تفاهمات أميركية صينية بشأن المناخ قبل «كوب 28»

كيري: العالم ما زال بإمكانه الفوز في المعركة

لي هسين لونغ رئيس وزراء سنغافورة (يمين) لدى استقباله المبعوث الأميركي الخاص لشؤون المناخ جون كيري في قصر إستانا بعاصمة البلاد (أ.ف.ب)
لي هسين لونغ رئيس وزراء سنغافورة (يمين) لدى استقباله المبعوث الأميركي الخاص لشؤون المناخ جون كيري في قصر إستانا بعاصمة البلاد (أ.ف.ب)
TT

تفاهمات أميركية صينية بشأن المناخ قبل «كوب 28»

لي هسين لونغ رئيس وزراء سنغافورة (يمين) لدى استقباله المبعوث الأميركي الخاص لشؤون المناخ جون كيري في قصر إستانا بعاصمة البلاد (أ.ف.ب)
لي هسين لونغ رئيس وزراء سنغافورة (يمين) لدى استقباله المبعوث الأميركي الخاص لشؤون المناخ جون كيري في قصر إستانا بعاصمة البلاد (أ.ف.ب)

قال جون كيري، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون المناخ، يوم الجمعة، إن الولايات المتحدة والصين توصلتا إلى «تفاهمات واتفاقات» بشأن قضايا المناخ من شأنها أن تساعد في ضمان تحقيق تقدم في محادثات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) التي تنطلق أواخر الشهر الحالي في دبي.

ومن المقرر أن يجتمع ما يقرب من 200 دولة في الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في دبي لحضور المؤتمر.

وأكد كيري أن العالم ما زال بإمكانه الفوز في المعركة ضد تغير المناخ، وستكون قمة الأمم المتحدة المقبلة «حاسمة للغاية» لتحقيق ذلك. وقال إن العالم بحاجة إلى وقف بناء محطات توليد الطاقة بالفحم والإسراع في نشر طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وفي الوقت نفسه، تحتاج الدول الغنية إلى البدء في توفير الأموال لتغطية الأضرار، التي يسببها تغير المناخ بالفعل، بالدول الفقيرة.

والتقى كيري مع نظيره الصيني شيه تشنهوا في ساني لاندز بولاية كاليفورنيا هذا الأسبوع خلال محادثات استمرت 4 أيام، وصفها بأنها «صعبة وجادة».

وقال كيري في «منتدى بلومبرغ للاقتصاد الجديد» في سنغافورة: «مرت علينا بعض لحظات، كما الحال في أي مفاوضات، شعرنا فيها باليأس التام». وأضاف: «توصلنا في النهاية إلى تفاهمات واتفاقات قوية للغاية سيكون لها تأثير إيجابي في المؤتمر، وستضعنا في مكان حيث يمكننا مساعدة العالم على التركيز على مزيد من مصادر الطاقة المتجددة وأشياء أخرى».

وتعد الأرضية المشتركة بين أكبر اقتصادين في العالم، وأكبر مصدرين لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، جزءاً مهماً في أي توافق في الآراء في «كوب 28»، الذي من المتوقع أن يركز على قضايا مثل تمويل مكافحة تغير المناخ وتحقيق أهداف أكثر طموحاً بشأن التحول لمصادر الطاقة النظيفة.

وقال كيري إن تفاصيل الاتفاقات بين الجانبين ستعلن قريباً. وأضاف أن أحد الاتفاقات المهمة التي تم التوصل إليها بشأن الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ سيسمح لأي دولة بالمساهمة في صندوق يهدف لدعم المناطق الأكثر عرضة لتأثيرات المناخ.

وسيكون كثير من التركيز على الصين في مؤتمر «كوب 28» منصباً على برنامجها الحالي لبناء مزيد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وإحجام بكين عن الالتزام بتحقيق هدف ملموس بخفض استخدام الوقود الأحفوري، في الوقت الذي تسعى فيه لضمان أمن الطاقة وتحقيق النمو الاقتصادي.

وقال المبعوث الصيني شيه للدبلوماسيين في سبتمبر (أيلول) الماضي إن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري أمر «غير واقعي» في حين أن تكنولوجيا رئيسية مثل تخزين الطاقة لا تزال في مراحل التطوير.

وعندما سُئل كيري عما إذا كان يتوقع أي تسوية بشأن الفحم من الصين قال: «انتظروا وسترون». وأردف أنه في الوقت الحالي «يعد تمويل محطة طاقة تعمل بالفحم في أي مكان في العالم أمراً غير مسؤول».

وبالتوازي مع الإعلان عن التفاهمات الأميركية الصينية، قال مسؤول بالاتحاد الأوروبي لـ«رويترز» إن كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي والصين سيجتمعون في بكين لإجراء محادثات الأسبوع المقبل قبل قمة «كوب 28».

وقال المسؤول الأوروبي إن مفوض الاتحاد الأوروبي للمناخ ووبكي هوكسترا سيسافر إلى بكين الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع كبير مبعوثي المناخ الصيني شيه تشنهوا. وسيكون هذا أول اجتماع شخصي لهما منذ أن تولى هوكسترا، وزير الخارجية الهولندي السابق، مسؤولية سياسات تغير المناخ في الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة الشهر الماضي.

