بوريل: التجارة بين أوروبا والصين كبيرة بما يجعل الانفصال غير ممكن

الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بكين 13 أكتوبر 2023 (رويترز)
الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بكين 13 أكتوبر 2023 (رويترز)
TT

بوريل: التجارة بين أوروبا والصين كبيرة بما يجعل الانفصال غير ممكن

الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بكين 13 أكتوبر 2023 (رويترز)
الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بكين 13 أكتوبر 2023 (رويترز)

على الرغم من التوترات مع بكين، استبعد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، احتمال فصل اقتصاد التكتل عن الصين.

وقال بوريل في بكين السبت: «لا أحد يتحدث عن فصل اقتصاد الاتحاد الأوروبي عن الاقتصاد الصيني». وأضاف أن التجارة بين الصين وأوروبا كبيرة جداً إلى الحد الذي يجعل الانفصال، إذا كانت هناك رغبة في ذلك، غير ممكن.

وتابع أن الهدف هو تقليص «الاعتماد المتبادل المفرط» حال الضرورة. وبرر بوريل نهج الاتحاد الأوروبي بالدروس المستفادة من الماضي، مشيراً إلى حقيقة أنه أصبح واضحاً، خلال الجائحة، أنه لم يعد يتم إنتاج غرام واحد من الباراسيتامول في أوروبا، بسبب الاستعانة بمصادر خارجية للتصنيع.

وأوضح أن رسالته إلى مسؤولين صينيين خلال زيارته لبكين، كان فحواها أن بروكسل تتعامل مع الصين بجدية وتتوقع الأمر نفسه في المقابل فيما يتعلق بالقضايا الجيوسياسية والتجارة. وأضاف بوريل خلال مؤتمر صحافي اختتم به زيارته التي استمرت 3 أيام، وتأجلت مرتين من قبل: «التعاون مهم جداً». وتابع: «أوروبا تتعامل مع الصين بجدية... نتوقع أيضاً ألّا يُنظر إلينا من منظور علاقاتنا مع الآخرين، بل إلى شخصنا».

وقال بوريل: «منذ الحرب في أوكرانيا، أصبحت أوروبا قوة جيوسياسية... نريد التحدث مع الصين بهذا النهج».

وتابع بوريل أن الصين تعد منتجاً رئيسياً لكثير من الأدوية، لكن من المنطقي تنويع مصادر الإمداد، واصفاً ذلك بأنه إجراء احترازي، وأضاف: «الصين تفعل الشيء نفسه تماماً».

ويزور بوريل الصين، حيث يشارك في رئاسة الحوار الاستراتيجي الـ12 بين دول الاتحاد الأوروبي والصين، واجتمع الجمعة، مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الذي وصف المحادثات بأنها «شاملة وصريحة وودية».

ووصف بوريل على موقع التواصل الاجتماعي «إكس» زيارته بأنها «مهمة لبحث العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين والتحديات الإقليمية والعالمية الرئيسية مع السلطات الحكومية والعلماء وممثلي قطاع الأعمال».

وزاد من الفجوة التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، رفض بكين إدانة روسيا في حربها مع أوكرانيا، ساعية إلى التموضع كطرف محايد في الصراع، وفي حين تقدّم لموسكو مساعدة دبلوماسية ومالية حيوية.

ووصلت المبادلات التجارية بين الصين وروسيا في عام 2022، إلى مستويات قياسية بلغت نحو 190 مليون دولار، وفق الجمارك الصينية. وبالنسبة لعام 2023، التزمت بكين وموسكو برفع هذا الرقم إلى 200 مليون دولار.


مقالات ذات صلة

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

أوروبا درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

أفاد تقييم أولي لخدمة «كوبرنيكوس» للتغير المناخي التابعة للاتحاد الأوروبي، بأن درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في منطقة جنوب شرقي أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي استهدف قرية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي محذراً من خطورة الوضع في لبنان: «نحن على شفا حرب شاملة»

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الاثنين، من أنّ النزاع المستعر بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في «حرب شاملة».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)

فون دير لاين: سنقرض أوكرانيا 35 مليار يورو من فوائد أصول روسية مجمدة... وموسكو: الاتحاد الأوروبي «فقد عقله»

