كيف يؤثر انخفاض قيمة الروبل الروسي على الاقتصاد في وقت الحرب؟

أوراق نقدية من فئة 100 روبل أمام عامل في أحد المتاجر في منطقة سيبيريا شمال روسيا (رويترز)
أوراق نقدية من فئة 100 روبل أمام عامل في أحد المتاجر في منطقة سيبيريا شمال روسيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر انخفاض قيمة الروبل الروسي على الاقتصاد في وقت الحرب؟

أوراق نقدية من فئة 100 روبل أمام عامل في أحد المتاجر في منطقة سيبيريا شمال روسيا (رويترز)
أوراق نقدية من فئة 100 روبل أمام عامل في أحد المتاجر في منطقة سيبيريا شمال روسيا (رويترز)

انخفض الروبل الروسي بشدة خلال الأشهر الأخيرة، وتدخل البنك المركزي الروسي في محاولة لوقف انهياره. حتى اللحظة، لم تتدخل الحكومة الروسية لأن انخفاض قيمة الروبل يساعد ميزانيتها. وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس».

لكن ضعف العملة، في الوقت نفسه، يؤدي لارتفاع الأسعار بالنسبة للعامة، والحكومة قررت أخيرا أن تحاول وقف الانخفاض.

لماذا تنخفض قيمة الروبل؟

صادرات روسيا انخفضت، ما انعكس بشكل رئيسي على أرباح صادرات النفط والغاز، وأصبحت كذلك تستورد أكثر. استيراد الشركات أو الناس العاديين للسلع من الخارج يعني أنهم يستبدلون بالروبل العملات الأجنبية مثل الدولار أو اليورو، وهو ما يؤدي لتخفيض سعر الصرف.

وكذلك تقلص الفائض التجاري الروسي، ويعني الفائض التجاري كمية ما تبيعه مقابل ما تشتريه. وسابقا كان الفائض التجاري كبيرا، وهو ما يدعم قيمة العملة، بسبب ارتفاع أسعار النفط وانخفاض الواردات بعد غزو أوكرانيا.

لكن أسعار النفط انخفضت في العام الحالي، وأصبح أصعب على روسيا تصدير النفط بسبب العقوبات الغربية، بالإضافة إلى وضع سقف لأسعار النفط الخام والمنتجات البترولية بما فيها الوقود.

في الوقت نفسه، تحسنت مستويات الواردات إلى روسيا بعد ما يقرب من عام ونصف على غزو أوكرانيا، حيث استطاعت روسيا الالتفاف على العقوبات. فغيرت بعض طرقها التجارية وأصبحت تمر عبر دول آسيوية لا تشارك في برنامج العقوبات. والتجار عثروا على طرق جديدة لشحن بضاعتهم عبر دول مجاورة مثل أرمينيا وجورجيا وكازاخستان. وكذلك تقوم روسيا بتسريع إنفاقها الدفاعي وتضخ الأموال في شركات تصنيع الأسلحة.

هذا الإنفاق الحكومي، بالإضافة إلى رغبة الهند والصين في شراء النفط الروسي يساعد الاقتصاد على تحسين أدائه أكثر مما كان البعض يعتقد. فصندوق النقد الدولي قال الشهر الماضي إنه يتوقع أن يحقق الاقتصاد الروسي نموا بمقدار 1.5% هذا العام.

لماذا رفع البنك المركزي معدل الفائدة؟

ضعف العملة يزيد من التأثير السيئ للتضخم، لأنه يجعل البضائع المستوردة غالية الثمن بالعملة الروسية، فينتقل ضعف العملة للناس العاديين. ووصل التضخم إلى نسبة 7.6% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

رفع معدل الفائدة يرفع تكلفة الاقتراض، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب المحلي على السلع بما فيها المستوردة. لذا فالبنك المركزي يحاول السيطرة على الاقتصاد المحلي لخفض التضخم. ورفع البنك المركزي معدل الفائدة الرئيسي من 8.5% إلى 12% بعدما انتقد المستشار الاقتصادي للكرملين انخفاض قيمة الروبل.

هل هذا يعني أن العقوبات فعالة؟

تؤثر العقوبات على الاقتصاد حتى لو لم تؤدِ لانهياره بالكامل. فالصادرات الروسية، بما فيها التي تتم بالروبل، انخفضت بسبب مقاطعة الحلفاء الغربيين للنفط الروسي ووضع سقف لأسعار النفط للدول غير الغربية التي تستورده. فالعقوبات تمنع شركات التأمين وشركات الشحن التي تعمل من الدول الغربية من تداول النفط الروسي بأكثر من 60 دولارا للبرميل.

