محللون لـ«الشرق الأوسط»: اتفاقية مقايضة العملات بين السعودية والصين تعزز التبادل التجاري

تعكس متانة الاقتصاد السعودي وتحد من تأثر البلدين بالتداعيات الاقتصادية العالمية

الاتفاقية دليل على قوة الاقتصاد السعودي وأهميته في خريطة الاقتصاد العالمي (رويترز)
الاتفاقية دليل على قوة الاقتصاد السعودي وأهميته في خريطة الاقتصاد العالمي (رويترز)
TT

محللون لـ«الشرق الأوسط»: اتفاقية مقايضة العملات بين السعودية والصين تعزز التبادل التجاري

الاتفاقية دليل على قوة الاقتصاد السعودي وأهميته في خريطة الاقتصاد العالمي (رويترز)
الاتفاقية دليل على قوة الاقتصاد السعودي وأهميته في خريطة الاقتصاد العالمي (رويترز)

أعلن البنك المركزي السعودي (ساما) ونظيره الصيني (بنك الشعب) توقيعهما اتفاقاً لمقايضة العملات المحلية بـ50 مليار يوان (6.93 مليار دولار) أو 26 مليار ريال سعودي، وسيكون الاتفاق سارياً لثلاث سنوات قابلة للتمديد، بموافقة الجانبين.

وبحسب بيان «ساما»، يأتي الاتفاق في سياق التعاون المالي بين المصرفين المركزيين، والتوسع في استخدام العملات المحلية، وتعزيز التجارة والاستثمار، مما يعكس توطيد العلاقات بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك.

ووصف محللون ماليون هذا الاتفاق بأنه سيعزز من مقايضة السلع بين البلدين في المستقبل بشكل أكبر، ويرفع من حجم التبادل والتوسع التجاري بينهما، كما سيحد من تأثير التداعيات الاقتصادية التي يشهدها العالم على اقتصاد البلدين.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك فيصل، الدكتور محمد بن دليم القحطاني، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إن هذه الاتفاقية مهمة في الحد من تأثير ظروف عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي على اقتصاد البلدين والتبادل التجاري بينهما، كما ستسهم في تقليل آثار تداعيات أسعار الفائدة المرتفعة عالمياً وارتفاع فاتورة التضخم عالمياً، وأي مخاطر قد تنجم عن الارتفاع المتزايد لحجم الدين الأميركي على الاقتصادات العالمية والذي تجاوز 30 تريليون دولار.

وأشار القحطاني إلى أن تلك الاتفاقية دليل على قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، وأهميته في خريطة الاقتصاد العالمي، من حيث قبول ثاني أكبر اقتصاد في العالم وهو الصين، بالريال السعودي وضمه للعملات الموجودة لدى البنك المركزي الصيني، وبحجم هذا المبلغ الذي يوازي نحو 7 في المائة من الناتج المحلي السعودي، ما يعد تأكيداً على الثقة العالية بالريال ومتانة الاقتصاد السعودي.

وأضاف أنها ستعزز من المقايضة التجارية وارتفاع حجم مقايضة السلع بين البلدين بشكل أكبر في المستقبل، وارتفاع حجم التبادل التجاري وتسهيل عملية تحويل الأموال، مشيراً إلى أن الصين تعتمد بشكل كبير على النفط السعودي، كما تحتضن أكبر مصفاة سعودية لتكرير النفط، وكذلك تحتاج المشاريع السعودية المرتبطة بـ«رؤية 2030» لمواد البنية التحتية والمعادن، وللواردات الصينية، وهو ما سيستفيد منه البلدان من خلال هذه الاتفاقية.

تعزيز التجارة البينية

من جانبه، أوضح المحلل المالي طارق العتيق، أن حجم هذه الاتفاقية يعكس ما وصلت إليه التجارة البينية والتعاون التجاري بين السعودية والصين، ورغبة العملاقين التجاريين في استمرار وزيادة التعاون التجاري وتقديم الدعم والتسهيلات المالية وحث القطاع الخاص في الدولتين على الدخول في شراكات جديدة، من شأنها رفع كمية وحجم التبادل التجاري بين البلدين لمستويات أكبر.

