«دويتشه بنك» يحذر من مخاطر «تجارة الديون» اليابانية الهائلة

الين يقترب من أدنى مستوى في 3 عقود والأسواق تترقب تدخل «المركزي»

سيدة تمر أمام شاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة اليابان بالعاصمة طوكيو (أ.ب)
سيدة تمر أمام شاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة اليابان بالعاصمة طوكيو (أ.ب)
TT

«دويتشه بنك» يحذر من مخاطر «تجارة الديون» اليابانية الهائلة

سيدة تمر أمام شاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة اليابان بالعاصمة طوكيو (أ.ب)
سيدة تمر أمام شاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة اليابان بالعاصمة طوكيو (أ.ب)

تنخرط الحكومة اليابانية في تمويل القروض والأصول الأجنبية عن طريق اقتراض الين منخفض التكلفة، بقيمة ضخمة تبلغ 20 تريليون دولار، والتي يمكن أن تجلب مخاطر غير متوقعة إذا شدد البنك المركزي سياسته، حسبما حذر محللون في «دويتشه بنك».

وباستخدام الأبحاث التي أجراها بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرنسيسكو وصندوق النقد الدولي، قام جورج سارافيلوس، رئيس قسم أبحاث العملات في «دويتشه بنك»، بتحليل الميزانية العمومية الموحدة للحكومة اليابانية، بما في ذلك صندوق التقاعد الذي تديره الحكومة، وبنك اليابان، والمؤسسات المملوكة للدولة، والتي تبين مزيج الأصول والخصوم لديونها البالغة 20 تريليون دولار.

ووجد «دويتشه بنك» أن هذا الدين يرقى إلى مستوى «تجارة هائلة» مستثمرة في الخارج بأسعار فائدة مرتفعة وممولة عن طريق الاقتراض منخفض الفائدة وقصير الأجل بالين.

ومع تزايد التوقعات بأن يخرج بنك اليابان من موقفه النقدي المتساهل للغاية، يقول تقرير «دويتشه بنك» إنه من المهم فهم العواقب المحتملة لهذه التجارة الضخمة، ليس فقط على الميزانية العمومية للحكومة؛ ولكن على المدخرات والأصول التي تحتفظ بها الأسر.

ويعد الين تقليديا عملة تمويل مفضلة لتداولات المناقلة بسبب انخفاض أسعار الفائدة في اليابان، ويتوقع المشاركون في السوق أن يقوم المستثمرون على مستوى العالم بالتخارج من مئات المليارات من الدولارات من هذه الصفقات إذا خرج بنك اليابان من سياسته النقدية فائقة السهولة. ويوسع تقرير «دويتشه بنك» هذا السيناريو ليشمل الحكومة اليابانية وميزانيتها العمومية.

وقال التقرير إنه مع إبقاء أسعار الفائدة الحقيقية منخفضة من خلال سياسة أسعار الفائدة السلبية التي ينتهجها البنك المركزي، فقد وجدت الحكومة حيزاً مالياً، ما مكنها من إدارة الدين العام فوق 200 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مع تمويل ثلثه نقداً لليلة واحدة.

وقال «دويتشه» أيضاً إنه ليس من المفاجئ أن عمليات البيع المكثفة للسندات هذا العام لم تضر باليابان. وأضاف سارافيلوس: «لقد توقف الجميع عن تنفيذ صفقات الشراء بالاقتراض، فلماذا لم تتوقف اليابان؟ الجواب بسيط: فيما يتعلق بالمسؤولية، يتحكم بنك اليابان في تكلفة تمويل الحكومة، وقد ظل هذا عند مستوى الصفر (أو في الواقع سلبيا) على الرغم من ارتفاع التضخم».

ولكن التضخم المستدام من الممكن أن يضع حداً لهذه التجارة المحمولة الهائلة، مع تصاعد الضغوط بالفعل على بنك اليابان لحمله على تطبيع سياسته النقدية.

وقال محللون في «دويتشه»: «إذا رفع البنك المركزي أسعار الفائدة فسيتعين على الحكومة أن تبدأ في دفع الأموال لجميع البنوك، وستبدأ ربحية تجارة المناقلة في التراجع بسرعة». وهذا يعني ارتفاع مدفوعات الفائدة على احتياطيات البنوك وانخفاض قيمة السندات الحكومية، فضلا عن انخفاض قيم الأصول الحكومية في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة.

ويتوقع المحللون أيضاً أن ارتفاع قيمة الين مع ارتفاع أسعار الفائدة المحلية قد يؤدي إلى انخفاض في قيمة الأصول الأجنبية والمحلية. وقالوا إن التأثيرات لن تقتصر على الحكومة، حيث تعاني الأسر الأكبر سنا والأكثر ثراء في اليابان من انخفاض في قيمة أصولها وتضرر استحقاقاتها من معاشات التقاعد إذا تضررت الموارد المالية للحكومة. وقال المحللون، من ناحية أخرى، إن الأسر الشابة ستستفيد من المزيد من الأرباح على الودائع المصرفية وعائد أكبر على المدخرات المستقبلية.