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة) أن الاتحاد الأوروبي سيمنح أوكرانيا قرضاً تصل قيمته إلى 35 مليار يورو (39.06 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يتم الترحيب بها عند وصولها إلى محطة السكك الحديدية في كييف بأوكرانيا... الجمعة 20 سبتمبر 2024 (أ.ب)

رئيسة المفوضية الأوروبية تعلن وصولها إلى كييف لمناقشة دعم أوكرانيا

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة)، إنها وصلت إلى كييف؛ لمناقشة دعم أوروبا لأوكرانيا، والاستعداد لفصل الشتاء، وشؤون الدفاع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)

تركيا ترجع اهتمامها بـ«بريكس» لفشل مساعي انضمامها للاتحاد الأوروبي

أرجعت تركيا مساعي انضمامها لمجموعة «بريكس» إلى فشل مسار عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
TT

هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)

حصلت باكستان على دفعة قوية لاقتصادها المتداعي، من حزمة إنقاذ جديدة من مُقرِض عالمي، بينما تجد نفسها في تحدٍ كبير لتنفيذ الأهداف الصعبة في موازنتها العامة، التي تعهّدت بها أمام صندوق النقد الدولي، للحصول على 7 مليارات دولار.

ترى المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أن حزمة الإنقاذ الجديدة، التي تمت الموافقة عليها لباكستان، تهدف إلى مساعدة الحكومة على التعافي الاقتصادي وتقليص التضخم، إلى جانب توفير فرص عمل وتحقيق نمو شامل.

وأضافت غورغييفا، في منشور لها على موقع التواصل الاجتماعي، «إكس»: «اجتماع مثمر للغاية مع رئيس وزراء باكستان شهباز شريف. ناقشنا برنامجاً جديداً لباكستان، يدعمه الصندوق، يساعد على التعافي المستمر، وتقليص التضخم، وزيادة العدالة الضريبية، وإجراء إصلاحات لتوفير فرص عمل جديدة، وتحقيق نمو شامل»، حسب صحيفة «ذا نيشن» الباكستانية (السبت).

تصريحات غورغييفا تأتي بعد أن وافقت الهيئة التنفيذية للصندوق، ومقره واشنطن، على قرض بقيمة 7 مليارات دولار، بموجب ما يُعرف بـ«تسهيل الصندوق الموسع».

تأتي أحدث حزمة إنقاذ لباكستان، في شكل قروض، في أعقاب التزام من قبل الحكومة بتنفيذ إصلاحات، بما في ذلك جهد واسع لتوسيع القاعدة الضريبية للبلاد، وهو إجراء انعكس في ميزانية مثقلة بالضرائب، تم تمريرها في وقت سابق من هذا العام، من قبل الإدارة الحالية.

ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ترتيب ممتد لمدة 37 شهراً بموجب تسهيل الصندوق الموسع لباكستان. وقال صندوق النقد في بيان له يوم الخميس، إن الصرف الفوري للصندوق سيبلغ نحو مليار دولار. بينما أفاد مكتب رئيس الوزراء بأنه من المقرر أن يتم الإفراج عن الشريحة الأولى التي تبلغ قيمتها نحو 1.1 مليار دولار، على الفور.

ضمانات سعودية وإماراتية وصينية

سهّلت الضمانات التمويلية التي حصلت عليها باكستان، من السعودية والإمارات والصين، موافقة صندوق النقد الدولي على القرض الجديد، وامتنع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في باكستان، ناثان بورتر، عن تقديم تفاصيل عن حجم التمويل الإضافي الذي تعهّدت به السعودية والإمارات والصين، لكنه قال إن هذا التمويل بخلاف تمديد أجل الديون.

وسبق أن حصلت الدولة الواقعة في جنوب آسيا على 22 برنامج إنقاذ من صندوق النقد منذ عام 1958 في ظل ما تعانيه من أزمات.

وقال بورتر للصحافيين، في مؤتمر عبر الجوال، «لن أخوض في التفاصيل، لكن السعودية والإمارات والصين قدمت جميعها ضمانات تمويلية كبيرة تنضم إلى هذا البرنامج».

