مؤتمر دولي في الرياض يستكشف مكامن الفرص الاقتصادية غير المستغلة في أفريقيا 

الجدعان: المملكة ستضخ 533 مليون دولار لمشاريع تنموية     

وزير المالية متحدثاً للحضور في افتتاح أعمال المؤتمر السعودي العربي الأفريقي (الشرق الأوسط)
وزير المالية متحدثاً للحضور في افتتاح أعمال المؤتمر السعودي العربي الأفريقي (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر دولي في الرياض يستكشف مكامن الفرص الاقتصادية غير المستغلة في أفريقيا 

وزير المالية متحدثاً للحضور في افتتاح أعمال المؤتمر السعودي العربي الأفريقي (الشرق الأوسط)
وزير المالية متحدثاً للحضور في افتتاح أعمال المؤتمر السعودي العربي الأفريقي (الشرق الأوسط)

شكل المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي منصة لتعلن السعودية من خلالها دعماً للقارة الأفريقية التي يعد نموها مهماً لنمو الاقتصاد العالمي. وفي خلال المؤتمر الذي يحضره عدد كبير من المسؤولين المحليين والدوليين وقادة المال والأعمال من القطاعين العام والخاص والاتحادات التجارية والمنظمات الدولية، أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان عن ضخ مبالغ تقدر بملياري ريال (533 مليون دولار) لمشروعات تنموية في العديد من الدول الأفريقية. إضافة إلى استعداد «صندوق الاستثمارات العامة» لزيادة استثماراته في القارة السمراء؛ حيث إنه سيتم الإعلان عن مشروعات كبيرة سوف «تغير قواعد اللعبة» وفق ما قال وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح. في حين شدد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان على أن «الحصول على طاقة نظيفة ومستدامة مهم لأفريقيا». وشهد المؤتمر إبرام اتفاقيات تعاون سعودية - أفريقية للاستثمار في عدد من المجالات الاقتصادية والتجارية، من ضمنها مذكرات تفاهم بين المملكة، وإثيوبيا والسنغال وتشاد ونيجيريا وروندا، للتعاون في مختلف مجالات الطاقة.

هذا، وكشفت وزارة التجارة السعودية، عن بلوغ حجم التبادل التجاري بين المملكة ودول الاتحاد الأفريقي الذي بلغ 521 مليار ريال (138.9 مليار دولار) خلال خمس سنوات في الفترة من 2018 حتى 2022.

الديون الأفريقية

وأعلن وزير المالية محمد الجدعان أن الصندوق السعودي للتنمية، سوف يوقع مشروعات بقيمة تقدر بملياري ريال (533 مليون دولار) في أفريقيا. وأشار إلى دور الصندوق السعودي للتنمية من خلال شراكته طويلة الأمد مع أفريقيا في تمويل البنية التحتية الأساسية كالطرق والسدود والمستشفيات والمدارس ودعم ما يزيد على 400 مشروع في القارة. ووفق الجدعان: «قطعنا شوطاً في مواجهة تحديات الديون الأفريقية من خلال مبادرتي تعليق مدفوعات خدمات الدين والإطار المشترك لمجموعة العشرين اللتين تم إطلاقهما خلال رئاسة المملكة للمجموعة في 2020».

وزير المالية محمد الجدعان

وأكد أن المملكة من أوائل البلدان المطالبة بانضمام الاتحاد الأفريقي إلى العضوية الدائمة بمجموعة العشرين، وتدعم حالياً استحداث مقعد إضافي لأفريقيا في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وأبان أن العالم يمر بمرحلة فيها تحولات اقتصادية عميقة؛ حيث تشهد تسارع ظهور التقنيات المبتكرة، والتحول إلى قطاعات اقتصادية جديدة، وإعادة التصور لسلاسل الإمداد العالمية، ما يفتحُ آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والتنمية المشتركة بين السعودية ودول القارة الأفريقية؛ خصوصاً مع وجود الممكنات في الجانبين، من موارد طبيعية، وموقع جغرافي مميز، وقوى بشرية شابة. ووصف الجدعان شراكة المملكة معَ أفريقيا بالقوية والمتنامية على جميع الأصعدة، فقد دأبت المملكة على عقد الشراكات المهمة مع الكيانات في القارة السمراء بهدف التوسعِ في عدد من المجالات، كقطاعات الطاقة والتعدين والزراعة، وغيرها. وبين الوزير السعودي أن الهيئة العامة للموانئ تعمل على تعزيز حركة السفن في البحرِ الأحمرِ، والربط مع مختلف الموانئ الأفريقية، كاشفاً عن إطلاق برنامج لتيسير التجارة في الخدمات بين المملكة وأفريقيا والتوسعِ فيها، وذلك في إطار التعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي؛ حيث تستهدف هذه المبادرة التكامل الإقليمي الذي يمثل مجالاً من مجالات النموّ غير المستغلة.

