افتتاح قمة «ميثاق مالي عالمي جديد» في باريس بحضور ولي العهد

ماكرون يدعو إلى «صدمة تمويل عام» لمواجهة الفقر والاحترار المناخي

الأمير محمد بن سلمان يتوسط أمين عام الأمم المتحدة والرئيس التونسي خلال الجلسة (واس)
الأمير محمد بن سلمان يتوسط أمين عام الأمم المتحدة والرئيس التونسي خلال الجلسة (واس)
TT

افتتاح قمة «ميثاق مالي عالمي جديد» في باريس بحضور ولي العهد

الأمير محمد بن سلمان يتوسط أمين عام الأمم المتحدة والرئيس التونسي خلال الجلسة (واس)
الأمير محمد بن سلمان يتوسط أمين عام الأمم المتحدة والرئيس التونسي خلال الجلسة (واس)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الخميس)، إلى «صدمة تمويل عام» لمواجهة الفقر واحترار المناخ، أمام نحو 40 رئيس دولة وحكومة مجتمعين في باريس لمحاولة إعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال افتتاح قمة «ميثاق مالي عالمي جديد» في باريس (رويترز)

وقال ماكرون خلال افتتاح قمة «ميثاق مالي عالمي جديد»، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، في باريس: إن الدول «لا ينبغي أن تُوضع أمام خيار محاربة الفقر أو مكافحة تغير المناخ»، مضيفاً: «علينا أن نُحدِث صدمة تمويل عام، ونحتاج إلى المزيد من التمويل الخاص».

وقد تحادث الأمير محمد بن سلمان، على هامش القمة مع العديد من القادة الأفارقة ومع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وأشار إلى أنه من دون «تغيير النظام برمته، يمكننا أن نجعله يعمل بشكل أفضل بكثير إذا وُظّفت هذه الأموال وهذه السيولة في خدمة تقدم الكوكب وهذا التحدي المزدوج الذي ذكرته، الفقر والمناخ، والتنوع البيولوجي».

وأكد الرئيس الفرنسي أمام رؤساء الدول والحكومات وبينهم عدد من الأفارقة: «هذه القمة هي قمتكم، أنتم الذين تقفون على خط المواجهة» في مكافحة تغير المناخ وتزايد الفقر وعدم المساواة. وتعهّد أن يكون «هذا الاتفاق المالي الجديد أكثر احتراماً لسيادة» كل الدول.

من جهتها، دعت الناشطة الأوغندية الشابة فانيسا ناكاتي، رؤساء الدول والحكومات إلى التزام دقيقة صمت تكريماً «لجميع الذين يعانون والجياع والمشردين والذين يتركون المدرسة».

البنك وصندوق النقد الدوليان

وإن كان من المستبعد أن تُفضي المحادثات الجارية في قصر برونيار في وسط باريس إلى قرارات ملموسة، إلا أنها تستفيد من ثقل الضيوف المشاركين وبينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ووزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين.

وفي خطاب ألقته يلين صباح اليوم في باريس، قالت: إن واشنطن «ستضغط» من أجل أن يشارك دائنو الدول الفقيرة والنامية في مفاوضات لإعادة هيكلة ديونها.

كذلك، تشارك الصين من خلال رئيس وزرائها، لي تشيانغ. ويشارك أيضاً في القمة الرئيس الكيني ويليام روتو، بالإضافة إلى نحو عشرين زعيماً أفريقياً رفع الكثير منهم الصوت أخيراً ضد الدول الغنية التي تضخ المليارات لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.

ونشأت فكرة القمة في نوفمبر (تشرين الثاني) خلال مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 27) في مصر، عقب الخطة التي قدمتها رئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي. فقد أعادت إحياء الأمل في إحراز تقدم بشأن هذه المسألة التي باتت عقبة بوجه مفاوضات المناخ بين الدول الفقيرة والدول الغنية المسبِّب الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة.

ودعت موتلي التي حضّت على إعادة توجيه التمويل الدولي نحو قضايا المناخ، الخميس، إلى «تحول مطلق» في النظام المالي وليس فقط «إصلاح مؤسساتنا». وأضافت: «نأتي إلى باريس اليوم بقلب حزين، لكن بأمل».

الرئيس الفرنسي يرحب بالأمير محمد بن سلمان قُبيل بداية الجلسة (واس)

من جهتها، قالت إستير دوفلو، الحائزة جائزة نوبل في الاقتصاد، خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «تُفرض تكلفة باهظة على أفقر البلدان من خلال الطريقة التي نقرر أن نعيش بها اليوم».