وفي غضون ذلك، تترقب الأوساط الاقتصادية الخطوة المقبلة لبنك اليابان المركزي وسط توقعات بتدخل وشيك، بينما ظل الين عالقا قرب أدنى مستوى في ثلاثة عقود مقابل الدولار يوم الثلاثاء ويكابد من أجل وقف خسائره مع استمرار تعارض السياسة النقدية شديدة التيسير لبنك اليابان مع توقعات بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات أطول في أماكن أخرى.

وسجلت العملة اليابانية أدنى مستوى منذ 15 عاما أمام اليورو عند 162.38 ين لليورو في بداية التعاملات الآسيوية، كما تراجعت إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر تقريبا أمام الجنيه الإسترليني عند 186.25 ين للجنيه.

ومقابل الدولار، سجل الين في أحدث التعاملات 151.70 للدولار ليبقى بالقرب من أدنى مستوى في عام عند 151.92 الذي سجله يوم الاثنين. ومن شأن تسجيل أي انخفاض عن أدنى مستوى للين العام الماضي عند 151.94 للدولار أن يسجل مستوى قياسيا منخفضا جديدا في 33 عاما.

وكان الين قد قفز لفترة وجيزة مقابل الدولار في ساعات التداول الأولى بنيويورك بعد أن وصل إلى أدنى مستوى له منذ بداية العام، وهو ما أرجعه المحللون إلى موجة من التداول في الخيارات المستحقة هذا الأسبوع.

وقالت كارول كونغ، خبيرة استراتيجية العملات في بنك الكومنولث الأسترالي: «أعتقد أن الخيارات يمكن أن تستمر في العمل كعامل مقاومة لثنائي الدولار/الين. وكذلك المخاوف من المزيد من تدخل بنك اليابان».

وتدخلت السلطات اليابانية في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي في سوق العملة لدعم الين للمرة الأولى منذ عام 1998، بعد أن أدى قرار بنك اليابان بالاحتفاظ بسياسته النقدية شديدة التساهل إلى انخفاض الين إلى 145 للدولار. وتدخلت السلطات مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 بعد أن انخفض الين إلى أدنى مستوى في 32 عاما عند 151.94 للدولار.

وعلى الرغم من الخطوات المنسقة بعناية التي اتخذها بنك اليابان هذا العام للتخلص التدريجي من سياسة التحكم في منحنى العائد المثيرة للجدل، والتلميحات إلى نهاية وشيكة لأسعار الفائدة السلبية، فإن التحركات التدريجية لم تفعل الكثير للحفاظ على ارتفاع الين، خاصة مع حفاظ البنوك المركزية على مستوى العالم على خطابها المتشدد بشأن أسعار الفائدة الأعلى لفترة أطول.

وقال رودريفو كاتريل، كبير استراتيجيي سوق الصرف الأجنبي في البنك الوطني الأسترالي: «أعتقد أن السوق قد أدركت أن بنك اليابان سيخرج من سياسته ولكن بوتيرة بطيئة وحذرة للغاية».

وخارج آسيا، يترقب المتعاملون أيضا بيانات التضخم الأميركية المقرر صدورها في وقت لاحق يوم الثلاثاء، والتي ستوفر مزيدا من الوضوح حول ما إذا كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سيحتاج إلى المزيد من رفع أسعار الفائدة لترويض التضخم.


مقالات ذات صلة

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نمو إيرادات القطاع غير الربحي بنسبة 33 % في عام 2023 (واس)

القطاع غير الربحي في السعودية يحقق نمواً ملحوظاً بإيرادات تتجاوز 14.5 مليار دولار

ارتفع إجمالي إيرادات منظمات القطاع غير الربحي في السعودية إلى 54.4 مليار ريال (14.5 مليار دولار) في عام 2023، بنمو نسبته 33 في المائة مقارنةً بعام 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات تغادر ميناء قينغداو في شرق الصين (أ.ف.ب)

البنك الدولي يرفع توقعاته للنمو في الصين

رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين لعامي 2024 و2025، لكنه حذر من ضعف ثقة المستهلكين والشركات، إلى جانب التحديات في قطاع العقارات

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي التركي (رويترز)

«المركزي التركي» يخفض سعر الفائدة إلى 47.50 %

خفض «المركزي التركي» سعر فائدة «إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو)»، المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة، من 50 إلى 47.50 في المائة، متجاوزاً التوقعات السابقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تتوقع أول فجوة إيجابية في الناتج منذ 7 سنوات

قالت الحكومة اليابانية، يوم الخميس، إنها تتوقَّع تعافي الناتج الاقتصادي إلى قدرته الكاملة في السنة المالية المقبلة، لأول مرة في 7 سنوات.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«وول ستريت» تتراجع مع ارتفاع العائدات على بعض الأسهم

أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتراجع مع ارتفاع العائدات على بعض الأسهم

أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)

تراجعت المؤشرات الرئيسية لبورصة «وول ستريت» في أحجام تداول خفيفة، يوم الخميس، تحت ضغط ارتفاع العائدات على بعض الأسهم، في وقتٍ يتوقع فيه المستثمرون عادةً دفعة نهاية العام، المعروفة باسم «رالي الميلاد».

