الدولار يتراجع والذهب يرتفع بعد خفض «فيتش» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة

وزيرة الخزانة الأميركية وصفت القرار بـ«التعسفي»

شعار وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني (أ.ب)
شعار وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني (أ.ب)
TT

الدولار يتراجع والذهب يرتفع بعد خفض «فيتش» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة

شعار وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني (أ.ب)
شعار وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني (أ.ب)

خفّضت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، التصنيف الائتماني للولايات المتحدة قائلة إن الديون المتزايدة والمواقف السياسية والمواجهات الحزبية المتكررة بشأن رفع سقف حد الاقتراض تجعلها أقل جدارة بالثقة عن ذي قبل.

وخفَّضت الوكالة تصنيف الولايات المتحدة من تصنيف «AAA» إلى «AA +»، بعد عدة سنوات من المعارك الحزبية عالية المخاطر حول سقف الديون، بعد معارك سياسية ساخنة ومُقلقة للأسواق، بين الرئيس جو بايدن، ورئيس مجلس النواب والجمهوريين حول رفع السقف قبل الموعد النهائي المحدد. وقد حذَّر محللون واقتصاديون من أن سياسة حافة الهاوية، المتعلقة بسقف الديون، كانت خطيرة جداً وأدت إلى اضطرابات في الأسواق المالية ومخاوف عالية لدى المستثمرين. وقالت «فيتش» إن هذه المعارك السياسية أدت إلى تصاعد الديون الوطنية، وعدم الثقة في الحكومة الأميركية للتعامل معها.

وكتبت «فيتش»: «كان هناك تدهور مطَّرد في معايير الحوكمة على مدى العشرين عاماً الماضية، بما في ذلك المسائل المالية والديون، على الرغم من اتفاق يونيو (حزيران) لتعليق حد الدين حتى يناير (كانون الثاني) 2025». وشدَّدت الوكالة على أن «المواجهات السياسية المتكررة، المتعلقة بالحد من الديون، وقرارات اللحظة الأخيرة، أدت إلى تآكل الثقة في الإدارة المالية».

يأتي تخفيض تصنيف «فيتش» بعد 3 أشهر تقريباً من توقيع الرئيس بايدن اتفاقًا لرفع حد الدين، قبل أيام فقط من توقع تخلف الولايات المتحدة عن سداد الدين القومي. وحذَّرت وكالة «فيتش» آنذاك من أن الدين المتزايد - الذي وصل حالياً إلى أكثر من 32 تريليون دولار - وعدم قدرة «الكونغرس» على إدارته بطريقة مُنتجة ومسؤولة يشكلان تهديدات للجدارة الائتمانية للولايات المتحدة.

وتقول الوكالة إن الحكومة الأميركية تفتقر إلى إطار مالي متوسط ​​المدى، ولديها عملية إعداد ميزانية معقدة. وقد أسهمت هذه العوامل، إلى جانب عدد من الصدمات الاقتصادية، بالإضافة إلى التخفيضات الضريبية، ومبادرات الإنفاق الجديدة، في الزيادات المتتالية للديون على مدى العقد الماضي، ولم يكن هناك سوى تقدم محدود في معالجة التحديات متوسطة الأجل، المتعلقة بارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، بسبب شيخوخة السكان.

قرار تعسفي

وأعلن «البيت الأبيض» أنه يرفض «بشدة» قرار «فيتش» خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.

وقالت المتحدثة باسم «البيت الأبيض» كارين جان-بيار: «نرفض بشدة هذا القرار»، مضيفة أن خفض تصنيف البلاد، في حين حقق الرئيس جو بايدن أقوى تعافٍ اقتصادي بين كل الاقتصادات الكبرى في العالم، أمر «يخالف الواقع».

من جهتها، أصدرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بياناً قالت فيه إنها تُعارض بشدة هذا القرار بخفض التصنيف الائتماني. وقالت: «أنا أعارض بشدة قرار وكالة فيتش للتصنيف، والتغيير الذي أجرته وكالة فيتش للتصنيف هو قرار تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة».

وقالت وزيرة الخزانة الأميركية: «لقد انخفض التصنيف الكمي لـ(فيتش) بشكل ملحوظ بين عامي 2018 و2020، ومع ذلك تعلن وكالة فيتش تغييرها الآن، على الرغم من التقدم الذي نراه في عدد من المؤشرات التي تعتمد عليها فيتش في قرارها». وأضافت: «لقد أظهرت الإجراءات المتعلقة بالحوكمة تحسناً على مدار عهد هذه الإدارة، مع تمرير تشريع من الحزبين لمعالجة حدود الديون، والاستثمار في البنية التحتية، والقيام باستثمارات أخرى في القدرة التنافسية لأميركا».

واختتمت حديثها قائلة: «أنا والرئيس بايدن ملتزمان بالاستدامة المالية، ونجحنا في إقرار تشريع للحد من الديون أكثر من تريليون دولار، لخفض العجز وتحسين مسارنا المالي». وشددت على أنه «بالنظر إلى المستقبل، طرح الرئيس بايدن ميزانية من شأنها أن تقلل العجز بمقدار 2.6 تريليون دولار على مدى العقد المقبل، من خلال نهج متوازن من شأنه أن يدعم الاستثمارات على المدى الطويل».

