وزيرة الخزانة الأميركية لـ«اجتماع مراكش» بتطلعات خارجية وسط فوضى داخلية

غورغييفا: الاقتصاد العالمي ضعيف لكنه لا يزال ينمو

رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في كلمة بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان مساء الخميس (إ.ب.أ)
رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في كلمة بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان مساء الخميس (إ.ب.أ)
TT

وزيرة الخزانة الأميركية لـ«اجتماع مراكش» بتطلعات خارجية وسط فوضى داخلية

رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في كلمة بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان مساء الخميس (إ.ب.أ)
رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في كلمة بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان مساء الخميس (إ.ب.أ)

تتوجّه وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى المغرب لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين الأسبوع المقبل، للتأكيد على أولويات الولايات المتحدة، ومن بينها زيادة تمويل المؤسستين، في ظل الفوضى السياسية التي يشهدها الكونغرس الأميركي.

وقالت وزارة الخزانة، يوم الجمعة، إن يلين ستعمل خلال الاجتماعات في مدينة مراكش على دفع إصلاحات البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية متعددة الأطراف التي أطلقتها قبل عام لتوسيع مهامها إلى ما هو أبعد من الحد من الفقر بغية المساعدة في مكافحة تغير المناخ وغيره من التحديات العالمية.

وستضغط يلين أيضاً على الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي للمساهمة في زيادة موارد الإقراض على أساس الحصص في الصندوق دون أي تغييرات في هيكل المساهمة من شأنها أن تعطي وزناً أكبر لدول الأسواق الناشئة الكبيرة مثل الصين والهند والبرازيل.

وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية أيضاً إن يلين ستحث الدول والمؤسسات المشاركة في الاجتماعات على توفير التمويل الذي تحتاجه أوكرانيا لمحاربة الغزو الروسي.

لكن رحلة يلين، التي ستتوقف خلالها في لوكسمبورغ لحضور اجتماع وزراء مالية مجموعة اليورو في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، تأتي في أعقاب أزمة تمويل أميركية جعلت الكونغرس يتجنّب بالكاد إغلاق الحكومة الاتحادية باتخاذ إجراء تمويل مؤقت لم يتضمن الأموال المطلوبة لأوكرانيا.

كما قاد الجمهوريون المتشددون في الكونغرس تمرداً أدى إلى الإطاحة برئيس مجلس النواب كيفين مكارثي بشكل غير مسبوق. وقد تؤدي الجهود المبذولة لإيجاد بديل لمكارثي إلى تأخير زيادة الإنفاق الدائم وتشريعات أخرى.

وعبرت نيكي بودزينسكي، النائبة الديمقراطية عن ولاية إيلينوي، عن قلقها من صورة «عدم الاستقرار والفوضى» في الداخل في الوقت الذي تضغط فيه يلين في الخارج لتحقيق المصالح الأميركية. وقالت بودزينسكي لـ«رويترز»: «أعتقد أن الجميع على مستوى العالم منتبه. أميركا تقود وهذا لا يمر مرور الكرام».

ورداً على سؤال عما إذا كانت الأحداث في الكونغرس قوضت رسالة يلين، قال مسؤول وزارة الخزانة إن الوزيرة تتمتع بمصداقية على الصعيد العالمي لأنها كانت قادرة على حل قضايا مثل حشد الدعم لأوكرانيا.

وذكر أن حزم التمويل التي اقترحتها وزارة الخزانة من صندوق النقد والبنك الدوليين يجب أن تلقى بعض القبول من الحزبين في الكونغرس. وتسعى إدارة بايدن إلى أن تصور للدول أن المؤسستين بديلتان عن الاقتراض من الصين. وأضاف: «على نطاق أوسع وعبر مجموعة من القضايا، علينا فقط أن نتدخل ونتحدث مع شركائنا... إنهم يدركون أن كل دولة لها سياساتها الخاصة، والجميع يفهم ذلك، وبالتالي عليك فقط أن تحاول إنجاز ما تستطيع وأن تتحدث مع شركائك أثناء وجودك هناك».

وقال المسؤول إن يلين ستناقش في لوكسمبورغ مع نظرائها في الاتحاد الأوروبي سبل تحسين المواءمة بين النهجين الأميركي والأوروبي تجاه الممارسات الاقتصادية للصين.

وأوضحت يلين، خلال زيارتها لبكين في يوليو (تموز) الماضي، أن إدارة بايدن تسعى إلى منافسة صحية مع الصين على أساس تكافؤ الفرص، لكنها لن تتردد في حماية مصالح أمنها القومي و«إزالة المخاطر» عن سلاسل الإمداد الخاصة بها... ورداً على سؤال عما إذا كانت يلين ستلتقي مسؤولين صينيين في مراكش، امتنع المسؤول عن التعليق على جدول اجتماعاتها الثنائية.

وفي سياق منفصل، قالت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، إنها لا تزال تتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بشكل ضعيف. وشددت خلال كلمة ألقتها في مدينة أبيدجان الإيفوارية يوم الخميس على أن «الاقتصاد العالمي أظهر مرونة ملحوظة».

ولكن على الرغم من الطلب القوي على الخدمات والتقدم المحرز في مكافحة ارتفاع أسعار المستهلك، فإن معدل النمو العالمي ظل ضعيفاً. وكان أقل بكثير من 3.8 في المائة - المتوسط السنوي منذ عام 2000 وحتى ما قبل جائحة فيروس كورونا مباشرة.

ويشار إلى أن صندوق النقد الدولي أصدر في يوليو الماضي توقعات نمو بنسبة 3 في المائة لكل من عامي 2023 و2024. وفي العام الماضي، نما الاقتصاد العالمي بنسبة 3.5 في المائة.

وقالت غورغييفا إن العالم خسر نحو 3.7 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي منذ عام 2020 بسبب «الصدمات المتتالية»، في إشارة إلى الوباء والغزو الروسي لأوكرانيا. وكانت الخسائر موزعة بشكل غير متساوٍ إلى حد كبير، وكانت الدول الأكثر فقراً هي الأكثر تضرراً.

وسيقدم صندوق النقد الدولي توقعاته الاقتصادية الجديدة يوم الثلاثاء المقبل خلال اجتماعه السنوي في مراكش بالمغرب. وقالت غورغييفا إن مكافحة التضخم المرتفع لا تزال تمثل أولوية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)

صندوق النقد الدولي وإثيوبيا يتوصلان إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل

قال صندوق النقد الدولي إن موظفيه والحكومة الإثيوبية توصلا إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل البالغ 3.4 مليار دولار للبلاد.

«الشرق الأوسط» (نيروبي )
الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.