تقليل المعوقات

وفي ثاني جلسات فعاليات المؤتمر تحت عنوان «الاستثمار في المستقبل»، شدد وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، على أهمية تقليل المعوقات التي تمنع الاستثمارات المستدامة في أفريقيا، مفصحاً عن اهتمام الصندوق السيادي السعودي بزيادة استثماراته في القارة السمراء، وسيتم الإعلان عن المشروعات الكبيرة التي سوف تغير «قواعد اللعبة». وقدر الفالح حجم الاستثمارات السعودية التي ضخت في أفريقيا بـ75 مليار دولار، وأن الزراعة تعد من أكبر القطاعات استثماراً من الشركات الخاصة السعودية. وتابع الوزير أن بلاده مقبلة على استثمارات كبيرة في السيارات الكهربائية المصنعة في المملكة، وأن شركة الخطوط السعودية ستزيد من رحلاتها إلى أفريقيا في السنوات القادمة. واستطرد الفالح: «نريد استثمارات مستدامة على المدى البعيد تتجه إلى السوق الأفريقية، ولا بد من تقليل المخاطر»، مبيناً أن المستثمرين في أفريقيا يواجهون صعوبات في التكلفة بأضعاف البلدان الأخرى بسبب إمكانية الحصول على التمويل. وسلط الضوء على الفرص والإمكانات التي تملكها القارة الأفريقية سواءً من الثروة المعدنية أو الغذاء، أو غيرهما من القطاعات الأخرى.

وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح يتحدث للحضور في المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي (الشرق الأوسط)

وحول التعاون المشترك بين الرياض والقاهرة، لفتت وزيرة التعاون الدولي المصرية الدكتورة رانيا المشاط، إلى أهمية التركيز على الاستثمار ومشروعات الطاقة المتجددة، منوهة باستثمارات مصر داخل أفريقيا منها المشروعات التي تعمل على الحد من المخاطر وإزالتها، ومشروعات أمن الغذاء وإدارة هدر المياه وترشيد استهلاكها وإيجاد فرص في القطاع الخاص بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي.

التعاون المشترك

بدوره، أفاد وزير التجارة والصناعة في جنوب أفريقيا إبراهيم بتيل، بأن التعاون التجاري المشترك بين الدول مهم لدعم الفرص الواعدة للنمو الاقتصادي في القارة السمراء، خاصة مع الكثافة السكانية من فئة الشباب، مضيفاً أن الطاقة من المجالات المهمة التي يتوجه إليها الاستثمار في أفريقيا. أما وزيرة الدولة المكلفة للاستثمار العام في رواندا جينين مونيشولي، فقد ركزت على الاستثمار في وطنها، مشيرة إلى الاتفاقات الثلاثية الموقعة مع المملكة، مؤكدة أهمية العمل المشترك بشكل قوي لدعم عجلة الاقتصاد في أفريقيا على مدار السنوات القادمة. وفي جلسة أخرى تحت عنوان «تعزيز التعاون لحماية الأمن الغذائي الإقليمي والعالمي»، أكد وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، أن بلاده لديها ثروات وطنية كبيرة ولكن تواجه شحا في وفرة المياه، وأنه بالإمكان التركيز على سواحل البحر الأحمر، مشيراً إلى أهمية الإنتاج الغذائي المستدام والمحافظة على الموارد الطبيعية الأخرى مع خلق التوازن بين الماء والإنتاج. وأضاف المهندس الفضلي، أن هناك مجالا كبيرا لبناء تحالفات عالمية لتصبح المملكة مركزاً لاستيراد المنتجات الغذائية، تعالج في البلاد ومن ثم يعاد تصديرها. وزاد الوزير أن المملكة تستهدف زيادة منتجاتها سواءً من الدواجن والأسماك واللحوم، ويوجد مناطق لديها ميزات نسبية لتحقيق هذا التوجه.

وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال إحدى جلسات المؤتمر (الشرق الأوسط)

سلسلة القيمة

من جانبه، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة سابك للمغذيات الزراعية، المهندس عبد الرحمن شمس الدين، أن الأسمدة تتحرك من خلال ثلاث أيادٍ على الأقل قبل أن تصل إلى المستهلكين، وأن سلسلة القيمة قدمت المزيد من الخطوات الوسيطة للوصول إلى ذلك.

