الكاميرون إلى إستونيا، وجزر مارشال، وسيشيل، وسريلانكا، والمملكة المتحدة، وأوكرانيا، وفق «بلومبرغ». تهدف العقوبات الغربية على روسيا، التي تم الاتفاق عليها قبل عام تقريبا، إلى خفض تمويل الهجوم العسكري للكرملين، من خلال تحديد سقف لسعر برميل النفط الروسي المنقول بحرا بمقدار 60 دولارا - أي أقل بمقدار 24 دولارا من متوسط سعر السوق على مدى الأشهر الـ12 الماضية. غير أن هذه العقوبات عززت أعمالا مربحة لعشرات التجار وشركات الشحن التي يصعب تعقبها. وفق «بلومبرغ»، التي أوضحت أنه «يتبخر ما يصل إلى 11 مليار دولار سنويا من عائدات النفط بين وقت مغادرة النفط روسيا، ووصوله إلى المشترين»، وفقا لبيانات التجارة التي جمعتها «بلومبرغ».

تم تصميم سقف الأسعار لمنع الشركات في مجموعة الدول السبع من تزويد روسيا بخدمات مثل الشحن والتأمين عندما يتم بيع النفط بأكثر من 60 دولاراً. وفي الوقت نفسه، منع الاتحاد الأوروبي جميع واردات النفط تقريباً من روسيا، التي كانت حتى ذلك الوقت المورد الرئيسي للكتلة، مما أجبر موسكو على اللجوء إلى عميلين مهيمنين، هما الصين والهند. وعن هوية ناقلي النفط الروسي، نقلت الوكالة الأميركية عن «أدي إمسيروفيتش»، الرئيس السابق لقسم النفط في شركة غازبروم للتسويق والتجارة، ويعمل الآن مديرا في شركة ساري للطاقة النظيفة: «الأمر برمته يسير تحت الأرض... ولا نعرف من يفعل ماذا وكيف، وماذا يحدث وأين».

إلى متى سيستمر ذلك؟ فقد تم نقل نحو 45 في المائة من النفط الروسي هذا العام بهذه الطرق. يقول لارس بارستاد، الرئيس التنفيذي للذراع الإدارية لشركة «فرونت لاين المحدودة»، المالكة لبعض ناقلات النفط العملاقة في العالم، لـ«بلومبرغ»، إن أسطول الظل «أصبح راسخاً، وسيستمر هذا طالما أن الهيئات التنظيمية غير قادرة على التحرك ضده». وأفاد التقرير بأن أصحاب السفن والتجار المعنيين روسيا قد ساعدوا في التغلب على حزمة العقوبات التي تم الإعلان عنها في البداية على أنها خطوة تهدف لأول مرة إلى فرض حد أقصى لسعر سلعة رئيسية يتم تداولها دولياً. وتضاعفت إيرادات روسيا من الطاقة، في الفترة من أبريل (نيسان) إلى أكتوبر (تشرين الأول). ويمثل صافي إيرادات النفط الروسية البالغة 11.3 مليار دولار في أكتوبر، 31 في المائة من إجمالي صافي إيرادات ميزانية البلاد لهذا الشهر، وفقاً لحسابات «بلومبرغ» المبنية على بيانات وزارة المالية الروسية.


مقالات ذات صلة

كازاخستان تؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

الاقتصاد وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)

كازاخستان تؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

تخطط كازاخستان لإنتاج 88.4 مليون طن من النفط في عام 2024 بدلاً من 90.3 مليون طن المعلن عنها سابقاً، حسبما قال وزير الطاقة ألماسادام ساتكالييف.

«الشرق الأوسط» (أستانا)
الاقتصاد وحدات تخزين في مزرعة خزانات النفط المركزية ميرو في قرية نيلاهوزيفيس في التشيك (رويترز)

النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية

حوَّمت أسعار النفط قرب أعلى مستوى في أسبوعين يوم الاثنين في أعقاب مكاسب بنسبة 6 % في الأسبوع الماضي

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري دعم الوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد منصة غاز في عرض البحر (رويترز)

«قطر للطاقة» تعزز حصصها البحرية بحوض «أورانج» في ناميبيا

أعلنت شركة «قطر للطاقة»، الأحد، أنها أبرمت اتفاقية مع شركة «توتال إنرجيز» لشراء حصص استكشاف بحرية إضافية في حوض «أورانج» قبالة سواحل ناميبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، إلغاء استخدام نظام «سويفت» في التبادلات التجارية الإيرانية واستخدام العملات الوطنية في تسوية المعاملات مع أعضاء تجمع دول «بريكس» حالياً.

ونقلت وكالة «مهر» للأنباء عن فرزين، قوله اليوم (الاثنين)، في المؤتمر السنوي الحادي عشر للمصارف الحديثة: «اليوم، تعد شبكة (شتاب) لدينا واحدة من الشبكات الرائدة في المنطقة». وأوضح فرزين: «بسبب العقوبات، لدينا تحديات في التفاعلات المصرفية الدولية، ولكن تم بذل الجهود للحفاظ على التفاعلات».

وتابع: «أحد الإجراءات في هذا الصدد هو تصميم نظام (أكيومر) في إطار اتحاد الصرف الآسيوي، وحاولنا استخدام مثل هذه الأدوات في مواجهة العقوبات».

وقال فرزين: «تجمع (بريكس) فرصة جيدة للغاية للحفاظ على تفاعلاتنا الدولية؛ لأن واقع الاقتصاد الإيراني يتمثل في تقليل الروابط التجارية والمصرفية مع أوروبا وأميركا... (بريكس) لها حصة كبيرة في التبادلات التجارية والنقدية والمصرفية، وحاولنا تلبية احتياجاتنا من خلالها».

وتابع فرزين: «التبادلات في إطار (بريكس) لها 4 محاور رئيسة؛ أولها حصة العملات المحلية في التبادلات التي تحركها الصين وروسيا وإيران في هذا الاتجاه. والمحور الثاني يتمثل في تعزيز تعاون (بريكس) في أنظمة الدفع، والتي تم تصميم منصة تسوية لها وهي في المرحلة الأولية».

وبحسب محافظ البنك المركزي، فإن إطار المنصة يقوم على التسوية بالعملات المحلية والعملة الرقمية الوطنية، وإن ربط شبكة إيران وروسيا ينطبق على أعضاء «بريكس» الآخرين أيضاً.

وأوضح فرزين أن المحور الثالث للتفاعل في إطار «بريكس» تمثل في ربط شبكة «مير» الروسية و«شتاب» الإيرانية، وتم تنفيذ المرحلة الأولى منه وربط 5 بنوك بها، ويجري الآن ربط 4 بنوك أخرى. ويمكن أيضاً التعاون في هذا المجال مع الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة «بريكس».

وأضاف: «وقعنا أيضاً اتفاقية نقدية مع روسيا، ونجري المعاملات بالريال (الإيراني) والروبل الروسي».

وعن المحور الرابع، أوضح فرزين، أنه تطوير استخدام الريال الرقمي والذي يعتبر من أهم التغييرات في النظام المصرفي، مشيراً إلى أن هناك العديد من الدول تستخدم النقود الرقمية، وحالياً 23 دولة منها كوريا والصين والإمارات وتركيا وإيران في المرحلة التجريبية.