وأشار العتيق إلى أن مثل هذه الاتفاقيات الثنائية بين المصارف المركزية تأتي في إطار التحوط من المخاطر العالمية وتغير أسعار الصرف للعملات، كما تمتاز بمرونتها في إمكانية إعادة تعيين القروض والمدفوعات المالية من عملة لأخرى، وتأمين أسعار الصرف الثابتة لفترة زمنية أطول، لافتاً إلى انخفاض المخاطر في تلك المقايضات ومحدوديتها، خصوصاً ما تشهده السعودية والصين من استقرار ونمو اقتصادي متوازن وإيجابي.

ويأتي التعاون بين السعودية والصين في وقت تدرس فيه المملكة الانضمام لمجموعة «بريكس»، بداية العام المقبل، في حين يزداد حجم التجارة البينية بين البلدين؛ إذ تُعدّ السعودية أحد أهم الروافد النفطية لبكين، في حين أن الصين أحد أكبر المصدّرين للسلع إلى الرياض.

ووفق معلومات في شهر يونيو (حزيران) الماضي، زادت حصة الصين من تجارة السعودية الخارجية إلى مستوى 17.7 في المائة خلال 2022، مقارنة بنحو 13.1 في المائة قبل عقد. ونَمَت التجارة البينية نحو 49 في المائة خلال هذه الفترة، لتبلغ 400 مليار ريال (107 مليارات دولار).

وخلال العقد الأخير إجمالاً، تخطّى حجم التجارة السلعية بين الصين والسعودية 2.5 تريليون ريال (667 مليار دولار)، وهو ما يفوق حجم التجارة بين السعودية وأميركا في الفترة نفسها بنحو 1.5 مرة.

جدير بالذكر أن السعودية صدّرت، العام الماضي، ما قيمته 249.9 مليار ريال (66.6 مليار دولار) إلى الصين، تمثل 16 في المائة من صادرات السعودية، في حين استوردت نحو 149.25 مليار ريال (39.8 مليار دولار) من الصين، تمثل 21 في المائة من واردات السعودية، لتسجل الرياض بذلك فائضاً تجارياً مع بكين بلغ 100.7 مليار ريال (26.8 مليار دولار)، وهو أعلى فائض تجاري منذ عام 2013.

وشهدت العلاقات الثنائية توقيع اتفاقيات استثمارية بقيمة 50 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) 2022، كما أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للمملكة. وتُقدَّر الاستثمارات الصينية في البنية التحتية في المملكة، المتمثلة في «مبادرة الحزام والطريق»، بنحو 5.5 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفعت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية، مما أضاف إلى المكاسب التي حققتها الأسبوع الماضي. فقد حقق المؤشر القياسي «ستاندرد آند بورز 500»، ومؤشر «داو جونز» الصناعي مستويات قياسية جديدة خلال تعاملات يوم الاثنين، بينما شهد أيضاً مؤشر «ناسداك» ارتفاعاً ملحوظاً، مدعوماً بترشيح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة في إدارة ترمب المقبلة، مما عزز معنويات المستثمرين بشكل كبير.

وارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي 459.25 نقطة، أو بنسبة 1.03 في المائة، ليصل إلى 44,753.77 نقطة، وزاد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 43.12 نقطة، أو بنسبة 0.72 في المائة، ليصل إلى 6,012.50 نقطة، بينما سجل مؤشر «ناسداك» المركب قفزة قدرها 153.88 نقطة، أو بنسبة 0.81 في المائة، ليصل إلى 19,157.53 نقطة. كما شهد مؤشر «راسل 2000»، الذي يتتبع أسهم الشركات الصغيرة المحلية، زيادة بنسبة 1.5 في المائة، مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق، وفق «رويترز».

وانخفضت عائدات الخزانة أيضاً في سوق السندات وسط ما وصفه بعض المحللين بـ«انتعاش بيسنت». وانخفضت عوائد السندات الحكومية الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 10 نقاط أساس، بينما تراجعت عوائد السندات لأجل عامين بنحو 5 نقاط، مما أدى إلى انقلاب منحنى العوائد بين العائدين على هذين الاستحقاقين.

