كيف يمكن لإيران استخدام مليارات صفقة إطلاق سراح 5 أميركيين؟

الأميركي المفرج عنه سياماك نمازي يحتضنه قريب له بعد إطلاق سراحه (رويترز)
الأميركي المفرج عنه سياماك نمازي يحتضنه قريب له بعد إطلاق سراحه (رويترز)
TT

كيف يمكن لإيران استخدام مليارات صفقة إطلاق سراح 5 أميركيين؟

الأميركي المفرج عنه سياماك نمازي يحتضنه قريب له بعد إطلاق سراحه (رويترز)
الأميركي المفرج عنه سياماك نمازي يحتضنه قريب له بعد إطلاق سراحه (رويترز)

تملك الحكومة الإيرانية الآن إمكانية الحصول على ستة مليارات دولار من أموالها لاستخدامها لأغراض إنسانية كجزء من صفقة أوسع سمحت لخمسة أميركيين سُجنوا في إيران بالإفراج عنهم.

وتعدّ الأموال التي كانت محتجزة في حسابات مقيدة في كوريا الجنوبية قبل تحويلها إلى حسابات مقيدة مختلفة في قطر عبر مصارف في أوروبا - جزءاً أساسياً من الصفقة، وفق تقرير لـ«سي إن إن».

وأبلغت قطر مسؤولين إيرانيين وأميركيين، الاثنين، بأن عملية النقل قد انتهت، وفقاً لمصدر مطلع على تفاصيل الأمر.

ونقلت وكالة «إرنا» عن رئيس المصرف المركزي الإيراني رضا فرزين قوله الاثنين: إن ستة مصارف إيرانية تلقت المليارات غير المجمدة في حساباتها القطرية، وهي «كيشافارزي» و«شهر» و«باسارجاد» و«غارديشغاري» و«كرافارين» و«سامان». وكشف أيضاً أن التحويل أجراه الوكلاء الدوليون لمصرفين قطريين، البنك الأهلي وبنك دخان، من خلال نظام «سويفت».

وبحسب ما ورد في معلومات صحافية، فإن الإعفاء من العقوبات الذي قدمته واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر هو كيفية السماح للمصارف الإيرانية بتلقي الأموال عبر «سويفت».

وبينما تزعم الحكومة الإيرانية أنها تستطيع استخدام الأموال كيفما شاءت، أكدت إدارة الرئيس جو بايدن مراراً أن الأموال تقتصر بشكل ضيق على المشتريات غير الخاضعة للعقوبات مثل الغذاء والدواء، وأنها ستخضع لرقابة صارمة، وفق «سي إن إن».

علاوة على ذلك، أوضح المسؤولون الأميركيون أن التمويل، الذي ليس من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، ليس تحت سيطرة الحكومة الإيرانية.

وقال منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البيت الأبيض بريت ماكغورك لـ«سي إن إن» يوم الاثنين: «لا توجد أموال تذهب إلى إيران على الإطلاق... يتم دفع هذه الأموال لبائعين خارجيين يتم التأكد منهم في مجال الغذاء والأدوية والمنتجات الطبية والمنتجات الزراعية لنقلها إلى إيران على مدى سنوات. وإذا كان هناك أي تحويل، سنعرف بذلك وسنغلق هذه الحسابات».

وسارع الجمهوريون إلى انتقاد الصفقة، زاعمين أن تحويل الأموال يضر بالصدقية الأميركية في الخارج، ويمكن أن يكون حافزاً لخصوم الولايات المتحدة لاحتجاز المواطنين الأميركيين ظلماً.

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، جون كيربي إن ذلك كان ببساطة «نتيجة أشهر وأشهر من العمل الشاق والدؤوب لدبلوماسيينا، وخاصة في وزارة الخارجية، لتحقيق ذلك».

ما هي المليارات الستة، وكيف من المفترض أن تستخدم؟

تشرح شبكة «سي إن إن» في تقرير لها، أن الأموال التي أصبحت في متناول إيران كجزء من الصفقة هي أموال إيرانية تم الاحتفاظ بها في حسابات كورية جنوبية مقيدة.

وقالت مصادر للشبكة: الأموال جاءت من مبيعات النفط التي تم السماح بها ووضعها في حسابات أُنشئت تحت إدارة دونالد ترمب.

