الدولار يتجاوز 100 روبل للمرة الأولى في 17 شهراً

الكرملين يرجع السبب لـ«التيسير النقدي»

شاشة إلكترونية تظهر تجاوز الدولار حاجز 100 روبل في العاصمة الروسية موسكو صباح الاثنين (رويترز)
شاشة إلكترونية تظهر تجاوز الدولار حاجز 100 روبل في العاصمة الروسية موسكو صباح الاثنين (رويترز)
TT

الدولار يتجاوز 100 روبل للمرة الأولى في 17 شهراً

شاشة إلكترونية تظهر تجاوز الدولار حاجز 100 روبل في العاصمة الروسية موسكو صباح الاثنين (رويترز)
شاشة إلكترونية تظهر تجاوز الدولار حاجز 100 روبل في العاصمة الروسية موسكو صباح الاثنين (رويترز)

انخفض الروبل الروسي إلى أكثر من 100 مقابل الدولار يوم الاثنين بعد أن قال المستشار الاقتصادي للرئيس فلاديمير بوتين إن روسيا مهتمة بتقوية الروبل، وإن سياسة التيسير النقدي كانت السبب الرئيسي وراء تراجع قيمة العملة المحلية.

وأظهرت بيانات بورصة موسكو أنه تم تداول الروبل بسعر 100.73 مقابل الدولار و110.22 مقابل اليورو عند الساعة 07:05 بتوقيت غرينتش، وهو أدنى مستوى تسجّله العملة الروسية منذ 23 مارس (آذار) 2022 حين انهارت في أعقاب بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

وقال المستشار الاقتصادي مكسيم أوريشكين لوكالة تاس الروسية للأنباء إن «سعر الصرف الحالي انحرف بشكل كبير عن المستويات الأساسية، ومن المتوقع أن يعود إلى وضعه الطبيعي في المستقبل القريب». وأضاف: «انخفاض الروبل يُعقد التحول الهيكلي للاقتصاد ويؤثر سلباً على الدخل الحقيقي للسكان... من مصلحة الاقتصاد الروسي أن يرتفع الروبل»

وأرجع بنك روسيا السبب في انخفاض الروبل بشكل حاد هذا العام إلى التراجع في الميزان التجاري لروسيا. وفقد الروبل حوالي 30 في المائة من قيمته مقابل الدولار هذا العام. وانخفض فائض المعاملات الجارية للبلاد 85 في المائة على أساس سنوي في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو (تموز) الماضيين.

ويبعث تراجع قيمة الروبل بشكل متواصل في الأسابيع الأخيرة مخاوف لدى العديد من الروس حيال مستواهم المعيشي، في ظل عودة التضخم والعقوبات الغربية المفروضة على البلد والتكلفة المالية المتزايدة للنزاع في أوكرانيا.

وسجلت روسيا العام الماضي تضخماً مرتفعاً تخطى 17 في المائة في الربيع، مما أدى إلى تدني القوة الشرائية لملايين الروس.

وشهدت السنوات الماضية في روسيا عودة التضخم الذي بلغت نسبته 4.3 في المائة في يوليو، بالتوازي مع تدهور العملة الوطنية في ظل التراجع الحاد في العائدات الناجمة عن تصدير المحروقات.

وإزاء هذا الوضع، اضطر البنك المركزي الروسي في 21 يوليو الماضي إلى زيادة معدل فائدته الرئيسية إلى 8.5 في المائة سعياً لمكافحة ارتفاع الأسعار، وعلق اعتباراً من الخميس الماضي وحتى نهاية السنة مشترياته من العملات الأجنبية في سوق القطع الوطنية.

غير أن ضعف الروبل على الجانب الآخر يسمح للدولة الروسية في المقابل بتعزيز خزائنها، لأن كل دولار أو يورو تحصل عليه الحكومة يؤمن لها مبالغ أكبر بالروبل لتغطية نفقاتها المتزايدة بسبب النزاع في أوكرانيا.

