دور المصارف يترسخ في الاقتصاد الإيطالي مع زيادة التحديات

أرباحها القياسية ولدت حالة «طمع» من الحكومات والمؤسسات

منطقة أعمال وبنوك في مدينة ميلانو مع جبال الألب في الخلفية (غيتي)
منطقة أعمال وبنوك في مدينة ميلانو مع جبال الألب في الخلفية (غيتي)
TT

دور المصارف يترسخ في الاقتصاد الإيطالي مع زيادة التحديات

منطقة أعمال وبنوك في مدينة ميلانو مع جبال الألب في الخلفية (غيتي)
منطقة أعمال وبنوك في مدينة ميلانو مع جبال الألب في الخلفية (غيتي)

يوماً بعد يوم، يترسخ دور المصارف في إيطاليا، الواقعة جنوب أوروبا، وسط تحديات اقتصادية عالمية وإقليمية تحيط بالقارة الأوروبية، التي تحاول أن تتجاوز تداعيات أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، التي أوصلت معدلات التضخم حول العالم إلى مستويات قياسية.

 

على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، حققت المصارف الإيطالية أرباحا قياسية، نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة، التي استدعت استنفار المصارف المركزية حول العالم لكبح جماح التضخم. غير أنه، ومع قرب بلوغ التضخم من ذروته وبدء مسار التيسير النقدي، على المصارف أن تجد لها حلولاً غير تقليدية وطرح وعاءات استثمارية جديدة مع الحفاظ على وتيرة نمو الأرباح.

 

أليساندرو لولي، رئيس مجموعة الخزانة والمالية لمجموعة «إنتيسا سان باولو» الإيطالية، قال في هذا الصدد، إن الطريقة الأكثر ربحية لتنظيم الأعمال التجارية هي تحقيق التكامل والتحكم الكاملين في جميع سلاسل القيمة.

 

وأشار لولي إلى دور شركات التأمين التي تقوم بابتكار منتجات وخدمات التأمين والحماية من المخاطر التي تزداد يوما بعد يوم حول العالم، موضحاً أن المصارف تتفاعل بشكل كبير مع تطور الأسواق، «ولا يتعين علينا انتظار الآخرين لتجهيز المنتجات والخدمات التي نعتقد أنها الأفضل لعملائنا، فالأعمال المصرفية هي عمل تجاري واسع النطاق، ونحن نحاول توحيدها وجعل عملية التكامل واضحة في كل ما نقدمه للعملاء».

 

أضاف لولي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في عام 2019، «أنشأنا منصة تضم 6 مليارات من القروض المخفضة، حيث قررنا أن نكسب أقل على القروض الخضراء أو الدائرية»، مشيراً إلى أن «الاقتصاد الدائري، يعني أن هناك وضعاً اقتصادياً دائرياً، حيث لا يوجد لديك أي نفايات. ونحن ملتزمون بالتحول نحو عالم أكثر اخضراراً. ومعظم السندات التي أصدرناها في الأسواق الدولية هي سندات خضراء، لذلك نقوم بجمع الأموال ونلتزم باستخدامها في الإقراض الأخضر».

 

لا ينفصل توجه المصارف في إيطاليا عن الوضع الاقتصادي للقارة الأوروبية، التي ما زالت تعاني من أزمة طاقة، نتجت بطريقة مباشرة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وضغطت بالكاد على الميزانية العامة للدول، ما رفع الدين العام في إيطاليا إلى نحو 3 تريليونات يورو.

 

وبالنظر إلى أن رفع معدلات الفائدة يقلل النشاط الاقتصادي، تواجه المصارف الإيطالية معضلة الوقوع في فخ الركود الاقتصادي، أو بدء مسار التيسير النقدي، الذي يخفض بالضرورة من أرباح المصارف مع سحب العملاء أموالهم لضخها في مشاريع استثمارية وإنتاجية.

 

غير أن «القطاع الخاص في إيطاليا غني جداً، إذ تبلغ ثروة القطاع الخاص 11.4 مليار يورو، ولديه مستوى ديون منخفض جداً، ومعدل ديون الأسر مقابل الدخل المتاح تبلغ 61 في المائة، أما القروض العقارية فتصل في إيطاليا إلى 63 في المائة بمعدل فائدة ثابت على فترات 5، أو 10، أو 20 سنة». وفق أليساندرو لولي.

