مصر: مقترح لتعديل استراتيجية التعامل مع «ملف الديون»

رئيس الوزراء يؤكد: أزمة العملة ستنتهي في فترة بسيطة جداً

مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (رويترز)
TT

مصر: مقترح لتعديل استراتيجية التعامل مع «ملف الديون»

مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (رويترز)

كشف النائب أحمد سمير عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ المصري، عن مقترح لتقليل الضغوط على الجنيه في البلاد، من خلال سياسة جديدة في التعامل مع «ملف الديون المصرية»، في ضوء ما تمر به البلاد من أزمة حادة في شح العملة.

وقال سمير في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن المقترح، الذي سيقوم بعرضه على اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ لعرضها بالجلسة العامة، يتضمن خطة لتحويل الديون المصرية إلى استثمارات ومشروعات، ويستهدف صندوق النقد والبنك الدوليين. موضحاً «أنه لو تم الاتفاق مع هاتين المؤسستين، على تخفيض الديون المصرية وتحويل جزء منها إلى مشروعات واستثمارات، كما يحدث مع بعض البلدان الأخرى، سينعكس هذا على التصنيف الائتماني المصري بالإيجاب».

كشف التقرير المالي لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي، الصادر عن وزارة المالية، أن مصر أنفقت 391.8 مليار جنيه على خدمة الدين في أول شهرين من العام المالي الحالي 2024/2023. بزيادة 160 في المائة عن الـ149.9 مليار جنيه جرى إنفاقها في الفترة نفسها من العام المالي الماضي.

أدى هذا إلى اتساع عجز الموازنة إلى 3.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال أول شهرين، من 1.4 في المائة في العام السابق.

وخفضت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث، «موديز» و«فيتش» و«ستاندرد أند بورز»، التصنيف الائتماني لمصر، في ظل ارتفاع قياسي للديون السيادية وخدمة الدين، كان آخرها تقرير وكالة موديز، التي خفضت تصنيف مصر من B3 إلى Caa1.

تواجه مصر أزمة اقتصادية وسط تضخم قياسي ونقص حاد في العملة الأجنبية، فضلا عن أن ارتفاع مستويات الاقتراض على مدى السنوات الثماني الماضية لسداد الديون الخارجية، صار عبئاً مرهقاً بشكل متزايد على الميزانية المصرية. وانعكس على مستويات المعيشة لجميع المصريين.

وأوضح سمير، أن المقترح الذي يتم إعداده حالياً بخصوص وضع الدولار في مصر يتضمن «وضع سياسة لدفع الديون المصرية تختلف عن الوضع الحالي... سيتم تقديمه بشكل رسمي بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة». رافضاً الإفصاح عن تفاصيل المقترح، لكنه قال إنه «في إطار البلورة».

وتستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بينما تسعى لزيادة قيمة التسهيلات الائتمانية المقررة مع صندوق النقد الدولي، والبالغة 3 مليارات دولار، في ضوء زيادة الضغوط الخارجية جرَّاء الحرب في قطاع غزة الملاصق للحدود المصرية.

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، في هذا الصدد، إن الصندوق «يدرس بجدية» زيادة محتملة لبرنامج القروض لمصر البالغ ثلاثة مليارات دولار نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية.

وأضافت غورغييفا على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي أن الصراع «يدمر» سكان غزة واقتصادها، وله «آثار خطيرة» على اقتصاد الضفة الغربية، ويشكل أيضاً صعوبات للدول المجاورة مصر ولبنان والأردن من خلال الخسائر في إيرادات السياحة وارتفاع تكاليف الطاقة.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، السبت، في هذا الصدد، إن أزمة العملة التي تعاني منها البلاد «أزمة عابرة» وستنتهي في فترة بسيطة جداً.

وتوقعت وكالة «موديز» أن تساعد عائدات بيع الأصول المصرية في استعادة احتياطي السيولة من العملة الصعبة للاقتصاد، وحددت النظرة المستقبلية لمصر عند «مستقرة». وتعكس توقعات الوكالة أن مصر ستستمر في الحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي بموجب.

وقد تكون نهاية الانتخابات الرئاسية، بداية لتخفيض جديد في العملة المحلية، التي خفضتها مصر 3 مرات منذ مارس (آذار) 2022، بأكثر من 50 في المائة أمام الدولار، وسط زيادة المعاملات في السوق الموازية التي انتعشت الأسبوع الأخير وبلغت مستويات قمة للدولار، لم تبلغه من قبل.