وسيكون الاجتماع فرصة لكل جانب للتعبير عن مواقفه ووضع الأساس لاتفاقات في مؤتمر «كوب 28»، حيث ستنظر الدول في مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك ما إذا كانت ستوافق على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون.

ويحشد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الدعم من الحكومات للتوصل إلى اتفاق في المؤتمر لزيادة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول عام 2030، ويأملان في الحصول على دعم من الصين. وقد أشارت بكين إلى انفتاحها على هذا الهدف، شريطة أن تأخذ في الاعتبار الظروف الاقتصادية المتباينة لمختلف البلدان.

وتشير الصين إلى نفسها على أنها دولة نامية، وتقول إن الدول الصناعية الغنية، المسؤولة عن معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسببة لتغير المناخ، يجب أن تفي بالتزاماتها لتوفير هذا التمويل.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» يتحدث خلال مؤتمر «كوب 29»... (رويترز)

الأمين العام لـ«أوبك» في «كوب 29»: النفط هدية من الله

قال الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، الأربعاء، خلال مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو، إن النفط الخام والغاز الطبيعي هما «هدية من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، عقب اجتماع روسيا و«أوبك»، إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

وأضاف نوفاك بعد اجتماعه مع الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في موسكو، إن دول «أوبك بلس»، التي تضخ نحو نصف إنتاج النفط العالمي، تتخذ كل القرارات اللازمة للحفاظ على استقرار السوق.

وقال نوفاك: «بينما نناقش الوضع والتوقعات اليوم، يخلص تقييمنا إلى أن السوق في الوقت الحالي متوازنة. يرجع الفضل في ذلك في الأساس إلى تحركات دول (أوبك بلس)، والإجراءات المشتركة للامتثال للحصص والتعهدات الطوعية من دول في (أوبك بلس)».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، لعقد اجتماع في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وفي الأسواق، تراجعت أسعار النفط قليلا يوم الجمعة، لكنها اتجهت إلى تسجيل زيادة أسبوعية بنحو أربعة في المائة مع احتدام الحرب الأوكرانية، بعد تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها قد تتحول إلى صراع عالمي.

وبحلول الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 34 سنتا أو 0.46 في المائة إلى 73.89 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتا أو 0.51 في المائة إلى 69.74 دولار للبرميل. وزاد الخامان اثنين في المائة يوم الخميس، وكان من المتوقع أن يسجلا مكاسب أسبوعية بنحو أربعة في المائة، وذلك في أفضل أداء من نوعه منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بوتين يوم الخميس إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى صراع عالمي بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين. وأضاف أن روسيا ردت بإطلاق نوع جديد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على منشأة عسكرية أوكرانية، محذرا الغرب من أن موسكو قد تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وتعد روسيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، حتى مع انخفاض الإنتاج بعد حظر الاستيراد المرتبط بغزوها لأوكرانيا وقيود الإمدادات التي تفرضها مجموعة «أوبك بلس». وقالت روسيا هذا الشهر إنها أنتجت حوالي تسعة ملايين برميل من الخام يوميا.

لكن بيانات مخزونات الخام الأميركية حدت من المكاسب. فقد تأثرت الأسعار بارتفاع مخزونات الخام الأميركية 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية.

ومن جانبه، قال بنك غولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، رغم العجز في المعروض في 2024 والغموض الجيوسياسي، مشيرا إلى فائض متوقع قدره 0.4 مليون برميل يوميا العام المقبل.

وأضاف في المذكرة مساء الخميس: «توقعنا الرئيسي هو أن يظل برنت في نطاق 70 إلى 85 دولارا، مع قدرة إنتاج فائضة عالية تحد من ارتفاع الأسعار، فيما تحد مرونة أسعار (أوبك) وإمدادات النفط الصخري من انخفاض الأسعار».

ويتوقع البنك مخاطر قد تدفع أسعار برنت للصعود على المدى القريب، مع احتمال ارتفاع الأسعار إلى نطاق 85 دولارا في النصف الأول من عام 2025 إذا انخفض المعروض من إيران بمقدار مليون برميل يوميا بسبب فرض عقوبات أكثر صرامة.

وأوضح البنك أن مخاطر الأسعار على المدى المتوسط تميل إلى الجانب السلبي نظرا للطاقة الإنتاجية الاحتياطية المرتفعة. وقال: «في حين أن هناك طاقة احتياطية وفيرة في إنتاج النفط، فإننا نتوقع أن يظل التكرير قليلا للغاية، وأن تتعافى هوامش البنزين والديزل بشكل أكبر».

وأبقى البنك على توقعاته بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 76 دولارا للبرميل في عام 2025، لكنه خفض توقعاته لعام 2026 إلى 71 دولارا للبرميل في ظل فائض قدره 0.9 مليون برميل يوميا.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر الطلب على النفط في النمو لعقد آخر، مدفوعا بارتفاع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي واستمرار وجود تحديات في إزالة الكربون من قطاعي الطيران والمنتجات البتروكيماوية.