الأسواق بعد تمرد «فاغنر»... توقعات بارتفاع النفط والغاز والقمح وتراجع الروبل

في مستهل افتتاحيتها

حواجز معدنية في الساحة الحمراء في موسكو 24 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
حواجز معدنية في الساحة الحمراء في موسكو 24 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
TT

الأسواق بعد تمرد «فاغنر»... توقعات بارتفاع النفط والغاز والقمح وتراجع الروبل

حواجز معدنية في الساحة الحمراء في موسكو 24 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
حواجز معدنية في الساحة الحمراء في موسكو 24 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

يترقب المستثمرون افتتاحية الأسواق يوم الاثنين، مستهل بداية الأسبوع، في ظل تطور الأوضاع الروسية التي تلقي بظلالها على قطاعات النفط والغاز والغذاء والذهب والعملات.

فروسيا التي تنتج نحو 150 مليون طن سنوياً من الحبوب، وتمد الاتحاد الأوروبي بنحو 35 في المائة من الطاقة، يدور الحديث فيها الآن عن احتمالات حرب أهلية، بعد تمرد مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية غير النظامية، وتوعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرد الحاسم.

القطاع الغذائي

توقّع وزير الزراعة الروسي ديمتري باتروشيف، الشهر الماضي، أن يصل محصول الحبوب في روسيا، بما في ذلك من الأقاليم الجديدة، في عام 2023 إلى 123 مليون طن، منها 78 مليون طن من القمح.

وروسيا، أحد أكبر مصدّري القمح في العالم، تتنافس مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا لتزويد الشرق الأوسط وأفريقيا بالقمح، وتواصل تصدير محصولها من الحبوب من خلال اتفاقية تصدير الحبوب من البحر الأسود، التي من المقرر أن ينتهي العمل بها آخر يوليو (تموز) المقبل.

أُبرمت الاتفاقية في يوليو 2022 بين روسيا وأوكرانيا بوساطة الأمم المتحدة وتركيا، وتم تجديدها في مايو (أيار) الماضي، لمدة شهرين بعد مفاوضات مكثفة، وتطالب موسكو بالامتثال لاتفاقية موازية تخص صادراتها من المنتجات الزراعية والأسمدة.

ساعدت الاتفاقية على التخفيف من حدّة أزمة الغذاء العالمية التي سبّبتها الحرب. وتمّ تمديدها آخر مرّة في مايو لمدّة شهرين بعد مفاوضات مكثّفة، في الوقت الذي يفكر فيه الرئيس الروسي في الانسحاب من الاتفاقية، متهماً كييف باستخدام الممرات البحرية المخصصة لتوفير ممر آمن للسفن المحمّلة بالحبوب لـ«إطلاق مسيرات بحرية».

ووفقاً لهيئة الإحصاء الروسية، وصل محصول الحبوب عام 2022 إلى رقم قياسي، حيث بلغ 157.7 مليون طن، منها 104.2 مليون طن من القمح.

والاضطرابات المحتملة التي قد تنجم عن عدم استقرار الأوضاع الداخلية في المدن الروسية، من المتوقع أن تنتج عنها صعوبة في الخدمات اللوجيستية المتعلقة بالنقل والإمداد والشحن، التي ستزيد معها مخاوف نقص المعروض، مما قد يرفع أسعار الحبوب الروسية على الفور.

النفط والغاز

في الوقت الذي تزداد فيه المخاطر من اقتراب الطلقات النارية من صهاريج النفط والغاز، تتجه أنظار العالم إلى قطاع النفط العالمي المتوقع أن يتأثر بما يحدث في مدن روسيا، ثاني أكبر مصدّر للنفط في العالم بعد السعودية.

فنحو 10 ملايين برميل، حجم إنتاج روسيا اليومي من النفط، معرضة لاحتمالات توقف الإنتاج أو التعثر أو عدم الوصول أو صعوبة الشحن؛ نتيجة الاضطرابات الداخلية في بعض المدن الروسية. وهو ما حدث في منطقة فورونيغ، إذ قال حاكم المنطقة الروسية، السبت، إن خدمات الطوارئ تحاول إخماد نيران اندلعت في خزان وقود داخل مستودع نفط.

منصة حفر في حقل ياركتا النفطي في منطقة إيركوتسك الروسية (رويترز)

وقال ألكسندر جوسيف حاكم المنطقة على «تلغرام» إن أكثر من 100 رجل إطفاء و30 وحدة من المعدات تعمل في موقع الحريق.

وتزداد المخاوف على قطاع النفط العالمي، من نقص المعروض، مع سيطرة مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية، على منشآت عسكرية في مدينة فورونيغ التي تبعد نحو 500 كيلومتر إلى الجنوب من موسكو، وسط مخاوف من السيطرة على مناطق إنتاج النفط والغاز، مما قد يرفع الأسعار على الفور.