تعديل قانون رأس المال

أفصح سمير، عن أن اللجنة الاقتصادية تدرس حالياً تعديل قانون رأس المال، لتنشيط التعاملات في البورصة المصرية من جذب شركات جديدة، وزيادة الطروحات المحلية والأجنبية.

أضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن في بدايات الفصل التشريعي... تعديل قانون سوق رأس المال والبورصة، والاستثمار غير المباشر، محل دراسة من اللجنة الاقتصادية بشكل عام للقانون... وسنبدأ التحدث مع المتخصصين العاملين بهذا القطاع في أقرب وقت للوقوف على أبرز التحديات».

ورغم ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية على مدار الأسابيع الماضية، وتسجيل المؤشر الرئيس قياساً جديداً أعلى 24300 نقطة، بدعم مشتريات أجنبية، في جلسة الخميس، آخر تداولات الأسبوع، فإن رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة يبلغ 1.6 تريليون جنيه.

وقال سمير في هذا الصدد: «نقارن البورصة المصرية بنظيرتها السعودية حالياً... وبالتالي نرى أن حجم التداول في بورصة مصر يجب أن يتضاعف... نحتاج إلى المزيد من السيولة من خلال طرح المزيد من الشركات، وذلك من خلال زيادة المحفزات التي نقوم بدراستها الآن ...». مؤكداً: «باختصار ندرس: ما هو المطلوب من البورصة المصرية لتكون جاذبة، لآن الوضع الحالي لا يتلاءم وحجم دولة كبيرة مثل مصر».

رؤية 2030

وأشار سمير في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى رؤية مصر 2030، التي قال بشأنها: «الضغوط الحالية الخارجية والمحلية على مصر كبيرة جداً... على المستوى الاقتصادي والجيوسياسي... هذا الوضع يحتاج إلى تعديلات كبيرة... قد تذهب إلى رؤية مصر 2030».

وقال: «جذب المستثمر أصبح صعباً للغاية، في ظل عدم اليقين وخوف المستثمرين، والتنافسية مع الدول المجاورة، نحتاج إلى محفزات، ولدينا تجارب مثل كينيا والمغرب وجنوب أفريقيا».

وأكد: «ما زلنا نطرح النقاشات في تعديل الرؤية، نحن في بداية الجلسات، وبعد انتهاء الجلسات سيكون لدينا رؤية واضحة بشأن الصيغة النهائية».

كانت مصر قد أطلقت النسخةَ الأولى من استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، في عام 2016، كنقطة ارتكاز أساسية لمسيرة التنمية الشاملة، آخذةً بعين الاعتبار الأولويات والطموحات الوطنية لرسم خريطة طريق تُحقّق التنمية المستدامة، وتلبِّي أحلام الشعب المصري وتطلعاته في الحياة الكريمة اللائقة، بما يُعظِّم الاستفادة من جميع مُقوّمات الدولة المصرية وإمكاناتها.

وقررت مصر مطلع عام 2018، تحديث أجندتها للتنمية المستدامة بمشاركة أصحاب المصلحة كافة من شركاء التنمية، وذلك لمواكبة التغييرات التي طرأت على السياق المحلي والإقليمي والعالمي. واهتم الإصدار الثاني لرؤية مصر 2030، بأن تشرح كيف ستخدم المساهمة المصرية الأجندة الأممية، وكيف سيخدم ذلك السياق العالمي.

وتؤكد الرؤية المُحدثة، وفق موقع الرئاسة المصرية، على «تناول وتداخل كل القضايا من منظور الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البيئي والاقتصادي والاجتماعي، فهي رؤية شاملة ومتسقة تتكون من استراتيجيات قطاعية للجهات الحكومية المختلفة».

ونظراً إلى ما شهدته السنوات السبع السابقة من تغيّرات وتحدّيات دوليّة وإقليميّة ومحلّية، حدثت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الأسبوع الماضي، الرؤية العامة، عن طريق عملية تشاركية. وتم إصدار النسخة المحدثة من «رؤية مصر 2030»، التي حددت أربعة مبادئ حاكمة تمثل الركائز الرئيسية التي تحكم تنفيذ الأهداف الاستراتيجية الستة للرؤية باستخدام سبعة ممكنات تمثل أدوات تسريع لتحقيق التنمية المستدامة في مصر.

تركز رؤية مصر 2030 على الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته في مختلف نواحي الحياة، وذلك من خلال التأكيد على ترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي ومشاركة المواطنين كافة في الحياة السياسية والاجتماعية. يأتي ذلك جنباً إلى جنب مع تحقيق نمو اقتصادي مرتفع، احتوائي ومستدام وتعزيز الاستثمار في البشر وبناء قدراتهم الإبداعية من خلال التشجيع على زيادة المعرفة والابتكار والبحث العلمي في جميع المجالات.


