أوروبا تتخوف من فقدان إمدادات الطاقة الأميركية

«توتال إنرجيز» تصفها بـ«الصدمة الكبرى»

ناقلة غاز طبيعي مسال (LNG) في عرض البحر (رويترز)
ناقلة غاز طبيعي مسال (LNG) في عرض البحر (رويترز)
TT

أوروبا تتخوف من فقدان إمدادات الطاقة الأميركية

ناقلة غاز طبيعي مسال (LNG) في عرض البحر (رويترز)
ناقلة غاز طبيعي مسال (LNG) في عرض البحر (رويترز)

حذَّر الرئيس التنفيذي لشركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال إنرجيز» باتريك بويان، من أن تفقد أوروبا إمدادات النفط والغاز الأميركية، في وقت فقدت القارة العجوز فيه بالفعل نسبة كبيرة من الإمدادات الروسية، نتيجة العقوبات المفروضة على موسكو جراء الحرب مع أوكرانيا.

وقال بويان خلال جلسة نقاشية في باريس، رداً على سؤال حول المخاطر المحتملة التي قد تتعرض لها الإمدادات العالمية: «يجعل الأميركيون سعر الغاز أو النفط المحليين مرتكزاً لجميع سياساتهم. لديهم موارد، وإن شعروا بأن الصادرات سترفع الأسعار لديهم، فسيتوقفون عن العمل معنا. الآن يمكنني إخباركم أنه إذا خسرنا الغاز والنفط الأميركيين، بالإضافة إلى (النفط والغاز) الروسيين، فلن يكون ذلك الأمر مجرد صدمة؛ بل صدمة كبرى».

وتعتمد أوروبا على روسيا في احتياجاتها من الطاقة بنسبة تتخطى 60 في المائة، سواء النفط والغاز، غير أن تداعيات الحرب الروسية مع أوكرانيا ألقت بظلالها على هذه النسبة، وانخفضت بالتبعية الإمدادات الروسية للدول الأوروبية، لتصل بالنسبة للغاز إلى أقل من 40 في المائة، وللنفط إلى أقل من 20 في المائة، وسط مساعٍ للتخلي عنها تماماً.

وحلَّت الولايات المتحدة في جزء كبير محل الإمدادات الروسية، وتصدرت المراتب الأولى في تصدير الغاز للقارة الأوروبية، من خارج المصادر التقليدية. وأصبحت أميركا أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في عام 2021-2022.

ورأى بويان، خلال جلسة ضمت مسؤولين تنفيذيين آخرين بقطاع الطاقة، أن الانتخابات الرئاسية الأميركية ربما تحدث صدمة هائلة في قطاع الطاقة، إذا فاز الجمهوريون وقرروا وقف صادرات الهيدروكربونات. وقال في هذا الإطار: «الأمر الوحيد الذي قد يحدث، وهو خطر منهجي كبير، أن يقرر الجمهوريون وقف التصدير... في الواقع، لست متأكداً من أن الأمر سيتعلق بالغاز، ربما يكون متعلقاً بالنفط يوماً ما».

وأعلن 11 مرشحاً جمهورياً على الأقل سعيهم لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات التي تجري يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. ولم يقطع هؤلاء على أنفسهم سوى القليل من التعهدات الواضحة المتعلقة بالسياسات منذ ذلك الحين.

وأجرت حكومة بايدن العام الماضي أكبر عملية بيع على الإطلاق من مخزون النفط الاستراتيجي البالغ 180 مليون برميل، في إطار استراتيجية لإعادة الاستقرار إلى أسواق النفط مرتفعة الأسعار، والتغلب على تكاليف الاستخراج المرتفعة عقب الحرب الروسية – الأوكرانية.

وأغضب البيع الجمهوريين الذين اتهموا الحكومة بترك الولايات المتحدة بمخزون قليل جداً، لا يكفي للتعامل بشكل أمثل مع أي أزمة إمدادات مستقبلية.