وأعلنت وكالة الإحصاءات الروسية (روستات) الجمعة، في تقييم أولي، أن إجمالي الناتج المحلي الروسي ارتفع بنسبة 4.9 بالمائة في الربع الثاني من عام 2023، في أول زيادة يتم تسجيلها منذ الربع الأول من عام 2022.

وسجلت روسيا المنخرطة في حرب مع أوكرانيا تراجعاً في إجمالي الناتج المحلي مدى أربعة أرباع، وتراجع بشكل خاص في الربع الأول من 2023 بنسبة 1.9 في المائة، وفقاً لوكالة الإحصاءات الروسية.

ويقارن النمو الذي تحقق في الربع الثاني وتوقعه الخبراء، قبل كل شيء بالفترة نفسها من العام الماضي، الذي اتسم بسلسلة من العقوبات الدولية المفروضة رداً على الهجوم الروسي على أوكرانيا كان لها تداعيات لا يستهان بها على البلاد، حيث تراجع النمو بنسبة 4.5 في المائة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 2022... ولم تتطرق «روستات» الجمعة في بيانها إلى تفاصيل النمو الفصلي بحسب القطاعات.

وعاد التضخم المرتبط باستمرار تراجع صرف الروبل، على خلفية انخفاض كبير في الإيرادات المرتبطة ببيع الوقود في الربع الثاني من عام 2023. وتحت تأثير العقوبات، تراجعت العائدات المرتبطة بالغاز والنفط، المصدر الرئيسي للميزانية، بنسبة 41.4 في المائة بين يناير ويوليو، وفقاً لبيانات وزارة المال الروسية، مما أثار مخاوف من تجاوز العجز الفيدرالي المقدر هذا العام بـ2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

أما البطالة التي سجلت مستوى متدنياً جداً بلغ معدله 3.1 في المائة في يونيو، فتعكس تقلصاً في اليد العاملة على صلة بالوضع في أوكرانيا، الذي تضاف مفاعيله إلى أزمة ديموغرافية تعانيها البلاد منذ نهاية التسعينات.


مقالات ذات صلة

روسيا توقف شحنات الغاز إلى النمسا

الاقتصاد محطة للتزود بالوقود في المجر عليها شعار مجموعة «أو إم في» النمساوية للنفط والغاز (د.ب.أ)

روسيا توقف شحنات الغاز إلى النمسا

أعلنت مجموعة «أو إم في» النمساوية للنفط والغاز أن روسيا ستُوقف تزويد النمسا بالغاز، ابتداء من السبت، بسبب خلاف مع مجموعة «غازبروم» الروسية العملاقة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
العالم أميركا تعتمد على اليورانيوم المخصب المصنوع في روسيا على الرغم من الجهود المضنية بين حلفاء الولايات المتحدة لقطع العلاقات الاقتصادية مع موسكو (رويترز)

روسيا تفرض قيوداً على صادرات اليورانيوم المخصب لأميركا

قالت روسيا، الجمعة، إنها فرضت قيوداً مؤقتة على صادرات اليورانيوم المخصب إلى الولايات المتحدة في خطوة رمزية؛ رداً على حظر أميركي لواردات اليورانيوم الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري متنزهون روس في حديقة عامة بموسكو (إ.ب.أ)

تحليل إخباري اقتصاد روسيا في الحرب... نموّ يخفي اتجاهات مقلقة؟

يسجّل مراقبون تطورات اقتصادية مقلقة في روسيا تكاد تفوق في أهميتها المكاسب الميدانية التي تحققها موسكو منذ أشهر في الشرق الأوكراني.

أنطوان الحاج
الاقتصاد مقر المصرف المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

روسيا تسجل فائضاً في الموازنة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام

سجلت روسيا فائضاً في الموازنة قدره 169 مليار روبل (1.74 مليار دولار)، أي ما يعادل 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».