مقالات ذات صلة

إيطاليا تسجل دَيناً عاماً قياسياً يتجاوز 3 تريليونات دولار في نوفمبر

الاقتصاد صورة عامة لقصر وزارة المالية في روما (رويترز)

إيطاليا تسجل دَيناً عاماً قياسياً يتجاوز 3 تريليونات دولار في نوفمبر

أعلن البنك المركزي الإيطالي، الأربعاء، أن الدين العام الإيطالي قد ارتفع بشكل إضافي في نوفمبر (تشرين الثاني) ليجاوز 3 تريليونات يورو (نحو 3.1 تريليون دولار).

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الاقتصاد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يقدم بياناً حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية (إ.ب.ا)

رئيس الوزراء الفرنسي يعلن خفض توقعات النمو إلى 0.9 % هذا العام

قال رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، في أول خطاب له أمام المشرعين في الجمعية الوطنية، يوم الثلاثاء، إن حكومته خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد الرياض (رويترز)

غداة إعلان خطتها الاقتراضية لـ2025... السعودية تبدأ تسويق سندات دولية

تطرُق السعودية أسواق الدين العالمية ببيع مزمع لسندات على ثلاث شرائح، ومن المتوقع أن تُسهم حصيلتها في تغطية عجز الموازنة وسداد مستحقات أصل الدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أشخاص ينتظرون دورهم لشراء كباب رخيص الثمن من مطعم في كراتشي بباكستان (رويترز)

20 مليار دولار قرضاً محتملاً لباكستان من البنك الدولي

قالت مصادر مطلعة، السبت، إن باكستان ستحصل على قرض بقيمة 20 مليار دولار من البنك الدولي على مدى السنوات العشر المقبلة، بهدف تحسين القطاعات الرئيسية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

عوائد السندات الألمانية والأميركية تتراجع بعد بيانات التضخم

أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)
TT

عوائد السندات الألمانية والأميركية تتراجع بعد بيانات التضخم

أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)

تراجعت عوائد السندات الألمانية القياسية في منطقة اليورو يوم الأربعاء، منهية سلسلة من الارتفاعات استمرت عشرة أيام، عقب صدور بيانات تضخم أميركية أظهرت أن التضخم الأساسي لأسعار المستهلك في الولايات المتحدة جاء أقل من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول)، مما عزّز التوقعات بإمكانية خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي مرتين في عام 2025.

وعلى الرغم من أن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة سجلت زيادة بنسبة 2.9 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، كما كان متوقعاً، فإن التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، ارتفع بنسبة 3.2 في المائة، وهو أقل من توقعات السوق التي كانت تشير إلى 3.3 في المائة، وفق «رويترز».

وفي أعقاب تلك البيانات، انخفض العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات؛ حيث تراجع بمقدار 8 نقاط أساس، ليصل إلى 2.543 في المائة بعد أن سجل أعلى مستوى له في سبعة أشهر عند 2.63 في المائة في وقت سابق من يوم الأربعاء.

وفي السياق ذاته، تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس، لتسجل 4.6694 في المائة، بعد أن كانت قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 عند 4.8090 في المائة في وقت سابق من الأسبوع. كما انخفض عائد السندات الألمانية لأجل عامين، الأكثر حساسية لتوقعات أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي، بمقدار 7 نقاط أساس إلى 2.248 في المائة، بعد أن بلغ أعلى مستوى له في شهرين ونصف الشهر عند 2.323 في المائة.

وقد جاءت هذه الانخفاضات عقب ارتفاعات سابقة في العوائد على السندات الأوروبية والأميركية منذ أوائل ديسمبر، مدفوعةً بالبيانات الاقتصادية القوية والمخاوف من أن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد تعزز التضخم. إلا أن المتداولين في أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة بدأوا يضعون احتمالات متساوية تقريباً لخيار خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين بحلول نهاية هذا العام.

وعلى الرغم من أن الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو سجل نمواً متوقعاً في نوفمبر، فإن البيانات الأخيرة تشير إلى أن القطاع الصناعي في المنطقة لا يزال يعاني من الركود في عامه الثاني، ما قد يحد من توقعات التحسن الكبير في النمو الاقتصادي.

من جهة أخرى، تراجعت عوائد السندات الحكومية الإيطالية لأجل 10 سنوات بمقدار 12 نقطة أساس إلى 3.708 في المائة؛ مما أدى إلى تقلص الفارق بين العوائد الإيطالية والألمانية إلى 115.9 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى له منذ فترة.