المقاطعة ووضع سقف لسعر النفط أجبرا روسيا على بيعه بأسعار مخفضة، واللجوء لإجراءات مكلفة مثل تشغيل أسطول من الناقلات بشكل غير مباشر لتكون بعيدة عن العقوبات.

رغم انخفاض أرباح روسيا من النفط بنسبة 23% خلال النصف الأول من العام الحالي، فإن روسيا ربحت 425 مليون دولار في اليوم من مبيعات النفط، وفقا لكلية الاقتصاد في كييف.

انتعاش الواردات في روسيا يشير إلى أن موسكو استطاعت الالتفاف على العقوبات والمقاطعة. قد تكون تلك الطرق مكلفة ومرهقة، لكن إذا أراد شخص شراء هاتف آيفون أو سيارة صنعت في الغرب، فبالتأكيد يمكنه الحصول عليه.

هل تعاني روسيا من أزمة اقتصادية؟

يقول كريس وايفر، المدير التنفيذي لشركة ماكرو للاستشارات، إن «انخفاض سعر الروبل جزء منه بسبب تأثير العقوبات، لكن هذا لا يشير إلى وجود أزمة اقتصادية».

انخفاض سعر الروبل ساعد الحكومة فيما يخص الميزانية، لأنه يعني المزيد من الروبلات مقابل كل دولار يأتي من أرباح النفط أو المنتجات التي تبيعها روسيا في الخارج، وهذا يؤدي بدوره إلى رفع الإنفاق على التصنيع العسكري والبرامج الاجتماعية التي تهدف لكبح تأثير العقوبات على الشعب الروسي.

وتابع وايفر: «لقد حاولوا (الروس) الموازنة بين انخفاض الدخل الدولاري القادم من بيع النفط وضعف الروبل، حتى يمكن السيطرة على العجز في الإنفاق وإمكان إداراته».

ويضيف: «ووسط العقوبات والقيود على حركة الأموال لخارج روسيا، فإن البنك المركزي يتحكم في سعر الصرف، ويمكنه أن يقول لكبار المصدرين متى يحولون أرباحهم بالدولار إلى الروبل».

ويرى وايفر أن «إضعاف العملة كان مخططا له، لكنه خرج عن السيطرة لذلك يحاولون التحكم به مرة أخرى».

ويقول يانيس كلوج، خبير في الاقتصاد الروسي لدى المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن الكرملين غير راض عن انخفاض قيمة الروبل. مضيفا: «الفوضى الناتجة عن العقوبات في بداية الحرب كانت أسوأ، لكن من وقتها هذه أول مرة تكون الأمور خارج السيطرة إلى حد ما».

ويؤكد: «أي دعم للميزانية نتيجة انخفاض الروبل، سيقابله ارتفاع في الإنفاق الحكومي على الأجور والمعاشات وهو ما سيرفع التضخم الذي حدث بسبب خفض العملة». ويشير إلى أن «أي حدث يعطي انطباعا بأن الاقتصاد ضعيف أو غير مستقر لن يكون محل ترحيب من الحكومة الروسية. ففي روسيا يرون أن سعر الصرف هو أهم مؤشر على قوة الاقتصاد».

كيف يؤثر هذا الوضع الاقتصادي على حياة الشعب؟

التضخم الناتج عن تخفيض قيمة العملة يؤثر بشدة على الأقل دخلا لأنهم ينفقون المزيد من الأموال على الأمور الأساسية مثل الطعام.

يوضح كيلوج أن رفع معدل الفائدة سيؤدي لإبطاء النمو الاقتصادي وتخفيف ارتفاع الأسعار، إلا أنه من غير المرجح أن الحكومة ستتخلى عن الإنفاق الدفاعي على صناعات الأسلحة، مضيفا: «من الواضح أن أولوية الحكومة هي الحرب وليس رفاهية شعبها».

ويقول نيكولاي روبستوف، طالب روسي ويبلغ من العمر (20 عاما) إنه غير منزعج من انخفاض قيمة الروبل، مشيرا إلى ثقته بأن الأمور ستعود لنصابها قريبا.