كانت روسيا، قد أوقفت نشر بعض بياناتها الرئيسية بشأن الطاقة، بما في ذلك معلومات الإنتاج والتصدير، مما يزيد من صعوبة مراقبة المعروض العالمي، وتحليل أوضاع السوق، وتوقع الأسعار المستقبلية. وتراجع خاما القياس العالمي للنفط أكثر من 3.5 في المائة خلال الأسبوع الماضي.

ولا ينفصل المشهد في قطاع النفط عن نظيره في الغاز أيضاً، إذ إن روسيا ما زالت تمد الاتحاد الأوروبي بنحو 35 في المائة من مصادر الطاقة المعتمدة على الغاز الطبيعي.

تأتي هذه التحديات على قطاع الغاز، الذي انخفض إنتاجه في روسيا في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي إلى 235 مليار متر مكعب، بانخفاض 10 في المائة عن الفترة المماثلة من العام الماضي.

وتراجع إنتاج الغاز من شركة «غازبروم»، التي يسيطر عليها الكرملين بنحو 20 في المائة إلى نحو 151 مليار متر مكعب.

وشح المعروض يرفع الأسعار، التي كانت قد بدأت التراجع وعادت إلى مستويات ما قبل تطورات الحرب الروسية في أوكرانيا.

اللوجيستيات والإمدادات

نقلت وكالة أنباء «تاس» الرسمية الروسية عن السلطات في موسكو قولها إنه «تم تعليق الملاحة في نهر موسكفا، الذي يمر عبر العاصمة الروسية، بصورة مؤقتة، بعد تمرد (فاغنر)».

سيارات مصطفة في محطة بنزين في مدينة روستوف أون دون الروسية 24 يونيو 2023 (أ.ب)

وقال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين، في بيان منفصل، «ليست هناك قيود على حركة السيارات والشاحنات من المدينة وإليها»، لكنه قال إنه «تم تشديد إجراءات التفتيش الأمني».

وقد تطال هذه التطورات أماكن أخرى من المدن الرئيسية؛ مما قد يعوق شحن السلع الرئيسية والإمدادات، مما قد يرفع أسعار هذه السلع على الفور.

الروبل والدولار

سجّل سعر صرف الدولار مقابل الروبل الروسي 84.70 روبل في آخر تعاملاته في الأسواق يوم الجمعة الماضي، وسط توقعات بتراجع العملة الروسية فور افتتاح الأسواق يوم الاثنين، نتيجة الاضطرابات التي ستخلفها تطورات تمرد مجموعة «فاغنر» العسكرية، التي تلقي بظلالها على مناخ الأعمال والاستثمار والبورصة والشركات في المدن الروسية.

رجل يسير بالقرب من لوحة تعرض أسعار صرف الدولار مقابل الروبل في سانت بطرسبرغ (رويترز)

ومع هذه التطورات في كبرى الاقتصادات، قد تشهد الأسهم الروسية تراجعات حادة في حال السماح بالتداول عند فتح الأسواق، على أن يلمع الذهب من جديد، وهو الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه المستثمرون مع ضبابية الاقتصاد العالمي، والتوترات الجيوسياسية الآخذة في الزيادة.

رجل يستعد لإزالة ملصق كتب عليه «انضم إلينا في فاغنر» في العاصمة الروسية موسكو (أ.ب)


مقالات ذات صلة

الناتو يملك «أدلة» على انتشار جنود كوريين شماليين في روسيا

أوروبا علم الناتو (رويترز)

الناتو يملك «أدلة» على انتشار جنود كوريين شماليين في روسيا

أعلن حلف شمال الأطلسي، الأربعاء، أنه تأكّد من نشر جنود كوريين شماليين في روسيا، متحدثاً عن خطر تصعيد الحرب في أوكرانيا بدعم من حلفاء موسكو.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أفريقيا وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

زارت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال، الخميس، العاصمة الروسية موسكو؛ حيث عقدت جلسة عمل مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 16 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

بوتين يقوم بزيارة لأذربيجان

يجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة دولة إلى أذربيجان في 18 و19 أغسطس (آب)، بهدف تطوير العلاقات الثنائية وبحث «المشكلات الإقليمية والدولية».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرأس اجتماعاً مع مسؤولين لمناقشة الأوضاع في منطقة كورسك (أ.ف.ب)

بوتين يبحث «حلولاً تقنية جديدة» لمواجهة توغل كورسك

سيطر الغموض، الجمعة، حول طبيعة الخطوات الروسية المتخذة لمواجهة التوغل الأوكراني في منطقة كورسك الروسية وعمليات إعادة انتشار القوات الروسية.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا يوليا نافالنايا أرملة المعارض الروسي الراحل أليكسي نافالني (رويترز)

أرملة نافالني تسخر من التقرير الرسمي الروسي الخاص بوفاة زوجها

قالت يوليا نافالنايا، أرملة المعارض الروسي الراحل أليكسي نافالني، اليوم الخميس، إن السلطات الروسية لم تقدم تفسيراً مقنعاً لوفاته في معسكر اعتقال منذ ستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (وارسو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.