التشرذم المصرفي في أوروبا يشكل خطراً على النظام المالي

البنك المركزي الأوروبي، على اليمين، ومباني المنطقة المصرفية تنعكس في نهر الماين في فرانكفورت، ألمانيا، الجمعة 27 أكتوبر (تشرين الاول) 2023 (أ ف ب)
البنك المركزي الأوروبي، على اليمين، ومباني المنطقة المصرفية تنعكس في نهر الماين في فرانكفورت، ألمانيا، الجمعة 27 أكتوبر (تشرين الاول) 2023 (أ ف ب)
TT

التشرذم المصرفي في أوروبا يشكل خطراً على النظام المالي

البنك المركزي الأوروبي، على اليمين، ومباني المنطقة المصرفية تنعكس في نهر الماين في فرانكفورت، ألمانيا، الجمعة 27 أكتوبر (تشرين الاول) 2023 (أ ف ب)
البنك المركزي الأوروبي، على اليمين، ومباني المنطقة المصرفية تنعكس في نهر الماين في فرانكفورت، ألمانيا، الجمعة 27 أكتوبر (تشرين الاول) 2023 (أ ف ب)

حذَّر رئيس الرقابة المنتهية ولايته في البنك المركزي الأوروبي، أندريا إنريا، من أن التشرذم المتزايد للنظام المصرفي في أوروبا يشكل «خط صدع» يعرض النظام المالي للخطر، ويؤدي إلى تكاليف أعلى للجميع.

وأكد إنريا، الذي سيتنحى في نهاية هذا العام بعد خمس سنوات في منصب رئيس الرقابة في البنك المركزي الأوروبي، لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن أكبر «أسفه الشخصي» هو الطريقة التي أصبحت بها السوق المصرفية في منطقة اليورو المكونة من 20 دولة مجزأة أكثر فأكثر على أسس وطنية.

وقال: «ما زلنا نحافظ على هذا النوع من الصدع (الوطني) في ترتيباتنا المؤسسية، سواء من حيث التكامل أو من حيث شبكة الأمان. وهذه هي المشكلة الرئيسية التي يجب علينا إصلاحها».

وأشار إلى أن خط الصدع خلق «عنصر المخاطرة»، عادَّاً أنه في حالة تعرض الاتحاد المصرفي لصدمة، فإن القطاع المصرفي ككل لا يعمل بكامل طاقته كممتص للصدمات، من خلال امتصاص الخسائر في دولة ما من خلال الأرباح في دولة أخرى.

* المنافسة عبر الحدود ضرورية لإصلاح النظام المصرفي الأوروبي

وقد تعرضت البنوك في جميع أنحاء أوروبا لانتقادات لعدم تمرير الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة إلى المودعين بالسرعة التي ارتفعت بها تكلفة القروض. وأدت الفجوة بين أسعار الفائدة على القروض ومعدلات الادخار إلى تعزيز أرباح المقرضين ودفعت بعض البلدان، مثل إسبانيا وإيطاليا، إلى فرض ضرائب غير متوقعة على هذا القطاع.

وبحسب إنريا، يرجع هذا جزئياً إلى عدم وجود منافسة عبر الحدود في منطقة العملة الموحدة. وتابع قائلاً: «إذا كان هناك المزيد من المنافسة، مع مزيد من التكامل بين الأسواق، فسيكون ذلك مفيداً للعملاء، سواء كانوا مودعين أو مقترضين».

* المستثمرون في الأزمات يهددون النظام المالي

لم يشعر المقرضون في منطقة اليورو بقلق بالغ إزاء الاضطرابات التي شهدها القطاع في مارس (آذار)، حيث انهارت العديد من البنوك الأميركية، بما في ذلك بنك «وادي السيليكون»، وأجبرت أزمة السيولة بنك «كريدي سويس» على الاندماج مع منافسه «يو بي إس».

ومع ذلك، قال إنريا إن الاضطرابات في القطاع المصرفي العالمي «أخافتني حقاً» بسبب الطريقة التي يتصرف بها المستثمرون في الأزمات، من خلال المراهنة على سعر سهم البنك أو عن طريق شراء التأمين ضد التخلف عن سداد الديون. وقد أدى ذلك إلى «تأثير سلبي فوري على سلوك أمناء الصناديق المؤسسية والشركات، حيث بدأوا في سحب أموالهم من البنوك التي يعتقدون أنها معرضة للخطر.

ووفقاً لإنريا، فإن المشرفين بحاجة إلى إيلاء الكثير من الاهتمام لهذا النوع من الديناميكيات على وجه الخصوص من خلال التدقيق في مخاطر التمويل والسيولة لدى البنوك أكثر بكثير مما تم فعله في الماضي، مشيراً إلى أن هيئات الرقابة أيضاً تشدد الرقابة على نماذج الحوكمة والأعمال، التي هي المحركات التي تجتذب الهجمات من المستثمرين.