والهدف من القمة هو تجديد الهيكل المالي الدولي المنبثق عن اتفاقات «بريتون وودز» في عام 1944 مع إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وتقول الدول النامية: إن الحصول على تمويل من المؤسستين صعب، في حين أن حاجاتها هائلة لمواجهة موجات الحر والجفاف والفيضانات، وأيضاً للخروج من الفقر مع التخلص من الوقود الأحفوري والحفاظ على الطبيعة.

ومن أجل تحقيق ذلك؛ سيتعين على الدول النامية باستثناء الصين إنفاق 2400 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، وفق تقديرات مجموعة من الخبراء تحت رعاية الأمم المتحدة، وكذلك زيادة إنفاقها على الوقود غير الأحفوري من 260 مليار إلى نحو 1.9 تريليون دولار سنوياً على مدى العقد، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

دعوة لتفهم المتغيرات

من جانبه، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مؤسسات التمويل الدولية إلى تفهم ظروف بلاده ومراعاة تأثير السنوات الثلاث الماضية على الاقتصاد. وقال في كلمة خلال القمة: إن من الضروري «إصلاح الهيكل المالي العالمي لتعزيز تمويل التنمية المستدامة، بما يتضمن إعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي، وتعليق أو إلغاء الرسوم الإضافية للصندوق وقت الأزمات».

وأضاف السيسي، أنه «نتيجة الظروف التي شهدتها السنوات الثلاث الماضية، أقول ببساطة إننا نحتاج إلى تفهم شركائنا في التنمية ومؤسسات التمويل الدولية ومراعاتهم لهذا الأمر، ليس لمصر فقط، ولكن لكل الدول التي تشهد ظروفاً مماثلة». وأوضح أن بلاده كان لديها خطة لإدارة الديون، لكن هذه الخطة «واجهت صعوبات كبيرة جداً نتيجة الظروف التي مررنا بها» خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

إجراءات مستجدة للفقراء والكوارث

وفي كلمتها بالقمة، أعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أنّه تمّ تحقيق هدف تخصيص مائة مليار دولار من حقوق السحب الخاصة للدول الفقيرة، وهي أصول احتياط لصندوق النقد الدولي يمكن استخدامها للتنمية والتحوّل المناخي. وقالت: إنه «تمّ تحديد الهدف عند مائة مليار». وأضافت: «حققنا الهدف، لدينا مائة مليار».

كما ذكرت تقارير إخبارية، أن أجاي بانغا، رئيس البنك الدولي، يعتزم السماح للدول التي تعرضت لكوارث بوقف تسديد أقساط ديونها لمؤسسة التمويل الدولية. وأشارت صحيفة «فاينانشال تايمز» إلى أن بانغا سيعلن في كلمته عن إجراءات جديدة تستهدف توفير تغطية للتأمين ضد الكوارث ضمن القروض الجديدة للدول.

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن البنك سيسمح أيضاً للدول بإعادة توجيه بعض الأموال للتعامل مع حالات الطوارئ. كما يعتزم البنك التعاون مع القطاع الخاص لتوفير منتجات تأمين جديدة للمشروعات التنموية.

وقالت ميا موتلي، رئيسة وزراء جزر باربادوس في مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز»: إن هذه الإجراءات حيوية لضمان قدرة الدول التي تعرضت للكوارث على إعادة الإعمار.

ضرائب على النقل البحري

من بين الطروحات الكثيرة التي تُناقَش، تكتسب فكرة فرض ضريبة دولية على انبعاثات الكربون من النقل البحري زخماً. ويتحدّث قادة العالم عن ضرائب أخرى ولكن أيضاً عن إصلاحات مؤسسية وإعادة هيكلة ديون الدول الفقيرة وتعزيز دور القطاع الخاص.

وتدعم موتلي بقوة فكرة تعليق سداد الديون في حال حدوث كارثة طبيعية. فالأعاصير «لا تفرّق» بين الدول الغنية والفقيرة، لكنها قد «تتسبب في خسارة سنوات من التنمية»، وفق ما ذكر فاتومانافا باولولي لوتيرو، رئيس تحالف الدول الجزرية الصغيرة، رأس الحربة في هذه المعركة من أجل تمويل جديد.

وستوضع الدول الغنية في مواجهة وعدها بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة احترار المناخ، وهو وعد يفترض أن يتم الوفاء به هذا العام، بعد 3 سنوات من التأخير؛ وهو ما أدى إلى تراجع عميق في الثقة بين الشمال والجنوب.