ويوم الجمعة، قالت إدارة بايدن إنها ستشتري 6 ملايين برميل إضافية من النفط الخام للاحتياطي النفطي الاستراتيجي، لإعادة ملء مخزون الطوارئ ببطء، وذلك بعدما وصل احتياطي النفط في البلاد إلى أدنى مستوى له منذ 40 عاماً، بعد سحب الـ180 مليون برميل التاريخي.

وقال بويان أيضاً إنه يتوقع أن يكون سعر برميل النفط «مرتفعاً على نحو مستدام» بسبب التحول العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة وتقلص الاستثمارات في قطاع النفط.

وارتفعت أسعار النفط نحو 3 في المائة، مسجلة أعلى مستوياتها في 9 أسابيع، خلال تعاملات الجمعة، آخر تعاملات الأسبوع؛ إذ طغت المخاوف من نقص الإمدادات والإقبال على الشراء لأسباب فنية على القلق من أن يؤدي رفع أسعار الفائدة لإبطاء النمو الاقتصادي، وتراجع الطلب على النفط.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.95 دولار، أو 2.6 في المائة، إلى 78.47 دولار للبرميل عند التسوية. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.06 دولار، بما يعادل 2.9 في المائة، إلى 73.86 دولار للبرميل.

وهذا أعلى مستوى إغلاق لخام برنت منذ أول مايو (أيار) والأعلى لخام غرب تكساس الوسيط منذ 24 مايو. وبلغت مكاسب خامي القياس نحو 5 في المائة خلال جلسات الأسبوع الماضي بالكامل.


مقالات ذات صلة

صادرات العراق النفطية تتجاوز 3.410 مليون برميل يومياً الشهر الماضي

الاقتصاد لا تزال صادرات العراق النفطية من حقول كركوك وكردستان عبر خط أنابيب تصدير النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي متوقفة (وكالة الأنباء العراقية)

صادرات العراق النفطية تتجاوز 3.410 مليون برميل يومياً الشهر الماضي

أعلنت وزارة النفط العراقية، الأحد، أن متوسط الصادرات النفطية لشهر يونيو (حزيران) الماضي تجاوز سقف 3 ملايين و410 آلاف برميل يومياً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
أميركا اللاتينية سيدة تطالب الأمن بفتح لجنة انتخابية في كاراكاس (أ.ف.ب)

فتح صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية في فنزويلا وسط توتر شديد

فُتحت مراكز الاقتراع في فنزويلا من أجل انتخابات رئاسية يسودها التوتر، يتواجه فيها الرئيس نيكولاس مادورو مع الدبلوماسي السابق إدموندو غونزاليس أوروتيا.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)
الاقتصاد خطوط أنابيب نفطية في جمهورية التشيك (رويترز)

ضعف الطلب الصيني يضغط أسواق النفط

تراجعت أسعار النفط، يوم الجمعة، وكانت في طريقها إلى تسجيل خسائر لثالث أسبوع على التوالي بسبب ضعف الطلب في الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بلغت شهادات المنشأ للصادرات الكويتية لدول الخليج في يونيو الماضي 1495 شهادة بقيمة صادرات تقدر بنحو 38 مليون دولار (كونا)

انخفاض طفيف في الصادرات غير النفطية في الكويت للشهر الماضي

قالت وزارة التجارة والصناعة الكويتية، الخميس، إن إجمالي الصادرات المحلية (كويتية المنشأ) غير النفطية إلى دول العالم في شهر يونيو (حزيران) الماضي بلغ 21.7 مليون…

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد شعار «توتال إنرجيز» في ناطحة سحاب المقر الرئيسي للشركة في الحي المالي والتجاري في لا ديفانس بالقرب من باريس (رويترز)

انخفاض أرباح «توتال إنرجيز» أكثر من المتوقع في الربع الثاني بسبب التكرير

أعلنت شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية للنفط يوم الخميس انخفاض أرباح الربع الثاني بنسبة 6 في المائة، وهو ما كان أسوأ مما توقعه المحللون.