 

وقال بنك إيطاليا (المركزي) منتصف شهر أغسطس (آب)، إن متوسط النسبة المئوية السنوية على الرهن العقاري في إيطاليا ارتفع مرة أخرى في يونيو (حزيران)، حيث وصل إلى 4.65 في المائة مقارنة بـ 4.58 في المائة في مايو (أيار).

 

وزادت مدفوعات الرهون العقارية المتغيرة بشكل كبير بسبب سياسة البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع. ومع ذلك، أضاف البنك المركزي أن متوسط سعر الائتمان الاستهلاكي انخفض إلى 9.03 في المائة في يونيو من 10.43 في المائة بسبب تأثير إعادة التفاوض.

 

واتخذت كثير من المصارف الإيطالية إجراءات احترازية، ورفضت تسهيلات ائتمانية كبيرة بسعر فائدة متغير، خوفا من التعثر الذي سينتج بالتأكيد جراء التغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي والمتغيرات الجيوسياسية.

 

وشهدت الفترة الأخيرة إفلاس كثير من المصارف في الولايات المتحدة وتعثر بعضها في أوروبا، وهو ما يزيد التحديات على المصارف، التي ينظر إليها الآن على أنها الرابح الأكبر جراء أزمة التضخم العالمية، بل بلغ الأمر في بعض الدول حالة من «الطمع» في أرباح البنوك.

 

وأقرّت إدارة جورجا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية، أغسطس الماضي، ضريبة مفاجئة بنسبة 40 في المائة، وألقت باللوم على سلسلة زيادات أسعار الفائدة التي يجريها البنك المركزي الأوروبي.

 

نص القرار على «سحب 40 في المائة من أرباح المصارف الإضافية البالغة مليارات اليوروات» لعام 2023 لتمويل التخفيضات الضريبية ودعم الرهون العقارية لمشتري المنازل لأول مرة.

 

وأشار أنطونيو تاجاني نائب رئيس الوزراء وقتها، إلى أن البنك المركزي الأوروبي «كان مخطئاً في رفع أسعار الفائدة، وهذه نتيجة حتمية».

 

وجاء القرار بعد فترة وجيزة من كشف المصارف الإيطالية عن تحقيق أرباح وفيرة، ورفع «إنتيسا سان باولو» و«يوني كريديت» توقعاتهما العام بأكمله للربع الثاني على التوالي على خلفية التشديد السريع الذي يجريه البنك المركزي الأوروبي للسياسة النقدية. وستؤثر الضريبة بنسبة 19 في المائة على أرباح المصارف، وفق توقعات لبنك «سيتي غروب». وهو ما يعد تحديا كبيرا، حتى مع تخفيض الضريبة بعد اهتزاز الأسواق.

 

من جانبه، يرى أندريا فزولاري - رئيس إدارة نظم الحوكمة والمبادرات الاستراتيجية - بقطاع المصارف الدولية التابعة لمجموعة «إنتيسا سان باولو»، أن هناك مجموعة من المحاور التي تساعدنا في الاستعداد ومواجهة التحديات المستقبلية، «أول هذه المحاور هو دفع وتيرة النمو والأداء»، والمقصود هو أن «نزيد من قوة وصلابة وجودنا بالأسواق المختلفة، حتى مع توحيد نموذج أو إطار عملنا، فعلينا دائماً أن نزيد من قوته وتطويره لتغطية أكبر قدر من القطاعات المختلفة».

 

أضاف فزولاري أن المحور الثاني، يتعلق بالتحول الرقمي، الذي يمثل «أهمية كبيرة، فنحرص على زيادة استثماراتنا فيها خلال الفترة الحالية»، أما المحور الثالث فهو «النمو في إدارة الثروات والتأمين».


