«ميسي المالية» الأرجنتيني يواجه «كأس العالم للأزمات»

كابوتو يأمل في إعادة بلاده إلى الملعب الاقتصادي

يواجه وزير الاقتصاد الأرجنتيني الجديد لويس كابوتو تحدياً بحجم كأس العالم لإصلاح أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد منذ عقود (رويترز)
يواجه وزير الاقتصاد الأرجنتيني الجديد لويس كابوتو تحدياً بحجم كأس العالم لإصلاح أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد منذ عقود (رويترز)
TT

«ميسي المالية» الأرجنتيني يواجه «كأس العالم للأزمات»

يواجه وزير الاقتصاد الأرجنتيني الجديد لويس كابوتو تحدياً بحجم كأس العالم لإصلاح أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد منذ عقود (رويترز)
يواجه وزير الاقتصاد الأرجنتيني الجديد لويس كابوتو تحدياً بحجم كأس العالم لإصلاح أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد منذ عقود (رويترز)

أُطلق على الاقتصادي الأرجنتيني، لويس كابوتو، لقب «ميسي المالية» لأنه أعاد فتح الأرجنتين أمام أسواق الائتمان بعد مفاوضات مطولة مع المقترضين. واليوم، يواجه تحدياً بحجم كأس العالم لإصلاح أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية منذ عقود.

وسيتولى كابوتو (58 عاماً)، وزير المالية السابق ومحافظ البنك المركزي السابق الذي يحب الرياضة، منصب وزارة الاقتصاد الأرجنتينية، يوم الأحد، حيث سيكلف بترويض التضخم الذي تجاوز ثلاثة أرقام، وإعادة بناء الاحتياطيات في عمق المنطقة الحمراء، ومحاربة الركود. وسيحتاج الخيار الصديق للسوق أيضاً إلى تحقيق التوازن بين مطالب رئيسه الجديد، الرئيس الليبرالي المقبل خافيير مايلي، الذي تضمنت تعهداته خلال حملته الانتخابية إغلاق البنك المركزي ودولرة الاقتصاد.

وبدت هذه السياسات الجذرية وكأنها مقامرة في نظر كثير من الناخبين، حيث بلغ معدل التضخم 150 في المائة، ويعيش خمسا السكان في فقر. وفي الوقت نفسه، بدأت قنبلة الديون الموقوتة مع حاملي السندات وصندوق النقد الدولي في التلاشي.

وقال رئيس الاستراتيجية في شركة «كونسلاتيو» المحلية، التي تدير صندوقاً استثمارياً مشتركاً بقيمة 400 مليون دولار، خوسيه إيشاجو: «الوضع حساس للغاية». وعدّ أن التحديات ستكون أصعب بكثير مما كانت عليه في عام 2015 عندما كان كابوتو يدير المحفظة المالية، بغض النظر عمن كان في الفريق.

وأضاف: «حتى لو كان لديك ميسي ومارادونا معاً في نفس الفريق، فإن النجاح ليس مضموناً»، في إشارة ساخرة إلى رمزي كرة القدم في البلاد، الراحل دييغو مارادونا والفائز بكأس العالم مؤخراً ليونيل ميسي.

وكانت بداية كابوتو، وهو أب لستة أطفال، ناجحة. وقد أدى تعيينه إلى دعم الأسواق المحلية بالفعل، حيث يأمل المستثمرون أن يكون بمثابة مكبح لأفكار مايلي الأكثر تطرفا ويجلب المزيد من السياسات الاقتصادية التقليدية.

وقال الرئيس المشارك لديون الأسواق الناشئة في شركة «بيكتيت» لإدارة الأصول في لندن، روبرت سيمبسون، التي تمتلك السندات السيادية الأرجنتينية: «إنه يشير إلى نهج أقل تطرفا تجاه الدولرة».

وفي تقرير صدر في شهر مايو (أيار) لشركته الاستشارية السابقة «أنكر»، قال فريق كابوتو إن الدولرة كانت صعبة ولكنها ليست مستحيلة التنفيذ، على الرغم من زعمهم أن العمود الفقري لقضايا الأرجنتين هو العجز المالي.

صفحة نظيفة مع صندوق النقد الدولي؟

عمل كابوتو سابقاً في «جي بي مورغان» و«دوتشه بانك»، وكان وزيراً للمالية من 2015 إلى 2017، ثم رئيساً للبنك المركزي في حكومة الرئيس السابق المحافظ موريسيو ماكري.

وبعد تسوية معركة ديون استمرت عدة سنوات مع الدائنين في عام 2016، ساعدت في جمع نحو 3 مليارات دولار في عام 2017 عن طريق بيع سندات مدتها 100 عام. وفي علامة على الاتجاه الصعودي في ذلك الوقت، أحرقت منذ ذلك الحين كثيرا من الدائنين مع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة وغرق السندات في المنطقة المتعثرة.

وقال كاميلو تيسكورنيا، مدير شركة «سي أند تي إيسوريس إيكونوميكوس» والمسؤول السابق في البنك المركزي: «لقد كان هو الشخص الذي تمكن من الحصول على تمويل للعجز المالي».

وقد يكون الأمر هذه المرة أكثر صعوبة، مع إغلاق الأرجنتين بشكل أكثر إحكاماً خارج الأسواق المالية، وثقة تقدر بنحو 10 مليارات دولار في صافي احتياطيات النقد الأجنبي، ومجموعة من الضوابط على العملة التي تشوه سوق الصرف الأجنبي.

كما ساعد كابوتو في التفاوض على صفقة صندوق النقد الدولي لعام 2018، والتي ارتفعت إلى 57 مليار دولار. لكن هذا فشل في النهاية وتم استبدال الحل الحالي به.

وقال أليخاندرو فيرنر، الذي قاد المحادثات بصفته مدير صندوق النقد الدولي لنصف الكرة الغربي آنذاك مع كابوتو في ذلك الوقت، إن الجانبين يتطلعان إلى البدء بسجل نظيف للمساعدة في إحياء البرنامج، وهو الأكبر لصندوق النقد الدولي على مستوى العالم على الإطلاق.

وقال فيرنر، الذي يشغل الآن منصب مدير معهد جورج تاون للأميركتين: «أعتقد أن الصندوق سيبدأ العلاقة معه من الصفر. الماضي لن يؤثر على الأشياء».

وقال مسؤول حكومي سابق عمل بشكل وثيق مع كابوتو عندما كان وزيراً للمالية، إنه كان «مباشراً» ومستمعاً جيداً، وغالبا ما كان محاطاً بفريقه الأساسي من المقربين، بما في ذلك سانتياغو بوسيلي، الذي من المقرر أن يصبح محافظ البنك المركزي في البلاد.

كما أن أولويات كابوتو ستكون وضع اللمسات الأخيرة على فريقه الاقتصادي ووجود مستشار قوي للسياسة الاقتصادية لتحقيق التوازن بين تركيزه المالي.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن كابوتو «مدمن» على الرياضة، وأثناء وجوده في وزارة المالية كان يتأكد في كثير من الأحيان من انتهاء الاجتماعات في الوقت المحدد لتوفير الوقت لرؤية عائلته.

وتابع: «في بعض الأحيان كانت هناك اجتماعات يوم الجمعة في اللحظة الأخيرة وكان يقول إنه يريد الانتهاء حتى يتمكن من رؤية أطفاله. إنه من النوع الجدي، لكنه ليس شائكاً».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.