«الشرق الأوسط» (باريس)

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

TT

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)
رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)

تمثل المشاريع السعودية العملاقة فرصة ثمينة لزيادة حصة استثمارات إدارة المرافق المتوقعة بإجمالي مبالغ تتجاوز 60 مليار دولار خلال 2030، حيث تمتلك المملكة حصة سوقية مهيمنة في الشرق الأوسط لإدارة المنظومة على مستوى المنطقة.

مشروع «نيوم» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

وتعرّف إدارة المرافق بأنها مجال شامل يجمع بين مكان العمل (المباني والمرافق)، والقوى العاملة فيه، وعمليات المنظومة. إذ تهدف إلى ضمان سير العمل بسلاسة، وتحسين كفاءة استخدام المرافق، وخلق بيئة عمل آمنة ومريحة، وتشمل مجموعة واسعة من الخدمات، منها الصلبة مثل الصيانة الميكانيكية والكهربائية، والسلامة من الحرائق، وصيانة أنظمة المباني والمعدات، والناعمة مثل التنظيف، وإعادة التدوير، والأمن، ومكافحة الآفات والعدوى، وصيانة الأرضيات والتخلص من النفايات.

ولأهمية هذا القطاع، تم في العام الماضي إطلاق منصة إلكترونية لتطويره.

حجم الإنفاق

يصف رئيس مجلس إدارة «جمعية إدارة المرافق السعودية» المهندس عائض القحطاني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» حجم قطاع إدارة المرافق بأنه كبير في المملكة، ويتوقع أن يبلغ حجم إنفاق هذه السوق، مع وجود المشاريع الكبرى القائمة بالسعودية، 60 مليار دولار في عام 2030، أي ما يمثل معدل نمو يصل إلى 13.5 في المائة حتى نهاية العقد، بعدما كان نحو 40 ملياراً منذ عامين.

وكان إجمالي الإنفاق الحكومي على قطاع البنية التحتية والخدمات العامة في الموازنة السعودية لعام 2023 بلغ نحو 190 مليار ريال (50.6 مليار دولار)، حيث تشكل إدارة المرافق جزءاً كبيراً منه، بحسب القحطاني.

ووفق توقّعات شركة «موردور إنتليجنس» (MordorIntelligence)، سيصل حجم سوق إدارة المرافق في السعودية إلى 49.6 مليار دولار بحلول 2029، مدفوعاً بعوامل كثيرة، منها الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنية التحتية.

في حين تعتقد شركة «بي آند إس إنتليجنس» (P&S Intelligence) أن تنمو السوق بمعدل سنوي مركب قدره 12.4 في المائة، ليصل إلى 90.1 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي، مرجعة ذلك إلى زيادة أنشطة البناء في البلاد، وصناعة السياحة المتنامية، والاعتماد الزائد للتكنولوجيات المتقدمة، وتوفر نهج متكامل لإدارة المرافق.

وقال القحطاني إن سوق المملكة في قطاع إدارة المرافق تعد الأكثر نمواً حول العالم، بالتزامن مع دخول كبرى الشركات دولياً إلى السوق المحلية.

وأضاف أن جميع المشاريع الضخمة التي أسستها البلاد مثل «نيوم»، و«القدية»، و«حديقة الملك سلمان»، تحتاج إلى إدارة بعد الإنشاء، مبيّناً دور الجمعية في الربط بينها مع مزودي الخدمات من القطاع الخاص.

وأكمل أن الجمعية تعمل بوصفها قطاعاً ثالثاً بالربط التكاملي بين الجهات الحكومية، مثل: وزارة البلديات والإسكان، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للعقار، ووزارة المالية، التي تصدر التشريعات والأنظمة الرقابية في مجال إدارة المرافق، بإيصالها لمزودي الخدمة من القطاع الخاص.

مشروع «القدية» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

التشغيل المستمر

وصممت المشاريع الكبرى - التابعة والمملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» - لتحفيز الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن تمتد آثارها الإيجابية إلى ما هو أبعد من قطاعي التطوير العقاري والبنية التحتية، مما يساعد في تنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط خصوصاً بسبب حجمها الضخم.