مقالات ذات صلة

رانييري لإنقاذ موسم روما أمام نابولي… ويوفنتوس ضيفاً ثقيلاً على ميلان

رياضة عالمية كلاوديو رانييري (رويترز)

رانييري لإنقاذ موسم روما أمام نابولي… ويوفنتوس ضيفاً ثقيلاً على ميلان

يبدأ المدرب كلاوديو رانييري معمودية النار مع روما، عندما يقود نادي طفولته أمام مستضيفه نابولي، متصدر ترتيب الدوري الإيطالي لكرة القدم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية كلاوديو رانييري عند وصوله إلى المطار لتدريب فريق روما (إ.ب.أ)

رانييري: رفضتُ عروضاً للعودة من الاعتزال قبل تدريب روما

قال كلاوديو رانييري الجمعة إنه رفض العديد من العروض قبل أن يوافق على العودة من الاعتزال لتولي تدريب روما.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية كلاوديو رانييري (إ.ب.أ)

رانييري يعود عن اعتزاله لتدريب روما مرة ثالثة

عاد المخضرم كلاوديو رانييري عن اعتزاله؛ لتدريب فريق مسقط رأسه، روما الإيطالي، الخميس، ليصبح المدرب الثالث لفريق العاصمة خلال موسمه المتعثر.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية رانييري (رويترز)

روما يجري محادثات مع رانييري لخلافة يوريتش

يعمل روما على التوصل إلى اتفاق لتعيين كلاوديو رانييري كمدير فني جديد للفريق في منصب المدير الفني المؤقت حتى نهاية موسم 2024-25.

The Athletic (روما)
رياضة عالمية روبرتو مانشيني المدرب السابق للمنتخب السعودي مرشح لقيادة روما (أ.ف.ب)

روما يقيل مدربه يوريتش… ومانشيني مرشح لخلافته

تحدثت تقارير إعلامية عن رغبة روما في الاستعانة بروبرتو مانشيني خلفاً للكرواتي إيفان يوريتش مدرب روما المقال.

«الشرق الأوسط» (روما)

كازاخستان تخفض إنتاجها النفطي وتؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
TT

كازاخستان تخفض إنتاجها النفطي وتؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)

تخطط كازاخستان لإنتاج 88.4 مليون طن من النفط في عام 2024 بدلاً من 90.3 مليون طن المعلن عنها سابقاً، حسبما قال وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف.

وقال ساتكالييف في مجلس النواب في البرلمان يوم الاثنين إن إنتاج النفط في البلاد بلغ 73.5 مليون طن في الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، بحسب وكالة «إنترفاكس».

وأوضح أن الإنتاج سيكون أقل مما هو مخطط له بسبب الإصلاحات في حقلي تنجيز وكاشاغان، بالإضافة إلى التزامات كازاخستان بموجب اتفاقية «أوبك بلس».

وأشار إلى أن التزام كازاخستان بإنتاج «أوبك بلس» لعام 2024 محدد بـ1.468 مليون برميل يومياً. وقال: «الوفاء ببنود الاتفاقية ضروري للحفاظ على الاستقرار في سوق النفط العالمية».

وأوضح أن عمليات الإغلاق غير المجدولة في حقل كراتشاجاناك والقيود المفروضة على استهلاك الغاز في محطة معالجة الغاز في أورينبورغ ساهمت أيضاً في انخفاض الإنتاج.

ولفت إلى أن كازاخستان تدرس شحن جزء كبير من صادراتها النفطية عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان على المدى المتوسط.

ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تجعل أستانا أقل اعتماداً على روسيا التي تنقل حالياً الحصة الكبرى من الصادرات الكازاخستانية، وفق «رويترز».

وقال ساتكالييف إن الدولة الواقعة في آسيا الوسطى يمكن أن تزيد شحنات النفط الخام من 1.5 مليون طن متري سنوياً إلى ما يصل إلى 20 مليون طن متري سنوياً مع زيادة إنتاجها من النفط الخام، لكنه لم يقدم إطاراً زمنياً محدداً.

وقال: «هناك اهتمام بتطوير وزيادة حجم شحنات النفط الكازاخستاني تدريجياً في هذا الاتجاه من جانبنا ومن جانب الشركاء الأذربيجانيين». وقال إن كازاخستان ستصدّر 68.8 مليون طن من النفط هذا العام، بما في ذلك 55.4 مليون طن عبر اتحاد أنابيب بحر قزوين، و8.6 مليون طن عبر خط أنابيب أتيراو-سامارا، و3.6 مليون طن عبر بحر قزوين و1.1 مليون طن عبر خط أنابيب إلى الصين. واعتباراً من عام 2026، تتوقع كازاخستان إنتاج أكثر من 100 مليون طن من النفط سنوياً.