وأشار هارجيت سينغ، من «كلايمت أكشن نتوورك»، إلى أن هذا المبلغ يبدو سخيفاً، لكن «التمويل العام هو البذرة التي ستثمر تريليونات». وستُدعى مصارف التنمية متعددة الأطراف أيضاً إلى تقديم المزيد من القروض، بعد أشهر قليلة من إعلان البنك الدولي تقديم 50 مليار دولار على مدى 10 سنوات.


مقالات ذات صلة

ارتفاع العقود الآجلة للأسواق الأميركية بقيادة قطاع التكنولوجيا

الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

ارتفاع العقود الآجلة للأسواق الأميركية بقيادة قطاع التكنولوجيا

ارتفعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية يوم الاثنين، مستفيدة من ارتفاع متأخر الأسبوع الماضي، حيث اشترى المستثمرون أسهم التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مارة يقفون أمام لوحة مؤشر سوق الأسهم في طوكيو (وكالة حماية البيئة)

تباين الأسهم الآسيوية بين تفاؤل ياباني وحذر تجاري

تباينت مؤشرات الأسهم الآسيوية بعد أن خرجت «وول ستريت» من حالة الركود التي أصابتها خلال موسم العطلات، مع تراجع الأسواق في طوكيو والصين.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
الاقتصاد بورصة نيويورك في المنطقة المالية في مانهاتن (رويترز)

من الرسوم الجمركية إلى التضخم: ما الذي ينتظر الاقتصاد الأميركي في 2025؟

يدخل الاقتصاد الأميركي عام 2025 في حالة مستقرة وجيدة نسبياً؛ حيث شهدت البلاد انخفاضاً ملحوظاً في معدلات التضخم التي كانت قد أثَّرت على القوة الشرائية للمستهلكين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

أسهم أوروبا تتراجع مع تركيز المستثمرين على البيانات الاقتصادية

تراجعت الأسهم الأوروبية في ختام أسبوع مختصر بسبب العطلات، حيث ركز المتداولون على البيانات الاقتصادية بحثاً عن مؤشرات بشأن اتجاه أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد لوحة تعرض مؤشر سوق طوكيو للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية ترتفع مع استمرار ضعف «وول ستريت»

ارتفعت الأسواق الآسيوية، الجمعة، بعد أن تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية، حيث استمر ضعف «وول ستريت» في نهاية العام الماضي حتى بداية عام 2025.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
TT

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)

اختتم الاقتصاد الأميركي عام 2024 على نحو قوي، حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات 56.8 في ديسمبر (كانون الأول)، مرتفعاً من 56.1 في نوفمبر (تشرين الثاني) ومسجلاً أعلى مستوى له في 33 شهراً.

وعلى الرغم من أنه أقل من التقدير الأولي البالغ 58.5، فإن الأداء القوي لقطاع الخدمات طغى على الضعف المستمر في قطاع التصنيع.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب أيضاً إلى 55.4 من 54.9 في الشهر السابق، مما يؤكد زخم النمو القوي.

وأشار كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في «ستاندرد آند بورز»، إلى أن «النشاط التجاري في اقتصاد الخدمات الواسع ارتفع في الشهر الأخير من عام 2024 على خلفية زيادة دفاتر الطلبات وازدياد التفاؤل بشأن آفاق العام المقبل».

وقد عززت قوة القطاع نمو الناتج المحلي الإجمالي، الذي من المتوقع أن يظل «قوياً»، بعد أن سجل توسعاً بنسبة 3.1 في المائة في الربع الثالث من عام 2024.

ويرتبط التفاؤل جزئياً بتوقعات السياسات الصديقة للأعمال في ظل إدارة ترمب المقبلة، بما في ذلك الإصلاحات الضريبية المحتملة وإلغاء القيود والتعريفات الانتقائية التي تهدف إلى دعم الصناعات المحلية. وقد عززت مثل هذه الإجراءات المعنويات بين مقدمي الخدمات، حيث توقع كثير منهم نمواً أسرع في عام 2025.

ومع ذلك، حذّر ويليامسون من أن الزخم الحالي للاقتصاد قد يجعل صانعي السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي مترددين في خفض أسعار الفائدة بقوة. وقد لعبت الخدمات المالية، على وجه الخصوص، دوراً حاسماً في الأداء الاقتصادي في أواخر عام 2024، مدعومة بتوقعات انخفاض تكاليف الاقتراض.

وسيكون التحدي في الأشهر المقبلة هو تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي المستمر والتداعيات المحتملة لتغير توقعات أسعار الفائدة.