فيما ذكر مساعد المدير العام والممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) الدكتور عبد الحكيم الوعر، أن استخدام التكنولوجيا بقطاع الزراعة وصل إلى مراحل متقدمة، مشدداً على أهمية دعم المستثمرين والمزارع الصغيرة لضمان استمرار إنتاجها الغذائي الذي تصل نسبته لـ80 في المائة.


مقالات ذات صلة

ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

الاقتصاد أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

أظهر تقرير أرباح بنك اليابان أنه تكبد خسائر قياسية في تقييم حيازاته من السندات الحكومية في النصف الأول من السنة المالية مع ارتفاع العائدات عقب رفع الفائدة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)

بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

حذرت بكين ترمب من أن تعهده بفرض تعريفات إضافية على السلع الصينية قد يجر أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تعريفات مدمِّرة للطرفين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد متسوقة في متجر «كارفور» في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)

ثقة المستهلك الفرنسي تتراجع لأدنى مستوى في 5 أشهر

تراجعت ثقة المستهلك الفرنسي في نوفمبر إلى أدنى مستوياتها منذ 5 أشهر؛ إذ عبّرت الأسر عن قلقها إزاء آفاق الاقتصاد وسوق العمل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد صينيون في متنزه بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)

الصين تعمل على ترقية شبكة الاتصالات إلى الجيل «الخامس-إيه»

كشفت الصين عن مسودة مبادئ توجيهية لبناء البنية التحتية للبيانات في البلاد، بما في ذلك ترقية شبكة الاتصالات إلى مستوى الجيل «الخامس-إيه».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجال يسيرون بجوار لوحة إلكترونية في بورصة تل أبيب (رويترز)

ارتفاع سندات إسرائيل ولبنان السيادية بعد وقف إطلاق النار

ارتفعت السندات السيادية الإسرائيلية المقوَّمة بالدولار بنسبة 0.8 سنت، يوم الأربعاء، عقب دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (القدس)

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
TT

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي، لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول).

وأفادت وزارة العمل، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة تراجعت بمقدار ألفي طلب، ليصل العدد إلى 213 ألف طلب معدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 23 نوفمبر (تشرين الثاني). وتم نشر التقرير في وقت مبكر هذا الأسبوع بسبب عطلة عيد الشكر يوم الخميس.

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 216 ألف طلب للأسبوع الأخير. وقد انخفضت الطلبات عن أعلى مستوى لها في عام ونصف العام، سُجل في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، وكان نتيجة للأعاصير والإضرابات في شركة «بوينغ» وشركات الطيران الأخرى. وهي الآن عند مستويات تشير إلى انخفاض معدلات التسريح من العمل وانتعاش التوظيف في نوفمبر. ففي أكتوبر، أدت العواصف والإضراب الذي استمر 7 أسابيع في شركة «بوينغ» إلى تقليص الزيادة في الوظائف غير الزراعية إلى 12 ألف وظيفة فقط.

وعلى الرغم من التوقعات بانتعاش في الوظائف، من المرجح أن يبقى معدل البطالة ثابتاً أو حتى يرتفع هذا الشهر. فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مقياس غير مباشر للتوظيف، بمقدار 9 آلاف ليصل إلى 1.907 مليون شخص وفق بيانات معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في 16 نوفمبر، وفقاً لتقرير طلبات البطالة.

وتشير بيانات الطلبات المستمرة المرتفعة إلى أن العديد من العمال المسرحين يجدون صعوبة في العثور على وظائف جديدة. وتغطي هذه البيانات الفترة التي يتم خلالها مسح الأسر لمعدل البطالة لشهر نوفمبر. وقد ظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. وسيكون تقرير التوظيف لشهر نوفمبر أمراً حاسماً في تحديد قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في منتصف ديسمبر.

ويرى معظم الاقتصاديين أن خفض أسعار الفائدة في الشهر المقبل أمر غير مؤكد في ظل إشارات تباطؤ انخفاض التضخم.

وأظهرت محاضر اجتماع السياسة الفيدرالية في 6 - 7 نوفمبر، التي نُشرت يوم الثلاثاء، أن المسؤولين بدا أنهم منقسمون بشأن مدى الحاجة إلى مواصلة خفض الأسعار. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس في وقت سابق من هذا الشهر، ما أدى إلى خفض سعر الفائدة القياسي إلى نطاق 4.50 - 4.75 في المائة.

وبدأ البنك المركزي الأميركي في تخفيف السياسة النقدية منذ سبتمبر (أيلول) بعد أن رفع أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخم.