الاقتصاد الصيني... علامات على التحسن والتعثر في آنٍ واحد

طريق وعرة نحو التعافي

علم الصين (رويترز)
علم الصين (رويترز)
TT

الاقتصاد الصيني... علامات على التحسن والتعثر في آنٍ واحد

علم الصين (رويترز)
علم الصين (رويترز)

سجلت بعض المؤشرات الاقتصادية في الصين ارتفاعاً خلال الشهر الماضي، بينما شهد بعضها ثباتاً، في الوقت الذي تشهد فيه بكين تعثراً في قطاعها العقاري، مما أثار مخاوف بشأن أزمة مالية قد تعصف بثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وهدّأ رئيس بنك الشعب الصيني (المصرف المركزي)، بان قونغ شنغ، من روعة المخاوف بشأن اقتصاد البلاد، وقال إن هناك علامات على التحسّن، مشيراً إلى تعافي القطاع العقاري أيضاً، بعد إفلاس وتعثر شركات كبرى.

وأوضح شنغ، أن هذا التعافي يُمكن من السيطرة على مخاطر ديون الحكومات المحلية، لافتاً إلى أن المؤشرات الاقتصادية، بما في ذلك الإنتاج الصناعي ونشاط الخدمات، أظهرا اتجاهات إيجابية.

وخلال كلمته في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في مراكش في المغرب، أفاد شنغ بأن سوق العقارات في العديد من المناطق الصينية، أظهرت علامات انتعاش بعد تخفيف قواعد الرهن العقاري، مضيفاً أن مخاطر ديون الحكومات المحلية في الصين هيكلية ويمكن التحكم فيها بشكل عام.

ويرى أن المقاطعات الشرقية، الأكثر تطوراً اقتصادياً، قادرة على حل مشكلات ديون حكوماتها المحلية بمفردها. أما المقاطعات في المناطق الوسطى والغربية، فيمكنها إعادة هيكلة منصات التمويل الخاصة بها، وبيع الأصول لسداد الديون والتفاوض مع المؤسسات المالية.

ويتخوف العالم من أزمة مالية قد تضرب ثاني أكبر اقتصاد في العالم، نظراً لارتباط الاقتصاد الصيني بكل اقتصادات دول العالم تقريباً، وهو ما قد يمثل صدمة جديدة للاقتصاد العالمي الهش أساساً.

ولذلك ينظر للاقتصاد الصيني دائماً على أنه محرك هام وقوي للاقتصاد العالمي والاقتصادات المرتبطة به، وهو ما يعطي المؤشرات المالية التي تصدر من الصين زخماً لدى مجتمع الأعمال حول العالم.

وبحسب شينغ، تحسنت معدلات توظيف الشباب بشكل ملحوظ، لافتاً إلى استقرار التوظيف بشكل عام. كما زاد الإنفاق المالي في الصين بوتيرة أسرع ولكن معقولة، في حين ارتفع إصدار الحكومات المحلية للسندات الخاصة، وهي مصدر رئيسي لتمويل البنية الأساسية.

وأكد أن المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي العالمي آخذة في الارتفاع، حيث تتزايد حالات عدم اليقين المتعلقة بالسياسة النقدية بسبب الاتجاهات المعقدة في الاقتصادات الكبرى.

مؤشرات مالية

أظهرت بيانات أصدرها الاتحاد الصيني للوجيستيات والمشتريات ارتفاع المؤشر الذي يتتبع تطور سوق السلع السائبة في الصين بشكل طفيف في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي مدفوعاً بالطلب المتزايد في السوق.

وأضافت البيانات أن مؤشر السلع السائبة في الصين سجل 103.6 في المائة الشهر الماضي، بزيادة 0.9 نقطة مئوية مقارنة بنظيره المسجل في أغسطس (آب) الماضي.

وتشير القراءة فوق 100 إلى التوسع والنمو، بينما تعكس القراءة أقل من 100 الانكماش.

وقال الاتحاد إن الزيادة تُسلط الضوء على الطلب المتزايد في السوق، فضلاً عن تحسن بيئة الإنتاج والأعمال. وإنه من المتوقع أن تحافظ سوق السلع السائبة في الصين على زخم تنمية مستقر وسليم في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وذلك مع دخول حوافز السياسات حيز التنفيذ تدريجياً.

كما أظهرت البيانات أن قطاع الخدمات اللوجيستية في الصين شهد أداءً ثابتاً في سبتمبر الماضي بفضل تزايد الطلب والتوقعات في السوق.

وبلغ مؤشر تتبع أداء سوق الخدمات اللوجيستية في البلاد 53.5 في المائة الشهر الماضي، بزيادة 3.2 نقطة مئوية عن أغسطس الماضي، بحسب الاتحاد.

وعزا كبير الاقتصاديين في الاتحاد، خه هوي، هذا الارتفاع إلى تأثير حوافز السياسات، والتعافي التدريجي لطلب السوق وتوقعاته، مضيفاً أنه من المرجح أن يشهد قطاع الخدمات اللوجيستية تعافياً مستداماً في المستقبل.

وتضمنت البيانات السابقة للربع الثالث من العام الحالي، بعض الأرقام الواعدة التي دعمت استقرار النشاط الاقتصادي، مع تحسن نشاط المصانع واعتدال تراجع الصادرات مع قيام بكين بإطلاق سياسة التحفيز وتخفيف السياسات العقارية التقييدية. ومن المتوقع أن تظهر الإصدارات في الأسبوع المقبل حول الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة والبطالة مدى انتشار هذا الاستقرار.

وبحسب، رئيس الأبحاث في بنك «كريدي أجريكول سي آي بي»، شياو جيا تشي، سيكون من المهم مراقبة بيانات النشاط القادمة في سبتمبر. وفي حين أن الأرقام قد تبعث أيضاً برسالة مفادها أن الاقتصاد الصيني قد يظهر المزيد من علامات الاستقرار، إلا أن حالة عدم اليقين تظل مرتبطة بمسار قطاع العقارات.

في المقابل، لا تزال هناك أسئلة أيضاً حول مقدار التحفيز الإضافي، الذي ستقدمه الصين لدعم الاقتصاد. وسيحدد بنك الشعب الصيني يوم الاثنين سعر الفائدة على تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل لمدة عام واحد، وهو سعر فائدة رئيسي. ويتوقع الاقتصاديون على نطاق واسع أن يظل ذلك دون تغيير في الوقت الحالي، على الرغم من أن الكثيرين يتوقعون خفضاً قبل نهاية عام 2023.

ووفقاً لـ«بلومبرغ»، تدرس الصين زيادة عجز ميزانيتها لهذا العام من خلال إصدار المزيد من الديون لإنفاقها على البنية التحتية. كما تدرس أيضاً تشكيل صندوق استقرار مدعوماً من الدولة لتعزيز الثقة في سوق الأسهم، في الوقت الذي اشترى فيه صندوق الثروة السيادية في البلاد مؤخراً ما يعادل نحو 65 مليون دولار من الأسهم في أكبر البنوك في البلاد.

ومن المرجح أن تظهر البيانات المقرر صدورها يوم الأربعاء انتعاشاً متواضعاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي، على الرغم من أن المقارنات على أساس سنوي قد تكون أقل إيجابية. وربما تباطأت وتيرة التوسع في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر، مقارنة بالعام الماضي إلى 4.5 في المائة، أي أقل من هدف النمو السنوي في بكين البالغ حوالي 5 في المائة.

في الأثناء، أعلن بنك الصين (بي أو سي) أنه نجح في إصدار سندات خضراء خارجية مقومة باليوان بقيمة 1.6 مليار يوان (نحو 222.92 مليون دولار) في السوق الخارجية. وبحسب البنك، فقد تم إصدار السندات لأجل عامين من قبل فرع البنك في فرانكفورت، حيث سيتم استخدام الأموال التي يتم جمعها من خلال إصدار السندات لدعم المشاريع الخضراء.

نشاط العقود الآجلة

سجلت سوق العقود الآجلة في الصين تداولات نشطة من حيث حجم المعاملات وقيمتها في الشهر الماضي، وفقاً للجمعية الصينية للعقود الآجلة.

وأظهرت البيانات الصادرة من الجمعية، الأحد، أن إجمالي حجم المعاملات ارتفع في سبتمبر الماضي، بزيادة 28.05 في المائة على أساس سنوي.كما أظهرت أن قيمة المعاملات في السوق ارتفعت بنسبة 19.13 في المائة على أساس سنوي إلى 51.48 تريليون يوان (نحو 7.17 تريليون دولار).

وقالت الجمعية إنه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، نما حجم المعاملات وقيمتها بنسبة 30.49 في المائة و6.13 في المائة، مقارنة بالفترة من العام الماضي، على التوالي.


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

انطلقت أعمال النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، الاثنين، بحضور الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، والمهندس عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة، في المدينة الساحلية جدة (غرب السعودية)، بمشاركة أكثر من 480 خبيراً ومتحدثاً يمثلون نخبة من العلماء والمبتكرين يمثلون أكثر من 20 دولة في أنحاء العالم، حيث حقق 14 مبتكراً (فائزان في الجائزة الكبرى و12 فائزاً في جوائز الأثر) في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

الأمير سعود بن مشعل وم. عبد الرحمن الفضلي وم. عبد الله العبد الكريم في صورة جماعية مع الفائزين بالجوائز (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وحصد الجائزة الكُبرى لي نوانغ سيم من جامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة عن مشروعه «كشف قوة التناضح العكسي بالطرد»، وسو ميشام من شركة «NALA Membranes» الأميركية عن مشروعها «أغشية مركبة رقيقة من مادة البولي سلفون الجديدة لتحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف».

وشهد المؤتمر الإعلان عن 11 براءة اختراع عالمية جديدة تعزز الحلول المبتكرة لمعالجة التحديات في القطاع وذلك في كلمة للمهندس عبد الله العبد الكريم، رئيس الهيئة السعودية للمياه، خلال حفل الافتتاح، أكد خلالها أن الحدث يعكس التزام السعودية بتعزيز الابتكار العلمي والبحثي ركيزةً لتحقيق استدامة الموارد المائية وتأكيد مكانتها مرجعاً عالمياً في تطوير حلول مبتكرة لإدارة المياه وتحقيق الأمن المائي المستدام.

م. عبد الله العبد الكريم خلال إلقاء كلمته في حفل افتتاح مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

وتأتي مبادرة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، بإعلان تأسيس المنظمة العالمية للمياه لتحقيق الأمن المائي العالمي على رأس المبادرات التي تعزز أهداف الاستدامة وجودة الحياة والتعاون الدولي في هذا المجال، وفق العبد الكريم.

ودُشّن على هامش المؤتمر ولأول مرة، هاكاثون المياه «مياهثون»، الذي ينظمه مركز الابتكار السعودي لتقنيات المياه بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص، ويهدف إلى تعزيز التنافسية الإبداعية عبر تطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية.

وأعلن خلال الحفل عن الهوية الجديدة لجائزة الابتكار العالمية، لتكون انطلاقاً من الموسم المقبل باسم «الجائزة العالمية للابتكار في صناعة المياه»، بما يتماشى مع توسع أهداف الجائزة وتعزيز دورها في تطوير حلول مستدامة وإشراك العقول الشابة في الابتكار.

جانب من مشاركة الفرق في المرحلة الأخيرة من هاكاثون المياه «مياهثون» خلال انطلاقة أعمال المؤتمر (الشرق الأوسط)

من جهته، أوضح سلطان الراجحي، المدير التنفيذي للتواصل والتسويق في الهيئة السعودية للمياه، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تعديل اسم الجائزة العالمية للابتكار من «تحلية المياه» إلى «صناعة المياه» بنسختها القادمة لتكون أشمل وأوسع، مشيراً إلى أن هاكاثون المياه الذي سمي «مياهثون» تنافس خلاله 50 فريقاً مثّل الشباب السعودي أكثر من 60 في المائة من الفرق مقابل 40 في المائة لفرق من مختلف دول العالم.

وأكد أن تواجد الحضور الكبير من مختلف دول العالم في المؤتمر يؤكد المكانة الرائدة للسعودية بصفتها مركزاً رئيساً للابتكار والإبداع في صناعة المياه، التي بدأت من جدة بـ«الكندسة»، وأن الحدث سيشهد مناقشة الباحثين والمبتكرين عدداً من المجالات في القطاع، منها الإنتاج والنقل والتوزيع وإعادة الاستخدام، للخروج بتوصيات تساهم بشكل كبير في استدامة الموارد المالية وتعزيز الابتكار فيها.

من جانبه، قال فؤاد كميت، بإدارة المركز الابتكاري لتقنيات المياه، إن هاكاثون المياه «مياهثون»، يتيح للمبتكرين ورواد الأعمال في 5 مجالات رئيسة لتطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية، لافتاً إلى تأهل 15 فريقاً إلى المرحلة النهائية بعد منافسة مع أكثر من 500 شخص شاركوا في المرحلة التمهيدية.

السعودية غدير البلوي عبّرت عن اعتزازها بالجائزة العالمية للابتكار في تحلية المياه (الشرق الأوسط)

وبيّن أن المرحلة الأخيرة تمتد طوال أيام المؤتمر الثلاثة، وستعكف الفرق المتأهلة على تحويل أفكارهم نماذج عمل أولية تؤسس لشركاتهم الناشئة.

الأميركية سو ميشام الفائزة بإحدى الجوائز الكبرى (الشرق الأوسط)

في المقابل، أفادت غدير البلوي، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء في جامعة تبوك وإحدى الفائزات بالجائزة العالمية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بأن ابتكارها يتمثل في استخدام النانو «متيريل» في محطات معالجة المياه في السعودية.