وشكر شريف دولاً صديقة لتسهيل صفقة باكستان مع صندوق النقد الدولي. وقال لوسائل الإعلام الباكستانية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن باكستان استوفت جميع شروط المُقرض بمساعدة من الصين والسعودية. أضاف: «من دون دعمهما، لم يكن هذا ممكناً»، دون الخوض في تفاصيل المساعدة التي قدمتها بكين والرياض لإتمام الصفقة.

أهداف صعبة

حدّدت الدولة الواقعة في جنوب آسيا، أهداف إيرادات صعبة في موازنتها السنوية للمساعدة في الفوز بموافقة صندوق النقد على إجراءات جديدة للضرائب.

وحدّدت باكستان هدفاً لإيرادات الضرائب بقيمة 13 تريليون روبية (47 مليار دولار) للعام المالي الذي بدأ في 1 يوليو (تموز) الماضي، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 40 في المائة تقريباً عن العام السابق، وانخفاضاً حاداً في عجزها المالي إلى 5.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من 7.4 في المائة في العام السابق.

وقال وزير الدولة للشؤون المالية والإيرادات والطاقة، علي برويز مالك، في تصريحات سابقة، إن الهدف من إخراج موازنة صعبة وغير شعبية هو استخدامها منطلقاً لبرنامج صندوق النقد، مضيفاً أن المقرض راضٍ عن الإجراءات المتخذة بشأن الإيرادات، بناءً على محادثاتهما.

وقال مالك: «من الواضح أن إصلاحات الموازنة هذه تشكّل عبئاً على الاقتصاد المحلي، لكن برنامج صندوق النقد يدور حول الاستقرار».

إلى ذلك، انخفض العجز التجاري الباكستاني بنسبة 12.3 في المائة في العام المالي 2024، ليصل إلى 24.9 مليار دولار، مقارنة بـ27.47 مليار دولار في العام المالي 2023، بحسب بيانات مكتب الإحصاء.

وذكرت قناة «جيو نيوز» الباكستانية، أنه خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيو (حزيران) 2024، شهد إجمالي صادرات باكستان زيادة بنسبة 10.54 في المائة ليصل إلى 30.645 مليار دولار، بينما تقلص إجمالي الواردات بنسبة 0.84 في المائة ​​ليصل إلى 54.73 مليار دولار.

وفي يونيو 2024، ارتفعت صادرات المنتجات الباكستانية بنسبة 7.3 في المائة لتصل إلى 2.529 مليار دولار، مقارنة بـ2.356 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وهذه هي الزيادة الشهرية العاشرة على التوالي في الصادرات.

إشادة الصندوق

وفي بيان صدر يوم الخميس، أشاد صندوق النقد الدولي بباكستان؛ لاتخاذها خطوات رئيسية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي. فقد انتعش النمو، وانخفض التضخم إلى رقم أحادي، وسمحت سوق الصرف الأجنبي الهادئة بإعادة بناء الاحتياطي.

لكنه انتقد السلطات أيضاً، وحذّر من أنه على الرغم من التقدم، فإن نقاط الضعف والتحديات البنيوية التي تواجهها باكستان لا تزال هائلة. وقال إن بيئة الأعمال الصعبة والحوكمة الضعيفة والدور الضخم للدولة أعاقت الاستثمار، في حين ظلت القاعدة الضريبية ضيقة للغاية. وحذّر من أن «الإنفاق على الصحة والتعليم لم يكن كافياً لمعالجة الفقر المستمر، كما أن الاستثمار غير الكافي في البنية التحتية حدّ من الإمكانات الاقتصادية وترك باكستان عرضة لتأثير تغير المناخ».

وتعتمد باكستان منذ عقود على قروض صندوق النقد الدولي؛ لتلبية احتياجاتها الاقتصادية. وكانت الأزمة الاقتصادية الأخيرة هي الأطول أمداً، وشهدت باكستان أعلى معدل تضخم لها على الإطلاق، مما دفع البلاد إلى حافة التخلف عن سداد الديون السيادية في الصيف الماضي قبل خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وقد تراجع التضخم منذ ذلك الحين، ورفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيفات باكستان للديون المحلية والأجنبية والديون غير المضمونة العليا إلى «سي إيه إيه 2» من «سي إيه إيه 3»، مشيرة إلى تحسن الظروف الاقتصادية الكلية، والسيولة الحكومية، والمواقف الخارجية الأفضل بشكل معتدل.