وارتفعت العائدات على السندات الحكومية بشكل طفيف عبر مختلف الفئات، حيث بلغ العائد على السندات القياسية لأجل 10 سنوات، أعلى مستوى له منذ أوائل مايو (أيار) الماضي عند 4.64 في المائة، وفق «رويترز».

ومن بين الأسهم ذات القيمة السوقية الضخمة، تراجعت أسهم أمازون بنسبة 0.3 في المائة، بينما انخفضت أسهم «ميتا بلاتفورمز» بنسبة 0.6 في المائة. كما كانت أسهم العقارات الحساسة لأسعار الفائدة من بين الأكثر تضرراً، حيث انخفضت بنسبة 0.4 في المائة، في حين تراجعت أسهم السلع الاستهلاكية التقديرية بنسبة 0.5 في المائة.

وقال جورج سيبولوني، مدير المحافظ في شركة «بن ميوتشوال» لإدارة الأصول: «نحن الآن عند نقطة تحول في عائد سندات الخزانة، وخاصة لأجل 10 سنوات. أيّ تحرك صعودي في العائدات يميل إلى خلق ضعف في سوق الأسهم».

وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 123.50 نقطة، أو 0.30 في المائة، ليصل إلى 43173.53 نقطة، بينما خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو 15.13 نقطة، أو 0.25 في المائة، ليبلغ 6024.91 نقطة. كما تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بمقدار 46.45 نقطة، أو 0.23 في المائة، ليصل إلى 19984.67 نقطة.

في المقابل، اختتمت الأسواق في أوروبا ولندن وأجزاء من آسيا تعاملاتها، يوم الخميس.

وكانت أسواق الأسهم قد سجلت مكاسب متتالية في الجلسات الأخيرة، حيث دعّمتها بشكل رئيسي أسهم الشركات الكبرى وأسهم النمو مثل «أبل»، و«تسلا»، و«ألفابت»، و«أمازون»، و«إنفيديا»، و«مايكروسوفت»، و«ميتا بلاتفورمز»، التي شكلت أكثر من نصف العائد الإجمالي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، هذا العام، والبالغ 28.4 في المائة. وفي حال جرى استبعاد أكبر سبع شركات من حيث القيمة السوقية، فإن العائد الإجمالي للمؤشر كان سيصل إلى 13.2 في المائة فقط خلال عام 2024.

وفي هذا الشهر، واجهت الأسهم الأميركية عقبة بسبب التوقعات التي تشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة بشكل أقل في 2025. ومع ذلك سجلت المؤشرات الرئيسية مستويات قياسية، هذا العام؛ مدفوعة بالأمل في بيئة أسعار فائدة أقل، إلى جانب التوقعات بأن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تعزيز أرباح الشركات.

وعلى الرغم من ذلك، بدأ المستثمرون التشكيك في استدامة هذا الارتفاع، خاصة في ظل التقييمات المرتفعة، وتواصل جذب الأموال من الشركات الكبرى.

ورغم تلك التحديات، يواصل المستثمرون الأمل في نهاية قوية للعام، وهو ما يُعرف بـ«رالي الميلاد»، التي عادةً ما تستفيد من انخفاض السيولة، وحصاد الخسائر الضريبية، واستثمار المكافآت السنوية. وقد سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» متوسط ​​مكاسب بنسبة 1.3 في المائة، في آخِر خمسة أيام تداول من ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب اليومين الأولين من يناير (كانون الثاني)، منذ عام 1969.

وفي قطاع العملات المشفرة، تراجعت أسهم الشركات المرتبطة بالبتكوين، بعد أن هبطت العملة الرقمية الأكبر في العالم بنسبة تزيد عن 3 في المائة. كما انخفضت أسهم «كوين بيس غلوبال» بنسبة 1.4 في المائة، في حين خسرت «رايوت بلاتفورمز» و«مارا هولدينغز» أكثر من 2.4 في المائة لكل منهما.

وفي بورصة نيويورك، تفوقت الأسهم المتراجعة على الرابحة بنسبة 3.08 إلى 1، بينما سجلت بورصة «ناسداك» نسبة 2.03 إلى 1. كما سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعين جديدين خلال 52 أسبوعاً، وانخفاضاً جديداً واحداً، بينما سجل مؤشر «ناسداك» المركب 17 ارتفاعاً جديداً، و24 انخفاضاً جديداً.