وقد أدت التوقعات باتساع عجز الموازنة نتيجة لتخفيضات الضرائب في ظل إدارة ترمب الجمهورية إلى ارتفاع عائدات السندات في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، رأى المستثمرون أن اختيار بيسنت قد يخفف من التأثير السلبي المتوقع لسياسات ترمب على الصحة المالية للولايات المتحدة، ومن المتوقع أيضاً أن يحد من الزيادات المتوقعة في التعريفات الجمركية.

وكان بيسنت قد دعا إلى تقليص عجز الحكومة الأميركية، وهو الفارق بين ما تنفقه الحكومة وما تحصل عليه من الضرائب والإيرادات الأخرى. ويُعتقد بأن هذا النهج قد يساعد في تقليل المخاوف التي تراكمت في «وول ستريت» من أن سياسات ترمب قد تؤدي إلى تضخم العجز بشكل كبير، مما قد يضغط على عوائد الخزانة.

وقال المدير العام في مجموعة «ميشلار» المالية، توني فارين: «إنه رجل (وول ستريت)، وهو جيد جداً فيما يفعله. ليس متطرفاً سواء من اليسار أو اليمين، إنه رجل أعمال ذكي ومعقول، وأعتقد بأن السوق تحب ذلك، كما أنه ضد العجز».

وفي التداولات المبكرة، الاثنين، كانت عوائد السندات لأجل 10 سنوات نحو 4.3 في المائة، منخفضة من 4.41 في المائة يوم الجمعة. كما كانت عوائد السندات لأجل عامين، التي تعكس بشكل أكثر دقة توقعات السياسة النقدية، عند نحو 4.31 في المائة، منخفضة من 4.369 في المائة يوم الجمعة.

وأضاف فارين: «كثير من الناس كانوا يعتقدون بأن ترمب سيكون سيئاً للأسعار، وكانوا يراهنون ضد ذلك، وأعتقد بأنهم الآن يتعرضون للعقاب».

وشهد منحنى العوائد بين السندات لأجل عامين و10 سنوات انقلاباً بمقدار 1.3 نقطة أساس بالسالب، حيث كانت العوائد على السندات قصيرة الأجل أعلى من العوائد على السندات طويلة الأجل.

وتابع فارين: «مع وجود ترمب سيكون الاحتياطي الفيدرالي أقل عدوانية، وهذا ما تجلى بوضوح في الفترة الأخيرة، لذلك لا أفاجأ بتسطح منحنى العوائد خلال الأسابيع الماضية».

وكانت عقود الفائدة المستقبلية، الاثنين، تشير إلى احتمال بنسبة 52.5 في المائة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، مقارنة باحتمال 59 في المائة في الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات مجموعة «فيد ووتش».

وقال الاستراتيجيون في «بيمو كابيتال ماركتس» في مذكرة إن منطق انتعاش السندات، الاثنين، كان «بسيطاً نسبياً»، حيث كان يعتمد على رؤية أن بيسنت سيسعى إلى «التحكم في العجز، واتخاذ نهج مدروس بشأن التعريفات الجمركية».

وقال بيسنت في مقابلة مع «وول ستريت جورنال» نُشرت يوم الأحد إنه سيعطي الأولوية لتحقيق وعود تخفيضات الضرائب التي قدمها ترمب أثناء الانتخابات، بينما سيركز أيضاً على تقليص الإنفاق والحفاظ على مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية.

وأضاف استراتيجيون في «بيمو كابيتال ماركتس»: «بيسنت لن يمنع استخدام التعريفات أو زيادة احتياجات الاقتراض، لكنه ببساطة سيتعامل معهما بطريقة أكثر منهجية مع الالتزام بالسياسة الاقتصادية التقليدية».

أما في الأسواق العالمية، فقد ارتفعت المؤشرات الأوروبية بشكل طفيف بعد أن أنهت الأسواق الآسيوية تداولاتها بشكل مختلط.

وفي سوق العملات المشفرة، تم تداول البتكوين حول 97,000 دولار بعد أن اقتربت من 100,000 دولار في أواخر الأسبوع الماضي لأول مرة.