مقالات ذات صلة

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

العالم وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني اليوم الثلاثاء أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (رويترز)

عقوبات بريطانية على 30 سفينة إضافية تابعة للأسطول «الشبح» الروسي

أعلنت الحكومة البريطانية اليوم الاثنين فرض عقوبات على 30 سفينة إضافية من «الأسطول الشبح» الذي يسمح لموسكو بتصدير النفط والغاز الروسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)

مجموعة «أداني»: الاتهامات الأميركية مرتبطة بعقد تجاري واحد

قالت مجموعة «أداني» إن الاتهامات التي وجهتها أميركا للملياردير الهندي جوتام أداني، مرتبطة بعقد واحد لشركة «أداني غرين إنرجي» يشكل نحو 10 في المائة من أعمالها.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

وسّعت أميركا مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

خلص تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية إلى ترجيح أن كوريا الشمالية تلقت أكثر من مليون برميل من النفط من روسيا على مدى ثمانية أشهر.

«الشرق الأوسط» (سيول)

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

TT

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)
ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025، التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بنفقات 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي، وانعكاساً على تغير ديناميكية وهيكلة الاقتصاد في المملكة، حيث تواصل البلاد المضي نحو رحلة «رؤية 2030»، وذلك من خلال تحقيق المستهدفات والمحافظة على المكتسبات.

وتتوقع السعودية إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، وبعجز 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) بانخفاض قدره 12 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن «المواطن السعودي هو المحرك الرئيس للتنمية وأداتها الفعالة، وشباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز والمستقبل»، وذلك وفقاً لما جاء في مستهل البيان الختامي لميزانية عام 2025.

رحلة «رؤية 2030»

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وقال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة، ويُوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدّد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدين متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدين وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

ونوّه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

دعم النمو

وأوضح ولي العهد أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي، بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل «رؤية 2030»؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام المقبل عند 4.6 في المائة، مدفوعةً باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية التي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال عام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني، وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

المملكة تسير على نهجٍ واضح

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة، بما يحقق مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها - بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله - عز وجل - ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

زيادة الإنفاق التحولي

وبحسب بيان الميزانية، تسعى الحكومة السعودية إلى مواصلة دعم النمو الاقتصادي وتعزيز مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين من خلال زيادة الإنفاق التحولي، مع الحفاظ على الاستدامة المالية.

وتشير التوقعات إلى استمرار الاقتصاد السعودي في تسجيل معدلات نمو إيجابية خلال عام 2024، وعلى المدى المتوسط، بفضل الإصلاحات الهيكلية المرتبطة بـ«رؤية السعودية 2030». هذه الإصلاحات أسهمت في تنويع القاعدة الاقتصادية، واستغلال فرص النمو المحتمل، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ودعم نمو القطاعات الواعدة.

وبحسب ما ورد في البيان، فإنه على الرغم من التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي بسبب التشديد النقدي لكبح التضخم والتقلبات الجيوسياسية، أظهرت توقعات المنظمات الدولية تفاؤلاً بأداء الاقتصاد السعودي، حيث من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 0.8 في المائة في عام 2024، مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.7 في المائة، ما يعزز هذا الأداء المؤشرات الإيجابية للنصف الأول من العام الحالي، خاصة تلك المرتبطة بالاستهلاك والاستثمار الخاص.

كما انعكس النمو غير النفطي بشكل واضح في سوق العمل، حيث ارتفع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص بنسبة 4.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من عام 2024، بإضافة نحو 92 ألف وظيفة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. هذا الأداء يعكس التزام المملكة بتنفيذ استراتيجياتها لتحقيق نمو مستدام على المدى المتوسط.

التوسع في الإنفاق الاستثماري

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية عام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية، وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج «رؤية المملكة 2030»، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدّد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار ميزانية عام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

ولفت إلى أن اقتصاد المملكة وصل لمرحلة لا تؤثر فيه التقلبات التي تحدث في أسواق النفط كما كانت في السابق.

وزير المالية في مؤتمر صحافي عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية 2025 (الشرق الأوسط)

وقال إن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وكاشفاً نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 154 في المائة منذ إطلاق «رؤية المملكة 2030».

وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

وأفصح عن ارتفاع مساهمة الاستثمار الخاص في الناتج المحلي من 16 في المائة في عام 2016 إلى 24.7 في المائة حالياً، وأن قطاع الصناعة يستهدف جذب 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) استثمارات في عام 2025، وتقديم تسهيلات ائتمانية للمصدرين السعوديين بقيمة 12.3 مليار ريال (3.2 مليار دولار) في العام المقبل، مؤكداً أن السياحة تعدّ ثاني أكثر العوامل تأثيراً على ميزان المدفوعات بعد ‫النفط.

وشدّد على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل. وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية. وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامج تحقيق «رؤية 2030».