على مدى القسم الأعظم من العقد الماضي كانت هناك محاولات فاشلة لإكمال الاتحاد المصرفي في منطقة اليورو من خلال الاتفاق على خطة مشتركة لضمان الودائع للكتلة. وفي هذا السياق، قال إنريا: «إن الأمر غارق تماماً في شبكة من الخطوط الحمراء من قبل الدول الأعضاء». ولكن حتى من دون ذلك، اعتبر أن المشرعين في الاتحاد الأوروبي يمكنهم فعل المزيد لتشجيع البنوك على التوسع عبر الحدود الوطنية.

* إصلاح النظام المالي الأوروبي يتطلب مزيداً من التكامل والتنظيم

وفي إشارة إلى وجود عنصر من قصر النظر من جانب الهيئات التنظيمية الوطنية، التي تقدر فوائد التكامل، ومن جانب البنوك، التي لا تبذل الجهود الكافية لجعل الاتحاد المصرفي يعمل في أفضل حالاته، دعا إنريا إلى التحلي بمزيد من الشجاعة على الجانبين.

يقول المسؤولون التنفيذيون في البنوك إنهم لا يستطيعون إنشاء أعمال تجارية حقيقية لعموم منطقة اليورو، لأنه في حين يتولى البنك المركزي الأوروبي التنظيم التحوطي عبر الكتلة، يجب عليهم التعامل مع خليط من قواعد السلوك المختلفة التي تفرضها السلطات الوطنية.

وألمح إنريا إلى أنه يمكن وضع المزيد من الرقابة على السلوك إلى البنك المركزي الأوروبي، مضيفاً أن هذا قد يعزز مشروع اتحاد أسواق رأس المال في الاتحاد الأوروبي، وهو مسعى الكتلة طويل الأمد لتحقيق التكامل الكامل لنظامها المالي.

هذا وتسعى الهيئات التنظيمية العالمية جاهدة لمعالجة المخاطر التي تشكلها الأنظمة المالية خارج القطاع المصرفي، مثل صناديق التحوط والأسهم الخاصة وبورصات العملات المشفرة. ووفقاً لـ«إنريا»، كان النهج الأولي يتمثل في السيطرة على المخاطر من خلال فرض متطلبات إضافية على البنوك التي تمول نظام «الظل المصرفي».

وتناقش هيئات الرقابة ما إذا كان ينبغي توسيع «المحيط التنظيمي» ليشمل المزيد من الإشراف المباشر على الكيانات الأخرى، بما في ذلك تلك التي تقدم مجموعة كاملة من الخدمات الشبيهة بالبنوك التي تعمل في الواقع «بنوكاً افتراضية».

تجدر الإشارة إلى أن إنريا، هو قوة دافعة في تكامل السوق المالية الأوروبية. فقد كان أول رئيس للهيئة المصرفية الأوروبية لمدة ثماني سنوات. ومؤخراً، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي على تعيين كلوديا بوخ، نائبة رئيس البنك المركزي الألماني، خلفاً له في نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وتم إنشاء الآلية الإشرافية الموحدة في عام 2014 استجابة لأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو. وهي مسؤولة عن تنسيق الرقابة على أكبر 110 بنوك في الكتلة، التي تعدُّ ذات أهمية نظامية.

* «إتش إس بي سي» يسجل أرباحاً قوية و«سيتي غروب» يتجاوز التوقعات

على صعيد آخر، أعلن بنك «إتش إس بي سي»، يوم الاثنين، عن زيادة أرباح الربع الثالث بنسبة 240 في المائة قبل خصم الضرائب، حيث ساعد ارتفاع أسعار الفائدة من أرباح البنك بالإضافة إلى تمويل إعادة شراء أسهم جديدة بقيمة 3 مليارات دولار. وأظهرت النتائج الصادرة مدى الضغط الذي يتعرض له البنك لتقديم الدعم للمستثمرين الذين طالت معاناتهم الآن مع ارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم، وسط تضاعف أرباحه في الربع الثالث مع توقع المحللين ارتفاع التكاليف.

وأشار بنك «إتش إس بي سي»، إلى أنه من المتوقع أن ترتفع التكاليف بنسبة 4 في المائة خلال العام الحالي، أي أكثر من هدفه السابق المتمثل في زيادة بنسبة 3 في المائة، مع زيادة الإنفاق على التكنولوجيا والتشغيل ويدرس زيادة مكافآت الموظفين في هذا الربع. كما سجل أرباحاً قبل الضرائب تقدر بحوالي 7.7 مليار دولار للربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، مقابل 3.2 مليار دولار قبل عام، لكن النتيجة جاءت أقل من متوسط تقديرات الوسطاء البالغة 8.1 مليار دولار التي جمعها البنك.