وأوضح رئيس الجمعية أن القطاع يتقاطع مع معظم الأهداف الخاصة بـ«رؤية 2030»، خصوصاً أنه بند كبير من الصرف في موازنة الحكومة يتوجه للتشغيل المستمر، وهو ما تقوم عليه مفاهيم إدارة المرافق.

ونظراً إلى حاجة السوق إلى أفراد متخصصين، بيّن القحطاني أن الجمعية تمكّنت حتى الوقت الحالي من تدريب 400 شخص في مجال إدارة المرافق على مستويين مبتدئ ومتقدم، كاشفاً عن مستهدف المنشأة الحالي بتدريب 300 فرد سنوياً.

وتابع أن الجمعية الآن في طور توقيع اتفاقيات مع بعض الأكاديميات الموجودة محلياً وعالمياً، لتعزيز المفهوم هذا ونشره بالشكل السريع والصحيح.

حماية البيانات

وأشار القحطاني إلى أن الجمعية تعتزم إقامة المؤتمر والمعرض الدولي لإدارة المرافق، في سبتمبر (أيلول) المقبل، برعاية وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل، وبشراكة استراتيجية من «الشركة السعودية لإدارة المرافق»، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والتي تم تأسيسها عام 2023 للمساهمة في تلبية احتياجات السوق، وتقديم خدمات القطاع بالمملكة بالحجم والجودة اللذين تتطلبهما مشاريع التطوير العقاري للصندوق.

وتأتي مبادرة تنظيم المؤتمر المقبل في إطار جهود المملكة الرامية لتطوير قطاع إدارة المرافق، ورفع كفاءته على المستوى الوطني، انسجاماً مع أهداف «رؤية 2030»، وتعزيزاً لمكانة البلاد في المجال.

وأفصح القحطاني أن مستهدفات الحدث المقبل ترتكز على ثلاثة عناصر، هي: كيف تتحقق جودة حياة الإنسان داخل البيئة المبنية؟ وعلاقة الذكاء الاصطناعي بإدارة المرافق خاصة مع التطورات الأخيرة (المشكلة التقنية التي واجهتها شركات تقنية عالمية عملاقة وأثرت على قطاعات كثيرة)، إضافة إلى مناقشة كيفية حماية البيانات الموجودة داخل المباني.

وذكر أن أبرز المواضيع الرئيسية التي ستتم مناقشتها خلال الحدث المقبل تُعنى بالاتجاهات العالمية والتحديات المستقبلية، والتنمية المستدامة والابتكار الأخضر، والإدارة والقيادة في العصر الرقمي، ونظم وتطبيقات المستقبل.

وفيما يخص المعرض المصاحب للمؤتمر، أوضح رئيس الجمعية أنه سيضم جميع مزودي الخدمات الرئيسيين في القطاع سواء كانوا محلياً أو عالمياً، إذ إن المستهدف 65 عارضاً: «وإلى الآن حقننا 80 في المائة منه».

ويتوقع القحطاني أن يشهد الحدث توقيع 10 إلى 15 اتفاقية، كما يستهدف مشاركة 50 متحدثاً بشكل فردي أو عبر جلسات حوارية ضمن المؤتمر.

أعمال التنسيق

بدوره، أشار الأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مشاريع المملكة الضخمة تحتاج إلى جهد كبير في أعمال التنسيق بين المباني والبنى التحتية، وخدمات الطاقة والمياه والتصريف، التي يختص بها جميعاً قطاع إدارة المرافق، مشدّداً على ارتفاع نسبة السوق الوطنية بالمنطقة.

جدير بالذكر أن المملكة تستثمر بكثافة في مشاريع البناء والبنية التحتية واسعة النطاق، مثل المطارات وشبكات السكك الحديد والملاعب والمجمعات التجارية والسكنية. وتتطلب هذه التطورات خدمات إدارة مرافق احترافية لضمان تشغيلها بكفاءة وسلاسة، وللحفاظ على الأمن والسلامة، إذ تشهد سوق العقارات السعودية نمواً كبيراً مدفوعاً بارتفاع عدد السكان، والتوسع الحضري، وزيادة الاستثمار الأجنبي.