ضربة محرجة

وقد أثار توقيت خفض التصنيف دهشة بعض الاقتصاديين، حيث يُعدّ خفض التصنيف الائتماني بمثابة ضربة مُحرِجة للحكومة الأميركية، التي كانت تُعدّ، منذ فترة طويلة، واحدة من أكثر المقترضين أماناً في التمويل العالمي. وتعد إصدارات سندات الخزانة الأميركية بتريليونات الدولارات هي الأساس للنظام المالي الأميركي. وقد سمح ذلك للحكومة الفيدرالية بتراكم ديون غير محدودة دون انتكاسة اقتصادية.

ويقول المحللون إن خفض التصنيف قد يكون له تأثير رمزي إلى حد كبير، إلا أنه يأتي في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة والقوى ارتفاعاً متزايداً بأسعار الفائدة. وقد قام «الاحتياطي الفيدرالي» برفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار 5.5 نقطة مئوية، منذ مارس (آذار) 2022، في محاولات مستميتة لمكافحة التضخم ليصل به إلى هدف 2 في المائة.

لكن هذا التصنيف الائتماني المنخفض قد يدفع أسعار الفائدة الأميركية إلى الأعلى، على الرغم من أن ظروف السوق العالمية قد تخفف من التأثير الكامل.

ودفع قرار «فيتش» الدولار، اليوم الأربعاء، إلى الانخفاض في مقابل ارتفاع اليورو نحو 1.10 دولار. إلا أن الدولار حصل على بعض الدعم من بيانات اقتصادية صدرت، أمس الثلاثاء، والتي أظهرت أن فرص العمل في الولايات المتحدة ظلت عند مستويات تتفق مع ظروف سوق العمل المشددة، حتى مع انخفاضها إلى أدنى مستوى في أكثر من عامين في يونيو.

وارتفعت أسعار الذهب، اليوم الأربعاء، بعد تراجع الدولار وعائدات سندات الخزانة الأميركية على أثر قرار وكالة «فيتش»، حيث زاد سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.2 في المائة إلى 1948.43 دولار للأوقية (الأونصة)، بحلول الساعة 01:22 بتوقيت غرينتش، في حين ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركي 0.3 في المائة إلى 1985.60 دولار.


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو (تموز) الحالي، «ونستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة».

وأكد الوزير، في بيان صحافي، السبت: «إننا نتعامل في مصر بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي».

وأجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، زيارة إلى القاهرة في مايو (أيار) الماضي، لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. لكنه أجّل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر بقيمة 820 مليون دولار، إلى 29 يوليو الحالي، بعدما كانت على جدول اجتماعاته المقررة 10 يوليو.

واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس (آذار) الماضي، المراجعتين الأولى والثانية، في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجماليها إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.

وخلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» في البرازيل، قال الوزير: «إننا ملتزمون بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي في مسار نزولي، ونستهدف خلق مساحة مالية كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ونعمل أيضاً على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومساندة تنافسية الشركات».

وأشار الوزير إلى أن أولوية الحكومة خلال الفترة المقبلة زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى «أننا نعمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين».

وأوضح كجوك، أن بلاده حريصة على دفع الإصلاحات الهيكلية ودفع الاستثمارات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وتحلية المياه والبنية التحتية، مشيراً إلى العمل أيضاً على «اتساق السياسات الاقتصادية من خلال وضع سقف لإجمالي الاستثمارات العامة والضمانات الحكومية ونسبة دين الحكومة العامة للناتج المحلي».

على صعيد موازٍ، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، لقاءاتٍ مكثفة مع وزراء الاقتصاد والتنمية والتعاون الدولي، إلى جانب مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية، المُشاركين في الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة العشرين» بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك لبحث أولويات التعاون المشترك وتعزيز الشراكات المستقبلية في ضوء أولويات وبرنامج الحكومة.

والتقت المشاط بكل من: أحمد حسين وزير التنمية الدولية الكندي، وإيفا جرانادوس وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإسبانية، وريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيفينا شولز الوزيرة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وأنيليز جين دودز وزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة في المملكة المتحدة، وخوسيه دي ليما وزير الدولة للاقتصاد الأنغولي، وكريسولا زاكاروبولو وزيرة الدولة للتعاون الإنمائي بفرنسا.

كما عقدت الوزيرة لقاءً مع جوتا أوربيلينين المفوضة الأوروبية للشراكات الدولية، وسيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، وريبيكا جرينسبان الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، كما التقت أنيل كيشورا نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد (NDB)، وألفارو لاريو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).

وخلال اللقاءات ناقشت المشاط، فُرص التعاون المستقبلي مع الاتحاد الأوروبي استمراراً للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وجهود تعزيز الاستثمارات من خلال آلية ضمان الاستثمار التي يجري تنفيذها، وكذلك تعزيز جهود الإصلاحات الهيكلية.