هذه الأموال متاحة الآن للحكومة الإيرانية لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات، مثل الغذاء والدواء. لكنها ليست تحت سيطرة الحكومة الإيرانية كلياً ولن تودع في المصارف الإيرانية، وفقاً للولايات المتحدة.

وقد بدأ تحويل الأموال من حسابات كوريا الجنوبية بعد نقل أربعة من الأميركيين الخمسة من سجن إيفين إلى الإقامة الجبرية الشهر الماضي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافق وزير الخارجية أنتوني بلينكن على إعفاء يسمح بموجبه للمؤسسات المالية في أوروبا بنقل الأموال إلى قطر دون خوف من الاحتجاج بالعقوبات الأميركية.

وقال مسؤولون حكوميون أميركيون مطلعون على الأمر: إن الحكومة الإيرانية لم تُمنح القدرة على الوصول إلى تلك الأموال حتى هبوط الأميركيين الخمسة في الدوحة.

وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مقابلة الأسبوع الماضي: إن الحكومة الإيرانية ستقرر كيف وأين تنفق ستة مليارات دولار من الأصول المجمدة. لكن كيربي قال إن ما أدلى به الرئيس الإيراني كان «خاطئاً تماماً».

وقال كيربي: «هذه ليست دفعة من أي نوع، إنها ليست فدية، هذه ليست دولارات دافعي الضرائب الأميركيين، ولم نرفع واحدة من عقوباتنا على إيران. إيران لن تحصل على أي تخفيف للعقوبات... سنواصل مواجهة إيران، وانتهاكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان، وسنواصل مواجهة أفعالها المزعزعة للاستقرار في الخارج، ودعمها الإرهاب، والهجوم على الشحن البحري في الخليج، ودعمها المستمر الحرب الروسية ضد أوكرانيا».

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية: «الإيرانيون يخبرون شعبهم بشكل أساسي بما يعتقدون أنهم يريدون سماعه. تصريحات رئيسي كانت بعيدة كل البعد عن الصحة. لكننا نعرف الحقيقة؛ ولذا نحن واثقون من ذلك».

كيف ستقوم الولايات المتحدة بالإشراف على هذه المبالغ؟

أكد مسؤولو إدارة بايدن أن كل معاملة تستخدم الأموال ستتم مراقبتها من قِبل وزارة الخزانة الأميركية.

وقال مسؤول كبير في الإدارة: «نحن ننفذ هذا الترتيب من خلال إنشاء ما نسميه القناة الإنسانية في قطر»، والتي تهدف إلى الحماية من غسل الأموال وإساءة استخدام الأموال.

وقال كيربي الأسبوع الماضي إن الأموال سيحتفظ بها البنك الوطني القطري، وهي متاحة للسحب بناءً على طلب من الحكومة الإيرانية.

وأبلغ الصحافيين أنه «يمكن للإيرانيين أن يطلبوا سحوبات من أجل أغراض إنسانية، والدول ونحن أيضاً – سيكون لدينا إشراف ورقابة كافيان على الطلب نفسه؛ للتحقق من صحة الطلب ومن ثم تسليم الأموال المناسبة لذلك الطلب».

أضاف: «ستذهب الأموال بعد ذلك إلى البائعين المؤهلين لشراء وتوصيل المواد الغذائية والإمدادات الطبية إلى إيران. لذلك؛ سوف تذهب مباشرة إلى منظمات الإغاثة أو المنظمات ذات الصلة المناسبة داخل إيران حتى يتمكن الشعب الإيراني من الاستفادة منها».

ويوم الاثنين، أكد كيربي أن الولايات المتحدة يمكن أن تتوقف عن إجراء صفقة إذا لزم الأمر، وأكد المسؤولون الأميركيون أنهم إذا وجدوا إساءة استخدام الأموال، فيمكنهم تجميد الحسابات.

وقال المسؤول الكبير في الإدارة لـ«سي إن إن»: «إذا حاولت إيران تحويل الأموال أو استخدامها في أي شيء آخر غير الأغراض الإنسانية المحدودة المصرح بها، فسوف نتخذ إجراءات لتجميد الأموال».


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.