من جهة أخرى، ارتفعت إيرادات «سيتي غروب» أكثر من المتوقع في الربع الثالث مع نمو قوي في الأعمال التجارية للعملاء من المؤسسات والخدمات المصرفية الشخصية. وارتفع صافي دخل البنك بنسبة 2 في المائة على أساس سنوي إلى 3.5 مليار دولار في الربع الثالث، وارتفعت الإيرادات بنحو 9 في المائة إلى 20.1 مليار دولار، بينما كان من المتوقع أن تصل إلى 19.27 مليار دولار.



انطلاق الجولة الأولى لمفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا

توقيع البيان المشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا في مارس الماضي (الشرق الأوسط)
توقيع البيان المشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا في مارس الماضي (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الجولة الأولى لمفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا

توقيع البيان المشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا في مارس الماضي (الشرق الأوسط)
توقيع البيان المشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا في مارس الماضي (الشرق الأوسط)

تنطلق في أنقرة، يوم الاثنين، الجولة الأولى لمفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين التعاون لدول الخليج العربية وتركيا.

وتستمر أعمال هذه الجولة مدة 3 أيام بمشاركة 9 جهات حكومية سعودية، وتناقش عدداً من المواضيع المتعلقة بتجارة السلع والخدمات، والاستثمار، وقواعد المنشأ، والعوائق الفنية أمام التجارة، وتدابير الصحة والصحة النباتية.

أعمال الجولة الأولى

سيجري التركيز خلال هذه الجولة على تبادل المعلومات والبيانات ومناقشة التحديات والفرص التجارية بين الأطراف المشاركة، وبناء الثقة والشراكة من خلال تحديد مجالات التعاون والتنسيق المشترك، ما يمهد الطريق في الجولات المقبلة للتوصل إلى اتفاق نهائي شامل.

وتستهدف الجولة الأولى الاتفاق على المبادئ التي ستسير عليها المفاوضات، بالإضافة إلى وضع الإطار للجولات التفاوضية المقبلة والأهداف المرجوة منها سعياً للانتهاء من المفاوضات بأقرب وقت ممكن.

وتشارك السعودية في الجولة الأولى للمفاوضات بوفد حكومي برئاسة الهيئة العامة للتجارة الخارجية وبمشاركة وزارات الطاقة، الاستثمار، البيئة والمياه والزراعة، الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، والهيئة العامة للغذاء والدواء، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، وهيئة تنمية الصادرات.

وسيتابع الفريق التفاوضي السعودي، ويشرف على سير المفاوضات التجارية لضمان توافقها مع أهداف وسياسات السعودية التجارية، كما يشارك في المفاوضات التجارية لتضمين مواقفها التفاوضية، والتنسيق مع الدول ذات التوجهات المماثلة أو المشابهة في التجارة الدولية.

وستعمل الاتفاقية، عند تطبيقها، على إعطاء ميزة تفضيلية لنفاذ المنتجات الوطنية من سلع وخدمات في أسواق جميع الأطراف من خلال تحرير أغلب السلع والخدمات، بالإضافة إلى تسهيل وتشجيع وحماية الاستثمارات، ورفع حجم التبادل التجاري، إضافةً إلى تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية في الدول الأطراف.

بيان بدء المفاوضات

وقَّع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، ووزير التجارة التركي، عمر بولاط، البيان المشترك لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بينهما في أنقرة في 21 مارس (آذار) الماضي في تأكيد على رغبة دول الخليج وتركيا على تنمية الشراكة الاستراتيجية بينهما.

وعبَّر وزير التجارة التركي عمر بولاط، في كلمة خلال توقيع البيان، عن اعتقاده أن المفاوضات ستكتمل في أقرب وقت ممكن.

وأشار إلى أن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، التي بدأت في عام 2005 لكن توقفت عام 2010 قد عادت من جديد، مؤكداً أن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ستكون أكثر شمولاً ومحددة بشكل جيد، وستكون هناك فرص للتنمية والتنويع في هذا الإطار. وقال إن بلاده تعلق أهمية على الانتهاء من اتفاقية شاملة تنظم مجالات مهمة مثل التجارة في السلع والخدمات، وحقوق الملكية الفكرية، والإجراءات الجمركية، وتسهيل التجارة، وتطوير التعاون بين الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأضاف أن الهدف هو تقديم مساهمة جدية في رفاهية تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي مع استكمال عملية التفاوض ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ.

ولفت إلى أن إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي يتجاوز 2.4 تريليون دولار

وذكر بولاط أن إجمالي حجم التجارة الخارجية لتركيا ودول الخليج الست يتجاوز 2.4 تريليون دولار، ومن الواضح مدى أهمية وضخامة التعاون التجاري الذي سيتم تحقيقه من خلال التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة.

وقال: «تماشياً مع الجانب متعدد الأبعاد لعلاقاتنا، نتوقع ألا يقتصر اتفاقنا على التجارة في السلع».